تختم مدينة دوز الصحراوية، جنوب تونس، مساء اليوم، الدورة الـ49 للمهرجان الدولي للصحراء، فعلى مدى 5 أيام كانت مدينة دوز (تابعة لمحافظة قبلي 500 كلم جنوب تونس العاصمة)، ملتقى عشّاق الصحراء وفنونها الشعبية من الفروسية والعكاظية الشعرية والأعراس التقليدية.
تظاهرة ثقافية تاريخية في عمق الصحراء التونسية تحتفي بمعاني الحياة البدوية والإسهام الإنساني في ربوع الصحراء، يقدّم القائمون عليها لزوارها القادمين من داخل تونس وخارجها أنشطة عديدة تحاكي الصحراء والحياة البدوية لسكانها مثل سباق للخيل ومسابقات الصيد بكلاب السلوقي والأعراس التقليدية.
تستقبل “بوابة الصحراء”، دوز، خلال أيّام مهرجانها الدولي للصحراء، الآلاف من السياح من المدن الداخلية لتونس ومن خارجها خاصة من الجزائر
ويعود تاريخ المهرجان الدولي للصحراء بدوز لسنة 1910، وكان يحمل اسم “عيد الجمل”، خلاله كانت فرنسا (استعمرت تونس من سنة 1881 إلى 1956) تختار أفضل الخيول والجمال وكذلك الرجال من أجل إلحاقهم بجيشها، كان مهرجانًا محليًا فأصبح وطنيًا ثمّ دوليًا في العقود الأخيرة.
جانب من جمهور المهرجان
وتستقبل “بوابة الصحراء”، دوز، خلال أيام مهرجانها الدولي للصحراء، الآلاف من السياح من المدن الداخلية لتونس ومن خارجها خاصة من الجزائر، للاستمتاع بالحياة البدوية والتعرف على عادات وتقاليد المنطقة، بلال (32 سنة)، أحد السياح الجزائريين الذين قدموا إلى تونس رفقة أصدقائه لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بمدينة دوز ومواكبة فعاليّات المهرجان، قال لنون بوست: “للمرة الثانية أحضر إلى دوز لمتابعة المهرجان، المرة الأولى كانت قبل سنوات مع العائلة، وهذه المرة اخترت العودة مع أصدقائي”، ويتابع بلال “كلّ مرّة أكتشف شيئًا جديدًا في الصحراء”.
في كل عام وعلى مدى أيام عدة، يلتقي الزوار من داخل البلاد وخارجها على أبواب صحراء تونس يتذكرون تقاليد تلك الربوع وثقافتها، وفي ساحة حنيش وسط الصحراء على بعد كيلومترين من وسط المدينة، يجتمع عشرات الآلاف من الجماهير لمواكبة عروض الفرق الفلكلورية التي قدمت من عدة دول عربية وغربية، من بينها الأردن وبلجيكيا وفرنسا ومصر وليبيا، عروض تحاكي الحياة البدوية وترجع بالذاكرة إلى سنوات خلت.
سباق الفروسية
إلى جانب هذه العروض، كان الجمهور على موعد مع مسابقات الفروسية واختيار أحسن جواد في الدورة الـ49 للمهرجان، وتصف سيرين (25 سنة)، إحدى التونسيّات القادمات من مدينة نابل (شمال)، أجواء المهرجان بالرائعة، وقالت سيرين في حديثها لنون بوست: “الأجواء في قمة الروعة، أشياء لا تصدق لم أشاهدها من قبل، أتمنى أن أعود إلى هنا”.
يطلق على مدينة دوز، إضافة إلى لقب “بوابة الصحراء”، لقب “مدينة العشرة آلاف شاعر”
إضافة إلى عروض الفرق الفلكلورية والفروسية، يجد عشاق الشعر ومحبوه العرب والتونسيين، ضالتهم في مهرجان دوز، حيث تلتئم فعاليات العكاظية الشعرية التي يشارك فيها العشرات من الشعراء والأدباء من تونس والخارج.
ويطلق على مدينة دوز، إضافة إلى لقب “بوابة الصحراء”، لقب “مدينة العشرة آلاف شاعر”، إذ يعتز أهالها بالمحافظة على التراث الشعري القديم وإحيائه سنويًا في مهرجانهم الدولي الذي يحضره الشعراء والمفكرون من كل الأنحاء، وعرفت مدينة دوز والقرى المجاورة لها بإنجاب مئات العشراء، فالجميع في هذه المنطقة يقول شعرًا ويتكلم شعرًا.
وتعتبر العكاظية الشعرية من الفقرات الأساسية للمهرجان وانقسمت خلال هذه الدورة الى فرعين المسابقة الرسمية واليوم المفتوح للشعر الغنائي، ففي المسابقة الرسمية يطلب من الشعراء اختيار موضوعيْن اثنيْن من المواضيع الأربع المطروحة لكتابة قصيدتيْن يلقيهما في إطار المسابقة الرسمية ومواضيع الاختيار هي فلسطين والجرح والرّحيل واليأس، وفي اليوم المفتوح للشعر الغنائي يطلب من الشعراء إرسال قصائد غنائية تعرض صباح اليوم الرابع للمهرجان.
الرقص التقليدي، أحد عروض المهرجان
وتعتبر مدينة دوز التونسية، مخزنًا للتراث الصحراوي والحياة البدوية في شمال إفريقيا، فأهلها ما زالوا يحتفظون بالقيم التراثية للصحراء في مخزونهم الشعري والأدبي، وجمهورها متيم بالتراث البدوي.