قبل يوم من انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، شنت القوات الأمريكية غارات جوية استهدفت معسكرات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، في إشارة واضحة لخطر هذه المجموعة على أمن ليبيا والمنطقة وعدم انتهاء وجودها هناك.
أشخاص كانوا يدبرون لعمليات في أوروبا بين القتلى
أكثر من 80 مسلحًا من تنظيم داعش قتلوا في الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت معسكرات في ليبيا، حسب ما أكده وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر خلال تصريحات له في آخر يوم له في وزارة الدفاع، وأوضح كارتر “أنهم أشخاص كانوا يدبرون عمليات في أوروبا ويحتمل أنهم كانوا على علاقة ببعض الهجمات التي وقعت بها”.
ووجهت الضربات الأمريكية الأخيرة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، فجر الخميس، إلى معسكرين للمسلحين على بعد 45 كلم عن مدينة سرت الساحلية (450 كلم شرق طرابلس)، التي كانت معقل تنظيم الدولة، قبل أن يتم طرده منها على يد قوات البنيان المرصوص الموالية لحكومة الوفاق الوطنية، وسبق أن ركزت رحلات الاستطلاع العسكرية الأمريكية وبعثات جمع المعلومات الاستخبارية السرية على تعقب وتحديد المناطق التي ينتشر فيها نفوذ داعش، وفقًا لتقارير إعلامية.
تأتي هذه الضربات الجوية بعد توقف الولايات المتحدة الأمريكية عن عملياتها العسكرية الجوية ضد تنظيم الدولة في مدينة سرت الليبية، في نوفمبر الماضي
وكان رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج قد أعلن رسميًا، في نوفمبر الماضي، تحرير مدينة سرت من تنظيم الدولة الإسلامية الذي تمركز فيها منذ 2015 في ظل الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد، بعد مرور ثمانية أشهر من بداية عمليات قوات البنيان المرصوص بدعم جوي مباشر من التحالف الدولي ضد “داعش” بقيادة الولايات المتحدة.
وتأتي هذه الضربات الجوية بعد توقف الولايات المتحدة الأمريكية عن عملياتها العسكرية الجوية ضد تنظيم الدولة في مدينة سرت الليبية، في نوفمبر الماضي، بعد أشهر من تدخلها العسكري لصالح قوات “البنيان المرصوص”، وتبعد مدينة سرت الليبية مسافة 700 كيلومتر من السواحل الإيطالية وتمثل نقطة من النقاط التي تنطلق منها موجات الهجرة باتجاه أوروبا، كما أنها قريبة من الحقول النفطية، وتقع في منتصف المسافة بين طرابلس وبنغازي، أهم مدينتين في ليبيا.
ويمثل تنظيم داعش وباقي التنظيمات الإرهابية المسلحة هناك خطرًا على ليبيا وعلى نجاح عمليتها السياسية وعلى أمن واستقرار الدول المجاورة لها والدول الأوروبية.
هل انتهى تنظيم داعش في سرت؟
الضربات الأمريكية تؤكد، حسب عديد من الخبراء، خشية واشنطن والعواصم الأوروبية من إمكانية قيام داعش بإعادة تنظيم نفسها في ليبيا في ظل تواصل الأزمة هناك وانتشار السلاح وعدم قدرة السلطات المركزية على بسط نفوذها على كامل البلاد، وسبق لوزير الدفاع الفرنسي إيف لودريان أن أكد في وقت سابق خلال مشاركته في منتدى عن السلام والأمن في إفريقيا أن خطر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا يظل قائمًا رغم استعادة القوات الموالية لمدينة سرت.
تحرير سرت لا يعني انتهاء الحرب ضد التنظيم
في نفس السياق قال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق، في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن تحرير سرت لا يعني نهاية تنظيم داعش، مشيرًا إلى تسرب عناصر من التنظيم إلى مناطق أخرى، بالإضافة إلى وجود خلايا نائمة للتنظيم في عدة أماكن داخل ليبيا، وكان الموفد الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر حذر الثلاثاء أمام مجلس الأمن أن تنظيم الدولة الإسلامية يبقى خطرًا رغم طرده من سرت.
تشير تقارير إعلامية إلى وجود معلومات تفيد بأن قوات تنظيم الدولة الإسلامية على اتصال بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي قصد توحيد صفوفهم
وفي إشارة على عدم انتهاء خطر التنظيم بليبيا أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، أول أمس الخميس، أن الضربات العسكرية الأخيرة استهدفت عدد من نقاط تجمع عناصر تنظيم داعش بمناطق صحراوية محاذية لمدينة سرت وجاءت كخطوة استباقية لإحباط محاولات التنظيم لتجميع عناصره للهجوم مجددًا على المدنية ومناطق أخرى في ليبيا”.
كل هذه التصريحات تؤكد تواصل خطر التنظيم، الأمر الذي تؤكده أيضًا تقارير إعلامية أشارت إلى وجود معلومات تفيد بأن قوات تنظيم الدولة الإسلامية على اتصال بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي قصد توحيد صفوفهم في شمال وجنوب ليبيا وتنظيم عمل الخلايا النائمة لهذه التنظيمات الإرهابية في بعض المناطق الليبية الأخرى.
الاجتماع العاشر لدول الجوار
من المنتظر أن تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، الاجتماع العاشر لوزراء خارجية دول الجوار الليبي، التي تضم مجموعة دول جوار ليبيا كل من مصر وليبيا والسودان والجزائر وتونس وتشاد والنيجر، لمناقشة أبرز مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، والشواغل التي تعرقل العملية السياسية، واستعراض الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي لتقديم الدعم لمختلف أطياف الشعب الليبي، وكذلك المبادرات الهادفة لبناء الثقة بين الأشقاء الليبيين وسبل تشجيعهم على الانخراط الإيجابي في حوار ليبي/ ليبي بهدف التوصل إلى التوافق المطلوب بشأن تنفيذ اتفاق الصخيرات.
يبحث اجتماع دول الجوار أساليب دعم الحل السياسي في ليبيا
من المقرر أن يشارك في الاجتماع إلى جانب ممثلي الدول كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا مارتن كوبلر، ومبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية الخـاص إلى ليـبيا الســفير صلاح الجمالي، بالإضـافة إلى ممــثل الاتحاد الإفريـقي في ليبـيا جاكايا كيكويتي.
وما فتئت دول جوار ليبيا تؤكد ضرورة الدعم اللازم للاتفاق الصخيرات السياسي الذي وقَعته وفود ليبية لحل أزمة بلادهم، برعاية الأمم المتحدة، ورفض أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، وأن أي عمل عسكري موجه لمحاربة الإرهاب لا بد أن يتم بناء على طلب حكومة الوفاق الوطنى الليبية ووفق أحكام ميثاق الأمم المتحدة.