هل أنت مضياف؟ ماذا عن استضافتك لجنسيات مختلفة من الضيوف أكثر من مرة على مدار الأسبوع، فاليوم يكون في بيتك ماليزيًا، وغدًا يكون ضيفًا أستراليًا، والأسبوع القادم يكون ضيفًا أسود من القارة الإفريقية قادمًا للمبيت في بيتك ليلة قبل أن يبدأ رحلته في الصباح الباكر ذاهبًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
لا يتعلق الأمر بمدى قدرتك على استضافة المسافرين في منزلك فحسب، بل بمدى القدرة على التعرف على العديد من الجنسيات المختلفة، بالإضافة إلى عدد كبير ومتنوع من الثقافات والألوان والجنسيات والعقائد في علاقة قصيرة المدى قد تقتصر على بضعة ساعات يقضيها المسافر في منزلك أو قد تصل إلى عدة أيام.
ربما يقضي الكثير منا حياته دون أن يسافر حول العالم سوى دولة أو اثنتين، ويظل يحلم برؤية المزيد والمزيد إلا أن الفرصة لا تأتي له، ولكن ما رأيك في أن تفعل ذلك وأنت في منزلك! هذه هي الفرصة الذهبية التي يقدمها لك برنامج الكاوتش سيرفينج “Couch Surfing”
ماذا تعرف عن برنامج الكاوتش سيرفنج؟
شعار موقع الكاوتش سيرفنج
الاسم بالعربية يعني المسافر على الكنبة، أي الضيف الذي يحل عليك وتعطيه مساحة لينام فيها والتي تكون في أغلب الأحيان كنبة يتخذها فراشًا له، إلا أن البرنامج لا يختص بتوفير إقامة أرخص من الفنادق للمسافرين حول العالم، فربما واحد من مزاياه أنه يوفر لك فرصة للمبيت في بيت أحد الأشخاص المقيمن في تلك البلد، ولذلك فأنت تتخذ مكانًا لا تدفع فيه مقابل الإقامة، ولكنك أيضًا محاط بمن يعرف البلد جيدًا، وسيكون عونًا لك على معرفتها أكثر وبطريقة أكثر سلاسة.
ربما يعاني الكثير من المرتحلين حول العالم من مضايقات العامة باعتبارهم سائحين لا يعرفون البلد جيدًا، لذا يتعرضون لدفع مبالغ باهظة تزيد كثيرًا عما يدفعه أهل البلد، كما أنهم يعانون من حاجز اللغة، الذي يدفعهم أحيانًا للذهاب في الطريق الخطأ، أو طلب طعام لا يودون تناوله، أو الوقوع في مشاكل مع السكان المحليين للبلد.
يحاول برنامج الكاوتش سيرفنج الحد من كل ما سبق، فهو يساعدك على الاتصال بشخص من المحليين عن طريق موقع على الإنترنت أو تطبيق على جهازك المحمول، في البداية يجب على المسافر تكوين حساب شخصي له يحتوي صورته وأغلب المعلومات عنه، كما يجب على من يستعد في استضافته فعل نفس الشيء، وبالتالي يكون عند كليهما خلفية عن شخصيات بعضهما، وبعد ذلك يرسل المسافر طلبًا للمقيم فيه معلومات عنه وغرضه من السفر والمدة التي يحتاج المبيت فيها وعلى أساسه يقبل المقيم أو يرفض.
يمكن للمسافر أن يقرأ تعليقات من سبقوه في المبيت عند الشخص الذي اختاره المسافر للمبيت عنده، حينها يكون فكرة عامة عن انطباع المسافرين أو الكاوتش سيرفرز عنه وعن بيته وعن استضافته للمسافرين، فيحق للمسافر كتابة ما يحلو له عن المقيم الذي يستضيفه، وعلى أساسه يملك المستضيف حسابًا قويًا على موقع الكاوتش سيرفينج يؤهله لاستضافة المسافرين.
قصة تجربة أحد المسافرين مع الكاوتش سيرفنج
يقول روس جيننينجز إسكوتلندي يقيم في بريطانيا لنون بوست بأنه يستطيع أن يصف نفسه بأنه رحالة، فهو يسافر طول الوقت، ويقوم بالتصوير السياحي كمهنة متنقلة معه، بالإضافة إلى شغفه في العزف على آلة “مزمار القربة”، وهي آله من آلات النفخ، حول العالم أجمع، يعمل روس كوسيط في مواقع التواصل الاجتماعي، فعمله كوسيط بالإضافة إلى التصوير السياحي سهل له فكرة العمل عن بعد وتحقيق هدفه في السفر حول العالم كذلك.
عندما سألنا روس عما يمثل له الكاوتش سيرفينج، أجاب بأنه يصف نفسه بأنه “كاوتش سيرفر” منذ عام 2010، حيث يستخدم الموقع في أثناء رحلاته حول العالم لكي يجد إقامة رخيصة ويكون على تواصل أكثر بالسكان المحليين، فيستكشف البلد بشكل أفضل، ويتعرف على ثقافة أهلها بشكل أكبر من السكان أنفسهم.
روس وهو يعزف في سلوفاكيا
يقول روس بأنه كان طالبًا في جامعة “إيدينبيرج” في إسكوتلندا، حيث حالفه الحظ أن يستأجر مع زملائه في الجامعة بيتًا واسعًا، أتاح لهم الفرصة أن يستقبلوا المسافرين حول العالم فيه للمبيت من أجل التعرف على ثقافات مختلفة وقضاء وقت ممتع معهم، حيث كان يمتلئ البيت أحيانًا بثمانية مسافرين في نفس الوقت، إلا أن روس وأصدقاءه لم يتذمروا من ذلك، بل على العكس كانت تجربة مثيرة له أن يحظى بيته بهذا العدد من الجنسيات المختلفة في نفس الوقت، كما تعرف روس على المدينة التي يعيش فيها في أثناء تجواله مع المسافرين بشكل أفضل مما كان يفعله وقت كان طالبًا فيها.
يرى روس أن الكواتش سيرفنج تجربة عبقرية للتعرف على ثقافات أخرى وأن تثرى تجربة السفر الخاصة بالمرتحل، فتكون مغامرة غنية بالتجربة والمعرفة، فكون المرء مرتحلًا مع أحد السكان المحليين، يجعله منفتحًا علي تجربة الحياة في تلك البلد كواحد من أهلها.
رابط إنستغرام الخاص بروس
ربما يبدو الأمر مربكًا ومحفوفًا بالمخاطر بالنسبة للكثيرين، فربما يختار المرء شخصًا للمبيت في بيته وينتهي الأمر بإيذاء أو سرقة للمسافر، لا يمكن إنكار حوادث كتلك، إلا أن الزمر كله يعتمد على اختيار المسافر لمستضيفه، فيجب على المسافر قراءة كل سطر مكتوب في حساب المستضيف الشخصي، كذلك عليه أن يقرأ كل الآراء التي يتركها مسافرون قاموا بالمبيت هناك من قبل، كما يجب على المسافر أن يختار من تكون له خبرة طويلة في الكاوتش سيرفنج وليس حديث الاشتراك به، حينها يقلل المرء من احتمالية كون تجربة الكاوتش سيرفنج تجربة سيئة.
يقوم الكاوتش سيرفنج على تجربة العلاقات قصيرة المدى، فهو يقيم علاقات عابرة مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم، لا ترقى إلى مستوى الصداقة، إلا أنه يمنح المستضيف فرصة السفر مع كل مسافر إلى بلده، حيث ينقل المسافر خبراته عن طريق القصص التي يرويها، بل ويجلب معه هدايا من بلده لمستضيفه، فربما لا يسافر المرء أبدًا إلى نيويورك في حياته، ولكن لو استضاف كاوتش سيرفر أمريكي، ربما تأتي نيويورك إليه وهو جالس في منزله!
الترحال مع الآخريين أمر مدهش، لا سيما أنك تعيش حيوات وقصص أخرى بجانب قصتك أنت، وتندهش معهم للمرة الثانية بعد اندهاشك بتلك الأماكن التي يرووها هم للمرة الأولى وربما تراها أنت للمرة العاشرة، تجد في الأمر تفاصيل جديدة ربما لم تخطر على بالك من قبل رغم مرورك بتلك الأماكن عشرات المرات، إلا أن الناس محيرون للغاية، وغاية المرتحل كشف أسرار تلك الحيرة في اكتشاف الناس والأماكن، وربما يكون الكواتش سيرفنج واحدًا من أفضل تلك الوسائل لتحقيق تلك الغاية.