بينما تسعى مصر وحكومتها لجذب المستثمر الأجنبي بشتى الوسائل والطرق أظهرت أرقام عربية أن المستثمر المصري خرج يبحث عن أرضٍ أخرى يستثمر فيها، حيث رصدت أرقام رسمية في الإمارات زيادة استثمارات المصريين في قطاع العقارات في إمارة دبي لتتجاوز 2.4 مليار درهم خلال العام الماضي 2016.
الأرقام تبين أن المستثمرين المصريين تصدروا أعداد المستثمرين العرب في عقارات دبي خلال العام الماضي بنحو 1.36 ألف مستثمر، ثم الأردن بنحو 1.23 ألف مستثمر بقيمة بلغت 2.5 مليار درهم.
وبلغت إجمالي قيمة الاستثمارات في عقارات دبي خلال العام الماضي نحو 91 مليار درهم تم ضخها عبر 42 ألف مستثمر، وحسب التقارير السنوية لدائرة الأراضي في دبي فقد تم إطلاق مشاريع جديدة بقيمة 100 مليار درهم من قبل المطورين العقاريين لتلبية الطلب المتزايد في الإمارة.
بلغت إجمالي قيمة الاستثمارات في عقارات دبي خلال العام الماضي نحو 91 مليار درهم
خروج المستثمر المصري
بينت الأرقام الواردة في دائرة أراضي دبي عن حركة نزوح كبيرة في أموال المستثمر المصري نحو الخارج بغرض الاستثمار في قطاع العقارات، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية لجذب المسثتمر الأجنبي تجد فيه مستثمرها الوطني يغادر البلد مع أمواله، فهل بات على الحكومة أن تقنع ابن البلد أن يبقى فيها قبل أن تجذب المستثمر الأجنبي؟!
خيار الأسواق الخارجية بالنسبة للمستثمر المصري تصدر أولوياته نتيجة جملة من العوامل السياسية والاقتصادية التي ضربت مصر في العام الماضي، فما يهم المستثمر عمومًا والعقاري خصوصًا أن يستثمر في أصل مالي يضمن أنه سيحافظ على قيمته ويرتفع أكثر من نسبة التضخم الموجودة في البلد المستثمر فيه، وغير ذلك فلا حاجة لبذل المال في هذا الاستثمار! وحتى يحافظ العقار على قيمته المالية يجب أن تكون ظروف البلد الاقتصادية والسياسية ومنخاها الاستثماري يسمح بذلك.
تصدرت مصر أعداد المستثمرين العرب في عقارات دبي خلال العام الماضي بنحو 1.36 ألف مستثمر بقيمة بلغت أكثر من 2.4 مليار درهم
العام الماضي 2016 بالنسبة للاقتصاد المصري كان من أسوأ الأعوام على الاقتصاد حيث تمخض عن الحكومة قرارات عديدة أسفرت عن تغييرات جذرية على الصعيد الاقتصادي العام، فبدءًا من قرض صندوق النقد الدولي وشروطه المفروضة على الحكومة ومن ثم أزمة النقد واحتياطي النقد الأجنبي وتعويم سعر صرف الجنيه الذي قفز إلى نحو 19 جنيهًا في البنوك مرتفعًا من 8.88 جنيه مقابل الدولار قبل التعويم.
وارتفاع المعدل العام في أسعار السلع والخدمات عن الحد المعقول ولحقها ارتفاع في أسعار الأراضي ومواد البناء والأيدي العاملة، إذ وصل معدل التضخم السنوي إلى 25.86% حسب بيانات البنك المركزي المصري، ومن جهة أخرى فقد ارتفع سعر الفائدة عدة مرات خلال العام الماضي ووصل إلى 15.75% وهذا من شأنه أن يزيد من كلفة الاقتراض بشكل كبير ويحد من الاستثمار في الأسواق المحلية.
وتخلي الحكومة عن سياسة الدعم وارتفاع في معدلات البطالة والفقر واضطراب السوق المحلية بسبب غياب الشفافية في التعاملات الحكومية وتعقيدات في بعض البنود القانونية والتنظيمية التي نفرت المستثمر.
ويضاف لذلك كله غياب الاستقرار السياسي وظهور نداءات بين الفترة والأخرى للخروج في مظاهرات ضد النظام الحاكم، تبعها أيضًا اعتقالات تعسفية من قبل الحكومة واستمرار المحاكمات الجائرة وممارسات حكومية غير منصفة أدت لاضطرابات بشكل أو بآخر في مناخ الاستثمار العقاري في البلاد ونفرت المستثمر منها.
وفوق كل هذا فإن توجهات الحكومة المصرية وإجراءاتها لا تنم عن تنمية اقتصادية في البلاد لتشجيع المستثمر المحلي للبقاء أو الأجنبي للقدوم، حيث بلغت نسبة الدين العام على الناتج المحلي قرابة 119% بسبب توسع الحكومة في الاقتراض المحلي والخارجي وهذا التوسع برأي خبراء يدخل مصر في دائرة “الخطر المالي” علمًا أن هذه الديون كانت ستكون مفيدة جدًا لو تم توجيهها إلى قنوات استثمارية لتحقيق عائد اقتصادي واجتماعي للبلاد.
توجهات الحكومة المصرية وإجراءاتها لا تنم عن تنمية اقتصادية في البلاد لتشجيع المستثمر المحلي للبقاء
ويرى الاقتصادي المصري عبد الحافظ الصاوي أن “واقع الديون في مصر يجعل الحديث عن تحقيق تنمية حاليًا أو مستقبليًا نوعًا من الخيال لا تبرهن عليه حقائق ولا تعكسه شواهد من حياة الناس”.
وعلى الرغم من أن الإمارات تعتبر داعمة كبيرة لمصر، وشركاتها العقارية طرحت مشاريع كبيرة بالتعاون مع الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية، فإن معظمها لم ينفذ كما حصل مع مشروع المليون شقة ومشروع العاصمة الإدارية ومشاريع أخرى بسبب التعقيدات القانونية والخلافات مع مؤسسة الجيش المصرية المتجذرة في جميع القطاعات الاقتصادية في مصر ومحاكرتها للشركات الأجنبية لمقاسمتها الاستثمار، وهو سبب وجيه لخروج مطوري العقارات الإماراتيين عائدين إلى بلدهم ليلحقهم بعد ذلك المستثمر المحلي المصري ويستثمر في الإمارات.