بات التطور التقني الذي تملكه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وخاصة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة “حماس”، يشكل عامل خوف وقلق لدى الجانب الإسرائيلي، الذي تلقى قبل أيام صفعة قوية ومؤلمة بعد اختراق “سايبر حماس” لأجهزة جنوده واستدراجهم نحو “فخاخ الفتيات”.
دائماً ما كانت المعركة بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي تحسمها التطور العسكري على الأرض، لكن كتائب القسام نقلت هذه المرة المعركة مع الإسرائيليين إلى مكان آخر أكثر ألماً من الحرب نفسها، فاستخدمت تقنية “صراع الأدمغة” التي شلت الاحتلال وأصابته في مقتل بأعز ما يملك وهم جنوده.
وكشف جهاز “الشاباك” الإسرائيلي عن تمكن خبراء في حركة “حماس” من زرع برامج تجسس داخل هواتف تعود لجنود وضباط إسرائيليين من خلال تقمص شخصيات فتيات جميلات، للإيقاع بهم والسيطرة على حواسبهم وعلى معلومات حساسة وسرية من داخل قواعد ومقار عسكرية.
اشتعال حرب الأدمغة بين القسام والشاباك
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن وحدة “سرية المعلومات” في جيش الاحتلال قولها، إن:” حماس تسعى إلى “سرقة معلومات سرية من جنود الجيش؛ وذلك عن طريق إغرائهم بصور نساء فاتنات”، وأضافت: “حماس تنصب للجنود “فخاخ الفتيات”، وهناك 16 شخصية وهمية تنشر حماس صوراً لها في شبكات التواصل الاجتماعي، وتحاول حماس من خلالها حمل الجنود على تنزيل التطبيق الخاص بالنساء؛ كي تصبح أجهزة الهواتف الخلوية التابعة لهم مفتوحة أمام سرقة المعلومات الحساسة“.
وبينت المصادر الإسرائيلية أن المخترقين زرعوا فايروس “حصان طروادة” داخل أجهزة عشرات الجنود بعد الإيقاع بهم، وإقناعهم بتنزيل تطبيقات خاصة بالمحادثات وتطبيقات أخرى، وأوضحت أن قسم السايبر في كتائب القسام، عمل على تصميم تطبيقات وهمية وخاصة بالمحادثة عبر الفيديو والماسنجر، وبعد تنزيل هذه التطبيقات يتمكن المخترقون من السيطرة على الجهاز.
خبراء فلسطينيون ومختصون في أمن المعلومات، وصفوا تمكّن كتائب القسام الجناح المسلح لحركة “حماس” من اختراق حسابات جنود إسرائيليين، بـ”الإنجاز النوعي والمتقدم جدًا”.
ويقول حازم الباز، المختص الأمني، إن:” ما قام به القسام خطوة متقدمة وجريئة جدًا، وتنم عن وعي وإدراك واجتهاد قوي لجنود القسام في “المقاومة الإلكترونية”، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب ذكاءً حادًا، والقسام استطاع أن يزعزع الثقة لدى المسئولين في الجيش الإسرائيلي”.
كشف جهاز “الشاباك” الإسرائيلي عن تمكن خبراء في حركة “حماس” من زرع برامج تجسس داخل هواتف تعود لجنود وضباط إسرائيليين من خلال تقمص شخصيات فتيات جميلات، للإيقاع بهم والسيطرة على حواسبهم
ووفق الباز، فإن آلية الاختراق تتم بطريقتين: الأولى، تكون من خلال الاختراق عن طريق “الهندسة الاجتماعية”، حيث يتم من خلال محادثة مع أشخاص واستدراجهم بعد محادثة طويلة، لزرع ملفات داخل أجهزتهم.
ويضيف الباز “الملفات عبارة عن بوابات للتعامل مع أجهزتهم لمعرفة ما يدور فيها، وما يتم إرساله من بيانات أو استقبالها”، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الاختراق يعد الأقوى، حيث تكون فيه المعلومات متجددة ومتتالية.
أما النوع الثاني من الاختراق، -كما يوضح الباز- تتمثل بزرع ملفات عن طريق استقبال بعض الرسائل أو بعض الأخبار المهمة لدى الهدف المستهدف، ويتم التعامل مع هذا الملف، مما يؤدي إلى فتح ثغرة في الأجهزة، ويتم التعامل معها، حيث يجري استكشاف ما يحتويه الجهاز المخترق من بيانات ومعلومات، لافتا إلى أن هذا النوع يتميز بالحصري والآنيّ.
وبحسب جهاز “الشاباك” الإسرائيلي، قال:” بإمكان هذه التطبيقات السيطرة على هواتف الجنود عن بعد، والتنصت على أحاديثهم وتشغيل كاميرات هواتفهم داخل المواقع العسكرية، حيث كشف عن تمكن الحركة من الحصول على تصوير من هواتف الجنود خلال قيامهم بأعمال الدوريات على الحدود مع قطاع غزة.
كسب معركة الحرب النفسية
بدوره يرى الخبير الأمني والعسكري اللواء يوسف الشرقاوي، أن “صراع الأدمغة الذي تخوضه المقاومة مع الاحتلال مثّل عنصراً هاماً في الحرب النفسية، سيما أننا نجابه عدوا مستعمِرا يُعتبر الثاني على صعيد التكنولوجيا والرابع على الصعيد العسكري عالمياً”.
وتوقع الخبير الشرقاوي، أن تؤثر هذه الخطوة على جنود الاحتلال معنويا، فالمقاومة في النهاية تستهدف ضرب معنويات الجيش، معتبرا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو انهيار الكيان، كما توقع بأن يحسب العدو لهذه الخطوة ألف حساب، حيث أن لها تبعيتها على الجنود الذي سيصابون بالقلق الدائم من التهديد بالاختراق.
وحول الأسباب الحقيقية التي دفعت الجيش لنشر خبر محاولة الاستدراج، يوضح المختص في الشأن الإسرائيلي محمود مرداوي، أن الجيش يريد تسليط الضوء على أهمية هذا الخطر، وتضخيم الأضرار المتوقع وقوعها على أمن دولة الاحتلال جراء عدم رصد ميزانيات من قبل وزارة المالية لسلاح السايبر والذي أعلن رئيس الأركان في الجيش أيزنكوت قبل عدة أيام إلغائه.
أما السبب الثاني، وفق مرداوي، فهو تخويف ضباط وجنود الجيش من التساهل في استخدام الجوالات الذكية والحذر من التواصل مع عناصر غير معروفة وموثوقة من الممكن انتحال شخصيات وهمية تهدف لاختراق الجوالات والحصول على معلومات حساسة تشكل خطرا على الجيشً وأمن دولة الاحتلال.
“إضافة إلى التحذير من تخزين معلومات وبيانات من قبيل صور لمعسكرات ومواقع أو أسرار حساسة لدى الضباط ممكن أن تؤدي لوقوع أضرار بالغة لو نجحت جهات أجنبية معادية بالحصول عليها”، بحسب مرداوي.
وختم بالقول “في حرب السايبر الجميع يستخدم هذا السلاح ضد الجميع خاصة بعد اتساع استخدام التقنيات الحديثة فربما الحدث شكل فرصة للتحذير من اختراقات دول وأطراف أخرى عبر ضجة ما رصد عن عناصر حركة حماس كما نشر استغلالاً للحدث وتوظيفاً له”.
سخرية فلسطينية
أحد الجنود الإسرائيليين ممن وقعوا في الفخ، وصف طريقة وقوعه بحيلة “حماس” قائلاً :بأن رجالات حماس تنكروا بهوية فتاة شابة من خلال الإنترنت، وتعرفت عليها وقمت بتسليمها معلومات حساسة دون علمي، ويضيف:” وصلتني رسالة من الفتاة في أحد الأيام وتحدث معها لعدة أيام بشكل مكثف وقالت له بأنها خدمت بمصلحة السجون وسألته عن هويته وطبيعة عمله، حيث قال لها إنه بالجيش حيث توطدت العلاقة مع مرور الوقت وبدأ يثق بها.
وأضاف الجندي أن تلك الفتاة طلبت منه تنزيل تطبيق خاص بالحديث بشكل أفضل وسري حيث قام بإنزال التطبيق ولكنه لم يعمل، وفي النهاية عاد الاثنان للحديث عبر فيسبوك واكتشف أخيراً بأنه وقع بالفخ وكان يتكلم مع أحد رجالات حماس.
وقال “هذا ليس تطبيقاً عفويًا، فلديه القدرة على السيطرة على الهاتف، وبإمكان الطرف الآخر رؤية ماذا تفعل بالضبط والى أين نحن ذاهبون، ومع من أنا أتكلم، ومن هم قادتي، والتعرف على المنطقة والطريق واستخدام الكاميرا والميكرفون حتى خلال أوقات إغلاق الهاتف، وأنت تقوم بتسليم معلومات للعدو دون أن تشعر أو تعرف ، وفي تلك اللحظة ستعمل في خدمة العدو وليس في خدمة الدولة”.
نشطاء ومغردون فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لم تفوتهم مثل تلك الفرصة للسخرية على جنود الاحتلال اللذين وقعوا في “فخ المقاومة”، فأطلقوا وسماً بعنوان #هكر_حماس رداً على ما أعلنه جيش الاحتلال بقيام كتائب “القسام“، باختراق هواتف جنوده وضباطه والتجسس عليهم.
بات التطور التقني الذي تملكه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وخاصة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة “حماس”، يشكل عامل خوف وقلق لدى الجانب الإسرائيلي
وقد غرد عشرات النشطاء ورواد الأزرقين على وسم (هاشتاق) #هكر_حماس، بسخرية وتهكم على ما وصل إليه الجيش الإسرائيلي من ضعف في قدراته الاستخباراتية، وزيادة القدرات لدى المقاومة الفلسطينية.
ويشار إلى أن الحرب الأخيرة على غزة عام 2014 شهدت العديد من محاولات الاختراق الإلكتروني؛ سواء من خلال إرسال رسائل جوال لنصف مليون إسرائيلي، أو التقاط صور لعملية زيكيم البحرية، أو اختراق فضائيات إسرائيلية وبث تحذيرات للمقاومة أو معرفة أسماء الآلاف من جنود وضباط الاحتلال ورحلات الطيران في مطار “اللد”، وكذلك موعد تحرك دوريات الاحتلال على طول الحدود الشرقية مع قطاع غزة.
وسبق أن أنزلت المقاومة الفلسطينية عدة طائرات استطلاع إسرائيلية “بدون طيار”، وحصلت على المعلومات والصور التي كانت تصوّرها، وكذلك سيّرت طائرات “بدون طيار” تابعة للمقاومة الفلسطينية.