ترجمة وتحرير نون بوست
مؤخرًا، قامت الحكومة البحرينية بسد منافذ قرية الدارز، التي تعد أكبر قرية شيعية في البحرين، بالمتاريس والحبال وذلك ضمن مخططاتها للحفاظ على القرية تحت الحصار.
في الواقع، بقيت هذه المنطقة تحت الحصار لما يفوق السبعة أشهر ولا يوجد إلا نقطتي تفتيش فقط للسماح للسلطات بالعبور، في حين مُنع سكان الدراز الذين حبسوا داخل أسوار القرية من لقاء أصدقائهم وأفراد عائلاتهم الذين يعيشون خارج القرية.
ومن جانب آخر، احتشد العديد من المحتجين في وقت سابق أمام منزل رجل الدين الشيعي البارز عيسى قاسم الذي منع من تقديم خطبة الجمعة، إلا أن الحصار الذي فرض عليهم اضطرهم للبقاء في منازلهم.
وفي هذا الصدد، قال أحد رجال الدين في إحدى القرى المجاورة، متحدثًا عن الاحتجاجات التي اندلعت في سنة 2011، على خلفية سحق الدبابات البحرينية لمتظاهرين طالبوا بإرساء الديمقراطية في البلاد “لننسى الآلاف الذين اعتادوا الانضمام إلى المسيرات الاحتجاجية، فاليوم لا يمكننا أن نتكلم حتى عن 10 متظاهرين يريدون أن يخاطروا بمستقبلهم وأن يقضوا ما يربو عن خمس سنوات في السجن والتعرض للتعذيب من أجل أن يشعروا بالمجد لعشر دقائق فقط”.
وعلى الرغم من صغر حجم البحرين ونفاذ مخزونها من النفط وتعويلها على مساعدات الدول الخليجية المجاورة لها، فهي خير مثال على سحق المستبدين العرب لمطالب الصحوة العربية.
وعقب ست سنوات من القمع في البحرين، تشعر المعارضة الشيعية باليأس نظرًا لفشلهم في تحقيق أهدافهم، علاوة على التهديد الذي يواجهونه من قبل الحكومة السنية في البحرين، مما أدى إلى ضرب حركتهم وتفكيكها.
ووفقًا لعضو سابق في البرلمان الذي ينتمي لحزب الوفاق، في الوقت الراهن، يقبع في السجون البحرينية أكثر من 2600 سجين سياسي من بينهم عدد كبير من الأطفال، ويثير هذا الرقم مخاوف الكثيرين خاصة وأن عدد سكان البحرين لا يتجاوز 65 ألف شخص.
تكبدت الشيعة تكاليف الإجراءات المالية الفاشلة للحكومة، بالإضافة إلى ذلك، وظفت الحكومة المليارات التي قدمت لها من قبل دول الخليج العربي لبناء مساكن للسنة والأجانب فقط
وفي العام الماضي، قامت الحكومة البحرينية بحظر الحزب الشيعي ونفت المئات من الشيعيين ومنعت العشرات منهم من السفر، علاوة على ذلك، تم تجريد ما يفوق عن 300 شخص من جنسيتهم بما في ذلك الشيخ قاسم.
وفي 15 من كانون الثاني/ يناير، أعدمت البحرين ثلاثة شيعيين، اثنين منهم لم يتجاوزوا عقدهم الثاني، وهو ما أشعل فتيل المعارضة في الجزيرة.
ومن ناحية أخرى، ما زال “الحوار الوطني” الذي تبناه كل من الملك، حمد بن عيسى آل خليفة، وابنه ولي العهد سلمان بن حمد، قيد التأجيل، إذ إن العديد من المشاركين في الحوار تم إلقاء القبض عليهم بتهم إرهابية غير قابلة للتصديق وإيداعهم السجن.
والجدير بالذكر أن السلطات البحرينية قامت بحظر الإصدار الإلكتروني الأخير لصحيفة “الإندبندنت”، في 16 كانون الثاني/ يناير.
وفي الأثناء، صدح العديد من الشبان برفضهم للحكومة البحرينية وأعلنوا من خلال كتاباتهم على الجدران “الموت (الملك) لحمد”، إلا أن عددًا قليلاً منهم أقدم على النزول للشارع، وفي الوقت نفسه، سارعت الشرطة البحرينية بإطلاق النار عليهم لفض التجمع.
وفي هذا الشأن صرحت إحدى قائدات الاحتجاج من المنفى “لقد كان لدينا ثورة ولكننا خسرناها”.
وفي الواقع، هناك قواسم مشتركة بين الشيعة والسنة على غرار المظالم التي ترتكب في حقهم، فكلا الطرفين مستاءين من الأسرة الحاكمة التي استأثرت بجل الحقائب الوزارية، فعلى سبيل المثال، عم الملك، خليفة بن سلمان، شغل منصب رئيس مجلس وزراء البحرين لما يفوق 46 سنة، ولذلك يعد أطول رئيس وزراء ظل في الخدمة في العالم بأسره، فضلاً عن ذلك، فإن الملك الحالي لا يزال يحكم البلاد منذ وفاة والده في سنة 1999، أي ما يناهز 17 سنة، وعلاوة على احتكار آل خليفة للسلطة، فقد فعلوا أيضًا سياسة التقشف في البلاد.
وتماشيًا مع الرؤية الاقتصادية لسنة 2030، التي وضعت من قبل شركة ماكينزي للاستشارات، خفضت الحكومة الدعم على بعض المواد الأساسية كاللحوم، وفي الأثناء، وضعت الحكومة كل أمالها على تضاعف سعر النفط حتى تتمكن من تحقيق التوازن في ميزانية الدولة.
وعمومًا، تكبدت الشيعة تكاليف الإجراءات المالية الفاشلة للحكومة، بالإضافة إلى ذلك، وظفت الحكومة المليارات التي قدمت لها من قبل دول الخليج العربي لبناء مساكن للسنة والأجانب فقط، وبالتالي، تعالت العديد من البنايات الشاهقة والمجمعات السكنية الفاخرة التابعة للمواطنين السنة التي حجبت القرى الشيعية المتهدمة.
وفي الإطار نفسه، قامت السلطات بتشييد الحدائق على طول الكورنيش بغية تجميل المناطق التي يرتكز فيها نسبة كبيرة من السنة، في حين تجاهلوا الأحياء السكنية التي يقطن بها الشيعة، على الرغم من أنهم يشكلون نحو 60% من السكان.
ومن جهة أخرى، تم تدشين العديد من المعابد الهندوسية والكنائس والمساجد السنية وذلك لاستقطاب الأجانب من غير الشيعة، وخلافًا لدول الخليج الأخرى، فتحت البحرين أبوابها أمام السوريين السنة القادمين من مخيمات اللاجئين في الأردن، وبهدف نشر الكره في أوساط المواطنين الشيعة والأجانب السنة، سمحت الحكومة للقادمين من سوريا بحضور وسماع الخطابات الشيعية، التي تصنف حتى آل خليفة الذين جاؤوا من قلب الجزيرة العربية في سنة 1783، على أنهم أجانب ويجب عزلهم ونفيهم من الجزيرة.
عقب ست سنوات من القمع في البحرين، تشعر المعارضة الشيعية باليأس نظرًا لفشلهم في تحقيق أهدافهم، علاوة على التهديد الذي يواجهونه من قبل الحكومة السنية في البحرين، مما أدى إلى ضرب حركتهم وتفكيكها
وفي الحقيقة، تخف حدة التوتر الطائفي في الأماكن التي يتعايش فيها الشيعة والسنة معًا، وفي المقابل، تفرقت الطوائف التي لطالما تقاسمت نفس الشوارع في المدن الجديدة التي بنيت منذ ثمانينيات القرن الماضي نتيجة لسياسة الدولة، ولعل خير شاهد على ذلك ما نشاهده في مدينة حمد، فمن ناحية تتدلى أعلام للقديسين الشيعة ومن ناحية أخرى نرى أعلامًا للسنة.
وفي السياق ذاته، أكد مدير مجموعة الأديان في البحرين سهيل القصيبي، على أن الزواج المختلط يعد أمرًا نادرًا جدًا، بل حتى منعدمًا، وأضاف القصيبي أن البحرين تعتبر الدولة الوحيدة من بين دول الخليج التي تعترف بيوم عاشوراء، الذي يعد أقدس يوم في التقويم الشيعي، كما أنها أعلنته عطلة رسمية، إلا أن الانقسامات الداخلية بين الشيعة والسنة تفاقمت.
ومن الملفت للنظر أن بعض الجدات السنيات لا تزلن تعد خبز كعك الرمان في يوم عاشوراء بينما يعجز أزواجهن عن حضور شعائر ضرب الصدر واضطروا لمراقبتها خلسة، وبالنسبة للعديد من السنة، أصبحت المناطق التي يقطن فيها الشيعة محظورة عليهم.
وفي الشهر الماضي، نشر تنظيم الدولة فيديو مدته ساعة كاملة، لأحد المواطنين البحرينيين الذين ينتمون لنفس القبيلة التي تنحدر منها العائلة المالكة، دعا فيه الانتحاريين السنة لمحاربة الشيعة في الجزيرة.
وفي ليلة رأس السنة، اقتحم جماعة من الشيعة المتشددين سجنًا شديد الحراسة وحرروا العشرات من المنشقين، وهو ما أثار العديد من التساؤلات، وفي هذا الصدد، صرح النائب السابق في حزب الوفاق، جاسم حسين: “نحن في حاجة ماسة إلى عملية تحول سياسية جذرية، فالبلد لا يمكنها أن تتحمل أي شيء آخر”.
المصدر: الإيكونوميست