افتتح دونالد ترامب بداية حكمه الرئاسي للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة مباشرة منه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لزيارة واشنطن الشهر المقبل، للاجتماع به في البيت الأبيض، وذلك أثناء اتصال هاتفي بينهما أمس الأحد، ليكون بذلك أول شخصية مسؤولة يتم توجيه دعوة لها من قبل الإدارة الأمريكية الجديد.
هذه الدعوة والتي وصفت بأنها “وديّة للغاية” من خلال اتصال هاتفي أجراه ترامب مع نتنياهو، جاءت كرد اعتبار للحكومة الإسرائيلية التي كانت على غير وفاق تام مع إدارة أوباما الراحلة، حيث انفجرت الأزمة الاخيرة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة بعد رفض واشنطن استخدام حق النقض (الفيتو) لمنع تبني قرار للأمم المتحدة يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها الدولة العبرية.
حينها، هاجم ترامب بشدة على قرار الأمم المتحدة، وما فعلته إدارة أوباما، وتوعّد بمناصرة “إسرائيل” على الدوام، وكتب وقتها في تغريدة على حسابه عبر تويتر: “بالنسبة إلى الأمم المتحدة، ستكون الأمور مختلفة بعد 20 يناير”.
The big loss yesterday for Israel in the United Nations will make it much harder to negotiate peace.Too bad, but we will get it done anyway!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 24, 2016
وحث ترامب وقتها “إسرائيل” على التماسك أمام الموقف الدولي تجاه المستوطنات حتى توليه مهام منصبه رسميًا. فكتب على صفحته على تويتر: “ظلوا أقوياء”. وأضاف “لا يمكننا السماح بمعاملة “إسرائيل” بهذا الازدراء وعدم الاحترام”. وقال أيضًا: “البداية كانت مع الاتفاق النووي مع إيران ثم الآن الأمم المتحدة.. ظلوا أقوياء (إسرائيل).. 20 يناير قادم”.
As to the U.N., things will be different after Jan. 20th.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 23, 2016
البيت الأبيض قال إن ترامب أكد التزامه خلال هذه المكالمة “الودية ” بأمن “إسرائيل”، واتفق مع نتنياهو على مواصلة المشاورات حول القضايا الإقليمية و”التهديدات التي تشكلها إيران”. كما شدد ترامب على أن “السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين”.
وفي سياق متصل، قال بيان من مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلي، إن “الجانبين ناقشا سبل تعزيز السلام والأمن في المنطقة، إضافة إلى الاتفاق النووي مع إيران وعملية السلام في الشرق الأوسط”.
وبحسب المكتب، فإن نتنياهو “عبّر خلال الاتصال عن رغبته في العمل بشكل وثيق مع الرئيس ترامب لصياغة رؤية مشتركة من أجل دفع السلام والأمن قدمًا في المنطقة”، وقال إنه سيتطرق أيضًا مع ترامب إلى الحرب في سوريا. وأوضح البيان أن الموعد النهائي للقاء نتنياهو مع ترامب في واشنطن “سيحدد في الأيام التي ستسبق” الزيارة.
ما بين الزيارة ونقل السفارة
الإعلان عن هذه الزيارة، جاء بعد ساعات فقط من تأكيد البيت الأبيض بدء المراحل الأولى من المناقشات لتنفيذ وعد ترامب بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
حيث قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر في بيان اليوم الأحد “نحن في المراحل المبكرة جدًا في مناقشة هذا الموضوع” غير أن مصادر إعلامية في تل أبيب قالت إن إجراءات نقل السفارة إلى القدس بدأت بالفعل.
السفارة الأمريكية في “إسرائيل”
وعليه، فيبدو أن تحذيرات أوباما لخليفته ترامب حول نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة ذهبت أدراج الرياح، حيث كان قد حذر ترامب من أن نقل السفارة قد يفجر الأوضاع في المنطقة، تزامنًا مع تحذيرات أطلقها قادة أوروبيون كذلك. حيث أتبع أوباما هذه التحذيرات -في ديسمبر/كانون الأول الماضي- بتوقيعه قرار ينص على تعليق نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس لمدة ستة شهور جديدة.
وما تزال “إسرائيل” تعقد آمالا كبيرة على ترامب بتنفيذ وعده الذي أطلقه خلال حملته الانتخابية، بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ومنذ تبني الكونغرس الأميركي قرارًا عام 1995 بنقل السفارة إلى القدس، دأب رؤساء الولايات المتحدة على توقيع قرارات كل ستة شهور بتأجيل تنفيذ النقل من “أجل حماية المصالح القومية للولايات المتحدة” وفق ما تنص تلك القرارات.
تنصيب ترامب ينعش الاستيطان
إسرائيل تسمح ببناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية بعد تنصيب ترامب
الآمال الكبيرة التي يعقدها الإسرائيليون على ترامب لم تأت من فراغ، ويبدو أن الرهان عليه كبيرًا جدا، حيث سمحت السلطات الإسرائيلية ببناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية بعد تنصيب ترامب.
حيث أعلن مسؤول في بلدية القدس، أن السلطات المحلية وافقت على بناء أكثر من 500 وحدة سكنية في أحياء استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، بعد تجميدها أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي في انتظار تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
ووافقت بلدية القدس الإسرائيلية الأحد على منح الضوء الأخضر لبناء 566 وحدة سكنية في ثلاثة أحياء استيطانية في القدس الشرقية المحتلة، بحسب ما أعلن مسؤول في البلدية مئير ترجمان؛ الذي أكد على أنه سيتم بناء هذه الوحدات في أحياء بسغات زئيف ورموت ورمات شلومو الاستيطانية. مشيرًا إن “قواعد اللعبة تغيرت مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة، لم تعد أيدينا مقيدة مثلما كانت عليه وقت باراك أوباما”.
“قواعد اللعبة تغيرت مع وصول دونالد ترامب إلى السلطة، لم تعد أيدينا مقيدة مثلما كانت عليه وقت باراك أوباما”
إلى ذلك، لا يرى ديفد بولوك كبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمسؤول السابق في الخارجية الأميركية، أي تغير جوهري في الموقف الأميركي، مشيرًا إلى أن عملية بناء المستوطنات لليهود شرقي القدس مستمرة مع تعاقب الإدارات.
وأوضح بولوك في حديث مع قناة الجزيرة قبل أيام، أن الإدارة الأميركية قبلت منذ زمن عملية البناء في شرقي القدس المحتلة، ولكن في نفس الوقت هناك نوع من التحديد لهذه العملية، وأكد أن تصريحات رئيس بلدية القدس لا تعني أن هذه هي سياسة الحكومة الإسرائيلية.
ويرى الباحث الأميركي أن عملية الاستيطان محدودة جدا، وكل العالم يعترف بمبدأ مبادلة الأراضي في حالة حل الدولتين، مؤكدا أن العالم وأميركا يعترفان بغرب مدينة القدس كعاصمة لإسرائيل وغير محتلة. في المقابل فإن شرق مدينة القدس هو الجزء المحتل الذي لا يعترف العالم وأميركا باستيلاء “إسرائيل” عليه.
وبشأن نقل السفارة الأميركية للقدس، قال إن هناك مخاوف من ردود الأفعال في المنطقة، ولكن نقل السفارة إلى القدس هو لغرب المدينة، أي داخل حدود 1976 أي داخل “إسرائيل” وتحت سيادتها الشرعية بحسب المفهوم الدولي، على حد تعبيره.