ترجمة وتحرير نون بوست
في الفترة الأخيرة، ظهرت العديد من المؤشرات التي تدل على أن شمال إقليم “كيفو” الكنغولي، قد تحول إلى معقل يضم جماعة إسلامية أطلقت على نفسها اسم “تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي”. ولعل من أبرز المؤشرات التي تدل على تواجد هذه الجماعة؛ ارتفاع عدد الجماعات المسلحة داخل هذا الإقليم المعروف بطبيعته الخلابة وغاباته الكثيفة.
وفي هذا الصدد، تجند الصحفي الكونغولي، نيكاز كيبال بال أوكا، للبحث والتقصي عن حقيقة هذه الجماعة. ونقلت صحيفة “جيوبوليس” تصريحات الصحفي الذي أفاد بأن إقليم كيفو والبحيرات الكبرى الكونغولية خاضعة لنظام الخلافة.
وحسب التحقيقات التي أجراها نيكاز كيبال، فإن جماعة الدفاع العالمي الإسلامي، تنتدب وبصفة مكثفة وعشوائية العديد من الشباب بهدف ضمهم لصفوفها، في حين أن سكان هذا الإقليم، عاجزون عن التصدي لهذا التنظيم الذي بث الرعب والخوف في قلوبهم.
أطلق مقاتلو هذا التنظيم على حديقة فيرونغا الوطنية اسم “المدينة”، التي تحولت إلى أحد أهم المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم والتي شهدت على إعلان قيام تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي لأول مرة
وفي هذا الإطار، صرح نيكاز كيبال، أن “هذه الجماعة قد شرعت في انتداب الشباب انطلاقا من حديقةفيرونغا الوطنية، مستعملة سياسة الإغراء، حيث تزوج عدد من المنتسبين إليها من نساء كنغوليات، ودخلوا في عمليات تجارية مع عدة شباب من المنطقة قبل أن يتقربوا من سكان هذه المناطق بطرق سلمية، تعود بالمنفعة على كل متساكنيها، دون أن يلمحوا لحقيقة فكر الجماعة التي ينتمون لها ومنهجها”.
خارطة مناطق البحيرات الكبرى الإفريقية والتي تجمع الكونغو الديمقراطية بكل من أوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي
إقليم”كيفو”؛ لقمة سائغة لتنظيم الدفاع العالمي الإسلامي
استغل تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي الفوضى التي طغت على إقليم كيفو، الواقع غرب الكونغو الديمقراطية، لينشر فكره ويؤسس جماعته، إذ أن هذه المنطقة تمثل نقطة ضعف إقليم البحيرات الكبرى الإفريقية.
وفي الأثناء، تفطن نيكاز كيبال لهذا الخطر، وأطلق نداء استغاثة في صورة كتاب أصدره بعنوان “ولادة التطرف في جمهورية الكونغو الديمقراطية”، صرح من خلاله قائلا “أنا لا أنشر معلومات يمكن التشكيك في صحتها، بل أتحدث مباشرة من الواقع، فالتطرف أصبح سيد هذا الإقليم. وقد نشرت في كتابي عدة شهادات لعدة ناجين هربوا من براثن هذا التنظيم”.
وفي هذا الكتاب، تحدث الصحفي عن العديد من الفظائع والتجاوزات التي تحمل بصمات هذا التنظيم المتكون أساسا من مقاتلين يتبعون منهج جماعة “التبليغ” الباكستانية.
والجدير بالذكر أن عددا من جماعة التبليغ الباكستانية، قد استقروا في تنزانيا في سنة 1920. وفي سنة 1990، انتقلوا إلى أوغندا، قبل أن يلتجئوا، في سنة 1995، إلى جبال “رونزوري” الواقعة غرب الكونغو الديمقراطية.
وفي هذا الإطار، أكد نيكاز كيبال أن “متطرفي تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي استقروا فعلا في إقليم “كيفو” الذي يطل على ثلاثة واجهات مختلفة، فالجنوب يطل على الحدود مع دولة تنزانيا، أما الشمال الغربي لكيفو فهو مرتبط بالحدود الأوغندية، أما بالنسبة للواجهة الثالثة، فإن هذا الإقليم يعرف أساسا بالأجمة، نظرا لكثافة الأشجار والغابات فيه، التي مثلت لمقاتلي هذا التنظيم أرضا خصبة للتكاثر والاختباء”.
إن الهدف الأول لهذه الجماعة يتمثل في جمع شمل المسلمين المتواجدين في الدول المجاورة للكونغو، حيث تبلغ نسبة المسلمين في أوغندا قرابة 12 بالمائة، أما بالنسبة لدولتي تنزانيا وكينيا فغالبية سكانها من المسلمين
“زنزانات عبارة عن خزانات خشبية تحتوي على مسامير بارزة”
أطلق مقاتلو هذا التنظيم على حديقة فيرونغا الوطنية اسم “المدينة”، التي تحولت إلى أحد أهم المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم والتي شهدت على إعلان قيام تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي لأول مرة.
وفي هذا الإطار، أفاد الصحفي الكنغولي أنه “عندما دخل مقاتلو هذه التنظيم لأول مرة لفيرونغا، تخفوا وراء صورة المسلم المسالم والمعتدل قبل أن يميلوا إلى التطرف، ثم حملوا السلاح معلنين عن تبنيهم لسياسة أكثر عنف”.
وأضاف الصحفي أن ” المتطرفين غيروا سياستهم السلمية واستعملوا القوة، حيث أصبحوا يقطعون رؤوس وآذان العديد من الأشخاص، حتى أنهم عاقبوا بعض الناس بالجلد حتى الموت. علاوة على ذلك، اعتمد المتطرفون على أساليب قاسية في التعذيب على غرار سجن البعض في زنزانات هي عبارة عن خزانات خشبية تحتوي على مسامير بارزة، فإذا وقع هز الخزانة تغرس المسامير في جسم السجين”.
“تداول سهل للأسلحة”
في الواقع، هناك العديد من الأسئلة التي تثير حيرتنا لعل أبرزها، من أين يتزود هذا التنظيم بالأسلحة؟ وما هي مصادر تمويله؟
وفي هذا الصدد، يعتقد الصحفي نيكاز كيبال، أن المملكة المتحدة وتركيا والسعودية هي المصدر الرئيس للأسلحة. مع العلم أن هذا التنظيم يستغل أيضا الثروات الطبيعية التي يزخر بها إقليم كيفو.
وفي هذا السياق، أكد نيكاز كيبال أنه “منذ سنوات طويلة، سيطرت هذه الجماعات على غابات ومحميات كيفو مما مكنهم من وضع أيديهم على كل من تجارة الخشب الرفيع وتجارة الكاكاو والقهوة. إن المتطرفين يحكمون سيطرتهم على منطقة غنية بالثروات الطبيعية فوق الأرض وتحت الأرض، وقد حولوها لمنطقة مستقلة ذاتيا بعيدا عن أي حضور للدولة الكونغولية التي يصعب على قواتها الأمنية قتال هذا التنظيم بالرغم من تكاتف جهود الجيش الكونغولي”.
أما بالنسبة للأسلحة التي يملكونها، يبدو أن جماعة الدفاع العالمي الإسلامي تتزود بما تحتاجه من موارد عسكرية من السودان والصومال وفي بعض الأحيان عن طريق تجار الأسلحة المتواجدين في منطقة كيفو.
ظهرت العديد من المؤشرات التي تدل على أن شمال إقليم “كيفو” الكنغولي، قد تحول إلى معقل يضم جماعة إسلامية أطلقت على نفسها اسم “تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي”
وللحصول على توضيحات أكثر في هذا الموضوع، أورد الصحفي نيكاز كيبال أن “إقليم كيفو لا يخضع لأي رقابة، لذلك فإن الأسلحة تمر من منطقة إلى أخرى بكل سهولة وبعيد عن أي ضغوط. بالإضافة إلى ذلك، يوفر العديد من الجنود النظاميين المرتشين جملة من الأسلحة لمقاتلي التنظيم. وخلافا لذلك، فإن تكاثر أعداد الصيادين الغير شرعيين في حديقة فيرونغا الوطنية، مثل موردا لا يقل أهمية عن سابقيه لتزويد التنظيم بالسلاح. كل هذه المصادر تلبي حاجيات الجماعة من الأسلحة خاصة مع تجارة الخشب والكاكاو والقهوة التي تصب كل مرابيحها، البالغة ثلاثة مليار دولار شهريا، في خزينة الجماعة”.
“تغلغلت الجماعة داخل القوات الأممية والجيش الكونغولي”
بين الصحفي الكنغولي لصحيفة جيوبوليس مدى عجز القوات الأممية المتواجدة في الكونغو الديمقراطية على مواجهة الجماعة المتطرفة، رغم أن عدد قوات “القبعات الزرق” يبلغ حوالي 20 ألف جندي. وأشار أيضا إلى أن هذه الجماعة نجحت في التغلغل داخل الجيش الكونغولي نفسه وضم بعض جنوده للعمل تحت إمرتها.
ومن جانب آخر، استطاعت هذه الجماعة تظليل أجهزة الاستخبارات عن طريق المراوغة. وفي هذا الإطار، قال الصحفي إن “خطأ القوات الأممية الوحيد، يتمثل في أن عدد كبير من عناصرها قد قدموا من دول إسلامية تقع غرب إفريقيا، لذلك لم تلق هذه الجماعة المتطرفة في الكونغو صعوبة في التأثير على بعضهم مما عرقل جهود الأمم المتحدة في تتبع والتقصي حول تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي”.
جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ أرض خصبة للتدريب والتكوين
أشار الصحفي نيكاز كيبال إلى أن عدد المساجد قد ارتفع في منطقة كيفو، إذ يوجد ثمانية مساجد مقابل أربعة كنائس كاثوليكية رغم أن أغلبية سكانها من المسيحيين.
ويظن نيكاز كيبال أن المشكل الأساسي المتعلق بقضية المتطرفين في هذه المنطقة، يتمثل في عدم اقتناع العالم بأن هناك “خلافة” في طور الإنشاء والبناء غرب جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي هذا السياق، بين نيكاز كيبال أن “الهدف الأول لهذه الجماعة يتمثل في جمع شمل المسلمين المتواجدين في الدول المجاورة للكونغو، حيث تبلغ نسبة المسلمين في أوغندا قرابة 12 بالمائة، أما بالنسبة لدولتي تنزانيا وكينيا فغالبية سكانها من المسلمين… ويسعى هؤلاء لجعل غرب الكونغو الديمقراطية إمارة إسلامية ومركز خصب للانتداب وتكوين مقاتلين خاضعين لسلطة تنظيم الدفاع العالمي الإسلامي بهدف السيطرة الكاملة والمطلقة في ما بعد على البحيرات الإفريقية الكبرى”.
الكاتب والصحفي الكونغولي، نيكاز كيبال، صاحب كتاب “ولادة التطرف في جمهورية الكونغو الديمقراطية”
وبحسب تصريحات نيكاز كيبال، فقد التحق مؤخرا العديد من المقاتلين بهذه الجماعة في غرب الكونغو، في حين قدم أغلبهم من أوغندا وتنزانيا والصومال وإريتريا وإثيوبيا والسودان ورواندا وبوروندي. وفي الأثناء، أبدى الصحفي الكونغولي استغرابه من الصمت الدولي تجاه هذه الظاهرة.
المصدر: جيوبوليس