ترجمة حفصة جودة
لعدة سنوات أكد خبراء الصحة العامة مرارًا وتكرارًا على عدم تناول المضادات الحيوية عند الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، أولاً لأنها لا تقدم أي مساعدة، فالمضادات الحيوية تعالج الالتهابات البكتيرية، أما نزلات البرد والإنفلونزا فتحدث بسبب الفيروسات، وبالتالي فتناول المضادات الحيوية لهذه الأمراض مجرد إسراف وممارسات لا طائل منها.
الأهم من ذلك أن تناول المضادات الحيوية – خاصة عندما يكون الأمر غير ضروري – يساعد على تطور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، فهذه الجراثيم – كما هو معروف – أصبحت تشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة آلاف الأشخاص كل عام، ويتوقع الخبراء أن يصل العدد إلى ملايين في العقود المقبلة.
ناهيك عن الأضرار التي تسببها المضادات الحيوية لبكتيريا الأمعاء، فهي تؤدي إلى قتل البكتيريا الجيدة التي تحافظ على صحتنا، وعلى الرغم من كل هذه التحذيرات، لا يبدو أن الرسالة وصلت للجميع.
فمؤخرًا قام مجموعة من الباحثين ومسؤولي الصحة بنشر دراسة على موقع “جاما”، قدرت انتشار وصف كميات كبيرة من الأدوية زائدة عن الحاجة في الولايات المتحدة، فقد وجدوا أن نحو 30% من المضادات الحيوية التي تم وصفها في العيادات وغرف الطوارئ ليست ضرورية، بما يعادل 47 مليون وصفة طبية كل عام.
الأسوأ من ذلك أن غالبية المضادات الحيوية غير الضرورية التي تم وصفها كانت لأمراض الجهاز التنفسي التي تسببها الفيروسات ونزلات البرد والتهاب الحلق والتهاب الشعب الهوائية والجيوب الأنفية التهابات الأذن، وجميعها لا تستجيب للمضادات الحيوية.
لذا من الضروري أن يتوقف الناس عن تناول المضادات الحيوية عند الإصابة بالإنفولنزا أو نزلات البرد، فهي ليست مفيدة بأي شكل من الأشكال، فالمضادات الحيوية تقتل البكتيريا فقط لكنها لا تقتل الفيروسات التي تسبب هذه الأمراض، وتعاطي هذه اللأدوية يتسببب في مشكلة صحية عامة كبيرة.
الكثير من الأطباء يصفون المضادات الحيوية لنزلات البرد لأن المرضى يطلبون ذلك!
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن العاملين في مجال الصحة والمفترض أنهم على دراية أفضل بالمشكلة، يصفون المضادات الحيوية لغير الضرورة، (عندما سألت بعض الأطباء عن ذلك أخبروني أنهم يصفونها لأن المريض يطلب ذلك أو لأنهم لا يكونوا واثقين من تشخيص المرض).
لكن عدد الوصفات الطبية غير المناسبة أصبح كبيرًا بصورة مبالغ فيها، فقد قالت دراسة أخرى منشورة في “جاما” إن 71% من الأطباء يصفون المضادات الحيوية لحالات التهاب الشعب الهوائية، رغم أن الأطباء يعلمون أن التهاب الشعب الهوائية غالبًا ما يكون سببه الفيروسات وليس البكتيريا، ومع ذلك فهم يصفون المضادات الحيوية.
بشكلٍ عام نحن نتناول الكثير من المضادات الحيوية، فوفقًا لمجلة “Nature” يحصل الطفل الأمريكي على نحو 10 أو 12 دورة علاج من المضادات الحيوية حتى يصل إلى سن البلوغ، وذلك بمعدل دورة أو اثنين في العام.
في استطلاع أجرته منظمة الصحة العالمية عن الاستخدام العالمي للمضادات الحيوية، وجدت أن 81% من المشاركين يحصلون على المضادات الحيوية من الأطباء والممرضين أو من الصيدليات، ربما لو تم إبلاغ المريض بخطورة الأمر لتوقف عن طلب المضادات الحيوية دون داعٍ، لكن الأطباء والمتخصصين في الصحة يحتاجون للتشديد على الأمر أيضًا.
المصدر: فوكس