بدأت عملات عديدة حول العالم العام 2017 بتعزيز مواقعها أمام الدولار وبعضها انخفض بنسب كبيرة لتصل إلى مستويات قياسية، وبين أسباب اقتصادية وأخرى سياسية اختلف المحللون حول أسباب انخفاض وارتفاع تلك العملات.
أسوأ أداء لعملات عالمية في بداية الـ2017
انخفضت قيم كل من الليرة التركية والبيزو المكسيكي والجنيه الاسترليني أمام الدولار لأدنى مستوياتها خلال العشر أيام الأولى للعام الحالي، حيث سجلت الليرة التركية أسوأ أداء لها بانخفاض بنسبة 7.02% ومن ثم البيزو المكسيكي بنسبة 4.95% والثالثة للجنيه الاسترليني بنسبة 1.32%.
بينما سجلت عملات كل من الدولار الأسترالي والبيزو الكولومبي والروبل الروسي أفضل أداء لها أمام الدولار من بين العملات العالمية في العشر أيام الأولى من العام الحالي، حيث حقق الدولار الأسترالي ارتفاعًا بنسبة 2.22% والبيزو الكولومبي بنسبة 1.89% والروبل الروسي بنسبة 1.85%.
جدول يوضح العملات الأكثر ارتفاعًا وانخفاضًا في العشر أيام الأولى من العام الحالي
وبحسب تحليلات صادرة عن مؤسسة “سوسيته جنرال جوكس” وهي مؤسسة فرنسية تقدم خدمات مالية ومصرفية، رأت أن انخفاض كل من العملات الثلاث، الليرة والجنيه والبيزو خلال العشر أيام الأولى من العام الحالي، يعود لأسباب سياسية أكثر منها اقتصادية.
فلا العجز في الميزان التجاري أو القيمة الشرائية للعملة أو حتى الدين العام كان لها تأثير على حركة العملات الثلاث، وابتداءًا من تركيا فالهجمات الإرهابية التي تعرضت لها اسطنبول وغازي عنتاب ومن ثم الجبهات التي دخلتها تركيا خارج حدودها في سوريا والعراق بالإضافة إلى التدخل الحكومي في السياسة النقدية للبنك المركزي التركي، كان لها أثر كبير على سعر صرف الليرة أمام الدولار.
أداء الليرة التركية مقابل الدولار حتى 12 يناير/كانون الثاني الجاري
كذلك الضغوط السياسية في تركيا أدت لإحجام البنك المركزي التركي عن رفع سعر الفائدة على الرغم من ارتفاع معدل التضخم لأكثر مما كان متوقعًا مسجلًا 8.53% وهذا عزز الضعف الحاد في الليرة لتلامس أعلى سعر أمام الدولار عند 3.92 ليرة مقابل الدولار. بينما تُرجع الحكومة التركية والرئيس سبب انخفاض قيمة الليرة إلى حركة المضاربة الكثيفة الجارية على الليرة.
وفي بريطانيا فإن البريكست وتطبيق المادة 50 من قبل الحكومة البريطانية برئاسة تيريزا ماي التي صرحت بصعوبة البريكست على بريطانيا والاقتصاد، أثار تخوفات الشركات والبنوك من حالة الغموض التي ستجتاح الاقتصاد البريطاني بعد الخروج من التكتل الأوروبي، وضغط على الجنيه الاسترليني أمام الدولار.
أداء الجنيه الاسترليني مقابل الدولار حتى 12 يناير/كانون الثاني الجاري
أما البيزو المكسيكي فأثارت تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة حول المكسيك وتهديد شركات السيارات الأمريكية التي تنتج خارج الولايات المتحدة في إشارة إلى المكسيك، بفرض ضرييبة مرتفعة على منتجاتها التي تدخل الولايات المتحدة بعد تصنيعها في الخارج وقد أدى هذا إلى إلغاء شركة فورد لصناعة السيارات الأمريكية بناء مصنع في المكسيك، وتخوفات من يؤثر هذا على مناخ الاستثمار هناك.
أداء البيزو المكسيكي مقابل الدولار حتى 12 يناير/كانون الثاني الجاري
ويبقى الحدث السياسي الأبرز والأهم في الشهر الجاري والذي يشغل حيزًا كبيرًا من حساب الدول والعملات العالمية؛ هو تسلم ترامب لرئاسة الولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني الجاري ووضوح الرؤية التي ستسير عليها السياسة الأمريكية الجديدة في الأشهر المقبلة، وبالأخص سعر الفائدة على الدولار والإنفاق الحكومي والإصلاحات الضريبية.
الروبل الروسي من بين أفضل العملات
لأول مرة منذ نهاية يوليو/تموز 2015 انخفض سعر صرف الروبل أمام الدولار إلى ما دون 60 روبلًا لتعزز من قيمتها في سوق العملات الأجنبية ويسجل 59.18 روبل لكل دولار، ويعود تعافي الروبل في الأيام الأولى من العام الحالي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية فوق 50 دولار وبقاءها مرتفعة حيث سجل خام برنت 56 دولار للبرميل في تعاملات اليوم الخميس 12 يناير/كانون الثاني الجاري.
إذ خفضت روسيا إنتاجها النفطي بمقدار مئة ألف برميل في إطار التزامها بخفض الإنتاج بمقدار 300 ألف برميل يوميًا بحلول مايو/أيار المقبل، في ظل ثقة السوق بالتزام دول منظمة أوبك ودول خارج أوبك بتخفيض الإنتتاج وامتصاص الفائض من السوق النفطية العالمية، ومن جهة أخرى، تنتظر روسيا تنصيب ترامب رئيسًا في الولايات المتحدة أملا في رفع أو تخفيف العقوبات الغربية والأمريكية المفروضة على موسكو.