ترجمة وتحرير نون بوست
يريد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى فلسطين. في المقابل، نلاحظ تكثيف عمليات بناء المستوطنات الإسرائيلية. وفي هذه الحالة، قد تتسبب هذه الخطوات في مخاطر جمة.
وفي الواقع، تثير العلاقة الوطيدة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المخاوف من حدوث تغيير جذري على مستوى السياسات المتبعة في الشرق الأوسط.
والجدير بالذكر أن مكالمة هاتفية جمعت ترامب بنتنياهو حيث دامت نصف ساعة تحدث الطرفان خلالها، بعد تبادل عبارات الإعجاب، عن ضرورة إرساء التعاون المشترك في عدة قضايا. وفي هذا السياق، اتفق الجانبان على ضرورة إيجاد سياسة مشتركة بهدف مواجهة “التهديد الإيراني” .
كما وعد ترامب نتنياهو بالوقوف في صف الجانب الإسرائيلي خلال محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية. كما اتفق الجانبان على مواصلة التشاور حول هذه المسائل خلال الزيارة المرتقبة التي سيؤديها نتنياهو إلى البيت الأبيض في بداية شهر شباط/فبراير القادم. ومن المرجح، أن يعتبر نتنياهو هذه الإشارات الأمريكية بمثابة “الهدية”، القابلة للانفجار.
أجمع المجتمع الدولي على مناقشة قضية القدس في إطار مفاوضات السلام. وبالتالي، فإن الاعتراف بمدينة القدس كعاصمة لإسرائيل يُعتبر أمرًا صعب المنال
لكن الملفت للنظر هو أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تشهد تطورا واضحا يتجلى خاصة في مسألة الإستيطان التي يمكن أن تشهد منحى جديدا مع الإدارة الأمريكية الجديدة. ففي عهد الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، نجحت إسرائيل في بناء عدة مستوطنات، تحت ضغط دبلوماسي مستمر.
والجدير بالذكر، أن نتنياهو أعلن خلال مجلس وزاري في بداية هذا الأسبوع عن زوال كل القيود المفروضة على بناء المستوطنات في شرق القدس. كما أعلن عن بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية. وعلاوة على ذلك، اتفق المجلس الوزاري على تأجيل التصويت على قانون ضم مستوطنة معالي أدوميم بالضفة الغربية إلى غاية اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو.
شكّلت قضية القدس نقطة محورية في السياسة الجديدة في الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بنقل مقر السفارة الأمريكية من مدينة تل أبيب إلى القدس، معلنا بذلك عن القطع مع السياسة الأمريكية السابقة.
وتجدر الإشارة إلى أن الكونغرس الأمريكي أصدر سنة 1995 قانونا يقضي بنقل مقر السفارة، لكن هذا القانون بقي حبرا على ورق. وبالإضافة إلى ذلك، وعد عدد من الرؤساء الأمريكيين خلال حملتهم الانتخابية بتنفيذ هذا القانون، ولكنهم لم ينفذوا وعودهم لأسباب وجيهة.
ومن جهته، حذّر وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، خلال الأسبوع الماضي من أن تؤدي عملية نقل مقر السفارة الأمريكية إلى “انفجار الأوضاع بشكل مطلق في كل من إسرائيل والضفة الغربية وفي كامل الشرق الأوسط”.
وفي الحقيقة، يتناول الفلسطينيون والإسرائيليون قضية القدس بنوع من العاطفة نظرا لبعدها الديني والسياسي. ففي حين يطالب الإسرائيليون بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، يطالب الفلسطينيون بأن تكون المدينة عاصمة لدولتهم.
وفي السياق نفسه، أجمع المجتمع الدولي على مناقشة قضية القدس في إطار مفاوضات السلام. وبالتالي، فإن الاعتراف بمدينة القدس كعاصمة لإسرائيل يُعتبر أمرًا صعب المنال. في المقابل، يبدو أنه باستطاعة ترامب تغيير منحى قضية القدس لصالح إسرائيل.
ومن جهته، صرّح الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، سين سبايسر، قبل المكالمة الهاتفية بين ترامب ونتنياهو بأن المخططات لنقل مقر السفارة الأمريكية مازالت “في بدايتها”. لكن ترامب نفسه اتخذ قرارات مهمة حول مسألة نقل مقر السفارة، من بينها تعيين دافيد فريمان كسفير لدى إسرائيل. وتجدر الإشارة إلى أن فريدمان مقرب من اليمين الإسرائيلي، كما أنه لم يخف سعادته بهذه المهمة الجديدة في القدس.
ومن جهة أخرى، أجرى الرئيس الأمريكي الجديد خلال الأسبوع الماضي حوارًا مع الصحيفة الإسرائيلية المقربة من نتنياهو “إسرائيل هايوم”. وقد أكد خلاله على أنه لن يخل بوعده بنقل مقر السفارة الأمريكية وأنه في كل الأحوال ليس “الشخص الذي يخل بوعوده”.
شكّلت قضية القدس نقطة محورية في السياسة الجديدة في الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بنقل مقر السفارة الأمريكية من مدينة تل أبيب إلى القدس
وفي المقابل، تعتبر عملية نقل السفارة الأمريكية صدمة للفلسطينيين وللعالم العربي بأسره. وفي هذا الصدد، حذر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبو مازن، من نسف عملية السلام بشكل نهائي، كما أنه وجه رسائل تحذير لكل من واشنطن وبقية دول العالم.
في الوقت نفسه، تحاول الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية على غرار الأردن والمملكة العربية السعودية إثناء ترامب عن تنفيذ خططه المتعلّقة بنقل مقر السفارة الأمريكية. وإلى جانب ذلك، هددت رام الله بالفعل باندلاع انتفاضة جديدة في حالة نقل مقر السفارة الأمريكية إلى القدس. وفي هذا السياق، يتحدث البعض عن “فتح أبواب الجحيم”.
وفي حين يُعتبر رد الفعل الأمريكي غامضًا، أخذت إسرائيل هذه التحذيرات على محمل الجد. وفي هذا الإطار، دعا نتنياهو، وفق صحيفة “هارتس”، منذ الإعلان عن نقل مقر السفارة الأمريكية قوات الأمن الإسرائيلية إلى الاستعداد لمواجهة أحداث عنف مرتقبة.
المصدر: زيد دزيتشه تسايتونغ