رغم تنافس دول الخليج في تقديم الدعم للإدارات الأمريكية المتعاقبة للحصول على الحماية الأمريكية بعد حرب الخليح وتعزيز الوجود الأمريكي في المنطقة، فقد تبدلت اتجاهات الإدارة الأمريكية نحو إيران في السنة الأخيرة من حكم أوباما بعد عقد الاتفاق النووي الإيراني لتشعر دول الخليج أنها أصبحت مكشوفة الظهر بلا حليف يدفع عنها خطر التمدد الإيراني الذي أعلن قادته في تصريحات رسمية أن إيران استولت على أربع عواصم عربية، حيث اعتبر مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، أن العاصمة اليمينة صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، مبينًا أن ثورة الحوثيين في اليمن هي امتداد للثورة الخمينية”.
تحلفات بلا حلفاء
ومع تنامي خطر الحوثيين في اليمن وتهديدهم المباشر للحدود السعودية، دشنت المملكة عاصفة الحزم بمشاركة تحالف دولي مكون من عشر دول ضد جماعة أنصار الله (الحوثيون) والقوات الموالية لهم ولعلي عبد الله صالح في 5 من جمادى الثاني 1436 هـ – 26 من مارس 2015، وفي 21 من أبريل 2015 أعلنت قيادة العملية عن توقف عملية عاصفة الحزم وبدء عملية إعادة الأمل، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع السعودية إزالة جميع التهديدات التي تشكل تهديدًا لأمن السعودية والدول المجاورة، بعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة والصواريخ البالستية والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح.
لم يتم إعادة الأمل لليمن الذي دمر ولم يتم القضاء على الحوثيين الذين تمردوا، مما جعل السعودية تبحث مجددًا عن تحالف جديد تعيد به تموضعها في منطقة تشهد حالة من السيولة وتحفها المخاطر من كل مكان
ولكن يبدو أن الوقائع على الأرض تقول غير ذلك، فلم يتم إعادة الأمل لليمن الذي دمر ولم يتم القضاء على الحوثيين الذين تمردوا، مما جعل السعودية تبحث مجددًا عن تحالف جديد تعيد به تموضعها في منطقة تشهد حالة من السيولة وتحفها المخاطر من كل مكان، حيث كشف ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في منتصف ديسمبر 2015، عن عزم أكثر من 10 دول أخرى الانضمام إلى تحالف إسلامي عسكري كانت الرياض قد أعلنت إطلاقه لمكافحة الإرهاب، يضم 17 دولة عربية إلى جانب 17 دولة إسلامية.
يشار إلى أن الدول العربية التي انضمت للتحالف الإسلامي العسكري الذي تقوده السعودية هي الأردن والإمارات والبحرين وتونس والسودان والصومال وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب وموريتانيا واليمن وجمهورية القمر.
أما الدول غير العربية فهي باكستان وبنغلاديش وبنين وتركيا وتشاد وتوغو وجيبوتي والسنغال وسيراليون والغابون وغينيا وكوت ديفوار والمالديف ومالي وماليزيا والنيجر ونيجيريا.
الكثير من المراقبين يرون أن هذه الخطوات والمبادرات السعودية لإنشاء هذه التحالفات العسكرية كانت حبرًا على ورق وتحالفات بلاحلفاء على الأرض
إلا أن الكثير من المراقبين يرون أن هذه الخطوات والمبادرات السعودية لإنشاء هذه التحالفات العسكرية كانت حبرًا على ورق وتحالفات بلاحلفاء على الأرض، حيث أعلن السيسي، في منتصف فبراير/ شباط 2016، رفض بلاده التدخل العسكري ضد النظام السوري، وهو ما يعدّ إعلانًا صريحًا مخالفًا لتوجّهات السعودية في سوريا، ومنافيًا لكلمته الشهيرة “مسافة السكة” والتي كان يقصد بها أن مصر رهن إشارة دول الخليج التي دعمت انقلابه على الرئيس الأسبق محمد مرسي منتصف 2013.
وعكست الصدمة التي أصابت المملكة العربية السعودية بعد تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي الخاص بسورية في مجلس الأمن، حالة الغفلة والوهم التي يعيشها صانع القرار السعودي فيما يخص علاقته مع النظام المصري الحالي، وهو الوهم الذي صنعة السيسي بعبارته “مسافة السكة”، وذلك في كل مرة كان يُسأل فيها عن الأمن القومي الخليجي.
حيث مرت ثلاث سنوات، واكتشف قادة الخليج أن السيسي كان يبيع الوهم لهم، وفي مقدمتها السعودية، مقابل مليارات الدولارات التي حصل عليها من هذه الدول، والتي وصلت إلى أكثر من 50 مليار دولار، وعلى الرغم من ذلك، لا تزال السعودية “تشتري” الوهم من السيسي مقابل لا شيء.
تحالفات واهية
يبدو أن السعودية تعيش سلسلة من الأوهام فيما يخص علاقتها بالسيسي، لعل أبرزها اعتقاد الملك سلمان أن السيسي يمثل حليفًا قويًا في صراع المملكة الإقليمي مع إيران، وهو ما ثبت زيفه بالدليل القاطع في أكثر من مناسبة أهمها الحرب في اليمن التي لم يكن للسيسي دور فيها يتوازى مع حجم المساعدات التي حصل عليها، وهو ما أثار غضب السعودية وقتها، لكنها لم تفصح عن ذلك، بل الأكثر من ذلك ما يمارسه السيسي من ابتزازٍ واضح للسعودية، بتهديد بعض دوائره ومستشاريه العسكريين بالانفتاح على إيران، نكاية في الرياض.