توسعت رقعة التظاهرات الاحتجاجية في عدة محافظات سورية يحكمها نظام الأسد، بعد مرور أسبوع على بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي في البلاد، مع ارتفاع سقف المطالب بإسقاط نظام الأسد وتطبيق القرار 2254.
وتسود حالة من الغليان الشعبي عموم المحافظات، في ظل قبضة أمنية خانقة كثفتها الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية لنظام الأسد في الآونة الأخيرة، لا سيما أحياء حلب ودمشق وريف دمشق وحماة والساحل السوري، لكنها لم تمنعها من التضامن مع احتجاجات الجنوب السوري بطريقة مختلفة.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تظهر عبارات مناهضة لنظام الأسد على الجدران، واللافتات الورقية في بعض ساحات المدن السورية، يعبّر الأهالي من خلالها عن تأييدهم للحراك السلمي ضد نظام الأسد والمطالبة برحيله عن السلطة.
نظام الأسد يعرض التهدئة في السويداء
يواصل السوريون في محافظة السويداء جنوبي البلاد حالة العصيان المدني، وسط احتجاجات واسعة في ساحة الاعتصام (ساحة السير/ الكرامة) التي تجمع أبناء المدينة وعددًا من المدن والبلدات المجاورة، إضافة إلى احتجاجات وإضرابات في قرى وبلدات صلخد وسليم والعانات وعرى وشهبا وريمة الفخور وبريكة ومردك وعرمان وسالة والمجدل ومجادل والمجيمرة.
وقطع المحتجون منذ ساعات الصباح الأولى لهذا اليوم، الخميس 24 آب/أغسطس، الطرقات بالإطارات المشتعلة، رافعين لافتات تعبّر عن مطالبهم، كما هتف المحتجون بالحرية وطالبوا بتطبيق القرار 2254، فضلًا عن رحيل نظام الأسد عن السلطة، وخروج الدول الأجنبية من سوريا بما فيها إيران وروسيا.
#شاهد: كلمة ولا أروع لأحد شباب عشائر البدو في ساحة السير/الكرامة وسط السويداء الآن، والهتافات تهز الساحة.. pic.twitter.com/EO9GuQx2wR
— السويداء 24 (@suwayda24) August 24, 2023
وفي السياق، عقد ممثلون عن حزب البعث في السويداء اجتماعًا في مقر عين الزمان مع عدد من مشيخة العقل صباح الخميس، ومن بينهم الشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف الجربوع اللذان وقفا إلى جانب مطالب المحتجين.
وقدم الجربوع خلال الاجتماع عددًا من المطالب، من بينها تشكيل حكومة جديدة، والتراجع عن القرارات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا، وتحقيق الحياة الكريمة للإنسان، ومحاربة الفساد والمفسدين، وممارسة المؤسسة الأمنية دورها في بسط الأمن، والمحافظة على وحدة الأراضي السورية وفتح معبر مع الأردن لإنعاش المحافظة اقتصاديًّا.
وعشية الأربعاء توجّه محافظ السويداء، بسام بارسيك، فور قدومه من العاصمة السورية دمشق إلى دارة قنوات لزيارة الشيخ حكمت الهجري، ضمن وساطة يطالب فيها بتهدئة الشارع مقابل مجموعة من الحلول، إلا أن الهجري أوضح “أن المسألة لا تحتاج إلى وساطات ولا اتصالات”، مشيرًا إلى “أن مطالب الشارع معروفة ولا داعي لشرحها، ولن يكون هناك تواصل مع أحد قبل تحقيق مطالب الشارع”، حسبما نقل موقع “الراصد” المحلي.
شاهد: تحيات من #السويداء إلى المدن والمحافظات السورية.. فهل يرد أهلها التحية ؟ pic.twitter.com/XjK8i0BFdY
— السويداء 24 (@suwayda24) August 24, 2023
وشهدت قرى وبلدات في ريف المحافظة مظاهرات مسائية ليل الأربعاء/ الخميس، من بينها المنيذرة وعتيل والغارية وأم الرمان وعنز والمزرعة والصورة الصغيرة، وقرية الثعلة وقرية بكا، وقرى صميد وصخرة واللجاة ورضيمة اللوا وملح ولغا والعفينة ومردك وأم الرمان والقريا ولاهثة، إضافة إلى حي القلعة داخل مدينة السويداء.
كما تظاهر مئات المحتجين في ساحة السير/ الكرامة وسط مدينة السويداء، بعدما انضمت إليهم وفود من عدة قرى بينها شهبا والفعيلة، كما شهدت بلدات الكفر والمتونة والهويا وشعف والعانات وأم الزيتون والكسيب وجبران وشهبا وريمة حازم وعريقة والرحى وصلخد وقنوات احتجاجات مماثلة.
وأحصى موقع “الراصد” المحلي في محافظة السويداء 48 نقطة احتجاجية في عموم المحافظة بين تظاهرات صباحية ومسائية، ضمّت بعضها أهالي عدة قرى في موقع واحد، في حين أشارت العديد من المصادر إلى استمرار الاحتجاجات وفشل محاولات النظام في الوصول إلى التهدئة.
عبر التأجيل.. النظام يحاول عزل درعا عن الاحتجاجات
إلى محافظة درعا، شهدت مدينة جاسم شمالي المحافظة وقفة احتجاجية للعشرات من الأهالي قرب دوار أبو تمام، ردّد خلالها المحتجون باستمرارية الثورة وطالبوا برحيل نظام الأسد وإطلاق سراح المعتقلين في السجون، كما شهدت بلدة قرفا أيضًا وقفة احتجاجية رُفع خلالها شعارات مناوئة لنظام الأسد، بينما كتب محتجون شعارات تطالب برحيل نظام الأسد على الجدران في عدة مدن وبلدات في ريف المحافظة.
وأطلقت الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد الرصاص على المحتجين في مدينة طفس التابعة لمحافظة درعا، كما تعرضت المدينة لقصف ليلي أثناء تظاهرة مسائية ليل الثلاثاء/ الأربعاء نظمها أبناء المدينة، للمطالبة برحيل نظام الأسد عن السلطة.
وفي سابقة جديدة، بدأت شعبة التجنيد في منطقة الصنمين شمالي درعا منح التأجيل للمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية، بعد مرور أشهر على إجرائهم للتسوية الأخيرة التي انضمَّ إليها أكثر من 12 ألف شاب بغية الخروج من البلاد.
واعتبر “تجمع أحرار حوران” أن هذه الخطوة تأتي في وقت تعيش فيه المنطقة الجنوبية حالة من الغليان الشعبي على وقع الواقع المعيشي المتردي في البلاد، مشيرًا إلى أن نظام الأسد يعتمد منذ اندلاع الثورة السورية على تقديم مزايا في بعض المناطق لإيقاف الحراك.
تفريق المتظاهرين واعتقالات في حلب
شهدت عدة أحياء في محافظة حلب أقصى شمال البلاد احتجاجات شعبية مسائية ليل الأربعاء/ الخميس، طالب فيها المتظاهرون بتحسين أحوالهم المعيشية والاقتصادية ورحيل نظام الأسد عن السلطة، لكنها قوبلت بالردّ المباشر من الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية لنظام الأسد في المدينة.
ونقل موقع “تلفزيون سوريا” عن مصادر محلية “أن المظاهرات خرجت في أحياء الفردوس والسكري وصلاح الدين وسط استنفار الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد”، مضيفًا “أن الأجهزة الأمنية استقدمت مدرّعات لتفريق مظاهرة حي الفردوس”.
وعلى خلفية الاحتجاجات التي فرّقتها الأجهزة الأمنية، فقد شنّت الأخيرة حملة اعتقالات مباشرة طاولت عددًا من الشبان في الأحياء التي شهدت حراكًا سلميًّا، واعتقلت أكثر من 40 شخصًا من حيَّي السكري والفردوس، مع انتشارها في الشوارع والطرقات بكثافة.
https://twitter.com/the14account/status/1694649315115868335
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مصورة قائلين إنها من تظاهرات أحياء حلب الشرقية ليلة الخميس، إلا أنها قديمة، بينما التظاهرات الحالية لم تنشَر على الإنترنت بسبب مهاجمة الأجهزة الأمنية والميليشيات للمتظاهرين، ما تسبّب في تفريق المظاهرات على الفور.
ونشرت “جريدة الوطن” الموالية مشهدًا مصورًا من حي الفردوس في حلب تظهر فيه حالة الاستقرار، وتنفي من خلاله التظاهرات الشعبية، في وقت شكّك فيه العديد من الناشطين في محاولات نظام الأسد اعتماد حالة التعتيم والتكتم الإعلامي السابقة، للسيطرة على الشارع السوري الذي يشهد حالة من الغليان الشعبي غير المسبوق.
تعزيزات قوات النظام في ريف دمشق
إلى ريف دمشق، عقد وجهاء بلدة زاكية في الغوطة الغربية أمس الأربعاء اجتماعًا مع قادة الفرق العسكرية وضباط من الأجهزة الأمنية، لمناقشة مطالب الأهالي وإعادة تسوية أوضاع بعض المطلوبين، بعدما انتشرت صور تظهر عبارات مناهضة لنظام الأسد على جدران البلدة السبت الماضي.
وعلى خلفية ذلك، أرسلت الأجهزة الأمنية والفرق العسكرية تعزيزات عسكرية عززت وجودها على الحواجز ومحيط البلدة، بهدف إحكام القبضة الأمنية ومنع الأهالي من الاحتجاج على الواقع الخدمي والاقتصادي الذي يعصف بالبلاد.
مظاهرة في بلدة الحصان في ريف دير الزور تضامناً مع الحراك الثوري في الجنوب السوري في درعا والسويداء#خلاص_سوريا_بإسقاط_الأسد#ثورة_لكل_السوريين pic.twitter.com/VeRJT729RG
— يحيى العريضي (@yahya_alaridi) August 24, 2023
وفي مدينة جرمانا في ريف دمشق كثّفت الأجهزة الأمنية من انتشارها عقب تظاهرات متكررة شهدتها المدينة للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي في البلاد، أما في بلدة كناكر جنوبي دمشق عقدت الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد اجتماعًا مع وجهاء البلدة والفعاليات الشعبية في مقر اللواء 121، للوقوف على المطالب الشعبية لتحسين واقع الخدمات وإجراء التسويات والمعتقلين.
إلى ذلك، يحاول نظام الأسد تكثيف وجود الأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة له داخل الأحياء السكنية في المدن السورية، بغية منع الاحتجاجات وسط دعوات للتظاهر غدًا الجمعة في عموم المحافظات السورية تحت عنوان “ثورة لكل السوريين”.