ترجمة وتحرير: نون بوست
أصدر الرئيس المصري المستبد يوم السبت عفوًا رئاسيًّا في حق أحمد دومة، المدون والناشط الذي كان أحد أشهر الوجوه في ثورة الربيع العربي سنة 2011، بعد أن قضى عقدًا من الزمن في السجن. ولكن بعد أيام؛ اعتقلت السلطات هشام قاسم، الناشط الديمقراطي البارز والناشر السابق المعارض للرئيس عبد الفتاح السيسي. وهكذا تسير دوامة القمع في مصر؛ حيث يتم احتجاز آلاف السجناء السياسيين لأشهر وسنوات دون محاكمة، وإطلاق سراح حفنة منهم، ثم احتجاز المزيد منهم.
إن اعتقال قاسم يعد أمرًا مثيرًا للقلق بشكل خاص، فهو رئيس سابق للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وكان في السابق ناشرًا لصحيفة “المصري اليوم” المستقلة. وفي سنة 2007، جرى تكريمه من قبل الصندوق الوطني للديمقراطية بجائزة الديمقراطية.
لقد كان مدافعًا قويًّا عن الصحافة المستقلة في مصر، وينتقد بشدة حكم السيسي العسكري في وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية عميقة. وقد قال قاسم لشبكة “بي بي سي” الشهر الماضي: “إن التغيير الذي يجب أن يحدث لا يقتصر فقط على إزاحة السيسي من السلطة، بل إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، وهو ما لا يمكن أن يحدث في ظل وجود الجيش في السلطة”. وقد أطلق هو وآخرون تحالف “التيار الحر” المكون من أربعة أحزاب، وهو ائتلاف سياسي يخطط لمعارضة السيسي في انتخابات السنة المقبلة.
عمليات الإفراج يتبعها دائمًا المزيد من الاعتقالات والاحتجازات غير المبررة
سعى قاسم مرارًا وتكرارًا إلى فضح الفساد وإدانة القمع في مصر، مما جعله مستهدفًا بوضوح من قبل السيسي، الجنرال السابق الذي تولى السلطة بعد الانقلاب الذي قاده في سنة 2013 والذي أطاح بمحمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في البلاد، والتابع لجماعة الإخوان المسلمين.
تم اعتقال السيد قاسم في البداية في 20 أغسطس/آب عندما اتهمه وزير العمل السابق كمال أبو عيطة بـ”القذف والتشهير”. وعرض المدّعي العام إطلاق سراح السيد قاسم بكفالة قدرها 5000 جنيه مصري، حوالي 160 دولارًا. ورفض السيد قاسم الدفع قائلا إن الاحتجاز غير عادل. وكتب على مواقع التواصل الاجتماعي: “أنا أشرف من عبد الفتاح السيسي وكل رجالاته ونظامه”. وتم اعتقاله مرة أخرى في اليوم التالي، بتهم القذف والتشهير والاعتداء على موظف عام، وتعمد إزعاج الآخرين، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
لقد حاول السيسي إخفاء فظائع انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وأعلن عن “حوار وطني” مع المعارضة، وأصدر عفوًا عن مجموعات من السجناء، مثل السيد دومة وأكثر من 30 آخرين. لكن عمليات الإفراج يتبعها دائمًا المزيد من الاعتقالات والاحتجازات غير المبررة. ورغم أن المعلومات غير واضحة، تشير بعض التقديرات إلى أن هناك أكثر من 60 ألف سجين سياسي في مصر الآن، حيث تستخدم السلطات الحبس الاحتياطي لاحتجاز المتظاهرين والصحفيين والمعارضين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات رسمية لهم.
وبموجب القانون؛ فإن 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية الخارجية الأمريكية لمصر مشروطة بتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.
وتشمل المعايير إجراء إصلاحات تحمي حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، والسماح لوسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان بالعمل دون تدخل؛ ومحاسبة قوات الأمن، التحقيق والملاحقة القضائية في حالات القتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري، وإطلاق سراح السجناء السياسيين وتوفير الإجراءات القانونية الواجبة للمحتجزين.
وكتبت مجموعة من 11 عضوًا في مجلس النواب، بما في ذلك غريغوري ويلدون ميكس (نيويورك)، الديمقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية، إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن لحث الإدارة على حجب مبلغ الـ 320 مليون دولار بالكامل حتى يتحسن سجل مصر.
لقد حان الوقت لإنهاء التمثيلية والمطالبة بإحراز تقدم حقيقي لحماية الكرامة الإنسانية وحرية التعبير في مصر -بما في ذلك إطلاق سراح السيد قاسم-.
المصدر: واشنطن بوست