يبدو أن العلاقة بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والنظام المصري الحاكم برئاسة عبد الفتاح السيسي، بدأت تدخل نفقاً جديداً أقل ظلمة من النفق السابق الذي دخلت قبل سنوات بعد حالة التوتر الكبيرة وتبادل الاتهامات التي شهدتها الساحة بين غزة والقاهرة.
مصر منذ أشهر قليلة فقط فضلت سلوك طريق جديد مع حركة “حماس” وسكان غزة في ظل الخلافات القائمة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فقررت فتحت ذراعيها لاستقبال الوفود الفلسطينية القادمة من القطاع، وتحريك الملفات التي كانت تراعها وأبزرها المصالحة الداخلية.
وعلى ضوء تطور العلاقات بين غزة ومصر، حاولت حركة “حماس” استغلال ذلك الأمر الذي لا يتكرر كثيراً، وبدأت بإجراء اتصالات وتحركات لعقد لقاءات مع المسئولين المصرين، للتباحث في الأوضاع “السياسية والاقتصادية والأمنية وحصار غزة”، وفتح الملفات الشائكة… ولكن ما هي تلك الملفات؟
الملفات الست الشائكة
قيادي بارز في حركة “حماس”، كشف عن الملفات الستة التي ستكون حاضرة على طاولة النقاش بين وفد حركة “حماس” الذي يترأسه نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، ورئيس جاهز المخابرات المصرية اللواء خالد فوزي، في العاصمة المصرية القاهرة.
وأكد في حديث خاص لمراسل “نون بوست”، في غزة، أن اللقاء الأول الذي جمع وفد “حماس” بالمسئولين المصريين كان هاماً وبحث في العديد من الملفات العالقة بين الجانبين، إضافة لملفات فلسطينية مرتبطة بالعلاقة مع جمهورية مصر العربية.
وقال القيادي في حركة “حماس”، والذي فضل عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه، أن هنية سيبحث العديد من الملفات “السياسية والاقتصادية والأمنية” مع المسئولين في جهاز المخابرات المصرية التي تتعلق بالوضع الفلسطيني بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص.
وأوضح أن ملف المصالحة الداخلية وتشكيل حكومة التوافق الوطني سيكون من أهم الملفات التي ستبحث بين وفد “حماس” والمسئولين المصريين، للبحث عن مخارج أزمة الانقسام الراهنة وتأكيد وجهة نظر الحركة المتمسكة دائماً بتحقيق تقدم بهذا الملف رغم معارضة حركة “فتح”.
ملفات ستة ستكون على طاولة النقاشات بين هنية والمخابرات المصرية
كما أشار إلى أن الملف الثاني الذي سيتم بحثه خلال لقاءات القاهرة حصار قطاع غزة، والبحث عن مخارج لهذا الحصار المفروض لأكثر من 10 سنوات، وتسهيل دخول البضائع والمواد التموينية والأساسية للقطاع من الجانب المصري.
ذكر القيادي في حركة “حماس” لـ “نون بوست”، أن وفد حركته سيبحث كذلك في كيفية تطوير العلاقات بين حركة “حماس” والجانب المصري والتي شهدت مؤخراً تطوراً ملحوظاً، إضافة لملف فتح معبر رفح بري ووضع آلية واضحة للتعامل مع هذا الملف الأهم بالنسبة لسكان غزة.
وأشار إلى أن الملف الخامس سيكون “أمنياً” ويتعلق بتأمين الحدود بين قطاع غزة وجمهورية مصر ونشر عدد كافي من قوات الأمن الفلسطينية على طول الشريط الفاصل، وتوقع أن يكون الملف السادس والأخير على طاولة النقاش هو ملف “تبادل الأسرى” الذي كانت تلعب فيه مصر دور الوسيط مع الجانب الإسرائيلي.
وكان هنية غادر قطاع غزة خلال موسم الحج، قبل نحو أربعة شهور، ومنذ ذلك الحين وهو يقيم في العاصمة القطرية الدوحة حيث قام بزيارات لبعض الدول منها تركيا خلال الفترة نفسها.
وكان من المفترض أن يعود هنية والوفد المرافق له إلى قطاع غزة في أواخر كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، لكن عودته تأجلت لأسباب أمنية، وسيعود هنية مرة أخرى لقطاع غزة عبر معبر رفح البري.
تطور العلاقة مع مصر
وشهدت العلاقة بين مصر وغزة تحسناً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية، ترتّب عليها فتح معبر رفح البري، والسماح لاستقبال شخصيات فلسطينية دينية واقتصادية واعتبارية على الأرضي المصرية للبحث عن مخارج لحصار غزة، في حين عقد أبو مرزوق اجتماعاً قبل أيام مع مسئولين مصريين في القاهرة، بحث خلالها عدة ملفات؛ أبرزها المصالحة، ومعبر رفح، وحصار غزة.
وفي ذات السياق، كشف محمود الزهار، القيادي البارز في حركة “حماس”، عن انفراجه قريبة لسكان قطاع غزة المحاصرين، بناءً على وعود مصرية مرتبطة بتطور العلاقات بين الجانبين، وقال:” بناء على اللقاءات الأخيرة التي جرت في القاهرة بين المسئولين المصريين ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، فهناك انفراجة قريبة لسكان غزة والحصار المفروض عليهم”.
وأضاف: مصر أكدت التزامها بفتح معبر رفح البري أمام المسافرين، وتفعيل التبادل التجاري بين قطاع غزة والقاهرة”، مؤكداً أن هناك مرحلة هامة وجديدة ستبدأ قريباً بين مصر وغزة.
وأوضح الزهار أن مصر تحتاج إلى قطاع غزة في ظل الوضع الصعب الذي يعاني منه الاقتصاد المصري، وكذلك غزة بحاجة لمصر في ظل الحصار الخانق الذي يعيشه سكان القطاع منذ سنوات طويلة، لافتاً الانتباه إلى أن الطرفين بحاجة إلى علاقة اقتصادية متبادلة لتعم الفائدة على الجميع.
وأشار القيادي في حركة “حماس”، إلى أن الأزمة بخصوص معبر رفح هي أزمة مصطنعة بامتياز، مضيفاً أن حماس وغزة قادرة على أن تصل بعلاقاتها مع مصر إلى نقطة التبادل التجاري بقيمة 7 مليار دولار.
المحلل السياسي مصطفى الصواف، يرى أن مصر تحاول التقرب من “حماس”، وهذا كان ظاهراً خلال الشهور الأخيرة؛ من خلال فتح معبر رفح، وزيارة الوفود الفلسطينية لأراضيها؛ “لما يخدم مصالحها، خاصة في ظل خلافاتها الكبيرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس”.
سيبحث هنية العديد من الملفات “السياسية والاقتصادية والأمنية” مع المسئولين في جهاز المخابرات المصرية التي تتعلق بالوضع الفلسطيني بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص
ويوضح الصواف، أن اللقاءات التي ستعقد في القاهرة “تخدم الجانبين الفلسطيني والمصري من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية، ولكن كل ذلك مرهون بمدى تطبيق مصر الوعود التي دائماً ما تطلقها خلال لقاءاتها بالفلسطينيين”.
ويقول المحلل السياسي:” مصر تعلم جيداً أن تحالفها وتحسين العلاقات مع “حماس” سيعود بالمصلحة لها، و”حماس” كذلك لا تزال مصرة على شروطها، وسترفض أي مساومات خارجة عن نهجها السياسي”.
ويبقى هنا السؤال المطروح الذي ينتظر إجابته أكثر من 2 مليون فلسطيني محاصرين في قطاع غزة، هل سينتج عن تلك اللقاءات التي تجري بالقاهرة أي تقدم برفع الحصار وفتح المعابر الحدودية ومتى؟، أم أن ما يجري من لقاءات ووعود مجرد “أوراق سياسية” يلعب بها في الوقت والزمان المناسبين؟!