انتشرت أمس الخميس أخبار في الصحيفة الرسمية التركية نص التعديلات الأخيرة التي تم إدخالها على قانون منح الجنسية التركية للمواطنين الأجانب، وظهرت موجة استهجان من المواطنين العرب مستثمرين ومهاجرين في تركيا وخصوصًا السوريين الذين تأملوا في تيسير قوانين منح الجنسية التركية بعد وعود من الحكومة والرئيس.
حيث جاء في نص القانون أن كل من يشتري عقار في تركيا بقيمة لا تقل عن مليون دولار ويحتفظ فيه لمدة ثلاث سنوات يتم منحه الجنسية التركية بعد الحصول على وثيقة صادرة من وزارة البيئة والتخطيط لإثبات شراء الشخص لعقار في تركي لا يقل قيمته عن مليون دولار. وسيتم منح الجنسية لمن يقوم باستثمار مبلغ لا يقل عن مليوني دولار في السوق التركية بعد إصدار وثيقة من وزارة الاقتصاد تثبت أن لديه استثمارًا ثابتًا في تركيا لا تقل قيمته عن مليوني دولار.
كل من يشتري عقار في تركيا بقيمة لا تقل عن مليون دولار ويحتفظ فيه لمدة ثلاث سنوات يتم منحه الجنسية التركية
وشمل القانون أيضًا منح الجنسية لمن يقوم بإيداع مبلغ ثلاثة ملايين دولار بالمصارف المحلية التركية بعد إصدار وثيقة إيداع من البنك صادرة من مؤسسة تنظيم الأعمال المصرفية أو لديه استثمار يشغل فيه 100 عامل تركي بعد الحصول على وثيقة صادرة من وزارة العمل تثبت أنه رب عمل يؤمن تشغيل 100 عامل في تركيا. أو أنه اشترى سندات دين حكومية بقيمة لا تقل عن 3 مليون دولار بشرط الاحتفاظ بها لمدة 3 سنوات وإصدار وثيقة من خزانة الدولة تثبت شراءه لتلك السندات.
توقيت القانون
يهدف القانون بالدرجة الأولى إلى جذب المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال من كل الجنسيات العربية والأجنبية للاستثمار في تركيا ولا يخصص جنسية بعينها سورية أو عراقية، كما أن القانون بهذه الصياغة يعد متأخرًا بشكل كبير فأغلب بلدان العالم لديها هكذا قانون والمبالغ لا تقل عن المبالغ التي عرضتها الحكومة التركية كما سنُفرد في الفقرة اللاحقة.
توقيت هذا القانون جاء في ظل ما تعانيه تركيا من مشاكل مالية وبيانات اقتصادية متراجعة حيث تسعى لتحفيز المستثمرين الأجانب من خلال توطينهم، إثر تخفيض تصنيف تركيا الائتماني من قبل وكالة موديز الإثنين الماضي بعد تراجع الاستثمارات وهبوط سعر صرف الليرة مقابل الدولار، حيث من المتوقع أن تشهد تركيا حركة نزوح لرؤوس أموال أجنبية تتراوح بين 2 – 3 مليارات دولار بسبب التصنيف الجديد بحسب مستشار الرئيس التركي يجيت بولوت.
وتشير الأرقام لحاجة الاقتصاد التركي لقوة دافعة من خلال قوانين جديدة تجذب المستثمرين وتعيد الوضع الاقتصادي للتوازن، إذ أن حجم الاستثمار في العام الماضي 2016 انخفض بأكثر من 35% عن العام الذي سبقه 2015 وتراجعت السياحة بنسبة 41% وتراجعت الصادرات التركية على أساس سنوي في العام الماضي بنسبة 0.84% إذ لم تزد قيمة الصادرات في العام 2016 عن 142 مليار دولار وهبطت قيمة الليرة التركية أكثر من 25% خلال العام الماضي أيضًا، وبلغت في العام الحالي مستويات قياسية كبيرة عند 3.92 ليرة لكل دولار.
من المتوقع أن تشهد تركيا حركة نزوح لرؤوس أموال أجنبية تتراوح بين 2 – 3 مليارات دولار بسبب التصنيف الائتماني الجديد
دول تمنح جنسيتها للمستثمرين
هناك دول كثيرة حول العالم تعرض جنسيتها للمستثمرين أو لأشخاص فاعلين في المجتمع لقاء استثمار أموالهم وتوفير فرص عمل فيه أو عبر وضع وديعة بنكية لا تسحب خلال فترة معينة، فعادة ما تأخذ عملية التقدم على جنسية بلد ما فترة لا تقل عن خمس سنوات في أغلب الأحوال، فتقوم الحكومة بتقديم عرض سخي للمستثمر بتقصير تلك المدة لقاء منفعة متبادلة بين الطرفين.
وتختلف الأرقام التي تطلبها الحكومات آخذة في الاعتبار مدى حاجة اقتصادها للمستثمرين واستثماراتهم وللعملة الصعبة من جهة والقيمة الشرائية للعملة من جهة أخرى، فالدولار في الولايات المتحدة تختلف قوته الشرائية عنها في تركيا أو بريطانيا أو سنغافورة تبعًا لمؤشرات أبرزها التضخم وقوة العملة المحلية وحجم الاقتصاد وقدرته على تصنيع السلع والخدمات محليًا.
سيتم منح الجنسية لمن يقوم باستثمار مبلغ لا يقل عن مليوني دولار في السوق التركي
في بريطانيا مثلا تعرض الحكومة على المستثمر 200 ألف جنيه إسترليني وبعد 5 سنوات يمكن التقدم على الجنسية، وفي الولايات المتحدة يتطلب الحصول على الجنسية الأمريكية استثمار مبلغًا وقدره 500 ألف دولار في أي منطقة نائية أو استثمار مليون دولار في المدن الكبرى.
وفي أستراليا يجب إنفاق 4.7 مليون دولار في البلاد والإقامة لمدة عامين للحصول على الجنسية كمستثمر، وفي كندا يتم منح الإقامة ومن ثم الجنسية الكندية بعد إيداع 1.2 مليون دولار كندي لخمس سنوات. بينما في البرازيل مثلا يمكن استثمار مبلغًا قليلًا يبلغ 65 ألف دولار تمنح الإقامة الدائمة وبعد 4 سنوات تمنح الجنسية، ويعد هذا المبلغ من بين المبالغ القليلة بعد دولة جزر القمر التي تطلب مبلغًا وقدره 50 ألف دولار.
ومن بين أعلى المبالغ التي تطلبها الحكومات لمنح الجنسية هي النمسا حيث تطلب ضخ 10 ملايين دولار في البلاد للحصول على الجنسية النمساوية، وفي سنغافورة يمكن الحصول على الجنسية السنغافورية بعد قضاء عامين على أراضيها وإنفاق مليوني دولار.
لذا فبالنظر إلى الأرقام التي عرضتها تركيا مقابل جنسيتها ومقارنتها مع الأرقام في الدول المتقدمة فإن الأرقام تعد معقولة جدًا بالنسبة للمستثمر الأجنبي، ويبقى تفاضل المستثمر بين تركيا والدول الأخرى من خلال الفرض الاستثمارية ومعدلات النمو والتصنيف الائتماني والمؤشرات الاقتصادية التي تقيس أداء الاقتصاد.