ترجمة وتحرير نون بوست
قبل عشرة أيام من عملية تسليم السلطة في البيت الأبيض؛ العملية التي أثارت عديد المخاوف، اختارت كندا، البلد المجاور لترامب، خيار الجرأة السياسية.
إن الريح التي هبّت في أوتاوا يوم 10 كانون الثاني/يناير تُعدّ أكثر هدوءا وإنسانية من مزاج الرجل الذي على وشك تولي السلطة في البيت الأبيض. وفي الحقيقة، إن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يذكّرنا بباراك أوباما عندما في سنة 2008، بينما لا يوجد وجه شبه بينه وبين دونالد ترامب.
بعد الانتصار الكاسح الذي حققه ترودو في الانتخابات الفدرالية، وتوليه السلطة في تشرين الثاني/نوفمبر من سنة 2015، وعد رئيس الوزراء الشابّ الشعب الكندي بإحداث تغيير جذري. وقبل سنتين من نجاحه في الانتخابات، تولى ترودو مقاليد الحزب الليبرالي. ومن الواضح أن رئيس الوزراء الكندي يطمح لجعل كندا أكثر انسجاما في محيطها العالمي، وأكثر انفتاحا على الصعيد الوطني.
وصل أحمد حسين إلى كندا في سنة 1993. وعاش مع أخيه الذي شجعه على الدراسة. ثم تخرّج في سنة 2002، بعد أن درس التاريخ
وتتميز حكومته الأولى بتكافؤ واضح (خمسة عشر رجل وخمسة عشر امرأة)، وتنوع مدهش، فالتشكيلة الحكومية لرئيس الحكومة الكندي الشاب تضم وزراء ولدوا في الهند وأفغانستان والصومال.
شخص مثالي غير معروف
أحمد حسين هو رجل كهل يبلغ من العمر 40 سنة؛ أنيق ونحيل وأصلع الشعر وله ابتسامة مشرقة. غيّر حسين مجرى التاريخ يوم 10 كانون الثاني/يناير الجاري، بعد أن أصبح أوّل عضو برلماني من أصل صومالي يتقلّد منصب وزير في الحكومة الكندية. وفي الحقيقة، إن حسين وترودو يتشابهان في نقاط كثيرة، فكلاهما في مقتبل العمر، وكلاهما أعضاء في الحزب اللبرالي، كما أن كليهما مدعوم من قِبل الناخبين المتحمّسين للتغيير. لكن المقارنة لا تنتهي عند هذا الحدّ. ترودو هو نجل رئيس الوزراء الأسبق، أما أحمد حسين فقد كان دائما شخصا نكرة في كندا.
في الواقع، إن قصّة حسين مشابهة لقصص مئات الآلاف من المدنيين الذين فروا من مقديشو بعد سقوط نظام سياد بري في سنة 1991، ثم توجهوا إلى كينيا. وخلافا للأسطورة المتداولة، فإن معظم اللاجئين والمنفيين والمهاجرين الأفارقة لم يغادروا القارة السمراء. في الحقيقة، إن القضية الإنسانية والسياسية تُعد قضية إقليمية ومشتركة بالنسبة لهم. لكن هذا لا ينطبق على اللاجئين الصوماليين، حيث يغادر بعضهم كينيا وإثيوبيا وجيبوتي للتوجه إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
نائب في سنة 2015
وصل أحمد حسين إلى كندا في سنة 1993. وعاش مع أخيه الذي شجعه على الدراسة. ثم تخرّج في سنة 2002، بعد أن درس التاريخ. لكنه اختار الاستثمار اجتماعيا في الأحياء التي تضمّ المهاجرين الجدد، وغيرهم من اللاجئين.
بعد مرور عشر سنوات، أصبح أحمد يدافع على مصالح سكان يورك ساوث ويستن، وهي المنطقة الأكثر شعبية في مقاطعة أونتاريو، وقد نجح بفضلهم في الوصول إلى البرلمان في سنة 2015.
يدرك أحمد الذي ينحدر من مقديشو الأسباب التي يمكن أن تدعم شرعيته، ولذلك قال “إن تجربة الهجرة التي عشتها في كندا، ودفاعي عن المهاجرين ونشاطي في المجتمع كان أمرا مفيدا جدا لي”.
من الواضح أن رئيس الوزراء الكندي يطمح لجعل كندا أكثر انسجاما في محيطها العالمي، وأكثر انفتاحا على الصعيد الوطني
وصل أحمد إلى وزارة الهجرة واللاجئين والمواطنة بعد أن عيّنه ترودو حكومته يوم 10 كانون الثاني/يناير الجاري،. ومن المؤكد أن نجاح حسين في الانتخابات خلال السنة الماضية لفت الأنظار إليه بعد نشر عديد المقالات حوله في جميع أنحاء العالم، إلا أنه ما زالت أمامه مرحلة أكثر صعوبة. إذ عليه أن يقوم بعمل جيد لإقناع خصومه، دون أن يخذل تطلعات أولئك الذين يتوقعون منه الكثير بعد تعيينه. لكن أحمد ليس أول إفريقي يصل إلى منصب مماثل في أمريكا الجنوبية، فقد نجحت إلهان عمر، أول أمريكية من أصل صومالي في تميثل ولاية مينيسوتا في الولايات المتحدة، لكن هذه التطورات هي بمثابة اختبار حقيقي لهما. وقد تؤثر عديد الضغوطات على قراراتهما، كما أن المعارضين والصحافة يترصّدون أخطائهما، مهما كانت بسيطة.
ذكر الوزير الجديد أنه فخور بمجتمعه، وأكد أنه سيكون في خدمة بلده دائما. وبالنسبة للصحافة، فإن مراحل حياة حسين تُعتبر قصة خيالية، إلا أنها بالنسبة له ليست سوى حياة عادية لشاب عادي يريد مشاركة نمط الحياة التي منحته إياها كندا مع زملائه. ويحاول إتباع نصيحة والدته التي تعيش في كينيا، والتي دائما ما تذّكره بالوفاء للمكان الذي جاء منه، لأنه وراء كل رجل عظيم هناك أمّ حنون.
الصحيفة: لوموند