ترجمة حفصة جودة
حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن مستودع السكة الحديد في بلغراد – المتجمد القذر – أصبح مأوى لأكثر من 2000 شخص يحاولون الاحتماء من مخاطر الشتاء الصربية العنيفة، ليصبح المكان “كاليه” آخر للاجئين والمهاجرين الذين تخلت عنهم السلطات الأوروبية، الأطفال هناك بعمر الثمانية يكافحون للبقاء على قيد الحياة في درجة حرارة وصلت إلى 16 درجة تحت الصفر هذا الأسبوع مع عدم وجود مياه جارية أو صرف صحي.
في عيادة بلغرد التي أنشأتها جمعية خيرية، قال الأطباء إنهم وجدوا المرضى مصابين بقضمة الصقيع وحروق ناتجة عن استنشاق الدخان السام، حيث إنهم يقومون بحرق أي شيء يستطيعون العثور عليه للبقاء دافئين، مع وجود عشرات المشاكل الطبية الأخرى.
قدرت منظمة أطباء بلا حدود أن نحو 2000 شخص يعيشون في المخازن والمباني المحيطة بمحطة القطار الرئيسية في المدينة، وقالت إن ما يقرب من نصف المرضى أعمارهم أقل من 18 عامًا، وحذر أندريه كونتينتا موظف الشؤون الإنسانية في أطباء بلا حدود بصربيا من أن صربيا تجازف بالتحول إلى منطقة غرق، و”كاليه” جديد يصبح الناس عالقين ومحاصرين فيه.
بالنسبة لصربيا فهي ليست جزءًا من الاتحاد الأوروبي، لكنها تجاور العديد من دول الاتحاد مثل المجر وبلغاريا ورومانيا، وأصبحت نقطة عبور رئيسية لهؤلاء الذين يرغبون في بدء حياة جديدة في أوروبا الغربية.
كانت صربيا قد حازت على الثناء نتيجة معاملتها للاجئين، لكن أعداد العالقين هنا أصبحت كبيرة مع محاولة الاتحاد الأوروبي لإغلاق طرق البلقان وتشديد مراقبة الحدود، وأصبحت المخيمات مكتظة بشدة مع وصول الكثير من اللاجئين بشكل يومي، وعلى الرغم من أنهم يأملون في النهاية الانتقال من صربيا، فإن الكثير منهم ما زالوا عالقين منذ أشهر بعد عدة محاولات فاشلة للعبور إلى الاتحاد الأوروبي.
يقول كونتينتا: “لا يمكن الاستمرار في تجنب الحديث عن الواقع، فطريق البلقان لا يزال مفتوحًا، لكن الناس عالقين لأن طريق السفر ليس آمنًا، تقول التقديرات غير الرسمية إن هناك نحو 8000 لاجئ عالقون في صربيا”.
أحد الأشخاص يقوم بجمع المياه خارج المستودع الذي يعيش فيه
تم تسليط الضوء على الظروف المروعة التي يعاني منها اللاجئون خارج المخيمات الحكومية هذا الأسبوع، بعد موجة الثلج الشديدة التي عرضت حياة الناس للخطر، وحصلت منظمة أطباء بلا حدود على الإذن لمحاولة تدفئة أماكن اللاجئين المهجورة حيث لا يوجد زجاج أو جدران والأسقف مثقوبة.
تقول جيما غيلي – المتحدثة باسم منظمة أطباء بلا حدود -: “كانت الحرارة قد وصلت إلى 16 تحت الصفر في الخارج ونجحنا في العثور على مستودع تصل درجة الحرارة فيه إلى 1 تحت الصفر، لا يوجد هنا صرف صحي، وكنا قد قدمنا طلب إنشاء مراحيض ودورات مياه للحكومة الصربية منذ شهر، لكن لم يتم الموافقة عليه بعد”.
لقد أزهق البرد العديد من الأرواح بالفعل، وقال ويليام لاسي سوينج – رئيس المنظمة الدولية للمهاجرين بالأمم المتحدة – إنه يجب أن يقوم القادة بالتركيز على محنة اللاجئين والمهاجرين في المؤتمر الاقتصادي بدافوس المقرر انعقاده نهاية هذا الأسبوع، يجب عليهم التفكير في أعداد اللاجئين الضعفاء المتزايدة والذين تجمدوا حتى الموت مع موجة البرد الحالية، واحتمالية وجود العديد منهم في مجموعة من المستعمرات البدائية”.
تم استخدام المخازن كمأوى مؤقت خلف محطة القطار الرئيسية في بلغراد، وهي منطقة مهجورة تنتشر بها القمامة والوحل والطين اللزج، وتم العثور على كتابات الجرافتي على بعض الجدران، تقول بعض الكتابات على جدار نادي السكة الحديد السابق: “لا أحد يترك الوطن إلا إذا كان الوطن هو فم سمكة القرش”، “نحن عاجزون”، “من فضلكم لا تنسونا”.
هناك كان الهواء معبأ بدخان العشرات من الحرائق على عوارض السكة الحديد الملطخة بالقطران والوقود السام، وأخبرنا أحد الأطفال 8 أعوام والذي يرشد الزوار أنهم يعيشون هنا، كان بعض اللاجئين قد وضعوا خيامًا صغيرة داخل المستودع بجوار النفايات، بينما قام آخرون باستخدام ألواح خشبية والمكتبات الفارغة والأبواب لإغلاق منطقتهم من الأرض الموحلة.
أشخاص يغتسلون أمام أحد المستودعات، بعد أن علقوا في صربيا في أثناء رحلتهم إلى أوروبا
يقول شامير خان، باكستاني 22 عامًا، والذي كان يعيش في بلدة السدة الباكستانية وهي تقع على الحدود مع أفغانستان وكان يعمل في مجال حقوق الإنسان قبل أن يفر من البلاد: “ليس هناك مكانًا للنوم، لا يوجد طعام جيد أو مكان للاستحمام، هناك العديد من المرضى ولا يوجد دواء”.
قال بيتر فان دير منسق البلقان الغربية في منظمة الهجرة الدولية إن الحكومة الصربية عرضت توفير أماكن لاستقبال كل شخص يعيش في المستودعات، لكن العرض قوبل بالرفض، وعلى الرغم من أن الظروف لم تكن مثالية في تلك الأماكن فإنهم أكدوا أن اللاجئين سوف يحصلون على حماية أساسية من البرد، ويخشى فان أن يتم استغلال اللاجئين للحصول على المال ولأغراض سياسية.
يقول فان إن الناس يرفضون الانتقال لعدة أسباب بناءً على قصص اللاجئين، حيث يقولون إن المهربين يتسللون إلى تلك المراكز ويهددون الناس هناك، ويقولون أيضًا إن الذهاب هناك يعني أنهم لن يستطيعوا الذهاب إلى أوروبا أبدًا، هناك بعض الناشطين المتطرفين الذين يرددون الكلام ذاته، حيث يخبرون اللاجئين بأن يظلوا في أماكنهم حتى ترى أوروبا ما يحدث لهم، ويرى فان أن هؤلاء اللاجئون يتم استغلالهم من أجل قضايا سياسية.
أما اللاجئون فقد أفصحوا عن أسباب رفضهم الانتقال للمخيمات الرسمية بقولهم إنها مغلقة أو للعائلات فقط، ولكن السبب الأهم أنهم يخشون ترحيلهم إلى بلغاريا أو مقدونيا، يقول خان: “لدينا الكثير من المشاكل في بلغاريا مع الشرطة والناس، كما أن هناك المافيا التي خطفت العديد من الناس”.
عندما حذرت الأمم المتحدة من أن الدول الأوروبية تسيء معاملة اللاجئين في هذا الطقس البارد، كان 3 من 5 أشخاص قد ماتوا، موجودين في بلغاريا، ولذا اصبحت هذه الدولة سيئة السمعة بالنسبة للاجئين وحماعات حقوق الإنسان، لأنها تسيء معاملة المهاجرين، والذين وصلوا إليها من الحدود مع تركيا، أو ممن تم ترحيلهم من دول الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية دبلن، هذه الاتفاقية التي تقول إن طالبي اللجوء للاتحاد يتم ترحيلهم إلى البلد التي وصلوها أولاً.
يقول دانييل سميلوف مدير البرامج بمركز الاستراتيجيات الليبرالية ومقره في صوفيا: “تقوم بلغاريا بتسجيل اللاجئين منذ وصولهم أول مرة إليها، وهذا يعني أنها أول بلدة وصلوا إليها، وحتى لو ذهبوا إلى بلاد أخرى فمن الممكن إعادتهم إليها بموجب القانون”.
كانت قوات الأمن الرسمية وجماعات الثأر من المواطنين قد تم اتهامهم بالوحشية مع اللاجئين، لذا فإن الأشحاص الذين يعبرون البلاد يكونون حذرين عند طلب المساعدة أو محاولة العثور على مأوى.
المصدر: الغارديان