“لا دخول إلى سيناء إلا لمواطنيها أو حاملي الكارت الأمني فقط” !
عنوان خبري تصدر الصحف ونقاشات مواقع التواصل الاجتماعي بعد إقرار السلطات المصرية نظام أمني خاص جديد فيما يخص عملية الدخول إلى سيناء بمحافظتيها الشمالية والجنوبية .
اللواء أحمد طايل مدير أمن جنوب سيناء من تحدث عن هذا النظام الأمني فى تصريحات صحفية أوضح أن إجراءات أمنية مشددة أُقِرت تخص العابرين من نفق الشهيد أحمد حمدي الرابط بين شبه جزيرة سيناء ومحافظات مصر الأخرى، تتمثل هذه الإجراءات في “أن يحمل الشخص بطاقة هوية الرقم القومي الصادرة من سيناء أو كارنيه الأمن الصادر من جهة العمل إذا كان موظفًا في جهة حكومية” .
التبرير الأبرز لهذه الإجراءات الجديدة هو منع تسرب العناصر الإرهابية إلى سيناء فضلاً عن العناصر الإجرامية .
في هذا التحقيق المُصغر توثيق وإظهار هل هذا الوضع الأمني جديد على سيناء وكذا تتبع من اُتفق محليًا ودوليًا على نعتهم بصفة الإرهاب أو الإرهابيين الدوليين وعلاقتهم بسيناء، وما مدى تأثير مثل هذه القرارات الأمنية على أيديولجيا تحرك مثل هذه العناصر المقاتلة سواء على المستوى الفكري أو تحركهم الجغرافي ؟
سيناء 2011
شباب مصريين وسوريين وأردنيين في شهر مايو/ آيار أطلقوا دعوة تحت اسم “الانتفاضة الفلسطينية الثالثة”، تهدف الدعوة للوصول من هذه الدول الثلاثة إلى حدود دولة فلسطين المحتلة وإحياء ذكرى الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية، فضلاً عن محاولة عبورالحدود للداخل الفلسطيني – نعم تمامًا كانت على هذا النسق – عبور الحدود.
كنت أحد المشاركين في هذه الدعوة وشاهدًا على تلك الرحلة بأرض سيناء في محاولة الوصول للحدود المصرية الفلسطينية استعدادًا لعبورها .
بدأت الرحلة من مدينة نصر بالقاهرة مع مجموعة من الشباب المصريين احتشدوا في مجموعات صغيرة.
الخُطوة الأولي لمنع هذه الفعاليات من التحرك لداخل سيناء كانت بأن قامت قوات الأمن المصرية بمنع سيارت الأجرة والباصات من حمل أي من المحتشدين في نطاق منطقة المنصة من المتوجهين إلى سيناء أو محافظة الإسماعيلية.
بعقد عدد من الواسطات والاتصالات من مسؤولي الحراك وصلت بعد ثلاث ساعات سيارات أجرة المعروفة في سيناء بالعامية “تمانية راكب” وكذا عدد من الباصات وبدأت كل مجموعة بالتحرك منفردة متفقين على الالتقاء في مدينة العريش المصرية بعد 24 ساعة .
بوابة مدينة الإسماعيلية بحشودها الأمنية كانت مستعدة تمامًا لمثل هذا التحرك، فأوقفت قرابة التسع سيارات ومنعت من فيها من الشباب المشاركين من العبور بعد التأكد من هوياتهم أنهم من خارج سيناء .
سيارتنا اتخذت طريقًا منحرفًا بعد الاتفاق مع السائق بزيادة الأجرة ليتفادى العبور من الكمائن العسكرية للجيش والشرطة، كوبري السلام كان على مرمى البصر منا، في السيارة استعد الجميع للنقطة الأمنية الأهم وهي مدخل سيناء الغربي للناحية الشرقية لنرى مدد الصحراء الذاهب إلى حدود فلسطين المحتلة .
استوقفتنا النقطة الأمنية العسكرية في ارتكاز كوبري السلام الأمني وبالكشف عن الهويات كانت كلها من خارج سيناء، فتم منعنا وفشلت كل محاولات التفاوض للعبور على خلفية أننا طلاب ونقصد مدينة العريش للنزهة وكان منعًا حاسمًا وتهديدًا واضحًا.
لحظة توقيف المجموعة في كوبري السلام
تجمعنا على بعد من هذه النقطة الأمنية، وأشعلنا النار في محاولة البحث عن حل لكيفية العبور إلى سيناء.
“أدم” هو الاسم المستعار الذي وضعته لهذا الشخص الذي أخبرني أنه تواصل مع عدد من معارفة من بدو سيناء، الذين أخبروه بأن يحضر مجموعته الراغبة في العبور إلى “معدية القنطرة “، تحركنا مجموعات ثنائية في سيارات تابعة للبدو وكذا في وسيلة النقل الصغيرة “التوك توك”، نزلنا في إحدى المناطق الصحراوية قبل نقطة تفتيش تسبق منطقة العبارة للجانب الشرقي من قناة السويس.
هذا الظلام في الصور أسفل هذه الأسطر تمامًا ما كنا نسير فيه على غير هدى، فقط اتجاه وهمي نعتقد حسبما أشار السكان المحليون المعروفون لدى أدم بأن نهايته ستأخذنا لمكان دخول العبارة وبالفعل وصلنا على الشاطئ وعبرنا نقطة تفتيش للجيش.
– هوياتكم تقول إنكم خارج سيناء لماذا أنتم عابرون؟! قال الجندي.
– نعمل مع مقاول أبنية من مدينتنا في الجانب المقابل. هكذا أجبت.
حالتنا الرثة من السفر كانت تنبئ بأننا متورطون في مثل هذه الأعمال.
الطريق الصحراوية التي قطعناها قبل العبور للجانب الشرقي
رصيف العبارة للجانب الشرقي لقناة السويس، مدخل سيناء
عبرنا في هدوء أنا وصديقي، نحن الآن في سيناء وبعد ساعة ونصف اكتملت بقية المجموعة وفي أول تحرك لنا باتجاه مدينة العريش طوقت قوات الجيش السيارات بسيارات تابعة للشرطة العسكرية، وفحصوا الهويات.
– أنتم من خارج سيناء! هكذا قال الملازم أول المكلف بالمأمورية.
ألقي القبض علينا قبل أن نكمل الرحلة لداخل عمق أراضي سيناء، في أحد المقرات تم التحقيق معنا لمده ثلاث ساعات ومن ثم أخذتنا مأمورية للجهة الغربية مرة أخرى وسط احتشاد من الأهالي ممن تعالت أصواتهم بأننا إرهابيون قبض عليهم الجيش، هكذا توالت على مسامعنا هذه العبارات ونحن في العبارة بقبضه جنود الجيش!
بعد أن أطلق سراحنا الجيش انضمننا لاعتصام أقامه من لحق بنا من المشاركين عند كوبري السلام ومن منعتهم قوات الجيش من العبور، لمدة يومين يضيق الجيش وقواته علينا الحصار إلى أن تم حصارنا بمسجد على الطريق أُمر باقتحامة في اليوم التالي من قِبل العميد أركان حرب السيد فوزي مصيلحي، وهذه صورته.
اقتحم المسجد وتم القبض علينا وترحيلنا في حافلات الجيش الزرقاء إلى القاهرة.
العميد السيد فوزي مصيلحي قتل بعد ذلك في الثلاثين من يناير/ كانون الثاني عام 2015 في الهجمات التي استهدفت الكتيبة 101.
لم يحن هناك العام 2017 بعد، ولم يكن هناك إقرارًا أمنيًا بهذه الصرامة على منع دخول سيناء تحت أى مسمى قانوني واضح فيما يخص أبناء المحافظت الأخرى، لكننا مُنِعنا لنفس الأسباب – هوايتنا من خارج سيناء -، وكذا وُصِمنا بأننا إرهابيون فقط لأن وجهتنا كانت فلسطين المحتلة.
مؤشر واضح وسط آلاف المؤشرات من قبل هذا القرار الذي صدر منذ أيام بأن سيناء لا يعبر إليها من هم من خارجها أو يمرون من الأصل بشكل نظامي.
ثمة عشرات الحالات التي قمت بتوثيقها بنفسي على مدار سنوات قليلة جميعها يصب في نفس الفكرة وهي منع من هم من محافظات أخرى من العبور أو التضييق عليهم وكذا غالبية ما رصدته من تحركات داخل سيناء تهدف للوصول إلى الحدود كانت تحركات غير قانونية في نظر السلطات الأمنية وقوانينها، شرعية في نظر العابرين إلى أرض سيناء أيًا كان هدفهم.
تركيا 2014
هذه الواقعة التي سأقوم بسردها الآن التقيت مع أحد أطرافها في وقت سابق بعد حدوثها بيوم واحد وثقها ليّ واليوم أُعيد توثيقها في هذا التحقيق بصوته بعد أن تواصلت معه طالبًا منه تسجيل ملخصها صوتيًا مع تعديل بسيط في الصوت وكذا طرحها باسم مستعار.
أبو حسام الشامي، شاب سوري شقيقه قُتل في أثناء الحرب ضد نظام الأسد في سوريا.
ما بين نهاية يونيو/ حزيران وبداية يوليو/ تموز لعام 2014، التقى أبو حسام الشامي بشخص شيشاني الجنسية ملتحٍ قادم من روسيا سأضع له اسمًا مستعارًا هنا هو “أبو الحسن”، وقفت طائرتة في مطار إسطنبول ترانزيت، ومن ثم من المفترض أن تذهب إلى القاهرة.
مندوب بمكتب مصر للطيران في مطار أتاتورك، كان يمانع صعود أبو الحسن الشيشاني على الطائرة المتجهة إلى القاهرة، مجادلًا إياه بأسباب غامضة ولأمور غير واضحة قاصدًا تعطليه ومنعه من السفر.
تحدث أبو حسام الشامي مع الشيشاني الذي كان يتحدث بدوره العربية بشكل بسيط وسأله أبو حسام عن سبب المشكلة ودار بينهما حديث بعد إصرار الموظف على عدم السماح له بصعود الطائرة وفتح جدالًا لتأخيره، أخبره أبو الحسن الشيشاني بعد فقدانه الأمل في السفر أنه كان ذاهبًا إلى مصر ليلتقي بعناصر سيأخذونه لسيناء فترة ومن ثم سيذهب إلى سوريا وهذا هو التسجيل الصوتي لأبو حسام.
ما الذي من الممكن أن يأتي بشيشاني من روسيا وتكون وجهته سيناء في أقصى الشمال الشرقي لمصر في قارة إفريقيا؟
سلسلة من “الجهاديين الأممين” أو حسب تعريفات الولايات المتحدة وروسيا ودول الغرب وكذا بعض الأنظمة العربية “الإرهابيين الدوليين” يتحركون في أيام مختلفة في وضح النهار وبين عتمة الليالي في مطارات دول مختلفة وجهتهم منطقة جغرافية بعينها يذهبون فيها للقتال امتثالًا لأيدولوجيتهم الفكرية وعقيدتهم الدينية غير آبهين بكل الإجراءات الأمنية الممكنة، لم يسمعوا بقرار منع دخول المصريين من غير محافظة سيناء إلى سيناء قبل ذلك بعامين، وإن سمعوا لا يمثل لهم هذا القرار أدنى أهمية فهم محملون بعقيدة أمنية مصحوبة بخبرة واقعية في كثير من مناطق الصراع بأفغانستان وروسيا والشيشان وسوريا والعراق عبر أصدقاء “أبو الحسن” في كل هذه الدول لنفس الهدف وهو القتال.
علينا أن نسأل كم شيشاني أو حتى روسي مُسلم مقتنع بنفس الفكر ويسعى لنفس الهدف لم يُجادله موظف مكتب شركة مصر للطيران في إسطنبول أو غيرها من العواصم المختلفة؟
ثمة جنسيات من شمال آسيا وشرقها لم تسمع هي الأخرى بقرار منع دخول المصريين من غير أهالي سيناء إلى أرض سيناء وعلى حد معرفتي القليلة بهذا المضمار كأن هذا القرار لم يكن على الأقل بالنسبة لمثل هؤلاء.
سيناء 2012
“أبو حذيفة الهذلي” أو “عدي بن صالح بن عبد الله الفضيلي”، هذا هو اسم الشخص السعودي الجنسية وكنيته، وهذا هو الشخص نفسه الذي برز اسمه في هذا العام في الأوساط الإعلامية الجهادية بعد أن نفذ عملية مع مصري آخر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن تلقى تدريبًا في سيناء !
من مواليد مدينة جدة لعام 1990 حاصل على شهادة في المعاملات الإسلامية، له باع في القتال العسكري وكذا له خبرة ليست بالقليلة في محط اهتمامنا في هذا التحقيق وهي عملية عبور الحدود من أجل القتال .
اعتقل في السودان في أثناء محاولتة العبور في طريقه للصومال للمشاركة في القتال الدائر هناك .
في عام 2008 وصل إلى مصر ومن ثم إلى سيناء، بعدها تمكن من العبور إلى قطاع غزة، سافر إلى ليبيا في عام 2011 والتحق بمقاتلي الثورة الليبية ضد نظام القذافي وبعد سقوطه عاد أدراجه إلى سيناء ملتحقًا بما عرف في هذا الوقت بـ “مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس” ومن ثم تلقى تدريبًا في سيناء ونفذ عملية داخل الأراضي المحتلة مع مصري أطلق عليها تنظيم “أنصار بيت المقدس” آنذاك “غزوة النصرة للأقصى والأسرى” عام 2012، وقتل كلاهما في العملية بعد قتل وإصابة عدد من الجنود في جيش الاحتلال.
واحد من الشواهد الأخرى التي تُرسخ أن الطريق لسيناء يتخطى فكرة الكارت الأمني وكذا منع المواطنين غير المنتمية أصولهم لسيناء من العبور إليها، خاصة إلى هؤلاء ممن لديهم رغبة العبور لمهمات قتالية عسكرية، فطرقهم ليست عبر الطرق الرسمية، وحياتهم للعبور إلى هذه المناطق الجغرافية سواء إلى سيناء وغيرها تسير جميعها بشكل غير رسمي حسب قاعدة يتوارثها أكثرهم وهي “طالما أن هناك حدود برية وصحراء لا داعِ للقلق”.
تِكرار لنفس السؤال الذي خص أبو حسن الشيشاني في الجزء السابق من هذا التحقيق، كم شخصًا كأبو حذيفة عبر إلى سيناء واستقر به المقام في وجهتة وهدفه ولم نر وجهه في الإعلام أو أي من الإصدارات الجهادية؟!
سيناء 2016
– عبد الإله محمد سعيد قشطة، فلسطيني الجنسية، من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أعلنت وسائل دعاية تابعة لتنظيم “ولاية سيناء” في شهر ديسمبر من العام 2016 مقتله في سيناء.
– طارق خليل محمود بدوان من سكان دير البلح في قطاع غزة التابعة لمخيم البريج، قُتل هو الآخر في سيناء في أثناء قتاله مع تنظيم “ولاية سيناء” النشط في منطقة الشمال من شبه جزيرة سيناء وأعلن مقتله كذلك في شهر ديسمبر للعام 2016.
– عبد الرحمن أحمد عبد الرحمن أبو مغصيب “أبو بكر الغزاوي” كما قدمتة معرفات إعلامية تابعة لولاية سيناء على شبكات التواصل الاجتماعي وكذا نشطاء آخرين في نعيهم له بعد مقتله في مدينة العريش المصرية في أثناء الهجوم الذي نفذه تنظيم ولاية سيناء على كمين الغاز في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2016.
وهو من قرية المغراقة تقع جنوبي محافظة غزة، مواليد عام 1993.
ليسوا آتين من محافظات الغرب المصري ولا الوادي أو الدلتا، بل من الأراضي الفلسطينية ناحية الشرق، لم يطلبو كارتًا أمنيًا للعبور إلى سيناء ولم ينتظروا معبر رفح المغلق دائمًا لتشديد الحصار لعبور من هم على شاكلتهم في عرف النظام المصري والمصنفين على القوائم بأنهم إرهابيون، وكذلك لم يوقفهم من العبور إلى سيناء إغراق مئات الأنفاق بين قطاع غزة ومصر.
مؤشر آخر أن الطرق إلى سيناء لا تمر فقط عبر نفق الشهيد أحمد حمدي أو جسر السلام، وأن آخرين لم يسمعوا بالكارت الأمني ولن يأبهوا به بعد فرضه وربما لن يمروا أصلًا على الارتكازات العسكرية صاحبة البحث عن الكارت الأمني لدخول سيناء.
– “أبو بكر الهاشمي” وهو شخص معروف بلقب “والي سيناء” الذي أتى خلفًا لأبو دعاء الأنصاري المعروف بلقب “والي سيناء” الأسبق الذي قتل في مواجهة مع قوات الجيش المصري في واحدة من الحملات العسكرية، أشار في صحيفة النبأ التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في حوار معه في ديسمبر عام 2016، حينما سئل: هل باب الهجرة إلى سيناء مفتوح؟! أجاب: “نعم مفتوح بضوابط معروفة لكل من يسعى إلى النفير”.
ثمة عدم اكتراث بكارت أمني لعبور سيناء من عدمه، فالجماعات المسحلة في سيناء تدعو أنصارها لـ “الهجرة والجهاد”، وهم لهم طرقهم في تهريبهم إلى سيناء ومن ثم توطينهم وتدريبهم ودمجهم في المجتمع السيناوي على خلفية ما حدث في مناطق عِدة تعجُ بالصراعات كسوريا والعراق وليبيا.
خلاصة الأمر أن هذا غيض من فيض يتمخض في أرض سيناء وأن شيئًا من هذا التحقيق تحدث عن أن العِقد في سيناء قد انفرط بلا صاحب قادر على جمع حباته، ولن تُجمع مرة أخرى بالصورة التي يراها النظام المصري، وهذا الانفراط ليس وليد اللحظة ولا تلك الأحداث التي تعاظمت في الثلاث سنوات الأخيرة في سيناء بل إن التجهيز لمثل هذا الانفراط قد سبق ذلك بكثير وهو الآن في طريقه للتعاظم أكثر، فمن يريد العبور لسيناء أيًا كان الهدف للقتال أو لتهريب المخدرات والبشر سيتمكن من العبور بلا كارت أمني ودون المرور على نقاط التفتيش الأمنية.
سيناء التي قتل فيها قرابة 1500 شخصًا واعتقل قرابة 3600 في عام 2016 فقط لم تنتظر كارتًا أمنيًا لفرض الأمن أو ضبطه، فالاضطهاد الممارس ضد أهالي سيناء ووصمهم بـ “الإرهاب” متجذر منذ سنوات لا يفتر في ظل أي من الأنظمة المتعاقبة على الحكم في مصر، وأن تفعيل الكارت الأمني هذه الأيام ما هو إلا إجراء أمني لتمديد هالة الإرهاب والأمن، فالأمن أساس المُلك على البلاد والملك مرقع بالثغرات وقد لا يسدها كارت أمني يفرض للتضيق على الضعفاء والمواطنين البسطاء لتعطيل مصالحهم وتوسيع دائرة الاشتباه الأمني وحشد مخازن معتقلات الدولة المصرية بالمشتبه بهم لرفع أعداد ضحاياها من المعتقلين، والمختفين قسريًا ومن ثم قتلهم وتصفيتهم بعد ذلك تغطية على ما يتم ضدها من عمليات مسلحة تخسر فيها عددًا من عناصرها ومعداتها.
هذا في ظل مفارقة تسمح لـ “الإسرائيليين” دخول مصر عبر معبر طابا دون كارت أمني أو حتى تأشيرة دخول وكذا يمكنهم المرور بسيارتهم بلوحات أرقامها التابعة للكيان الصهيوني، فيما جُرِد المصريون من كل حقوقهم ومنعوا منعًا أمنيًا من دخول سيناء، فأصبح العدو له الحق في العبور والتجول بحرية في أرض مُنعت أن تُوطأ من أصحابها خوفًا مما يسمية النظام المصري إرهابًا ويتغافل عنه في جرائمه ضد أهالي سيناء قصفًا وقتلًا.