“عملية الشاحنة”.. الدهس يضرب الاحتلال الإسرائيلي مجددًا في القدس

15941787_10202647846672771_1260478140_n

يبدو أن الهبة الجماهيرية الفلسطينية التي انطلقت فيه أكتوبر/تشرين أول 2015، والتي أُطلق عليها لاحقًا “انتفاضة القدس”، وحفلت بعشرات عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار في قلب الكيان الإسرائيلي؛ لم تنتهِ بعد. فبعد عملية دهس نفذها فلسطيني أول أمس الثلاثاء بدراجة نارية في مدينة جنين (شمالي الضفة الغربية)، وأصيب بها جنديان إسرائيليان، ها هو الأسير المقدسي المحرر وابن جبل المكبر فادي قنبر ينفذ عملية دهس بواسطة شاحنة في القدس المحتلة، أدت لمقتل 4 جنود إسرائيليين وإصابة 20 آخرين، قبل أن يتم استهدافه بوابل من الرصاص، ليستشهد في مكانه على الفور.

وسرعان ما ذكرت القناة العبرية الثانية أن شاحنة متوسطة تحمل رافعة دهست مجموعة كبيرة من الجنود، بعد نزولهم من حافلة بموقف بحي “أرمون هنتسيف” القريب من جبل المكبر بالمدينة، فيما تراجعت الشاحنة أكثر من مرة وعاودت دهس الجنود قبل استهداف السائق بوابل من الرصاص فاستشهد بالمكان.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن القتلى عبارة عن 3 مجندات وجندي واحد، علقوا تحت الشاحنة بعد دهسهم لأكثر من مرة، بينما أصيب 8 بجراح ما بين خطيرة، والباقون أصيبوا بجراح متوسطة إلى طفيفة، وذلك عدا عشرات المصابين بحالات من الهلع والصدمة جراء الحادث.

صورة تداولتها وسائل إعلام فلسطينية لمنفذ العملية فادي قنبر

المفتش العام في الشرطة الإسرائيلية “روني الشيخ” وصف العملية بالخطيرة جدًا، في الوقت الذي أصدرت فيه الرقابة الإسرائيلية أمرًا بالتكتم على تفاصيل العملية، ومن بينها هوية المنفذ الذي كشفت مصادر فلسطينية لاحقًا أنه من شرقي القدس وتحديداً من جبل المكبر، وهو فادي قنبر، أسير محرر.

عمليات الدهس لم تتوقف..والهبة مستمرة

عام 2016 شهد مقتل وإصابة العشرات من الإسرائيليين في عمليات دهس وطعن، حيث تحدثت إحصائية إسرائيلية مؤخرًا عن أن 41 جنديًا إسرائيلياً قتلوا في عمليات مختلفة خلال العام الماضي 2016.

كما شهد العام استشهاد عشرات الفلسطينيين الذين اتهمتهم السلطات الإسرائيلية بتنفيذ عمليات قتل ودهس ضد مستوطنين أو جنود في الضفة الغربية والقدس، في حين دافعت بعض عائلاتهم عنهم مؤكدة أنهم قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي دون أن يقدموا على فعل أي شيء.

كما واصلت السلطات الإسرائيلية خلال هذا العام المنصرم عمليات هدم المنازل التي تعود لمنفذي العمليات من الفلسطينيين، كما واصلت سياسة مصادرة الأراضي وهدم المنازل بدعوى عدم وجود تراخيص بناء فيها. ليتواصل أيضا مسلسل الاعتقالات اليومي ضد الفلسطينيين، حيث فاق عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية 7000 أسير.

مؤخرًا، اعتبرت تحليلات إسرائيلية نشرت في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، أن العمليات المستمرة حتى نهاية 2016 -في القدس والخليل بالأخص- هي موجة جديدة من هبة الغضب لدى الفلسطينيين، فبعد التراجع في عدد العمليات بمنتصف العام نفسه، عادت العمليات مجددًا، تحمل السمات ذاتها التي حملتها الهبة الأخيرة التي شملت عمليات طعن ودهس.

“موجة العمليات” الأخيرة لن يكون بالإمكان صدها بالوسائل التي استخدمت في السابق مثل التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية

كما أشارت صحيفة “هآرتس” في عددها الصادر بـ 20/09/2016، إلى أن التقديرات الاستخبارية تشير إلى أن الشهور المقبلة قد تشهد المزيد من العمليات ضد قوات الاحتلال. وبحسب المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، فإن العمليات الأخيرة التي وقعت في 2016 لم تفاجئ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي قدرت حصول “موجة عمليات” جديدة مؤخرًا.

وأشار إلى أن مواصفات أو سمات العمليات في هذه المرحلة وفي الهبة السابقة متشابهة جدًا، وبالأساس كونها “عمليات في أعقاب عمليات”، أو ما أطلق عليه “عمليات تقليد لعمليات”، بحيث تقع معظم العمليات في المواقع ذاتها ويكون منفذ العملية على صلة عائلية لمنفذ عملية سابقة.

وبحسب تقارير إسرائيلية فأن “موجة العمليات” الأخيرة لن يكون بالإمكان صدها بالوسائل التي استخدمت في السابق مثل التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية أو مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي. فقد سارعت قوات الاحتلال والشرطة في أعقاب العمليات إلى تعزيز انتشار قواتها، كما أن أداء أفرادها في مواجهة العمليات “تحسن”، وذلك في أعقاب “استخلاص العبر” من مئات العمليات السابقة.

الإسرائيليون يتحدثون استعدادات جديدة لمواجهة العمليات في الفترة الراهنة، من خلال تحصين مواقع نشر قوات الاحتلال، ونشر شبكات كاميرات مراقبة في أماكن عديدة. لكن بحسب كثير من المحللين والمراقبين، فإن هذه الإجراءات لن يكون بمقدورها إحباط وصد العمليات كليًا، لكن ربما من شأنها أن تخفض عدد الإصابات في الجانب الإسرائيلي.

وبعد كل ذلك، كانت شرطة الاحتلال قد بادرت إلى استخدام سياسة العقاب الجماعي في القدس، حيث تقوم باعتقال أشقاء منفذ العملية، كما تقوم بهدم منزله. كما أنه تقوم –في أحيان كثيرة- بإغلاق المحال التجارية في المناطق التي يخرج منها منفذي العمليات، وتقوم بفرض غرامات مالية على المحال التي فتحت أبوابها بعد ساعات من صدور أوامر الإغلاق.