جاء قرار محكمة جنايات القاهرة بإدراج لاعب كرة القدم المصري محمد أبو تريكه على قائمة الإرهابيين، بدعوى علاقته بجماعة الإخوان المسلمين، ليثير حالة من الجدل ليس داخل الشارع المصري فحسب، بل العربي والدولي أيضًا، خاصة في ظل ما يتمتع به اللاعب من شعبية جارفة.
لم يكن هذا القرار هو الضربة الأولى للاعب الأكثر تربعًا على عرش قلوب المصريين، ويبدو كذلك أنها لن تكون الأخيرة، فمنذ تمسك اللاعب بموقفه الرافض للنظام الحالي بدءًا من تحفظه على مصافحة المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري السابق، مرورًا بالامتناع عن تسلم ميداليته من طاهر أبوزيد وزير الرياضة الأسبق، وصولاً إلى دعمه لمطالب القصاص لضحايا مجزرة بورسعيد، وهو يواجه موجات متتالية من الملاحقات القضائية والإعلامية التي لم تزحزحه عن موقفه، مما تسبب في إزعاج الموالين للنظام الحاليّ.
الماجيكو في سطور
أمير القلوب.. معشوق الجماهير.. صديق الشهداء.. القديس.. الماجيكو.. تاجر السعادة.. تلك كانت أبرز الألقاب التي منحها الملايين من عشاق الساحرة المستديرة لنجم الأهلي والمنتخب المصري خلال مشواره الكروي، ليغرد منفردا على عرش قلوب محبيه في مصر والوطن العربي.
ولد محمد محمد أبوتريكة في قرية ناهيا بمحافظة الجيزة يوم 7 من نوفمبر 1978 في أسرة تتكون من ثلاثة أولاد وبنت واحدة، انضم لناشئي الترسانة في سن الـ14، ثم التحق بالفريق الأول وهو في الـ17، ليحرز لقب هداف دوري القسم الثاني في عمر الـ23، ليصعد بالشواكيش للدوري الممتاز عام 2000 ويشارك معهم في الممتاز، وبعدها ينتقل للأهلي في عام 2003، ليتوج بعد أكثر من 10 مواسم على قلوب وعقول الجماهير الأهلاوية.
نجح تركية خلال مشواره مع ناديه الأهلي ومنتخب بلاده في تسطير صفحات من نور في تاريخ الكرة المصرية، حيث ساهم في حصد العشرات من البطولات المحلية والإقليمية والدولية، كما خاض تجربة احتراف خارجي عام 2012 مع نادي بني ياس الإماراتي على سبيل الإعارة وأحرز معهم بطولة الخليج للأندية لكرة القدم ثم عاد مرة أخرى إلى الأهلي عام 2013، ليحرز معهم بطولة دوري أبطال إفريقيا.. ثم قرر الاعتزال.
مع أمير الكويت خلال مشاركته في مباراة منتخب نجوم العالم
سجل حافل من البطولات
خلال مشواره الكروي، حصل اللاعب على عدد من الجوائز والأوسمة، حيث حصل على جائزة أفضل لاعب إفريقي داخل القارة أربع مرات، وهو إنجاز لم يحققه أي لاعب آخر حتى الآن، كما حصل على لقب هداف الدوري المصري عامي 2005 و2006، وفي عام 2008، حصل على جائزة بي بي سي لأفضل لاعب كرة قدم في إفريقيا، وجائزة أفضل لاعب عربي عامي 2007 و2008 في استفتاء جريدة الهداف الجزائرية.
قاد أبو تريكة منتخب مصر الأوليمبي في دورة الألعاب الأوليمبية في لندن عام 2012، ضمن ثلاثة لاعبين كبار استعان بهم المدير الفني للفريق آنذاك هاني رمزي، وسجل هدفين في تلك المسابقة في مرمى البرازيل وروسيا البيضاء.
كما سجل 33 هدفًا في دوري أبطال إفريقيا، ليصبح الهداف التاريخي للمسابقة، فضلاً عن كونه أكثر لاعبي النادي الأهلي تسجيلاً للأهداف في تاريخ ديربي العاصمة المصرية، إذ سجل 13 هدفًا في مرمى نادي الزمالك.
أثناء حصوله على جائزة أحسن لاعب إفريقي من الكاف
تريكة الإنسان
عرف عن تريكة دماثة الخلق، وحب عمل الخير، وإنسانيته التي تجسدت في الكثير من المواقف، فضلاً عن إعتزازه بدينه وعروبته، وهو ما كشفت عنه بعض الأحداث التي كانت محل جدال لدى البعض، في مقدمتها إظهار قميص يحمل عبارة “نحن فداك يارسول الله”، وذلك خلال مشاركته مع منتخب بلاده في أمم إفريقيا 2006، ينتصر فيها للرسول الكريم، ويرد بها على الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحف الدنماركية.
وفي 2008، وردًا على الهجوم الذي تعرضت له غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، قرر اللاعب الخلوق الخروج عن صمته بارتداء قميص قبل مواحهة السودان كتب عليه “تضامنا مع غزة”، ليظهرها عقب تسجيله هدف خلال المباراة، الأمر الذي دفع بعض الصحف الصهيونية والمتواطئين معها للمطالبة بإيقاف اللاعب وفرض العقوبة عليه.
كما كان تريكة أبرز الداعمين لضحايا مذبحة بورسعيد 2012، والتي راحه ضحيتها 72 من جمهور الأهلي، حيث قرر عدم المشاركة مع الأهلي في المباراة الأولى له عقب أحداث المجزرة، في مباراة السوبر المحلي أمام نظيره إنبي، عام 2013، هذا الرفض جاء تأكيدًا على تضامنه مع روابط الأولتراس على عدم استئناف النشاط الرياضي قبل القصاص لضحايا بورسعيد، كما قاد مسيرات منددة بالمذبحة من أمام النادي الأهلي، وظل يهتف وسط جماهيره، وضحايا المجزرة، بعد أن رفعوه على الأعناق،، حيث كان أكثر حرصًا على زيارة بعض الأسر في منازلهم بالسويس والقاهرة، وحين قرر خوض تجربة الاحتراف في الدوري الإماراتي طلب اختيار القميص رقم 72 لارتدائه تكريمًا لشهداء الأهلي في المجزرة.
لقب تريكة بسفير الكرة المصرية، وذلك بعد تدخله لإنهاء الأزمة التي نشبت بين مصر والجزائر خلال الفترة ما بين عامي 2008 و2009 قبل انطلاق منافسات كأس العالم 2010، حيث سافر للجزائر في محاولة لتهدئة الأوضاع بين الشعبين الشقيقين عقب أحداث أم درمان، التي كادت تقضي على العلاقات بينهما، وأعلن عن دعمه وتشجيعه للمنتخب الجزائري في بطولة كأس العالم في جنوب إفريقيا.
الصحافة العالمية تنتصر للماجيكو
فرض قرار إدراج أبوتريكة على قائمة الإرهابيين نفسه على وسائل الإعلام العالمية، فتحت عنوان: زيدان الكرة المصري إرهابي.. نشرت صحيفة “ماركا” الإسبانية تقريرًا عن أبوتريكة تناولت فيه السيرة الكروية للاعب سواء مع النادي الأهلي أو المنتخب الوطني لبلاده، وتحوله من نجم فريقه الأول إلى مواطن إرهابي.
أما بي بي سي، فعلقت على قرار المحكمة بـ “الماجيكو الإرهابي” مشيرة في تقرير لها إلى ما يحظاه اللاعب من شعبيةٍ جارفةٍ في مصر والدول العربية والإفريقية، وأُطلق عليه لقب “أمير القلوب”.
بينما نيويورك تايمز الأمريكية، فكتبت تقول: “وضعت السلطات المصرية أحد أعظم اللاعبين المصريين على مر العصور في قائمة الإرهاب وحظر السفر، على خلفية اتهامات تمويل الإخوان المسلمين، المصنفة الآن كجماعة إرهابية”.
السوشيال ميديا.. تشتعل
لا شك أن ما قدمه أبو تريكة للجمهور طول مشواره الكروي، يتلقاه الآن أضعافًا مضاعفة، فها هو الشارع المصري والعربي ينتفض دعمًا وتضامنًا معه عقب الإعلان عن قرار إدراجه كـ”إرهابي”، حتى الفنانين والإعلاميين المصريين والعرب بمُختلف جنسياتهم وانتماءاتهم شهدوا بأنه أنقى من تعاملوا معه من الشخصيات، بل والبعض تمنى أن يكون إرهابيًا إذا كان أبو تريكة كذلك.
أما مواقع التواصل الإجتماعي فكانت أكثر سخونة بين المؤيدين للقرار والمعارضين، حيث دشن المغردون عددًا من الهاشتاجات دعمًا لللاعب تصدرت موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في مقدمتها: #ارهابي_القلوب، #ابوتريكه، #ابوتريكه_مش_مجرم، #تريكه_خط_احمر
كما شن عاشقو تريكة هجومًا عنيفًا على الفنانة المصرية داليا البحيري عقب هجومها على اللاعب المصري بقولها: “خلقته بتقول إرهابي”، ودشنوا لها هاشتاجًا تحت عنوان: #داليا_البحيري، للرد عليها، ما اضطرها لحذف المنشور فورًا.
If you are a terrorist I hope I will be like you#ارهابي_القلوب#ابوتريكه pic.twitter.com/wZoOGMRxqI
— osama mohamed (@osos_b) January 19, 2017