ترجمة حفصة جودة
في العديد من البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، تعيش المجتمعات المسلمة والمسيحية جنبًا إلى جنب، لكن هناك فجوة كبيرة بينهما تتعلق بالتحصيل العلمي، فالمسيحيون الأفارقة أكثر حرصًا على الانتظام في التعليم الرسمي بنسبة الضعف، مقارنة بنظرائهم المسلمين، وفقًا لدراسات مركز بيو للأبحاث.
أظهرت الدراسة التي كانت تبحث في عدد سنوات التعليم التي تلقاها كلا الفريقين على أساس العمر والجنس أن نحو 65% من المسلمين في جنوب الصحراء الكبرى لم يحصلوا على أي تعليم رسمي – وهي النسبة الأكبر على مستوى العالم كله – مقارنة بنسبة 30% من المسيحيين في نفس المنطقة لم يحصلوا على أي شكل من أشكال التعليم.
اعتمدت نتائج مركز بيو على بيانات إحصاء واستقصاء في 151 دولة – بينهم 36 دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى – وقامت بتحليل مستويات التعليم بين المسيحيين والمسلمين والهندوس والبوذيين واليهود واللادينيين، في 18 دولة من بين 27 دولة يهيمن عليها المسلمين والمسيحيين في المنطقة، تخلف المسلمون عن المسيحيين بما لا يقل عن 10%، وكان هناك 4 دول تعتمد إحصاءاتها على المسلمين فقط مثل جزر القمر وغامبيا والنيجر والصومال، و5 دول تعتمد إحصاءاتها على المسيحيين فقط مثل الرأس الأخضر وليسوتو ونامبيا وسوازيلاند وزيمبابوي.
يعتبر الإسلام والمسيحية من الأديان السائدة في جنوب الصحراء الكبرى، حيث يشكلان معًا نحو 93% من مجموع السكان، وبالنظر إلى انخفاض معدل وفيات الأطفال وارتفاع مستوى الخصوبة في تلك المنطقة، فمن المتوقع أن يحدث الكثير من النمو العالمي للإسلام والمسيحية في تلك المنطقة في العقوم المقبلة، فبحلول عام 2050، وعلى سبيل المثال، 4 من أصل كل 10 مسيحيين على مستوى العالم سوف يعيشون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
أحد العوامل وراء هذه الهوة في التعليم هي الاستعمار والحملات التعليمية التبشيرية، ففي أثناء الحقبة الاستعمارية، فالبعثات التبشيرية المسيحية كانت أحد العوامل الرئيسية في تطوير نظم التعليم والمناهج الدراسية، وكانت متجذرة بشدة في الحركة الإنجيلية والكتاب المقدس، ولم تكن العائلات المسلمة ترسل أطفالها أبدًا لتلك المدارس خوفًا من تحويل دينهم، هذا القرار كان له تأثير عميق على الأجيال الشابة.
تعتبر المسيحية ديانة أغلب السكان في دول إفريقيا السوداء (جنوب الصحراء الكبرى)
تقول ميلينا بلاتاس أستاذ مساعد في جامعة نيويورك أبوظبي: “في بعض الحالات، أنشأ المسلمون نظامًا للتعليم الإسلامي خاص بهم، وفي بعض الأحيان نظامًا سياسيًا أيضًا”، في تلك المناطق كانت السلطات الاستعمارية تقوم بالحد من استثمارات التعليم خاصة للمسيحيين، إما لتجنب الصراع أو لانخفاض الطلب على نمط التعليم الغربي.
ففي نيجيريا على سبيل المثال، كان المستعمرون البريطانيون في القرن العشرين يقومون بتثبيط أي محاولة لتطوير المدارس التبشيرية في الأجزاء الشمالية من البلاد والتي يسكنها المسلمون، ونتيجة لذلك وعلى الرغم من أن كلتا الديانتين تشكلان أكثر من نصف السكان، فإن 61% من الشباب المسلمين الآن لم يحصلوا على أي تعليم رسمي، مقارنة بـ26% فقط من المسيحيين، وفي جنوب الصحراء الكبرى أيضًا كانت نسبة المتعلمين من المسلمين أقل من المسيحيين، حتى في السنغال وتنزانيا وكينيا وغانا رغم وجود تجمعات إسلامية كبيرة بهم.
يحصل المسلمون على نسبة أقل من التعليم الرسمي في إفريقيا
يعتمد التحصيل العلمي بالطبع على مستوى الدخل والموارد في كل دولة، ومستوى الصراعات التي تشهدها الدولة، فعلى سبيل المثال؛ يحظى المسلمون في الدول الأوروبية بسنوات دراسة أكثر من المسلمين في الشرق الأوسط، وفي ملاوي ساهم الفقر المدقع للأغلبية المسلمة في قلة الالتحاق بالمدراس، وكان الزواج المبكر وقلة فرص الحصول على عمل أحد عوامل انخفاض نسبة التحاق المسلمات بالتعليم، الوضع بالنسبة للرجال لم يكن أفضل، فنحو 57% منهم في دول جنوب الصحراء الكبرى لم يحصلوا على أي تعليم رسمي، مقارنة بنسبة 36% للسيدات المسيحيات، و22% للرجال المسيحيين.
هذه الهوة الكبيرة لا تعني وجود شيء في الإسلام يتعارض مع التعليم، كما تقول بلاتاس، فسياسات الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام في نيجيريا الذين قاموا باختطاف طالبات المدارس وقالوا بأن التعليم الغربي محرم، هم من أصحاب الأفكار المتطرفة.
يحصل اليهود على أكبر نسبة عالمية في سنوات التعليم
بشكلٍ عام، ازدادت الإنجازات بين الأجيال الأصغر سنًا بالمقارنة مع الأجيال الأكبر سنًا، فقد تضاعف عدد الحاصلين على التعليم الإبتدائي من 21% إلى 43%، كما حصلت السيدات المسلمات الأصغر سنًا على فرص أكبر في التعليم، فقد انخفضت نسبة السيدات اللاتي لم يحصلن على أي تعليم رسمي من 87% (ممن تتراوح أعمارهن بين 55-74 عامًا)، إلى 65% (ممن تتراوح أعمارهن بين 25-34 عامًا)، وفي الدول التي يعتبر فيها المسلمون أقلية مثل بوروندي ورواندا وجنوب إفريقيا، حصل المسلمون على نسبة أكبر في التعليم الرسمي أكثر من المسيحيين، وفقًا لحجم السكان.
المصدر: كوارتز