ترجمة وتحرير نون بوست
كتبه: أليكس ماكدونالد وسيمون هوبر
كشف موقع “ميدل إيست أي” بعد إطلاعه على التسجيلات السرية مساعي دبلوماسي إسرائيلي لتأسيس منظمات ومجموعات شبابية تدعم إسرائيل وزرعها داخل حزب العمال المعارض، بهدف تشويه سمعة القيادي جيريمي كوربين.
ووصف الدبلوماسي الإسرائيلي والمسؤول السياسي في السفارة الإسرائيلية في بريطانيا، شاي موسوت، في حوار سري مصور، مخططه لزرع جناح شبابي من منظمة “عمال أصدقاء إسرائيل”، وكيفية قيامه بزرع مثل هذه المنظمات في الماضي.
كما تحدث موسوت عن دوره في إرسال وفود من حزب العمال البريطاني في رحلات إلى إسرائيل، حيث قال لرئيس منظمة “عمال أصدقاء إسرائيل”، جوان ريان، إنه وافق على تقديم مبلغ قيمته مليون جنيه إسترليني لدعم مثل هذه الزيارات في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال ريان أيضا إنه أنشأ مجموعة تسمى “بمدن أصدقاء إسرائيل” بالتعاون مع “أيباك “، أو لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية”، وهي منظمة لها نفوذها وتدعم إسرائيل في الولايات المتحدة.
قال موسوت إنه أنشا جناحا شبابيا من “محافظين أصدقاء إسرائيل” في سنة 2015، وأراد منها القيام بنفس الشيء داخل حزب العمال
وفي الواقع، بعد أن وصف القيادي في حزب العمال جيرمي كوربين “بالمجنون”، قال موسوت إنه أنشا جناحا شبابيا من “محافظين أصدقاء إسرائيل” في سنة 2015، وأراد منها القيام بنفس الشيء داخل حزب العمال، إلا أنها فشلت بسبب الأزمة التي أحاطت بانتخاب كوربين لمنصب القيادة داخل الحزب.
كما لم يتورع موسوت عن وصف أنصار قيادي حزب العمال “بالشواذ” و”المتطرفين”، خاصة إن علمنا أن كوربين هو من أنصار حركة “بي دي إس: المقاطعة وسحب الاستثمار وفرض العقوبات”، والتي كشفت تسريبات أخرى أن موسوت شاي وصفها بأنها حركة تهدف إلى تشويه سمعة إسرائيل وإضعاف كيانها.
وقد شتت حيازة كوربين للسلطة الآراء حول بقائه في هذا المنصب، خاصة بعد قبوله بترؤس أشخاص داخل الحزب ينصفون بأنهم معادون للسامية، وتسامحه معه وقبول وجودهم داخل حزب العمال.
وتجدر الإشارة إلى أن صحفي تابع للجزيرة، قدّم نفسه على أنه ناشط يدعم “حزب العمال الإسرائيلي”، قام بتسجيل مقاطع فيديو كشفت عن نوايا الدبلوماسي الإسرائيلي واكتسب ثقة شاي موسوت واخترق شبكة علاقاته بشكل جيد حتى أنه كُلّف هو نفسه بتأسيس مجموعة “العمال الشباب أصدقاء إسرائيل”. وفي أجزاء من هذا الحوار، أكد موسوت على ضرورة بقاء هذه المنظمة مستقلة، على الرغم من أن السفارة الإسرائيلية ستبقى على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة.
وفي إجابة عن سؤال هل زرع مجموعات أخرى داخل المملكة المتحدة، قال موسوت إنه “ليس لدي الكثير لأقوله، ولكن نعم”. ثم قال: “نعم نظرا لأن هناك أشياء تحدث ونعلم بحدوثها، إلا أنه من المهم الحفاظ على استقلالية هذه المنظمات. في المقابل، نحن نقدم لهم يد المساعدة”.
وفي هذا الفيديو الذي كُشف في نهاية المطاف، ظهر ناشطون من أنصار إسرائيل داخل حزب العمال وهم يتحدثون عن الدعم المالي الذي تلقّوْه من السفارة الإسرائيلية.
في هذا الحوار الذي سجل في حانة بلندن، قال مايكل روبين، المسؤول البرلماني داخل عمال أصدقاء إسرائيل والقيادي السابق في “طلاب العمل” إن “شاي موسوت تحدث معي قائلا إن سفارة إسرائيل ستكون قادرة على تقديم الدعم المالي، وهذا أمر رائع. كما قال إنه سعيد لأن التمويل سيجعل من تنظيم بعض التظاهرات أمرا سهلا. لذلك لا أعتقد أن المال سيكون عائقا أبدا”. وفي هذا الصدد، قال روبين إنه “يعمل مع موسوت بشكل جماعي… ولكن الكثير من هذا العمل يكون خلف الكواليس”.
من جهة أخرى، واجهت حكومة المملكة المتحدة يوم الأحد، منذ الكشف عن هذه التصريحات، موجة من المطالبات للتحقيق في نشاطات موسوت، المسؤول السياسي السامي في السفارة الإسرائيلية في لندن، بعد أن كشفت التسجيلات السرية أنه يخطط للإطاحة بوزراء الحكومة، معتبرا أن رئيس الوزراء يمثل مشكلة لإسرائيل.
ومن بين الوزراء الذين يطمح موسوت الإطاحة بهم، نجد ألان دونكان وزير الخارجية المعروف بكثرة انتقاده لبرنامج الاستيطان غير القانوني في الضفة الغربية، وكريسبين بلانت الرئيس المؤثر في اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية.
وفي الواقع، كشفت التسجيلات أيضا عن تأثير إسرائيل الممتد داخل الحزب الحاكم المحافظ، من خلال دعمها لوزير التعليم، روبرت هالفون. كما فضحت هذه التسريبات دور إسرائيل في صياغة الأسئلة المطروحة داخل البرلمان البريطاني، كاشفة كيف أن غالبية النواب المحافظين هم أعضاء في منظمة “محافظون أصدقاء إسرائيل”.
وقد استهجن موسوت دور حزب العمال بقيادة جيريمي كوربين، الذي وصف، خلال اجتماع حزبي سنة 2009، حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني بالأصدقاء، وكيفية عمل الدبلوماسي الإسرائيلي جاهدا للتأثير في هذا الحزب، على الرغم من العلاقة التاريخية الطيبة التي جمعت الحزب بإسرائيل.
وفي هذا السياق، صرّح موسوت أن “كثيرين لا يرغبون في الانتماء إلى جهة محددة. فعندما يصبحون نوابا لا يرغبون في الانتماء، حينها فقط تكتمل الحلقة خاصة وأنه منذ سنوات توجب على كل نائب دخل البرلمان أن ينخرط في منظمة عمال أصدقاء إسرائيل”.
من جانب آخر، وفي مقاطع فيديو صُوّرت في أيلول/ سبتمبر خلال مؤتمر لحزب العمال في ليفربول، نرى شاي موسوت وهو يناقش مخططات مع جوان ريان، النائب عن شمال إنفيلد في لندن، من أجل زيارة أعضاء من منظمة “عمال أصدقاء إسرائيل” لإسرائيل.
وقال ريان متسائلا: “ماذا حدث لقائمة الأسماء التي قدمناها للسفارة، شاي؟”
فأجاب موسوت شاي: “لقد تحصلنا للتو على المال، حيث تفوق قيمته مليون جنيه إسترليني، إنه مبلغ طائل”.
فقال ريان: “أعلم ذلك”.
ثم واصل موسوت شرحه قائلا: “الآن حصلت على المال من إسرائيل، لم أحصل على المال نقدا، ولكن قد تأكد إرسال الأموال”.
فقال ريان ممازحا: “لا أعتقد أنك تحمله معك في الحقيبة”.
وعلى إثر ذلك، طالب هوغو سويرس، نائب محافظ، يرأس مجلس المحافظين للشرق الأوسط، كل منظمات أصدقاء إسرائيل المرتبطة بالأحزاب الرئيسية في المملكة المتحدة بالكشف عن ترتيباتها التمويلية.
وقال سويرس لموقع ميدل إيست آي إن “هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها، لأن ما حدث خلق العديد من الإشكاليات على عدّة مستويات. والجدير بالذكر أن مجلس المحافظين للشرق الأوسط ينتمي لحزب المحافظين، لذلك لا بد من وجود صلة لنا بالتبرعات التي تقدمها الشركات أو الأشخاص، كما يفعل الحزب نفسه”.
ثم قال سويرس “إن قارنا بين محافظين أصدقاء إسرائيل، وعمال أصدقاء إسرائيل، والليبراليين الديمقراطيين أصدقاء إسرائيل، يتبين الغموض الذي يلف هؤلاء الثلاثة – نظرا لأنهم لا يعتمدون رسميا على أحزابهم. أعتقد أنه حان الوقت لأن تخرج هذه المنظمات للعلن وتكشف عن تمويلاتها، ومصادرها”.
وقد دعا حزب العمال يوم الأحد لفتح تحقيق شامل في نشاطات موسوت، بعد أن أعلنت الحكومة يوم السبت أن الموضوع قد أغلق بعد اعتذار سفير إسرائيل مارك ريجيف لدونكان.
بينما قالت إميلي ثورنبيري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل عن حزب العمال إن “التسريبات التي كشفت مسؤولا في السفارة الإسرائيلية وهو يناقش كيف سيقوض أو يخدش سمعة وزراء حكوميين أو بعض النواب، لأنهم لديهم وجهة نظر خاصة تتعلق بالشرق الأوسط، أمر مزعج جدا”.
من جهة أخرى، أضافت ثورنبيري أن “التدخل غير السليم في سياستنا الديمقراطية أمر غير مقبول من دولة أخرى مهما كانت. ببساطة ليس من الجيد أن يقول مكتب الشؤون الخارجية أن الموضوع قد أغلق، فهذه مشكلة أمن قومي”.
وواصلت ثورنبيري قائلة إن “على موظفي السفارة المتورطين أن يطردوا من البلاد، وعلى الحكومة أن تطلق تحقيقا فوريا حول هذا التدخل السافر وتطلب من الحكومة الإسرائيلية أن تكف عمّا تقوم به”.
قال كريسبين بلانت، وهو سياسي محافظ، لموقع ميدل إيست أي: “لا يمكن أن نقبل أن تقوم إسرائيل بالعبث معنا كما تفعل في فلسطين”
وقد دعم حزب العمال في مطلبه فتح تحقيق، الحزب الوطني الاسكتلندي، فضلا عن عدد هام من النواب المحافظون. وفي هذا الصدد، قال كريسبين بلانت، وهو سياسي محافظ، لموقع ميدل إيست أي: “لا يمكن أن نقبل أن تقوم إسرائيل بالعبث معنا كما تفعل في فلسطين”. وأضاف قائلا: “هذا تدخل سافر وواضح في الشؤون السياسية لدولة أخرى، بأسلوب غامض ومخزي للغاية”.
كما قال نائب آخر، وهو نيكولاس سومز، لصحفي الموقع بيتر أوبورن: “هذا شبيه بما قامت به استخبارات الاتحاد السوفياتي، التي أغرتها الديمقراطية لاختراق الإجراءات القانونية”.
بينما ورد في تقرير نُشر يوم الأحد في صحيفة “مايل” ما قاله الوزير السابق في حكومة رئيس الوزراء دافيد كاميرون، الذي أفاد أن “مسؤولي السياسة البريطانية الخارجية كانوا على علم بعبث إسرائيل في صلب سياستنا. فلسنوات عملت منظمة محافظون أصدقاء إسرائيل وعمال أصدقاء إسرائيل لصالح السفارة الإسرائيلية من أجل دعم سياستها داخل بريطانيا، وإحباط سياسة الحكومة وتحركات وزرائها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين”.
في الأثناء حاول سفير إسرائيل التخلي عن موسوت من خلال تقويض منصبه السامي، واصفا إياه “بالموظف الصغير في السفارة” وقال إنه سيستغني عن خدماته قريبا. في المقابل، لم يحظ ما قاله بقبول لدى الأوساط السياسية البريطانية.
المصدر: ميدل إيست أي