انشغل الرأي العام الأردني مؤخرًا بمحاولة النائب عن محافظة عجلون كمال الزغول، إدخال شحنة قمح مستوردة من الكيان الإسرائيلي يبلغ وزنها نحو 80 طنًا، مخالفة للمواصفات والمقاييس المحلية فضلًا عن عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري.
وكانت مؤسسة الغذاء والدواء رفضت بالتعاون مع وزارة الزراعة، إدخال الشحنة الواردة من “إسرائيل” المخالفة للشروط الأردنية، حيث أكد مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء الدكتور هايل عبيدات أن “الشحنة احتوت على حشرات حية ما أوجب رفضها وإعادتها لبلد المنشأ”.
وقال عبيدات إن “المؤسسة رفضت الشحنة وتم إعادتها إلى وزارة الزراعة لمخالفتها المواصفات والمقاييس المعتمدة محليا”.
وزارة الزراعة: إتلاف أو إعادة
من ناحيتها، قامت وزارة الزراعة بتخيير مستورد شحنة القمح التي دخلت عن طريق معبر الشيخ حسين مع فلسطين المحتلة إلى جمرك عمان، بين إعادة تصديرها على حسابه الخاص إلى مصدر الشحنة أو إتلافها.
في الوقت نفسه، أبلغ وزير الزراعة خالد الحنيفات مستورد الشحنة أنها “غير مطابقة للمواصفات المحلية، إضافة إلى أنها فاسدة ولا تصلح للاستعمال البشري؛ نتيجة انتشار السوس والحشرات فيها بكثرة”، وذلك بعد صدور نتيجة لجنة الفحص الذي شكلها الوزير.
جهود “عظيمة” للنائب في إدخال الشحنة
وتمتلك زوجة النائب كمال الزغول وأشقاؤه شركة محلية مسجلة ومرخصة وفق سجلات دائرة مراقبة الشركات، في حين تظهر سجلات الدائرة بأن النائب دخل الشركة كشريك في 9/4/2006 وانسحب منها بتاريخ 11/12/2014.
بيانات الشركة
وبحسب مصادر خاصة، ضغط النائب الزغول بشكل كبير على الجهات الرقابية في محاولة منه للسماح بإدخال شحنة القمح التي تم استيرادها عن طريق شركة زوجته وأشقائه، إذ حاول عن طريق عدد من المتنفذين الضغط على الجهات التي كانت بصدد منع دخول الشحنة، إلا ان تلك المحاولات لم تنجح، الأمر الذي دعاه إلى التدخل شخصيًا، لكنه واجه صعوبات كبيرة من قبل عدة جهات رفضت وساطاته.
كما حاول النائب من خلال زيارة عدة جهات وشخصيات، وتوسطه لدى أحد الوزراء للضغط على مسؤول كبير رفض السماح للشحنة بالدخول، لكن مسعاه لم ينجح أيضًا.
لكن النائب استطاع في بداية الأمر تخليص عدد من الأوراق بما يخص تلك الشحنة، إلا أنه تم تبليغه لاحقًا برفضها وإصدار بيان جمركي لإعادتها إلى الكيان الإسرائيلي، مكان منشئها.
بعد ذلك تم إخراج الشحنة من ساحة الحديد في مركز جمرك عمان، حيث أصرت دائرة الجمارك على عدم إتلاف الشحنة في ساحات الجمرك، فقررت إعادة تصديرها إلى مكان المنشأ .
الزغول: الشحنة قادمة من “فلسطين” وليس “إسرائيل”
بدوره، أوضح النائب كمال الزغول بأنه بحكم كونه نائبًا رقابيًا وتشريعيًا، قام بتقديم طلب للاستفسار عن سبب منع دخول شحنة القمح التابعة ملكيتها لزوجته وأشقائه.
ونفى الزغول في حديث لـ”أردن الإخبارية” القول بأنه “استغل موقعه في مجلس النواب للتوسط لشحنة القمح”، منوها إلى أنه “قام بتوجيه كتاب إلى وزارة الزراعة حول الشحنة كونه عضوًا في لجنة الزراعة النيابية ليس أكثر”.
وشدد النائب على أن “الشحنة قادمة من فلسطين وليس من إسرائيل كما يردد البعض”، بحسب تعبيره، لافتا إلى أن “هناك موظفين يقفون وراء منع دخول الشحنة إلى البلاد لأسباب شخصية وليست قانونية”. لكن أردن الإخبارية حصلت على نسخة من دائرة الجمارك تثبت شراء الشحنة باسم شركة “الهاشمية” التابعة لعائلة النائب، حيث بلد التصدير والمنشأ للشحنة هو “إسرائيل”.
الزغول يطالب برفع الدعم عن الخبز ورفع البنزين
لم يقف توسط النائب كمال الزغول لإدخال شحنة قمح فاسدة فحسب، بل أثارت مطالبته خلال مناقشة الموازنة العامة قبل يومين بفرض المزيد من الضرائب على المشتقات النفطية ورفع الدعم عن الخبز، بزعم دعم الطبقة الفقيرة، استهجان أعضاء من مجلس النواب إضافة إلى غضب شعبي عارم.
وكان النائب طالب الحكومة في كلمته على هامش مواصلة مناقشة مشروع الموازنة، رفع الدعم الحكومي عن الخبز “لوقف الهدر المالي وصولًا لمواجهة الفساد”، إضافة إلى رفع سعر لتر البنزين من 62 قرش إلى دينار ونصف، بزعم “توجيه الوفر إلى أبناء الطبقة الفقيرة”.
ورأى النائب أن “الدعم الذي تقدمه الحكومة لا يتعدى 15 % مما يجري بين عطاء القمح وفساد يمارس بذريعة المواطنين، مطالبًا بتوجيه الوافر من رفع الدعم عن الخبز لدعم الطبقات الفقيرة”.
يذكر أن النائب الزغول يمتلك شركة تعمل في مجال القمح والعدس والقهوة والزعتر وأعلاف الدواجن، تحت مسمى “مطاحن الهاشمية”، في حين وصف مراقبون مقترح النائب بمثابة مباركة لرغبة الحكومة في رفع الأسعار، لتحصيل فروقات موازنة الدولة للعام 2017 المقدرة بنحو 450 مليون دينار.
لكن النائب نفى خلال حديثه لإذاة “حياة إف أم” المحلية صباح الخميس أن “تكون مطالبته برفع الدعم لها علاقة بامتلاك أشقائه شركة مطاحن”، مشيراً إلى أن “مصلحة شركات المطاحن والعاملين في القطاع مع إبقاء الدعم، لكن مصلحة الوطن والفقير الذي يمثله مع رفع الدعم عن الخبز”.
النائب الزغول يطالب برفع الدعم عن الخبز ورفع
اسعار البنزين?
يلا يا حلوين يلي باع صوته ب 50د رح يحطهم
باول شتويه?
صحتين وعافية ❤#مجلس_النواب— Mohammd smadi (@moh87smadi) January 18, 2017
وحول مطالبته برفع سعر البنزين، أفاد الزغول بأن مطالبته برفع البنزين مستوحاة من تجربة تركية قائلا “عندما لم تتمكن تركيا من دخول الاتحاد الأوروبي، قامت برفع سعر البنزين للضعف من أجل دعم الموظفين ومحدودي الدخل، وضاعفت الرواتب”، على حد قوله.
التطبيع الزراعي مستمر
برزت المحاصيل الزراعية خاصة الخضروات والفواكه المستوردة من الكيان الإسرائيلي منذ توقيع معاهدة وادي عربة في العام 1994، كأحد أشكال التطبيع الاقتصادي الذي يسهل على المواطن تلمسه بشكل مباشر.
وطبقا للإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة، فإن حجم الخضار والفواكه المستوردة من الكيان الإسرائيلي عام 2015 بلغ 5578 طناً، تنوعت بين البصل والبطاطا والجزر والتفاح والليمون، وهو ما يزيد على الكمية المستوردة عام 2014 التي بلغت ما مجموعه (4754) طناً، توزعت بين البطاطا والجزر والأفوكادو والكاكا.
في الوقت الذي توثق فيه إحصاءات عام 2013 استيراد الأردن (5957.6) طناً من الخضار والفواكه من الكيان الإسرائيلي؛ توزعت بين البطاطا والجزر والفلفل والأفوكادو والتفاح والكاكا والكيوي والمانجا.
مسيرة سيارات من #عمان الى #الكرك احتفالا بخلوها من البضائع الإسرائيلية
فعلا #شعب_واحد #فلسطين و#الاردن
V @AlghadNews pic.twitter.com/AWw0hXpmDl— Abdulla Arja (@AboodArja13) April 24, 2015
وفي عام 2012 بلغت المستوردات (5794.9) طناً، توزعت بين البطاطا والتفاح والليمون والمانجا والكاكا والكيوي والخوخ، وسجل عام 2011 أقل كمية استيراد خلال السنوات الخمس الأخيرة بواقع (1744) طناً، توزعت بين البطاطا والأفوكادو والمانجا والتفاح والكاكا.
في حين انطلقت عشرات الحملات المنظمة والشعبية الداعية لمقاطعة البضائع الإسرائيلية منذ إبرام معاهدة وادي عربة في العام 1994، بالإضافة إلى إنشاء لجنة مقاومة التطبيع في مجمع النقابات المهنية، انطلقت حملات على غرار تجمع “اتحرك” المنبثق عن حزب الوحدة الشعبية الناشطة في مجابهة التطبيع، وحملة “استحي” لمناهضة الصهيونية والعنصرية.
إذ يقوم الناشطون فيها بفضح التجار المتعاملين مع الكيان الإسرائيلي، فضلاً عن لجنة مقاومة التطبيع التابعة لحزب جبهة العمل الإسلامي، كما تنشط أيضًا حركة (BDS) العالمية الداعية لمقاطعة “إسرائيل”. وتنفذ تلك الحملات زيارات دورية لسوق الخضار المركزي لثني التجار عن استيراد الخضار والفواكه الإسرائيلية.
*جانب من الوثائق التي حصلت عليها أردن الإخبارية والتي تثبت فساد الشحنة: