تهل اليوم الذكرى السادسة لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والتي نجح فيها الشعب المصري في أن يطيح بثلاثين عامًا من حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ليسطر الشباب بدمائهم الذكية صفحات من النور والحرية، بعد عقود طويلة من العبودية والذل وغياب أدنى مقومات الحياة الآدمية.
وبينما يحتفل المصريون بذكرى الثورة، وفي ظل تراجع دعوات التظاهر كما في الأعوام السابقة، هناك حالة من الانقسام في الشارع، مابين فريق يرى أن الثور قد لفظت أنفاسها الأخيرة، وأنه لا عودة للوراء مجددًا، وفريق يرى أن ما حدث ليس أكثر من خسارة جولة في المعركة، لأسباب معروفة، ودروس تم الإستفادة منها، ولازالت الثورة مستمرة.
ومن خلال التصفح في عدد من الهاشتاجات التي تم تدشينها بمناسبة الذكرى السادسة للثورة، ومنها: #25jan، #الثورة_ مستمرة، لساها_ثورة_يناير ، #25_الشعب_يريد_إسقاط_النظام، #25_يناير، #٢٥يناير_بالنسبالك_إيه، ، “الذكري السادسه”.. نسعى للإجابة عن هذا السؤال الذي لازال قائمًا بالرغم من مرور ست سنوات، وهو: هل انتهت ثورة يناير أم أنها خسرت جولة فقط من جولات المعركة الطويلة؟
مقومات الثورة حاضرة
البداية مع الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، ففي ندوة له بمقر حزب الوسط، أشار إلى أنه لا يمكن الحكم على أي ثورة خلال فترة قصيرة تعقبها، بل إن الأمر يتطلب فترة زمنية طويلة نسبيًا، لتقديم حكم نهائي عليها، كما هو الحال في الثورة الفرنسية، فالوضع في مصر ألان يختلف عن المثل العليا التي رفعتها ثورة يناير، ومن ثم فإن هذا الواقع لا ينبغي أن يمتلك الحكم على فشل هذه الثورة.
د.مصطفى السيد: يناير رسمت جدول أعمال لما يمكن أن يكون عليه الوطن مستقبلا..عيش – حرية – عدالة اجتماعية، ومن ثم فلن تموت.
السعيد أشار إلى أن هناك 3 قوى شاركت في الثورة، أولها، القوة الشبابية التي كان لها زمام المبادرة، ولولاها ما كان يمكن أن يحدث ما حدث، القوة الثانية، هي الإخوان المسلمين، لاسيما فئة الشباب منهم، القوة الثالثة، هي القوات المسلحة، والتي تدخلت لوقف سيناريو التوريث وليس الإيمان بقضية الديمقراطية، ملفتًا أن لكل من هذه القوى أهدافه الخاصة إلا أن القوى الشبابية كانت الأكثر طموحا وسعيا لتغيير ملامح مصر بصورة كلية، لكن مع الأسف كانت أول القوى التي تم تهميشها تماما، وجرى عليها القمع.
أستاذ العلوم السياسة لفت إلى أن عناصر قوة ثورة 25يناير هي أيضا عناصر إخفاقها، والتي تمثلت في عدم وجود قيادة وتنظيم، حيث غياب القيادة جعل هناك حالة من عدم النزاع عليها، وهي ذاتها التي أدت لفقدان خط واضح تسير عليه، ملفتًا إلى أن الثورة نجحت في بداياتها الأولى لأنها نظرت إلى الواقع وحاولت أن تقفز عليه، وهو ما يمكن استرداده مرة أخرى، في ظل توفر مقومات الثورة من جديد، مختتمًا بأن يناير رسمت جدول أعمال لما يمكن أن يكون عليه الوطن مستقبلا..عيش – حرية – عدالة اجتماعية، ومن ثم فلن تموت.
حراك اجتماعي متوقع
(..أملك إيمان عميق بأن الشعب دائما يجد طريق لما هو أفضل، فما زلت أقول وأكرر أن الشعب الآن يستوعب الدرس لأنه يتعلم الجديد وحتى هذه اللحظة لم يرى النظام السياسي المثالي حتى يختاره، لكن أتوقع أن يكون هناك حراك جماعي، فأرى حالة من الصدمة داخل فئات الشعب من اختيارهم..)بهذه الكلمات علقت الدكتورة هالة شكر الله رئيسة حزب الدستور السابق، على الذكرى السادسة لثورة يناير.
شكر الله أشارت في تصريحات لها إلى أن مطالب ثورة 25 يناير لم تتحقق إلى الآن، فالحريات منتقصة تمامًا والشعب في أزمة فعلية منذ 3 سنوات، وتابعت: عندما نتحدث عن العدالة الاجتماعية فأننا لم نشهد من قبل هذه الأزمة التي تؤدي إلى إفقار مزيد من الأعداد، فاليوم نتكلم عن طبقة وسطى تنهار، ملفتة أن كل الشعارات التي رفعها ثوار يناير لم تتحقق بعد، ومن ثم فهي لازالت على جدول أعمال الشعب المصري إلى حين تحقيقها.
واختتمت رئيسة حزب الدستور السابق حديثها بأن الذي أوصل المصريين إلى ما هم فيه ألان أن ثورة يناير لم تحكم بعد، بل إن كافة الحكومات التي جاءت بعد الثورة وحتى الوقت الراهن لا تبحث إلا عن مصالحها وفقط، أما الشعب فليس على قائمة أولوياتها.
جمعة الغضب 28يناير 2011
مخطئ من ظن أنها وُئدت
أما المستشار هشام جنينه، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق، أشار إلى أن من يظن أن ثورة يناير قد ماتت، فهو مخطئ، مطالبًا الجميع باللحاق بموجاتها القادمة، حيث كتب في تغريدة له على موقع “تويتر” : ٢٥ يناير يوم مضيء سطره شعب في صفحات التاريخ ، ذكرى لثورة مخطئ من ظن أنها وئدت، وخاسر من لم يلحق بموجتها القادمة
٢٥ يناير يوم مضيء سطره شعب فى صفحات التاريخ ، ذكرى لثورة مخطيء من ظن أنها وئدت ، وخاسر من لم يلحق بموجتها القادمة
— المستشار هشام جنينة (@HeshamGnena) January 24, 2017
الدكتور محمد البرادعي قال عن الثورة في تغريدة له: ستبقى الثورة فخر وشعلة مضيئة لكل مصري حر. ثورتكم يا شباب محفورة في الوجدان . ستنتصرون مهما طال الزمن لأنكم أنتم المستقبل.
وتسأل البرادعي قائلا: “أسئلة بمناسبة ذكرى الثورة ، هل توافقنا على قيادة للثورة حتى تحكم في فبراير ٢٠١١؟ هل توافق كل شركاء الثورة على رئيس للوزراء في نوفمبر ٢٠١١؟ ، هل توافقنا على مرشح رئاسي واحد يمثل الثورة في ٢٠١٢؟، هل حاول شركاء الثورة أن يتوافقوا على دستور يجمعهم وحكومة وحدة وطنية تمثلهم في ٢٠١٢؟ ، هل توافقنا على حرمة الدم بما فى ذلك دم من نختلف معهم ؟ وأضاف: “حان الوقت لأصحاب الثورة أن يتعلموا من أخطائهم اذا أردنا أن تحقق الثورة أهدافها”.
ستبقى الثورة فخر وشعلة مضئية لكل مصرى حر. ثورتكم ياشباب محفورة فى الوجدان . ستنتصرون مهما طال الزمن لأنكم أنتم المستقبل #لساها_ثورة_يناير
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) January 24, 2017
هل توافقنا على مرشح رئاسى واحد يمثل الثورة فى ٢٠١٢؟ هل حاول شركاء الثورة أن يتوافقوا على دستور يجمعهم وحكومة وحدة وطنية تمثلهم فى ٢٠١٢؟ ٢
— Mohamed ElBaradei (@ElBaradei) January 24, 2017
أما الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، فقال عبر حسابه الشخصي على “تويتر”: فى ذكرى أنقى ثورةلشباب وطن ضحى من أجل الكرامة والحريّة الرحمة لكل شهيد والحريّة لكل سجين والشفاء لكل مصاب وثقتنا فى الله بانتصار مبادئ يناير
فى ذكرى أنقى ثورةلشباب وطن ضحى من أجل الكرامة والحريّة الرحمة لكل شهيد والحريّة لكل سجين والشفاء لكل مصاب وثقتنا فى الله بانتصار مبادئ يناير
— عبدالمنعم أبو الفتوح (@DrAbolfotoh) January 25, 2017
حمدين صباحي، المرشح الرئاسي الخاسر، فكتب على صفحته الشخصية على “فيس بوك” يقول: لم تكن مصر أجمل ولا شعبها أنبل مثلما شهدنا في جنة ميدان التحرير طوال 18 يوما هي الأروع في تاريخ النضال الشعبي، المجد للشهداء، النصر للشعب، عاشت ثورة 25 يناير
الكاتب والروائي علاء الأسواني، فكتب على صفحته على “تويتر” : منذ ستة أعوام خرج أنبلنا وأشجعنا ليطالبوا بالحرية والكرامة، البعض خان الثورة والبعض تآمر عليها لكن الثورات لا تنهزم، الثورة مستمرة ومنتصرة”
منذ ستة أعوام خرج أنبلنا وأشجعنا ليطالبوا بالحرية والكرامة. البعض خان الثورة والبعض تآمر عليها لكن الثورات لا تنهزم .الثورة مستمرة ومنتصرة
— علاء الأسواني (@AlaaAswany) January 25, 2017
بينما حيا الفنان عمرو واكد، الذكرى السادسة لاندلاع ثورة 25 يناير، وقال في تغريدة له عبر حسابه على “تويتر”: “عاشت ثورة يناير.. ويسقط أعدائها”.
عاشت ثورة يناير ويسقط أعدائها.
— Amr Waked (@amrwaked) January 24, 2017
كذلك احتفل الفنان محمد عطية، بذكرى الثورة، موضحًا أنها الشيء الوحيد الذي يستحق أن يعلمه لأولاده، وقال في تغريدة له”: “مافيش حاجة في آخر ميت سنة من تاريخ البلد دي تستاهل أعلمها لولادي غير ٢٥ يناير، لساها ثورة يناير”
روحها باقية وإن قتل الجسد
“روح يناير مازالت متواجدة ومستمرة ولكن ما حدث هو قتل يناير وليس روحها..” هكذا علقت الفنانة تيسير فهمى، على ثورة يناير في ذكراها السادسة، موضحًة في تصريحات لها، أن الثورة لا تزال متواجدة، فهي شعبية تاريخية ويكفى أن الغالبية العظمى من شعبها من قام بها بعيدًا عن المعترضين عليها.
وأضافت الفنانة أن تذكر الثورة لا يكون للأسف إلا مع قرب ذكراها وفقط، لكن إذا استمر الشعب على أهداف يناير، وتمسك بها، لاختلف الحال عما آل إليه، مشيرًة إلى أن هناك رغبة قوية في محوها، لكن لا يمكن أن يحدث ذلك لأن قتل يناير لن يستطيع إزالة روحها التي مازالت متواجدة.
أما المخرج خالد يوسف، عضو مجلس النواب، فقال عن ذكرى الثورة: إرادة يناير من المستحيل القضاء عليها، وأنها من الممكن أن تختفي قليلًا وتنهزم فترة من الفترات لكنها ستظل صامدة، وأن الشعب سيصل في يوم ما إلى نتيجة ما خرج من أجله آجلاً أم عاجلاً.
لهذه الأسباب.. الثورة ممكنة
الكاتب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي في مقال له بجريدة “الجارديان” البريطانية، كتب يقول: اليوم، يرى الكثيرون عبارتي “الأمل” و “التفاؤل” ككلمات سفيهة، ولكن مع ذلك، يوجد سببان يشجعان على الأمل، الأول أن الأسباب “المادية” لنشوب ثورة 25 يناير 2011، الفساد والاستبداد والفقر، لا تزال موجودة، بل إنها تتمثل اليوم بشكلها الأقبح، والوضع خطير للغاية بحيث لا يمكن له أن يستمر، والثورة لا تزال ممكنة لأن كل شيء عداها متعذر، والسبب الثاني أن ملايين المصريات والمصريين الذين شهدوا تلك اللحظة المجيدة، وعاشوا ألمها وفرحها، واكتشفوا إمكاناتهم، لا يمكنهم أن يضيعوا حالة الثقة بالنفس والشجاعة التي اكتسبوها بسهولة، وحقيقة أنهم استطاعوا القيام بالثورة لأول مرة، تطرح أكبر دليل على أنهم قادرون على القيام بها مرة أخرى.
البرغوثي: اليوم، يرى الكثيرون عبارتي “الأمل” و “التفاؤل” ككلمات سفيهة، ولكن مع ذلك، يوجد سببان يشجعان على الأمل
إعلام النظام: سبب تأخر الوطن وتمنيات بالانتهاء للأبد
وفي المقابل هناك من قلل من شأن الثورة، وأنها السبب الرئيسي فيما وصلت إليه الأوضاع الحالية، كما جاء على لسان مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، اللواء محمد نور الدين، والذي قال إن ثورة 25 يناير هي التي أدت إلى تردي الأوضاع في مصر، معتبراً أن “الدول المحترمة” تضع قوانين وضوابط للتظاهرات والاحتجاجات وعلى من يخالفها أن يُحاكم وفقاً للقانون.
وعن عدم خروج تظاهرات لإحياء ذكرى الثورة هذا العام، قالت الإعلامية لميس الحديدي: “أهنئ الجميع بعيد ثورة 25يناير، وأظن أن هذا هو أول عام نستقبل فيه هذه الذكرى في حالة من الهدوء ودون قلق”.
وأضافت الحديدي خلال برنامجها “هنا العاصمة” المقدم على قناة “cbc“: لأول مرة منذ اندلاع الثورة نقول الوضع في البلد هادي برغم الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة المصرية الفترة الأخيرة”.
بينما قال الإعلامي عزمي مجاهد، مدير إدارة الإعلام باتحاد كرة القدم المصري، والذي وصف ثورة يناير بـ”الوكسة” و”النكسة” إنها لن تتكرر مرة أخرى، وأنها قد انتهت للأبد، وأن الشعب والجيش والسيسي بالمرصاد لكل العملاء على حد قوله.
(25 يناير انتهت.. واللي معاها يبقى مع البلطجية وحرق المحاكم والأقسام وتهريب المساجين، وهى دى الصورة اللى عندنا، أما فى 30 يوينو مافيش حادثة واحدة حصلت..) هكذا وصف المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، وعضو مجلس النواب، ثورة يناير، مهددًا كل من يتطاول عليه بسبب معارضته للثورة، قائلا: العيال الصايعة اللي مهّدت لانقلاب 25 يناير، هم من يهاجمون البرلمان الآن، واللي مش عاجبه النواب، وأي حد يقل أدبه على البرلمان اللي أنا فيه، هضربه بالجزمة.. واللي مش هيحترم نفسه هيتحبس”.
أما الكاتب وحيد حامد، فقال: إن يوم 25 يناير هو عيد الشرطة، معتبرا أن “ثورة يناير أخذت وقتها وانتهت”، مضيفًا : “الأمر نفسه بالنسبة لثورة 30 يونيو، فهي أيضا انتهت”، مشددا على أهمية النظر للمستقبل، قائلا: “نتطلع للأفضل الذي لن يتحقق إلا بمشاركة الشعب والحكومة”.
وبمناسبة الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، فقد طرح “نون بوست” استفتاء على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” لاستطلاع رأي المواطنين بشأن استمرارية الثورة، حيث جاء السؤال كالتالي: هل تم القضاء على #ثورة_يناير، أم أنه لا تزال هناك جولات أخرى؟ ويمكنكم المشاركة في هذا الاستفتاء عبر رابط تويتر
هل تم القضاء على #ثورة_يناير، أم أنه لا تزال هناك جولات أخرى؟#25jan #ثورتنا_اولها_يناير
— نون بوست (@NoonPost) January 25, 2017