ترجمة وتحرير نون بوست
انتشرت العديد من الأخبار، يوم الاثنين، التي تفيد بأن السفن التابعة للبحرية الأمريكية في الخليج العربي تعرضت لمضايقات من قبل الطائرات الإيرانية مما دفع العديدين إلى اعتباره تصرفا غير آمن وغير مهني البتة وهو ما اضطر السفينة البحرية الأمريكية (يو أس أس ماهان) لإطلاق طلقات تحذيرية.
وفي هذا الصدد، صرح أحد المسؤولين في البحرية الأمريكية لموقع بيزنس إنسايدر أن “هذه الحادثة تعد الأولى من نوعها لهذه السنة، حيث زادت إيران من حدة المضايقات التي تشنها ضد السفن الأمريكية”.
ووفقًا لبهنام بن تاليبلو، أحد كبار المحللين للشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فإن “قدرة إيران على تقويض الغرب، ومضايقة سفنهم في المياه الدولية، والقدرة على الصمود عسكريا بيد أنها تعاني من ضعف أسلحتها التقليدية يوعز للجهود الجبارة التي بذلها الخبراء في طهران لدراسة قدرات الولايات المتحدة الدبلوماسية والعسكرية”.
على الرغم من أن الولايات المتحدة تصنف إيران على أنها الدولة الأولى الراعية للإرهاب مما دفع إلى فرض العديد من العقوبات عليها على مدى العقود القليلة الماضية، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لردع إيران. ووفقا لبن تاليبلو، فإن “فرض العقوبات يعدّ خطوة مهمة، لكنه ليست الخطوة الوحيدة التي يجب اتخاذها”.
تكلفة قتال الولايات المتحدة لإيران جدّ باهظة ولذلك اضطرت الولايات المتحدة لامتصاص الاستفزازات وعدم الرد عليها
بالإضافة إلى العقوبات، فإن الولايات المتحدة تستفيد من إعلان عزمها على صد إيران، خاصة وأن العديد كانوا يصفون إدارة أوباما بأنها “مصابة بالرهاب” فيما يخص مواجهة إيران.
وفي هذا الصدد، صرح بن تاليبلو أنه “على الولايات المتحدة أن تتأكد من أن قيادتنا والقيادة المركزية (القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط) لديها الحرية المطلقة ليس لأن تصبح من بين الدول المارقة بل لكي لا يشعروا بأنهم مكبلي الأيدي ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم؛ أي سفن الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة”.
ومن جهة أخرى، قال الكابتن المتقاعد، لورانس برينان، والخبير في القانون الدولي البحري وقواعد الاشتباك لموقع بيزنس إنسايدر إن “رد القوات البحرية الأمريكية يعد في محله ومناسبا في ظل الظروف التي نمر بها”، ولكن يجب أيضا أن نلاحظ أنه من المحتمل أن هذه الإجراءات ليست بالصرامة الكافية ويوعز ذلك للمخاوف الأمريكية من البرنامج الإيراني النووي، الذي “يبدو قاب قوسين أو أدنى من اللجوء إليه”.
في المقابل، يرى آخرون أن البحرية مارست الكثير من ضبط النفس خاصة تحت إدارة رئيس يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى تحسين العلاقات مع إيران، والذي يعتبره البعض بمثابة تشجيع لإيران على التصرف بعدوانية.
من جانب آخر، أكد القائد السابق في القوات البحرية الأمريكية، جيريمي فوغان، في مقال كتبه لصالح معهد واشنطن أن الأهداف الإستراتيجية لإدارة أوباما هي التي كبلت أيادي قادة البحرية لينصاعوا أكثر للعدوان الإيراني.
ووفقا لفوغان، فإنه حتى عقب تأكيد القادة البحريين “مثلث الخطر” (أن تتأكد من أن هناك طرف لديه القدرة والفرصة للإساءة للبحرية الأمريكية) لم يرد البحارة بعنف وذلك تماشيا مع توجيهات البحرية.
وخير مثال على ذلك، عندما حاصر البحارة التابعين للحرس الثوري الإسلامي جماعة من البحارة الأمريكيين الذين كانوا على متن قارب معطل في يناير/ كانون الثاني سنة 2016 وقال فوغن إنه يعتقد أن “القائد العام لم يكن ليريده أن يتسرع ويشن حربا بسبب خطأ غير مقصود أو بسبب سوء فهم”.
كما أن أوباما لم يصدر أي قرار ليعرقل عمل البحرية الأمريكية في الخليج العربي بيد أن المناخ السياسي المتوتر بين البلدين يستدعي أخذ إجراءات أكثر حزما وصرامة.
وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، مع وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف
كيف أصبح زعماء إيران أقوى بكثير من زعماء الولايات المتحدة؟
في هذا الشأن، أوضح بن تاليبلو أن السبب وراء ذلك هو إن “إيران بمثابة تهديد دائم للولايات المتحدة، على الرغم من أنها دولة ضعيفة إلا أنها تحارب بطريقة غير متماثلة”.
ووفقا لبن تاليبلو، فَهم الإستراتيجية التي تعتمدها إيران يتطلب إمعان النظر في الحرب التي نشبت بين إيران والعراق في ثمانينات القرن الماضي، إذ أن الهزيمة التي تكبدتها البحرية الإيرانية من قبل السفن الأمريكية في الخليج العربي إلى الآن لم تستطع إيران التعافي منها وتجاوزها. فالولايات المتحدة “لاحقت فرقاطاتهم (نوع من السفن الحربية السريعة) ومدمراتهم، والآن تريد إيران الثأر منا من خلال استعمالها لهذه الزوارق الصغيرة”.
لا تستطيع إيران خوض حرب ضد الولايات المتحدة وهذا هو السبب في تأطير جيشها على النحو الذي عليه الآن. فبدلا من ذلك، تسعى إيران لتمويل المنظمات الإرهابية التي تناهض الولايات المتحدة وحلفائها بالأسلحة.
فعلى سبيل المثال، أرسلت إيران صواريخ إلى العراق لاستخدامها ضد الجنود الأمريكيين خلال عمليات تحرير العراق. وفي الآونة الأخيرة، تم إثبات، لكن ليس بشكل قطعي، أن إيران تمول الحوثيين بصواريخ مضادة للسفن، التي تم استعمالها لضرب السفن الأمريكية قبالة ساحل اليمن.
من جانب آخر، على الرغم من صغر مساحة اليمن وضعف جيشها أثبتت إيران أنها غريم لدود قادر على التعلم”.
إن سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية آثار حفيظة وقلق الولايات المتحدة إلى حد أنها قررت التدخل دبلوماسيا لفض الخلاف، إلا أن الاتفاق الإيراني يُعنى فقط بالأسلحة النووية ولا يشمل تدابيرا الفعالة لمكافحة برنامجها الصاروخي.
وفي هذا السياق، قال بن تاليبلو إن “عدم وضع قيود لبرنامج إيران الصاروخي، الذي يمكن من إحداث تعديلات بسيطة فيه لصنع الصواريخ الباليستية النووية هو نتيجة مباشرة لفشل إدارة أوباما في لإدراج الصواريخ الباليستية في المحادثات مع طهران”.
لا تستطيع إيران خوض حرب ضد الولايات المتحدة وهذا هو السبب في تأطير جيشها على النحو الذي عليه الآن. فبدلا من ذلك، تسعى إيران لتمويل المنظمات الإرهابية التي تناهض الولايات المتحدة وحلفائها بالأسلح
وبالتالي، ترعى إيران الإرهاب بشكل علني وتختبر صواريخ باليستية تحمل شعارات كتب عليها “إسرائيل يجب أن تمحى من على الأرض” دون خوف.
كما أضاف بن تاليبلو أن “إطلاق إيران للصواريخ، جعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة وهي بمثابة ضربة قاضية للغرب عامة”. وبالفعل، استطاعت إيران من تحقيق مآربها بسبب فشل الولايات المتحدة في وضع حد لطموحاتها الصاروخية عندما قيّدوا البرنامج النووي الإيراني.
في الواقع، إن استخدام إيران لوسائل زهيدة وغير متكافئة كان بغية إحداث خلل في توازن أعدائها؛ أي الولايات المتحدة وحلفائها. كما تفتقر إيران إلى أسلحة الهجوم الجوي الحديثة، باهظة الثمن، ولذلك تسعى طهران لتطوير صواريخ باليستية لمواصلة تعزيز أعمالها الإرهابية وفي الوقت نفسه ردع الهجمات التي تشن ضدها” .
بما أن إيران لم تشارك بشكل علني في العمليات العسكرية، فإن الجيش الأمريكي لا يستطيع أن يحارب طهران. في المقابل، تعزز إيران نفوذها من خلال مجموعات متنوعة من الوكلاء الإقليميين التي لا تستطيع الولايات المتحدة استعمال القوة ضدهم.
وأضاف بن تاليبلو أن “تكلفة قتال الولايات المتحدة لإيران جدّ باهظة ولذلك اضطرت الولايات المتحدة لامتصاص الاستفزازات وعدم الرد عليها”.
المصدر: بيزنس إنسايدر