ترجمة وتحرير نون بوست
ظهر ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بشكل مفاجئ في الحفلات الموسيقية، مما أثار حفيظة مفتي المملكة العربية السعودية الذي اعتبر أن مثل هذه التصرفات تفتح الباب أمام المحرمات.
تجمع آلاف السعوديين في نهاية السنة الماضية في قاعة العروض، بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي تقع على ضفاف البحر الأحمر، وعلى بعد 150 كم من مدينة جَدّة، بغرض متابعة عرض لساحرينِ أمريكيّينِ.
واللافت في الأمر، أنّ هذا العرض أقيم في مملكة معروفة بمواقفها المتشددة والمناهضة لمثل هذه الفعاليات، إلا أنه مع هذا العرض ظهرت بوادر ثورة جديدة، تمهد الطريق لإضفاء روح الحداثة على المملكة.
ومن جهة أخرى، فقد قدم عدد من الفنانين عروضًا فنية في العاصمة السعودية “الرياض”، التي تعتبر أكثر المدن السعودية تشددًا، وحضر هذه العروض عدد من العائلات السعودية، نساءً ورجالاً، رغم أن المملكة معروفة بمنع الاختلاط.
من المعروف أن الملك السعودي الملقب بـ”خادم الحرمين الشريفين” يفرض نفوذه على كامل المملكة، نظرًا لشرعيته الدينية المطلقة التي يتمتع بها
ويشار إلى أن هذه الفعاليات من تنظيم “الهيئة السعودية العامة للترفيه”، التي أنشئت في شهر أيار/ مايو عام 2006م، ووضعت برنامجًا لتطوير صناعة الترفيه في أفق سنة 2030م، بدعم من نائب ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج يقوم على بناء متنزهات ومراكز ثقافية، كما يهدف إلى إعادة الفنانين السعوديين إلى بلادهم، ورغم هذه الإصلاحات، فإن الوقت لم يحن لصعود المرأة على خشبة المسرح.
يعكس هذا الصراع التناقضات في المملكة، حيث يحكم الملوك الشيوخ المجتمع الشاب منذ زمن طويل
ويرفض مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ، البالغ من العمر 74 عامًا، هذه الخطط الهادفة لإجراء إصلاحات اقتصادية، وإضفاء روح الحداثة على المجتمع المحافظ.
ويشار في هذا الجانب، أن المفتي حذر في نهاية الأسبوع الماضي، على شاشة التليفزيون، من أن الحفلات الغنائية والسينما مفسدة للمجتمع، لأنها “تدمر الأخلاق، وتدعو للاختلاط بين الجنسين”، كما أعرب آل الشيخ عن أمله في عدول الهيئة العامة للترفيه عن برنامجها، الذي “يفتح الباب أمام الشيطان”.
ويعكس هذا الصراع التناقضات في المملكة، حيث يحكم الملوك الشيوخ، منذ زمن طويل، المجتمع الشاب، الذي يبلغ معدل الأعمار فيه 25 سنة، ومن الواضح أن الشباب السعودي لا يقتصر على الإبحار عبر شبكة الإنترنت، بل أصبح يعتمد على تبادل المعلومات عبر الهواتف المحمولة أيضًا.
ومن الملاحظ أن الأمير محمد بن سلمان يعتبر برنامجه وأفكاره المتحررة مرآة لتطلعات الشباب السعودي، رغم خلافه مع السلطة الدينية المتشبثة بالفكر “الوهّابي”، المتأصل في المملكة منذ قرون طويلة.
كما أنه من المعروف أن الملك السعودي الملقب بـ”خادم الحرمين الشريفين” يفرض نفوذه على كامل المملكة، نظرًا لشرعيته الدينية المطلقة التي يتمتع بها.
يرفض الأمير الشاب تلك الأفكار “الوهابية” ويتشبث بضرورة التحاور مع رجال الدين، قصد إضفاء روح الحداثة على المملكة، وفي هذا السياق، صرح الأمير محمد بن سلمان لمجلة “فورن أفيرز” الأمريكية بأنه يصعب التحاور مع القليل من المتشددين الذين يجب تجنبهم، عوض إجبارهم على تغيير رأيهم بطريقة عنيفة.
ويذكر أن الأمير محمد بن سلمان قام في شهر نيسان/ أبريل الماضي بالتقليص من مهام الشرطة الدينية، التي تلاقي الرفض بين صفوف عدد كبير من الشبان السعوديين.
2017 “سنة الترفيه”
دعا الرئيس التنفيذي “للهيئة السعودية العامة للترفيه” عمر المدني، إلى تنظيم تظاهرة “2017، سنة الترفيه”، وأكد المدني في هذا الصدد بأن الهيئة أعدت رزنامة تضم التظاهرات المزمع تنظيمها لغاية شهر يناير/ كانون الثاني المقبل، ومن بين التظاهرات التي سيتم تنظيمها، حفل موسيقي يحييه الفنان السعودي محمد عبده في الأيام المقبلة، بمدينة جَدّة.
قدم عدد من الفنانين عروضًا فنية في العاصمة السعودية “الرياض”، التي تعتبر أكثر المدن السعودية تشددًا، وحضر هذه العروض عدد من العائلات السعودية، نساءً ورجالاً، رغم أن المملكة معروفة بمنع الاختلاط
وفي الحقيقة، كان السعوديون في السابق مضطرين للسفر إلى مدن ودول أخرى كالبحرين ودبي وأبو ظبي والقاهرة وبيروت، قصد الترويح عن النفس، إذ إنهم يدفعون ما يعادل 20 مليار يورو في سبيل ذلك، وهذه المصاريف الضخمة ستدعم الاقتصاد السعودي، الذي يعتمد أساسًا على مداخيل النفط، كما أنها ستساهم في توفير 100 ألف فرصة عمل.
وأفاد المدني معلقًا على تلك الفعاليات، بأنّها موجهة للشباب أو للنساء بشكل يتوافق مع “قيمنا الإسلامية وثقافتنا “.
وتعتبر هذه التنازلات وسيلة للتخفيف من وتيرة الاحتقان الذي يسود فئة واسعة من الشباب السعودي، نتيجة غياب وسائل الترفيه في البلاد، هذا ويعتقد المدني أنه سيتم التخطيط لإنشاء دور للسينما في الأيام المقبلة، وبالتالي، فإن تظاهرة “2017، سنة الترفيه” ستدور دون دور سينما.
المصدر: زيد دويتشه تسايتونغ