بينما كانت أنظار العالم تتجه نحو البيت الأبيض لمتابعة مراسم تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، كانت أنظار نتنياهو تتجه نحو العدو المشترك بينه وبين صديقه القادم لقيادة الولايات المتحدة إيران، حيث اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي الغارق في ملفات الفساد أن يوجه خطاباً عاطفياً للشعب الإيراني معلناً من خلاله التضامن معه والشعور بمعاناته في ظل نظام مستبد ظالم كما وصفه نتنياهو!! فماذا الذي يُريد نتنياهو قوله من وراء هذه الرسالة؟
لا شك أن تحليل رسالة نتنياهو يتطلب النظر إليها من زاويتين:
الأول: توقيت الرسالة.
الثاني: الجهة المخاطبة والأسلوب المستخدم.
فتوقيت الرسالة كان في أعقاب تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وهو الرئيس الذي لم يُخفي طوال الشهور الماضية عدائه المطلق لإيران والنظام الحاكم فيها، كما أن التوقيت يتزامن مع ارتفاع منسوب العداء لإيران من قبل دول الإقليم وخاصة دول الخليج، بالإضافة لتراجع دورها بشكل ملحوظ في سوريا مع تقدم واضح للدور الروسي خاصة في محادثات تركيا وأسيتانا وهذا التوقيت هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل لخلق بيئة دولية لعزل النظام الإيراني أو التأثير على الشعب الإيراني للخروج على النظام.
الجهة المُخاطبة في رسالة نتنياهو فهو الجمهور الإيراني، وقد استخدم نتنياهو أعلى مستويات العاطفة في مخاطبته، لتذكيره بالإجراءات القمعية والاستبدادية التي يمارسها النظام الإيراني عليه، وكأن نتنياهو أراد أن يقول إن الخطوات اللاحقة ضد إيران هي بما كسبت يد النظام الحاكم فيه
أما الجهة المُخاطبة في رسالة نتنياهو فهو الجمهور الإيراني، وقد استخدم نتنياهو أعلى مستويات العاطفة في مخاطبته، لتذكيره بالإجراءات القمعية والاستبدادية التي يمارسها النظام الإيراني عليه، وكأن نتنياهو أراد أن يقول إن الخطوات اللاحقة ضد إيران هي بما كسبت يد النظام الحاكم فيه، وهو تحضير ربما لتنفيذ وعود ترامب بإلغاء الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على النظام الإيراني.
لكن هل سينفذ ترامب ما وعد به وتتمناه إسرائيل؟؟
لا تُخفي إيران قلقها مما هو قادم فوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف يُصرح بضرورة التزام الولايات المتحدة بتطبيق الاتفاق الدولي المتعدد الأطراف الذي قبلته سابقا. ويضيف ظريف أنه يجب على ترامب أن يفقه حقائق العالم ومنطقتنا ويتعامل معها بواقعية.
لكن إيران في المقابل تراهن على عدم قُدرة ترامب على بناء تحالف دولي ضدها، خاصة أن العالم وفق أغلب المُختصين في العلاقات الدولية يتجه نحو ثنائية الأقطاب في ظل ظهور روسيا والصين كقوة دولية فاعلة تعتبر إيران حليفاً إقليمياً مهماً بالنسبة لها، كما أن ترامب لا يحظى بالشعبية الدولية كالتي حظي بها أوباما عندما قاد تحالف دولي للضغط على إيران وصولاً لتوقيع الاتفاق النووي الذي خفف من العقوبات الاقتصادية عليها.
بالإضافة لذلك فإن المتابع لتصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية يلاحظ أنها أخذت منحى مخالف تماماً لسياسة منافسته كلينتون في إطار التنافس الانتخابي، كما أنه أعلن نيته تمزيق الاتفاق النووي مرة واحدة فقط في كلمته أمام اللوبي الصهيوني “الإيباك” الأمر الذي فُهم منه أنها محاولة لاسترضاء إسرائيل، أما باقي التصريحات فقد غلب عليها التأكيد أنه سيراقب الاتفاق وتنفيذه، وهو الأمر الذي دفع بعض المراقبين للقول أن ما بعد وصول ترامب للبيت الأبيض ليس كما قبله، وأن الوعود الانتخابية تهدأ حدتها أمام الواقع المُنتظر في ظل بيئة دولية غير مستقرة.
ترامب رجل الأعمال القادم للبيت الأبيض يضع التحدي الاقتصادي الذي يواجه أمريكا على رأس أولوياته، وهذا الأمر يدفع للتساؤل أي فائدة سيجنيها ترامب فيما لو فكر في فرض عقوبات اقتصادية أحادية على إيران؟
بالإضافة لما سبق فإن ترامب رجل الأعمال القادم للبيت الأبيض يضع التحدي الاقتصادي الذي يواجه أمريكا على رأس أولوياته، وهذا الأمر يدفع للتساؤل أي فائدة سيجنيها ترامب فيما لو فكر في فرض عقوبات اقتصادية أحادية على إيران؟
ويمكن القول ختاماً أن إسرائيل ستفعل كل ما بوسعها للضغط على إدارة ترامب للإيفاء بالوعود التي قطعها تجاه إيران في محاولة للتضييق عليها من جانب، ومن جانب أخر خفض سقف طموحاتها التوسعية في المنطقة العربية، وهذا قد يُعطي إسرائيل فرصة أفضل لمزيد من التطبيع في العلاقات مع الدول العربية وتحديداً دول الخليج العربي التي تتفق مع إسرائيل في كون إيران ومشروعها التوسعي خطر على المنطقة برمتها، كما أن الضغط على إيران قد يدفعها لمنح أمريكا وإسرائيل ضمانات أوسع في إبقاء الجبهة الشمالية للكيان الإسرائيلي أكثر هدوءً واستقرار في ظل التقديرات الإسرائيلية التي تضع الجبهة الشمالية كأهم التحديات التي تواجه إسرائيل في المرحلة المقبلة.