ترجمة وتحرير نون بوست
تستخدم الحكومة البريطانية صندوق مساعدات يقدر بملايين الجنيهات الإسترلينية لتمويل البرلمان البحريني، في حين أن دولة الخليج تحظر الأحزاب المعارضة وتلغي الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان وتنفذ الإعدام. والجدير بالذكر أن البرلمان البحريني يسرق هذه المساعدات لصالح العائلة المالكة وفق المعطيات التي تسربت بموجب قانون حرية المعلومات.
ويعتبر هذا الصندوق جزءا من برنامج “المساعدة الفنية” الذي تشرف عليه وزارة الخارجية البحرينية. كما يدعم هذا الصندوق مسؤولين في البرلمان رغم المخاوف التي يبديها المستشارون بشأن استخدام هذه الأموال في انتهاك حقوق الإنسان. وتسربت المعلومة التي تفيد بأن بريطانيا تمول البرلمان البحريني بعد اكتشاف كون الدولة الخليجية تلغي إصلاحات حقوق الإنسان وتنفذ أحكام الإعدام في مواجهة الإدانة الدولية.
أيد النواب إصدار حكم الإعدام في حق منتقدي الحكومة. وللإشارة فإن البحرين أعدمت ثلاثة رجال شيعة بتهمة قتل ثلاثة عناصر من قوات الأمن، ضابطي شرطة بحرينيين وآخر إماراتي، إثر تفجير جد سنة 2014
وتجدر الإشارة إلى أن البحرين تشهد اضطرابات منذ أذار/مارس 2011 عقب مواجهة الاضطرابات التي اندلعت أسوة بالربيع العربي من طرف قوات الأمن بوحشية. كما حظرت البحرين في الصيف الماضي أكبر جماعة معارضة في البلاد، جماعة الوفاق التي قاطعت البرلمان سنة 2014، في الوقت الذي يقبع فيه أمين عام الجماعة، الشيخ علي سلمان، في السجن بعد إصدار حكم في حقه يقضي بالسجن لمدة تسع سنوات نتيجة إلقائه خطبا ضد الحكومة.
ومن جهة أخرى، أيد النواب إصدار حكم الإعدام في حق منتقدي الحكومة. وللإشارة فإن البحرين أعدمت ثلاثة رجال شيعة بتهمة قتل ثلاثة عناصر من قوات الأمن، ضابطي شرطة بحرينيين وآخر إماراتي، إثر تفجير جد سنة 2014. وفي هذا الإطار، يقول نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن الاعترافات انتزعت من عباس آل السميع، البالغ من العمر 27 سنة، و سامي مشيمع، البالغ من العمر 42 سنة، وعلي السنكيس، البالغ من العمر 21 سنة، تحت التعذيب الذي يشمل الضرب والصدمات الكهربائية والحرمان من الطعام والماء.
ووفقا لمنظمة “ريبريف”، يواجه رجلان آخران، محمد رمضان وحسين علي موسى، خطر عقوبة الإعدام. ويشاع أن الرجلين ادعا تعرضهما للتعذيب في انتظار التحقيق في مدى صحة إدعاءاتهما. وفي هذا السياق، صرحت رئيسة منظمة “ريبريف”، مايا فوا أنه “تقول الحكومة البريطانية أنها تعارض حكم الإعدام، لكنها تتعامل مع البرلمان البحريني الذي يشجع الملك على إعدام السجناء على غرارمحمد رمضان الذي يصر دوما على براءته ويتعرض للتعذيب قصد الاعتراف بأعمال لم يرتكبها”. وأضافت فوا أنه” بعد بضعة أسابيع من تحذير البرلمان من أحكام الإعدام مع التنفيذ العاجل على غرار الحكم الصادر ضد علي، تم إعدام ثلاثة رجال رميا بالرصاص بعد انتزاع الاعترافات منهم تحت التعذيب. ويجب على الحكومة البريطانية إبلاغ البرلمان البحريني بصفة عاجلة أن تنفيذ الأحكام الجائرة القاضية بالإعدام غير معقول.”
وزارة الخارجية البريطانية تحت الضغط
تتعرض وزارة الخارجية البريطانية للضغط من طرف البرلمان نتيجة دعمها للبرلمان البحريني وصمتها تجاه أحكام الإعدام الصادرة ضد المعارضة البحرينية. وفي هذا الصدد، دعا الحزب الليبرالي الديمقراطي إلى إيقاف “تمويل البحرين فورا.” كما صرح الناطق الرسمي للحزب الليبرالي الديمقراطي، توم برايك أنه”على وزارة الشؤون الخارجية مزيد التحقيق في ما إذا أن أموال المملكة المتحدة تستثمر في السجون أو أن هذه الأموال تصرف في البرلمان البحريني قصد احترام حقوق الإنسان”ز وتابع برايك أنه “بعد‘إصدار أحكام الإعدام الجائرة مؤخرا، تبين بوضوح أن هذه الأموال تصرف في غير محلها، لذلك يجب إيقاف عمليات التمويل فور”.
يعتبر هذا الصندوق جزءا من برنامج “المساعدة الفنية” الذي تشرف عليه وزارة الخارجية البحرينية. كما يدعم هذا الصندوق مسؤولين في البرلمان رغم المخاوف التي يبديها المستشارون بشأن استخدام هذه الأموال في انتهاك حقوق الإنسان
علاوة على ذلك، يمكن الكشف عن تفاصيل 11 مشروع بحريني ممولين من طرف الحكومة البريطانية، وذلك عن طريق صندوق الصراع والأمن والاستقرار، الذي يعد محل تحقيق من قبل أعضاء البرلمان البريطاني نظرا للمخاوف بشأن شفافية نفقات هذا الصندوق. ويذكر أن هذه المشاريع تشمل إنشاء مجلس عدالة جنائية وإحداث وحدة إدماج اجتماعية ترجع بالنظر إلى تفقدية السجون قصد إيجاد آلية وطنية ناجعة لمكافحة التعذيب داخل السجون.
إلى جانب ذلك، يشرف مجلس الأمن القومي البريطاني، وهو لجنة وزارية سرية تضم كبار الوزراء وقادة الجيش ومديري المخابرات، على لجنة مراقبة القطاع المالي التي تتواجد في أكثر من 40 دولة. ويذكر أنه في السنة الماضية، حقق عدد من النواب في البرلمان البريطاني في صندوق الصراع والأمن والاستقرار الذي تبلغ قيمته حوالي 1 مليار جنيه إسترليني، وعبروا عن خيبة أملهم من المعطيات التي قدمها مستشار رئيس الوزراء للأمن الوطني، مارك ليال، بخصوص كيفية صرف الأموال. إذ رفض ليال إلغاء أموال الصندوق الممنوحة إلى الدول المتورطة في التعذيب.
في المقابل، تنفي البحرين ممارسة التعذيب وتدعي التزامها بالمعايير الدولية في أحكام الإعدام . وخلافا لأغلب مشاريع المساعدات في البحرين، يتأتي يرنامج التمويل الموجه للبرلمان البحريني من صندوق المشاريع الثنائية التابع لوزارة الخارجية البريطانية. وبناء على بعض المعطيات، مازال هذا البرنامج في طور النشاط ويتلقى تمويلات بشكل منتظم منذ إحداثه سنة 2015.
صندوق المساعدات السري
رفضت وزارة الخارجية البريطانية الكشف عن المنظمة التي تمول البرنامج كما تم حجب إسم الداعم من قاعدة البيانات بموجب حرية طلب المعلومات ، لكن المعلومات تؤكد أن المشروع تديره منظمة ويستمنستر للديمقراطية، التي ينتمي إلى مجلس إدارتها عدد من النواب على غرار المحافظ، أندرو روسيندال، وزعيم الحزب القومي الاسكتلندي، أليكس سالمون، والنائبة بحزب العمال، مارغريت هودج.
ووفقًا لوثائق صادرة عن منظمة ويستمنستر للديمقراطية، أعرب فريق متكون من موظفين لدى المنظمة وهيئة تنفيذية مستقلة ممولة من وزارة الخارجية عن “مخاوف كبيرة” بشأن سجل حقوق الإنسان في البحرين وبشأن استخدام البرنامج “كورقة ضغط لدى السلطات البحرينية”.
في هذا الإطار، أفاد مصدر شاهد على المحادثات أنه “تدخل المخاطر السياسية في نطاق طبيعة عمل منظمة ويستمنستر، إذ أننا نقوم بدعم الديمقراطية في الدول التي لاتملك تقاليد المساءلة القانونية”. وفي الواقع، تعمل المنظمة على مساعدة البرلمانين البحريين على فهم كيفية صياغة القوانين وعلى خلق الروزنامة البرلمانية. وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم المنظمة أن المؤسسة تعمل على دعم المؤسسات الديمقراطية والقانون قي جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن المشاريع الجارية في البحرين “ترتكز على صقل المهارات الفنية لموظفي البرلمان.”
وتعتبر كلفة المشروع غير واضحة. وفي هذا الإطار، قال نشطاء لدى المعهد البحريني للحقوق والحريات بلندن الذين تحصلوا على بيانات متعلقة بالمساعدات البريطانية الموجهة إلى البحرين أن الوزراء يرفضون تقديم تفاصيل حول كيفية إنفاق أموال دافعي الضرائب الموجهة إلى البحرين . ويفكر هؤلاء النشطاء في رفع قضية بمسرب المعلومات.
يقوم البرلمان البحريني بسرقه المساعدات لصالح العائلة المالكة وفق المعطيات التي تسربت بموجب قانون حرية المعلومات
قال مدير البنك الدولي للإنشاء والتعمير ، سيد الداعي أنه “يتجاوز تورط المملكة المتحدة المساعدة الفنية، إذ قامت المملكة بتشكيل شبكة عنكبوتية تربط بين السجون والشرطة و الجهاز القضائي ، واليوم البرلماني البحريني، على الرغم من أن أغلب قادة المعارضة يقبعون في السجون البحرينية، كما يشهد المجتمع المدني حملة غير مسبوقة من المضايقات، فضلا عن الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان. وتقوم المملكة المتحدة بدعم السياسة القمعية التي ينتهجها النظام الاستبدادي البحريني عن طريق أموال دافعي الضرائب.”
ويشار إلى أن المملكة المتحدة قدمت بالفعل أكثر من 2.51 مليون جنيه إسترليني قصد المساعدة الفنية ودعم حقوق الإنسان منذ سنة 2012. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة “غارديان” أن الحكومة البريطانية ستقدم هذه السنة مساعدات بقيمة تزيد عن مليوني جنيه إسترليني.
على الرغم من هذه المساعدات، تؤكد منظمة العفو الدولية أن الحكومة البحرينية تواصل في التضييق على الحريات المتمثلة في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع. كما أنها تقمع المعارضة. وفي هذا الصدد، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية أنه “نعتقد أن دعم المملكة المتحدة لبرنامج الإصلاح في البحرين يعتبر من أكثر الطرق البناءة للمساعدة على تحقيق برنامج إصلاحات طويلة الأمد ومستدامة في البحرين، رغم أنه سيستغرق وقتا طويلا قصد تحقيق كل نتائجه . ونعتقد أن دعم المملكة المتحدة سيكون له الأثر الإيجابي في هذا المجال”.
المصدر: ميدل إيست أي