في خطوة غير منتظرة، قرر رئيس الحكومة المكلف في المغرب عبد الإله بنكيران، وقف المفاوضات مع رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش والأمين العام للحركة الشعبية أمحند العنصر، الأمر الذي ينذر بأزمة سياسية قريبة في المغرب.
توقف المشاورات مع “الأحرار” و”الحركة”
قرار بنكيران المفاجئ، بوقف المفاوضات الحكومية مع هذه الأحزاب، جاء بعد أيام من تأكيده أن الحكومة المغربية القادمة ستضم كلاً من حزب العدالة والتنمية (125 مقعدًا بالانتخابات الأخيرة)، وحزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدًا)، وحزب الحركة الشعبية 27 مقعدًا)، وحزب التقدم والاشتراكية (12 مقعدًا)، وطلب ملك المغرب محمد السادس، في وقت سابق، من رئيس الحكومة، الإسراع بتشكيل الحكومة في أقرب الآجال.
يشكل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حل رابعًا في الانتخابات بـ 37 مقعدًا في البرلمان، أكبر حزب يتفاوض معه بنكيران لأجل تشكيل الحكومة الحالية
بنكيران، قال في بيان له مساء أمس الأحد، إن مفاوضاته بشأن تشكيل الحكومة لا يمكن أن تستمر مع كل من رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، والأمين العام لحزب الحركة الشعبية أمحند العنصر، وأضاف بنكيران في بيانه “وجهت سؤالاً لرئيس التجمع الوطني للأحرار، الأربعاء الماضي، عن رغبته من عدمها في المشاركة بالحكومة المقبلة، ووعدني بالإجابة بعد يومين إلا أنه لم يفعل، وأجاب اليوم، عبر بلاغ خطه مع أحزاب أخرى، منها حزبان لم أطرح عليهما أي سؤال”، وتابع “أستخلص أن أخنوش في وضع لا يملك معه أن يجيبني، وهو ما لا يمكن للمفاوضات أن تستمر معه بشأن تشكيل الحكومة، وبهذا يكون قد انتهت المحادثات معه ونفس الشيء يقال عن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية”.
بنكيران يوقف المشاورات
ويشكل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حل رابعًا في الانتخابات بـ37 مقعدًا في البرلمان، أكبر حزب يتفاوض معه بنكيران لأجل تشكيل الحكومة الحالية، على اعتبار أن الحزب الثاني، حزب الأصالة والمعاصرة (102 من المقاعد)، حسم أمره بعدم مشاركته، فيما تم إبعاد حزب الاستقلال الذي جاء ثانيًا (46 مقعدًا)، وفي وقت سابق، قرر رئيس الحكومة المغربية المكلف، عبد الإله بن كيران استبعاد حزب الاستقلال من التشكيلة الحكومية القادمة، على اعتبار أن مصلحة البلاد تقتضي ذلك.
هل نشهد جبهة بديلة لبنكيران؟
قبل بيان بنكيران الذي حمل توقيف المشاورات مع حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، صدر بيانًا حمل توقيع 4 أحزاب مغربية، أعلنت رغبتها في تكوين حكومة قوية، وأعربت أحزاب التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري، في هذا البيان، عن رغبتها في تكوين حكومة قوية، والتزامها بالعمل المشترك من أجل تعزيز التحالف الحكومي، الذي أضحى ضروريًا لتشكيل أغلبية قادرة على ضمان حسن سير مؤسسات الدولة.
وأكدت الأحزاب الأربع، في بيانها المشترك، حرصها على المساهمة في تشكيل أغلبية حكومية” رغم استبعاد بنكيران حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري من مفاوضات تشكيل حكومته المرتقبة.
ينص الدستور المغربي على تكليف الحزب الذي يحل أولاً في الانتخابات بتشكيل الحكومة
بيان الأحزاب الأربع الأخير بتعميق المشاورات الحكومية رغم عدم استدعاء بعضها لها واصطفاف حزب التجمع الوطني للأحرار معها رغم حصوله على ما يريد من بنكيران – وهو استبعاد حزب الاستقلال – يؤكد سعي حزب الملياردير عزيز أخنوش، لتأمين موقع قوي له في الحكومة المقبلة، بإدخال شركائه، للحصول على حقائب وزارية مؤثرة تمكنه من السيطرة على زمام الأمور في المملكة، وطلب أخنوش في وقت سابق من بنكيران، استبعاد حزب الاستقلال وتولي حزبه حقائب المالية والاقتصاد والفلاحة والتجارة والصناعة، إلى جانب إشراك حليفيه (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري) في الحكومة.
وينص الدستور المغربي على تكليف الحزب الذي يحل أولاً في الانتخابات بتشكيل الحكومة، لكن حزب العدالة والتنمية الذي تصدر انتخابات 7 أكتوبر الماضي بـ125 مقعدًا، يحتاج إلى الدخول في ائتلاف مع أحزاب أخرى لضمان أغلبية عددية تقدر بـ198 مقعدًا.
الاحتمالات الواردة بعد توقف المشاورات
إزاء تعثر المفاوضات الحكومية، ظهرت أصوات تنادي بضرورة اللجوء إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية للخروج من هذه الأزمة، حسب قولهم، الأمر الذي يرفضه حزب العدالة والتنمية الفائز بالانتخابات الأخيرة، ويبرر القائمون على الحزب سبب رفضهم هذا الخيار، أن الالتجاء إلى حكومة وحدة وطنية لا يكون إلا في حال دخول البلاد أزمة سياسية حقيقة، كما يعتبرون أن اللجوء إلى هذا الخيار يقصي إرادة الناخبين ويقلل من جدوى تنظيم الانتخابات.
إلى جانت اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية أو إنجاز انتخابات برلمانية مبكرة، يطرح خبراء دستوريون في المغرب لإمكانية اللجوء إلى التحكيم الملكي
في نفس السياق، يرى عديد من المراقبين، إمكانية الالتجاء إلى انتخابات برلمانية مبكرة، الأمر الذي لا يرفضه حزب العدالة والتنمية، رغم تكلفتها، وما يصاحبها من انتظارات، وسبق لبنكيران، أن قال في جهوي لحزبه “إذا قرر جلالة الملك إجراء انتخابات سابقة لأوانها فسنخوضها رغم عدم تحمسنا لها”، ويتوقع خبراء، أن تعطي الانتخابات المبكرة فرصة جديدة لحزب العدالة والتنمية لربح مقاعد إضافية في البرلمان، الأمر الذي يساعده في تشكيل الحكومة.
توقف المفاوضات الحكومية يطرح إمكانية التحكيم الملكي
إلى جانت اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية أو إنجاز انتخابات برلمانية مبكرة، يطرح خبراء دستوريون في المغرب إمكانية اللجوء إلى التحكيم الملكي وفق ما يقتضيه الدستور لتجاوز فرضية وصول مخاض تشكيل حكومة ما بعد اقتراع 7 من أكتوبر إلى الباب المسدود، وينص الفصل 42 من الدستور المغربي على (الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات”.
يجدر الإشارة إلى أن مفاوضات تشكيل الحكومة المغربية، التي قاربت دخولها شهرها الثالث، قد شهدت عراقيل كبيرة منذ اليوم الأول لتعيين الملك محمد السادس، في العاشر من أكتوبر الماضي، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيسًا للحكومة، بعد تصدره الانتخابات البرلمانية، في 7 من أكتوبر الماضي، وصلت حد التعثر بسبب المواقف المتصلبة لبعض الأحزاب.