ترجمة وتحرير نون بوست
احتفل الأمريكيون بدخول السنة الجديدة بساحة “تايمز سكوير” في نيويورك، وغنوا أغنية فرانك سيناترا “نيويورك، نيويورك”، آملين أن يكون المستقبل أفضل، وفي نفس الوقت، احتفل الأمريكيون بنهاية سنة 2016، التي كانت غريبة ومثيرة وتاريخية وخيالية.
وما ميز هذه السنة هو صعود مطوّر العقارات ونجم تليفزيون الواقع دونالد ترامب الذي فاز على المؤسسة الديمقراطية والجمهورية، فقط من خلال قدرته على استفزاز الجماهير، ومن خلال حسابه على موقع تويتر وعلاقته العاطفية مع الطبقة العاملة في الولايات المتحدة، فكيف يمكن لهذه السنة أو لأية سنة أخرى أن تكون تاريخية مثل سنة 2016؟
إليك هذه الأحداث التي يجب متابعتها خلال هذه السنة:
1 – بوتين صانع السلام
يعتبر الغرب (باستثناء الأحزاب الشعبوية اليمينية المُنتشرة في أوروبا)، ضابط المخابرات السابق فلاديمير بوتين، يتميز بقدر من المكر والذكاء والوحشية، إلى درجة أنه لا يمكن أن نتخيل فلاديمير بوتين يلاعب “كلبًا صغيرًا”، وعمومًا تمكن هذا الرجل من إسكات خصومه السياسيين في روسيا، كما تمكن أيضًا من قرصنة اللجنة الوطنية الديمقراطية وأقام شراكة مع الإيرانيين وهدّم إحدى أكثر المدن شهرة في الشرق الأوسط ـ حلب ـ من أجل تعزيز قدرته التفاوضية.
في المقابل بدأ الرئيس الروسي بالتدخل في لعبة السلام، كما أنه قبل أيام من نهاية سنة 2016، أقام شراكة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليتوصلا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الثالث في سوريا، وقد شمل هذا الاتفاق وقفًا لأي “هجوم باستعمال الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ وقذائف الهاون والصاروخ الموجهة المضادة للدروع”، كما تضمن أيضًا وقفًا للضربات الجوية التي يُنفذها نظام الأسد.
من جهة أخرى، تشمل الصفقة آلية وقف إطلاق النار التي سيشرف الضامنون على شروطها وسيقترحون عقوبات على الأطراف في حال تم ارتكاب الانتهاكات، وسيتم بعد ذلك إجراء محادثات سياسية في 15 كانون الثاني/ يناير في أستانا، ويَالَهَا من مفارقة، في حال توصّلت المحادثات إلى اتفاق انتقال سياسي بين الأطراف، وحصل فلاديمير بوتين على جائزة نوبل.
2- تدهور العلاقة بين بوتين وترامب
في الوقت الحالي، يبدو أن العلاقة بين بوتين وترامب جيدة، كما يبدو أن بوتين تعمّد تأجيل ردة فعله تجاه عمليات الطرد الانتقامية التي جاءت على إثر فرض الرئيس الأمريكي أوباما عقوبات بعد القرصنة الإلكترونية التي قامت بها روسيا.
وقد عبر ترامب، بعد هذه العقوبات، عن إعجابه بذكاء بوتين خاصة أنه لطالما شكّك في تورط روسيا في عملية القرصنة، على الرغم من أن أجهزة الاستخبارات أثبتت ذلك، وفي هذا السياق، ردّ بوتين قائلاً: “إنني أتطلع لعصر ذهبي في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا على مدى الأربع سنوات المقبلة”.
من جانب آخر، لا يمكن لأية علاقة شخصية أن تحوّل نظر العالم عن المصالح الوطنية المتباينة بشكل كبير بين كل من الولايات المتحدة وروسيا، وعلى الرغم من أنه يمكن لكل من موسكو وواشنطن أن تتفقا بشأن سوريا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، إلا أنه من غير المرجح أن تنحني روسيا فقط لأجل الحفاظ على الصداقة مع الرئيس الأمريكي المقبل، كما أن تقرب بوتين من ترامب يمكن أن يكون مجرد محاولة من بوتين لجس النبض لمعرفة ما يمكن الحصول عليه من تلك العلاقة.
ماذا عن تجدد العنف الانفصالي في شرق أوكرانيا؟ ذلك ممكن، وماذا عن استمرار التعنت في مجلس الأمن للأمم المتحدة؟ هو كذلك أمر ممكن جدًا. هل ستعرف طول الحدود الشرقية لحلف الناتو اختبارات وتحقيقات؟ نعم وارد حدوثه، هل سيكون ترامب سعيدًا إذا شكك بوتين في ذكائه؟ هل هناك أي شيء يمكن أن يعتبره ترامب طعنة في الظهر؟ هل ستكون إعادة العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ناجحة، كما كانت في عهد جورج بوش وباراك أوباما؟
3- محادثات مع كوريا الشمالية
يختلف الديمقراطيون والجمهوريون حول العديد من المسائل، لكن أغلبهم قد يعتبرون سياسة أوباما في التعامل مع كوريا الشمالية كانت مواصلة لفشل السياسية الأمريكية وكانت نقطة انطلاق لبقاء كوريا الشمالية كدولة للأسلحة النووية، ولم يتحدث ترامب كثيرًا عن كوريا الشمالية، بل اكتفى بنعت كيم جونغ أون بأنه “مجنون”، لكنه مجنون قادر بما فيه الكفاية على السيطرة على الجنرالات.
وفي الواقع، نعلم أيضًا أن لترامب مصلحة في هذا الموضوع، حيث إنه وفقًا لوكالة رويترز للأنباء “طلب ترامب تقرير مخابرات خاص بالبرنامج النووي لبيونغيانغ”.
يجب أن ننتظر حدوث شيء جريء وغير مسبوق للرئيس الجديد، ربما سيتحرك نحو إرسال كبار المسؤولين الأمريكيين إلى بيونغيانغ من أجل تحديد ما إذا كانت المفاوضات الثنائية المباشرة، جديرة بالوقت والجهد الذي سيتم استثماره.
وقد يبدو هذا الأمر سخيفًا في الوقت الحاضر، إلا أنه من المحتمل أن نرى رجال أعمال يؤمنون بأنه يمكن الحصول على صفقة العمر التي ستمكنهم من استكشاف الخطوط العريضة لفهم شامل لبيونغيانغ، إن ما يمكن أن ينطوي على ذلك (تفكيك كامل لبرنامج كوريا الشمالية، وغطاء مؤقت لتطوير السلاح النووي، واختبار الصواريخ، والتوقيع على معاهدة سلام رسمية) هو أمر يسهُل تخمينه، لكن، قد يُستبدل مبدأ الصبر الاستراتيجي بمبدأ المشاركة الاستراتيجية.
4- الحزب الجمهوري مقابل ترامب
إن العلاقة بين الجمهوريين والرئيس المنتخب دونالد ترامب، عبارة عن انسجام ثابت نحو مستقبل أكثر إشراقًا، مثل ما صورها متحدث عن الحزب الجمهوري، في المقابل، لن يدوم هذا الانسجام طويلاً، فسواء كان الأمر متعلقًا بأمن الحدود أو سياسة الإبعاد أو الإصلاح في سياسة الهجرة أو الشراكة مع الكرملين أو أهمية الدفاع عن النظام الدولي الليبرالي، فإن البيت الأبيض والجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ سيكون لهم آراء متضاربة.
كما يمكن أيضًا أن نشهد اقتتالاً داخل الحزب الجمهوري في الأسابيع القليلة الأولى من العام الجديد، وانقسامًا بين الموالين لترامب والمحافظين الماليين والديمقراطيين وغيرهم، وهذه ليست وصفة جيدة لزيادة الإنتاجية في الحكومة.
5- نهاية حل الدولتين
خلال الأسبوع الماضي، وجه وزير الخارجية جون كيري، رسالة دقيقة مفادها أنه من دون وضع حد لبناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فضلاً عن وضع حد للعنف الموجه ضد المدنيين الإسرائيليين، سينتهي حل الدولتين.
وفي هذا السياق، قال كيري: “الوضع الراهن يقودنا نحن دولة واحدة واحتلال دائم وبذلك ستكون المشكلة أسوأ وستكون المخاطر أكبر وستقل الخيارات”، وإذا كانت سياسات إدارة ترامب تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مماثلة للآراء التي تبناها ديفيد فريدمان، المرشح ليكون سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، فإن حل الدولتين سينتهي بالفعل.
وفي الحقيقة، لن يُتخذ أي إجراء آخر من قبل مجلس الأمن يقضي بمنع بناء المستوطنات الإسرائيلية خلال السنوات الأربعة المقبلة، كما أن الأحزاب المؤيدة للاستيطان في حكومة ائتلاف نتنياهو ينتظرون تولي ترامب للسلطة كفرصة أخيرة لحل الدولتين، ما من شأنه أن يزيد من الحرمان وتضييق الخناق على الفلسطينيين.
المصدر: ناشيونال إنترست