ترجمة وتحرير نون بوست
أصدرت الكثير من الوجوه السياسية والعسكرية في الآونة الأخيرة، تصريحات عديدة عن العلاقات الروسية الأمريكية، ومن أبرز هذه التصريحات، نذكر تصريح هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية في عهد نيكسون، عندما اهتم في حديثه بمسار العلاقات الروسية الأمريكية، وطرح وجهة نظره بشأن الاستراتيجيات الدقيقة التي سيتم اتخاذها بين الطرفين، والتي سيكون لها تأثير بالغ على دول العالم كافة.
وفي هذا السياق، تحدث رجل المهمات الصعبة والسرية للصحافة في عديد من المناسبات عن “خطط تقسيم النفوذ بين البلدين كأحد أهم عوامل التقارب”، وأشار إلى ضرورة وضع نهاية للاستراتيجية القائمة على إثارة غضب الدبّ الروسي.
من المؤكد أن التعبير عن بداية عهد جديد للعلاقات الأمريكية الروسية، بدأ في التجسد على أرض الواقع، وقد بدأ العمل على دعم هذه الخطة عن طريق توظيف وسائل الإعلام، أي الصحافة التي تمثل تقنية كلاسيكية في معرفة رأي الطرف المقابل، والتأثير عليه في آن.
“هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي السابق”
لذلك، ينبغي على ترامب ـ إثر توليه لمنصبه ـ أن “يبدأ في العمل على تطوير العلاقات التي اتسمت بالبرود منذ زمن طويل، باستغلال أوكرانيا: البلد الذي يكتسي أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا، على عكس الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني التضحية بها من أجل كسب ثقة الدب الروسي”.
وفي هذا السياق، يمكن القول إن أوكرانيا ستصبح “حصان طروادة” في العلاقات الروسية الأمريكية، وهو ما يؤكد أنها في طريقها إلى التحول لأحد أهم وسائل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
منذ زمن بعيد، اكتست أوكرانيا أهمية كبرى بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تمكن من تحقيق انتصار على أوكرانيا والاتحاد الأوروبي أيضًا، وكنتيجة لذلك، تسبب التدخل العسكري الروسي في غرب أوكرانيا وبلدان أخرى من أوروبا الشرقية في مجازر دموية، فضلاً عن تهديده للمصالح الأوروبية.
تبعًا لذلك، لحقت بمنطقة شرق أوروبا لعنة المجازر، بالإضافة إلى انهيار الاقتصاد وأزمة المليون لاجئ، وتواصل العنف ضد الروس الموجودين في أوكرانيا.
وفي هذا السياق، يتساءل الأمريكيون عن مدى حاجتهم إلى أوكرانيا، ومدى أهمية التنازل عنها لصالح روسيا، وهي الخطوة التي قد تكون الأنسب والأكثر نفعًا؟
في واقع الأمر، كانت سنة 2004 حاسمة بالنسبة لأوكرانيا وروسيا، وتمكن خلالها بوتين من تحقيق تقدم على مستوى خططه الاستراتيجية، إلا أن العلاقات الثنائية منذ ذلك الحين اتجهت نحو الأسوأ، إلى أن أصبحت تتسم بالقطيعة المطلقة بين موسكو وكييف.
خلال هذه المرحلة، يطرح الكثير من المراقبين السؤال التالي: تحت أي ظرف يمكن عودة هذه العلاقات لطبيعتها؟ من الناحية النظرية، وفي الوقت الراهن لا توجد أي توقعات مدروسة عن ذلك، لكن أي طرف يبدو على استعداد لتحمل الأعباء؟
وتجدر الإشارة إلى أن روسيا دفعت مليارات الدولارات لنقل عمليات الإنتاج من أوكرانيا، مما كلفها التراجع عديد من الخطوات إلى الوراء، فلماذا تحتاج روسيا إلى أوكرانيا؟ وما الذي يمكن أن تقدمه هذه الأخيرة للدب الروسي؟
حظر إمدادات الاتحاد الأوروبي من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى روسيا، بالإضافة إلى إيقاف عمليات التوريد من روسيا، ردًا على أحداث القرم، وهو ما شكّل ضربة موجعة للاقتصاد الروسي
مثّل حظر إمدادات الاتحاد الأوروبي من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى روسيا، بالإضافة إلى إيقاف عمليات التوريد من روسيا، ردًا على أحداث القرم، وهو ما شكّل ضربة موجعة للاقتصاد الروسي، وفضلاً عن ذلك، تبدو المحاولات الأمريكية للتأثير على الطرف الأوكراني واضحة في تعقيد الوضع، ودفع الطرفين نحو المواجهة المسلحة.
علاوة على ذلك، اضطرت روسيا إلى خسارة عشرات المليارات من الدولارات في مشروع بناء خطوط أنابيب الغاز في أوكرانيا، إلا أن الطريق المسدود الذي وصلت إليه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أدى إلى توقف مشروع الأنابيب بعد أن شارف على الانتهاء.
واستدرك أحد المسؤولين الروس قائلاً: “إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تنازلت عن أوكرانيا لنا، لكن في الوقت الذي لم نعد فيه في حاجة لقراراتها”.
قبل سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، كانت الأساطيل البحرية العسكرية والاستفزازات والمحاولات المستمرة للتقرب من كييف على حساب موسكو لا تعرف الهدوء، إلا أن السياسات تغيرت بشكل كبير بعد أن تمكنت روسيا من فرض نفوذها بصفة فعلية.
في المقابل، يبدو حدود الدهاء الأمريكي الفائق في سبيل تحقيق المصالح الأمريكية المتقلبة حسب ما تفرضه الأوضاع، بالإضافة إلى مناطق النفوذ السياسي بالنسبة لولايات المتحدة الأمريكية واضحًا بالنسبة للجميع، وقابلاً للتطور حسب الظروف، وبالتالي، فإن المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية عن هذه المسألة قبل عشر سنوات، لم يكن من المتوقع أن يصل إلى هذه النقطة الفارقة، التي تنازلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية عن أوكرانيا لصالح روسيا، إلا أن روسيا لم تعد في حاجة إلى أوكرانيا حاليًا.
في هذا السياق، يمكن أن نشير إلى الانهيار الاقتصادي الكلي في أوكرانيا الذي قد يستغرق سنوات، ويستنزف مئات المليارات قبل أن يستعيد الاقتصاد الأوكراني عافيته. وعلاوة على ذلك، فإن النخبة الأوكرانية ترعرعت في العقدين الماضين تحت ما يسمى بالروسفوبيا أو “العداوة لروسيا”.
فكيف يمكن لموسكو أن تتعامل معهم؟ وهل يوجد في أوكرانيا من هو على استعداد لتقبل التعليمات من الكرملين؟
في حقيقة الأمر، رغم اللغة والحضارة التي تمثل نقطة تقارب بارزة بين البلدين، ورغم الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها أوكرانيا بالنسبة لروسيا، إلا أن الأحزاب السياسية هناك تبقى في أغلبها معادية لروسيا، وفي المقابل، تحظى هذه الأحزاب برضا الغرب، الذي لا يخفي معاداته لسياسية روسيا وتوجهاتها.
في حقيقة الأمر، يمكن القول إن موقف أوكرانيا من روسيا، قد تدهور بشكل كبير جدًا، بل وصل الأمر إلى تحول الأوكرانيين إلى أعداء حقيقيين للروس، خاصة خلال ثلاث سنوات الأخيرة.
وباختصار، لا يكتسي هذا الجانب أهمية كبيرة، نظرًا لأن النقطة المركزية والمثيرة للاهتمام تتمثل في أن مجرد بقاء أوكرانيا موضع اهتمام بالنسبة لروسيا، سيجعل الغرب يعمل على محاربة روسيا لمنعها من بلوغ أهدافها، وهنا يمكن القول إن روسيا تمتلك مناطق نفوذ عديدة قد تتمكن من بلوغها دون أي دعم خارجي سواء أوروبي أو أمريكي، رغم أن الرئيس الأمريكي المنتخب لم يبد أي معارضة للمصالح الروسية.
أكد ترامب لروسيا أن “الغرب لا يسعى لجعل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وروسيا البيضاء ـ أي كل الدول ذات التوجه المسيحي المختلف الأرثودوكسي ـ مناطق نفوذ له”، وفي المقابل “ستكون هذه المناطق من نصيب روسيا”
وفي هذا السياق، أكد ترامب لروسيا أن “الغرب لا يسعى لجعل أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا وروسيا البيضاء ـ أي كل الدول ذات التوجه المسيحي المختلف الأرثودوكسي ـ مناطق نفوذ له”، وفي المقابل “ستكون هذه المناطق من نصيب روسيا”.
من المثير للاهتمام أن هناك جدل حاد منذ فترة عن عضوية قائمة البلدان المسيحية الأرثودوكسية تحت النفوذ الروسي ـ أوكرانيا، وروسيا البيضاء، ومولدوفا، وجورجيا، ورومانيا وبلغاريا، ومقدونيا، وصربيا، والجبل الأسود، واليونان وقبرص ـ في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وفي هذه المرحلة، يمكن الإشارة إلى أن “النقاش عن تقسيم مناطق النفوذ سيكون مرتبطًا بالاتفاق الأمريكي الروسي، مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الاستراتيجية لكلا الطرفين”.
وماذا بالنسبة لرومانيا وبلغاريا؟ هل يمكن أن تندرج ضمن منطقة العالم الروسي؟ إذا كانت رومانيا بلد يضم عددًا كبيرًا من أعداء روسيا، فإن بلغاريا تعاني من اقتصاد منهار وشعب مهدد وأفكار وأيديولوجيات غربية، وعمومًا، فإن مستقبل بقاء كل من بلغاريا ورومانيا ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي أصبح مرتبطًا بطبيعة علاقاتها مع روسيا.
علاوة على ذلك، مثّل اقتراح حلف شمال الأطلسي لعضويته على الجبل الأسود ضربة موجعة لروسيا، خاصة أنها اعتبرت أن الغرب يحاول سحب البساط من تحتها، وقد مثلت هذه الخطوة تحديًا صارخًا لنفوذها، ومن ناحية أخرى، تدهورت العلاقات الروسية الجورجية إلى أقصى حدودها سنة 2008، بعد التدخل العسكري الروسي في أوسيتيا الجنوبية من أجل حماية مواطنيها من الاعتداءات الجورجية، وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من الاستفادة من هذا العدوان الذي اعتبرته فرصة مناسبة وسانحة للعمل على مزيد تعقيد الوضع بين الطرفين، والحد من النفوذ الروسي في منطقة شرق أوروبا، وعلى هذا الأساس، يمكن القول إن ما حصل بين الطرفين أدى إلى تعقيد العلاقات بينهما، وهو ما قد يتواصل لسنوات أخرى.
في هذا الإطار، يمكن أن نقرّ بمدى أهمية الاتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، فيما يتعلق بمناطق النفوذ، لأن كليهما قادر على اتخاذ قرارات قد تضرّ بمصالح الطرف الآخر.
تُعتبر مطالبة الغرب بضم روسيا البيضاء إلى مناطق نفوذه، أمرًا مستحيلاً في ظل وجود فلاديمير بوتين في السلطة
في الحقيقة، تُعتبر مطالبة الغرب بضم روسيا البيضاء إلى مناطق نفوذه، أمرًا مستحيلاً في ظل وجود فلاديمير بوتين في السلطة، إذ من الممكن أن يصعّد الموقف، ويلجأ إلى الهجمات النووية.
إلى أي مدى يمكن أن نقر بوقوع اليونان وقبرص ضمن النفوذ الروسي؟
يمكن أن نعود إلى الحديث عن الاتفاق الدبلوماسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، بشأن شروط التنازل عن مناطق النفوذ حسب المصالح الجيوسياسية للبلدين، وهنا يمكن طرح السؤال التالي: ما الفائدة من تحويل اليونان وقبرص وروسيا البيضاء إلى مناطق نفوذ، سواء بالنسبة لروسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية؟
أما بالنسبة للعلاقة بين بشار الأسد وروسيا، فإن هذه الأخيرة تمكنت من تحقيق الأهداف التي رسمتها على جميع المستويات العسكرية والسياسية أو الدبلوماسية منذ دخولها هذه الحرب، وفي المقابل، شهد العالم فشل الولايات المتحدة الأمريكية في تقديم أي حلول إيجابية لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط.
لهذه الأسباب، ليس أمام الولايات المتحدة الأمريكية إلا التنازل، خاصة أنها لم تتمكن من تحقيق أهدافها ودعم حلفائها، وبالإضافة إلى ذلك، فشلت الإدارة الأمريكية في إزاحة بشار الأسد من الحكم، وتغيير مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وفي المقابل، فإن الإدارة الأمريكية القادمة ستتجه نحو التوافق الدبلوماسي بخصوص مستقبل سوريا، ومصير الأسد بهدف تجنب التصعيد.
من ناحية أخرى، يجب على الولايات المتحدة أن تعرقل روسيا في تحركها النشيط نحو التقرب من الصين، إذ تعتبر واشنطن العلاقات القوية بين روسيا والصين تهديدًا للمصالح الأمريكية، وربما يكون قبول موسكو بخلق مسافة بينها وبين بكين ثمنًا مناسبًا لتلبية شروطها من أجل دعم نفوذها في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، يمكن أن نعود إلى الحديث عن نقطة حاسمة مرّ بها التاريخ الحديث، ففي أواخر التسعينيات، اتجه يلتسين إلى تحسين العلاقات مع الصين، وهو ما مثّل تهديدًا للغرب في ذلك الوقت.
وفي المقابل، فإن التحالف الحالي بين الصين وروسيا مغاير تمامًا لما حصل في سنوات التسعينيات، إذ حاول بوتين في البداية العمل بنشاط مع الغرب، إلا أن كل جهوده باءت بالفشل، فاتجه نحو الصين.
وفي هذه المرحلة، هناك تساؤلات عديدة عن درجة التهديد الذي تمثله الصين بالنسبة للغرب؟
على ضوء كل هذه الأحداث، فإن الصين هي الدولة التي تمتلك أكبر الإمكانيات لتحدي الهيمنة الاقتصادية الأمريكية في العالم، حتى إنها تمكنت من طرد الولايات المتحدة الأمريكية من السوق الآسيوية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تحالفها مع روسيا، قد يعمق الأزمة بالنسبة لولايات المتحدة.
وبعد 25 سنة على انتهاء الحرب الباردة، اتضح أنه ليس من الحكمة انتهاج سلوك متهور مع روسيا، أو إثارة خصومة جديدة معها.
أما المشكلة الأساسية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فتتمثل في عدم وجود أي شيء يمكنها تقديمه لروسيا، يبدو أن الجانب الأمريكي أصبح يفكر بجدية بالغة في هذه المسألة، أكثر من أي وقت مضى.
في واقع الأمر، أصبحت شبه جزية القرم، فعليًا، ملكًا لروسيا، كما أن الصراعات العسكرية بين جورجيا وأوكرانيا تكاد تكون محسومة، أما بروز رومانيا، العضو الجديد في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في موقع الحليف الجديد لروسيا، فيُعتبر أمرًا غريبًا نوعًا ما.
في المقابل، يؤكد الغرب على استعداده للحرب للدفاع عن دول البلطيق، أما البلدان المتاخمة لروسيا، فمن المتوقع أن تعلق عضويتها في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، خاصة أنها أصبحت تمثل عامل توتر دائم يجب التخلص منه.
حسب العديد من وجهات النظر، فإن انضمام دول البلطيق لحلف شمال الأطلسي يُعدّ نقطة إيجابية بالنسبة لروسيا، وفي نفس الوقت، من المستبعد وجود أي حل وسط بين الغرب روسيا عن هذه المسألة، وقد انتشرت عديد من الأخبار التي تؤكد أن روسيا تخطط لاحتلال دول البلطيق، بهدف منع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من نشر قواتهما فيها.
وفقًا لهذه المعطيات، أصبح من الواضح أن “حلف شمال الأطلسي لن يتنازل عن دول البلطيق، وبذلك يصبح الحديث عن صداقة جديدة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي أمرًا مستبعدًا”.
لكن بعد تنصيب ترامب، لن نتساءل عن مستقبل العلاقة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، بل سنتحدث عن مستقبل حلف شمال الأطلسي في حد ذاته، ومن جهة أخرى، يبقى السؤال المحيّر: هل يمكن لروسيا حقًا أن تفرض نفوذها على دول البلطيق؟
يمكن أن نتحدث هنا عن إعطاء فرصة للمشاورات الدبلوماسية، التي كان من الأفضل أن تنطلق منذ سنوات عديدة، لكن في حال تم التوصل إليها في الوقت الحالي، فمن الممكن أن يمثل ذلك ولادة جديدة بالنسبة لروسيا.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى ضرورة إعادة ضبط العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، فيما يخص مناطق النفوذ المشترك، وسيكون ذلك من خلال التزام الولايات المتحدة بعدم التدخل في العلاقات الروسية الأوكرانية، وعدم تعريض العلاقات الثنائية بينها وبين روسيا لتهديد آخر. ويعتقد بعض الخبراء أن “التسوية على أساس تقاسم مناطق النفوذ بين البلدين يُعد الحلّ الأنسب لهما والعالم أجمع”.
منذ سنة 2009، ازداد الوضع سوءًا بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، خاصة فيما يتعلق بالقضية الأوكرانية، وفي ذلك الوقت، كانت لدى واشنطن فرصة للتنازل وفض الخلاف، إلا أنها لم تتحرك لاغتنام هذه الفرصة، أما اليوم، فلم يعد لها أي فرصة للتدارك، بما أن روسيا تمكنت من فرض نفوذها بمفردها ودون مساعدة من أي طرف.
“فيما يخص أوكرانيا، فإن روسيا رسمت خريطة جديدة حسب أهوائها، وتمكنت من فرض انقسام مأساوي على الأراضي الأوكرانية، وعمومًا، فإن سكان المناطق الغربية في أوكرانيا هم من المعادين لروسيا، أما المناطق الشرقية، فتضم السكان ذوي الأصول الروسية”
انطلاقًا من أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، فإننا سنكشف أن مستقبل العلاقات الروسية الأمريكية، هو المقياس الذي سيحدد مناطق النفوذ في جميع أنحاء العالم، وهو ما سيكون موضع أخذ وردّ بعد أن تعلم الطرفان درسًا من التجربة الأوكرانية.
أما بالنسبة لمستقبل العلاقات الروسية الأمريكية، فسيكون مرتبطًا بكيفية تقسيم مناطق النفوذ في العالم.
ومن جانب آخر، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية والرئيس الجديد دونالد ترامب المعروف برؤيته الاقتصادية، التعلم من أخطاء الماضي، خاصة من خطورة التفريط في أوروبا الشرقية للغرب في تسعينيات القرن الماضي، دون الأخذ بعين الاعتبار المصالح الروسية.
في الحقيقة، كانت المفاجأة في العرض العسكري والسياسي الذي قدّمه بوتين خلال السنوات الأخيرة، وهو ما قد يعني أن بوتين يمكن أن يكتسي خطورة حقيقية عندما يتم تجاوزه، ولذلك لا بدّ من التفاهم وضمان المصالح المشتركة، دون المساس بالمصالح الفردية لكل طرف، بطريقة تستند على رؤية طويلة الأمد.
المصدر: روسكايا فيسنا