فتح الشام في مواجهة المعارضة.. وخطوات جديدة للحل من قبل واشنطن وموسكو

مثل كرة الثلج، تتدحرج أحداث الاقتتال في شمال سوريا بين فتح الشام (النصرة سابقًا) وفصائل المعارضة السورية ليكبر حجمها وتسير كما أريد وخطط لها، فإشعال القتال بين جبهة فتح الشام والفصائل كان أحد الأهداف الرئيسية التي سعت لها روسيا وإيران والولايات المتحدة والنظام السوري، بالإضافة لذلك كان أحد أهداف تجميع مقاتلي المعارضة في إدلب من جميع المحافظات السورية.
فتح الشام.. الحلقة الأخيرة
بررت جبهة فتح الشام في بيان لها هجومها على مقرات بعض فصائل المعارضة بـ”إفشال المؤامرات والتصدي لها قبل وقوعها” في إشارة للمؤتمر الذي حضرته المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري في أستانة والذي تمخض عنه موافقة المعارضة إقصاء الجبهة ومحاربتها، وهو ما يفسر بإعلان حرب على الفصائل، وانتشرت شائعات أن الجبهة قررت القضاء على الفصائل التي وافقت على مقررات أستانة.
وفق البيان الختامي الذي صدر عقب انتهاء المؤتمر ذكر أن المجتمعين ركزوا على تثبيت وقف إطلاق النار في سوريا والتوحد لقتال داعش وجبهة فتح الشام، ووزع الطرف الروسي خرائط على كل من المعارضة والنظام لأماكن توزع داعش والجبهة في سوريا، ونص أحد بنود البيان على موافقة الأطراف للفصل بين التنظيمين من جهة والفصائل المعارضة من جهة أخرى، وهذا يعني ضمنيًا تخلي المعارضة عن الدفاع عن الجبهة في المحافل الدولية كما كان يحصل سابقًا، علمًا أن المعارضة نفسها رفضت التوقيع على البيان الختامي والبحث في ملف فتح الشام ما لم يترافق ذلك مع بحث خروج الميليشيات الأجنبية والإيرانية من سوريا، حيث طالبت بطرد 62 تنظيمًا شيعيًا يشارك في القتال إلى جانب النظام.
فتح الشام تبرر هجومها على فصائل المعارضة بإفشال المؤامرات التي حيكت لها في أستانة
إلى ذلك أشار نائب وزير الخارجية الإيراني جابري أنصاري أن طهران لن تنظر في مطالبة المعارضة السورية بسحب الميليشيات الإيرانية من سوريا ولن نرد عليها، لأنها – حسب تعبيره – تصريحات ضعيفة وخسيسة لأطراف ورطت نفسها والشعب السوري ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها في المحنة، وأردف أنصاري أن تلك القوى – في إشارة إلى فصائل المعارضة – منحازة وتفسر حلول الأزمة بشكل غير واقعي.
وفي كل الأحوال فإن المعارضة لم تتحفظ على إدراج فتح الشام كتنظيم إرهابي ويجب محاربته كما هو مدرج بقرار من مجلس الأمن، علمًا أن المتحدث باسم وفد المعارضة إلى أستانة أشار أنه لا علاقة لمؤتمر أستانة بالاقتتال الحالي في شمال سوريا وأن تحرشات جبهة فتح الشام بالفصائل بدأ منذ زمن طويل من خلال تفكيك أكثرمن 14 فصيلاً واليوم تحاول استعمال مؤتمر أستانة كذريعة لهذا.
وبعد أستانة والهجوم الذي قامت به الجبهة على فصائل المعارضة بذريعة استباق ما قد يحصل معها والدفاع عن نفسها، فقد بات لدى المعارضة حجة أكبر للتخلي عن الجبهة وتصفيتها، وخصوصًا أن تركيا تشن حملة كبيرة لتطهير حدودها من التنظيمات الإرهابية لذا من غير المستبعد أن تحظى فصائل المعارضة بدعم من تركيا في حال قررت قتال الجبهة وتصفيتها.
كما أعلنت موسكو عن توافق حاصل بين النظام والمعارضة يقضي بمشاركة الطرفين معًا بعملية عسكرية واحدة ضد تنظيم الدولة داعش، وحسب وزير الخارجية الروسي لافروف فإن روسيا والنظام والمعارضة مستعدان من حيث المبدأ لشن عملية عسكرية مشتركة ضد داعش.
ومن المقرر أن يسافر وفد المعارضة إلى موسكو غدًا الجمعة بدعوة من روسيا لعقد محادثات بهدف تقاسم الانطباعات بشأن محادثات أستانة، والجدير بالذكر ما أشار إليه محمد علوش رئيس وفد المعارضة إلى أستانة أن موسكو غيرت موقفها من راعٍ للاتفاق إلى ضامن لإنجاح الاتفاق.
المعارضة السورية لم تتحفظ على إدراج جبهة فتح الشام كتنظيم إرهابي في مباحثات أستانة
وأشار لافرووف في حديث له أمام مجلس الدوما الروسي أن اللقاء مع ممثلي المعارضة السورية سيكون للتأكيد على كل من تركيا وروسيا وإيران لا تحاول من محادثات أستانة إيجاد مسار بديل لما تم تحقيقه في جنيف أو مجلس الأمن فيما يخص مسار التسوية الدولية، بل إن نتائج مباحثات أستانة من المفترض أن تدفع التسوية السياسية قدمًا وفق القرارات الصادرة بهذا الشأن.
حركة أحرار الشام.. النفير العام
أعلن القائد العام للحركة أبو عمار العمر في تسجيل صوتي مساء أمس الأربعاء 25 من يناير/ كانون الثاني، النفير العام للحركة بعد رفض جبهة فتح الشام كل المبادرات لتحكيم الشرع ووقف القتال، وطلب من جميع القطاعات الألوية التابعة للأحرار الاستعداد لتلقي الأوامر وبدء التحركات من أجل وقف القتال.
تزامن هذا الإعلان مع إعلان الحركة قبول انضمام فصائل كبرى في الشمال السوري بسبب الأحداث الأخيرة التي وقعت مع الجبهة، حيث وقعت كل من “صقور الشام” و”الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” و”جيش المجاهدين” و”تجمع فاستقم كما أمرت” على بيان تعلن فيه انضمامها الكامل إلى حركة أحرار الشام.
أحرار الشام لن تتوانى في التصدي لأي محاولة لضرب الفصائل التي انضوت إليها من قبل جبهة فتح الشام مهما تطلب من قوة
وتأتي هذه الخطوة بعد إصدار 22 شرعيًا وداعية لمبادرة توجب على الفصائل المذكورة للانضمام إلى الأحرار لتأمينهم وتوحيد الصف ضد جبهة فتح الشام، ودعت المبادرة أحرار الشام لتوسيع مجلس الشورى لتشمل أعضاءً جددًا من المنضمين إليها حديثًا وأن تتعهد بحمايتهم من أي “بغي”.
أبو عمار القائد العام لحركة أحرار الشام الإسلامية
كما حذر العديد من الشرعيين والدعاة من تغول الجبهة على الثورة واعتبروها مشروعًا خطيرًا تقوده القاعدة في سوريا وأن البغي على الفصائل التي تقاتل النظام يخدم الأسد وحلفاءه فقط.
ويخيم على إدلب وريف حلب في هذه الأوقات هدوء حذر ولكن هناك حالة استنفار وترقب لدى الجميع خصوصًا بعد تحذير القائد العام لحركة أحرر الشام أن أي اعتداء على الفصائل المنضوية للحركة كإعلان قتال وأنها لن تتوانى في التصدي له وإيقافه مهما تطلب من قوة، حيث استنفرت الجبهة جميع عناصرها بعد كلمة أبو عمار القائد العام للحركة بعدما بسطت سيطرتها على العديد من مواقع ومقرات الفصائل في هاتين المنطقتين أول أمس الثلاثاء تابعة لجيش المجاهدين والجبهة الشامية.
ترامب.. مناطق آمنة في سوريا خلال 90 يومًا
من المتوقع أن يوقع الرئيس الأمريكي ترامب على أوامر تنفيذية أعدتها إدارته، يطلب فيها من وزارتي الدفاع والخارجية وضع خطة في غضون 90 يومًا لإنشاء مناطق آمنة داخل سوريا وفي دول الجوار لاحتضان المدنيين السوريين الهاربين من مناطق الصراع، وأشار ترامب أن أوروبا ارتكبت خطأ جسيمًا بالسماح لهؤلاء الملايين من الأشخاص بدخول ألمانيا وعدة دول أخرى.
ويعتبر هذا الأمر خطوة تصعيدية من قبل الولايات المتحدة للتدخل أكثر في الصراع السوري، فمن شأن هذا القرار أن يزج بالمزيد من القوات الجوية والبرية الأمريكية في الصراع لتضمن إنشاء تلك المناطق الآمنة.
ويجدر التنويه أن مطلب المنطقة الآمنة يعد مطلبًا رئيسيًا في أنقرة إلا أن إدارة الرئيس أوباما المنتهية ولايته رفض هذا المطلب بشدة بحجة رفضه للتدخل في سوريا، وذكرت الخارجية التركية أنها تنتظر نتائج دعوة ترامب في هذا الصدد.
إلى ذلك ذكر المتحدث باسم الكرملين اليوم الخميس أن واشنطن لم تشاور موسكو قبل الإعلان عن نيتها إقامة مناطق آمنة في سوريا، لافتًا إلى أن على واشنطن أن تفكر في العواقب المحتملة لإقامة مناطق آمنة في سوريا.
النظام السوري وكأن شيئًا لم يكن
على الرغم من المطالبات الملحة للنظام من قبل روسيا على وقف الاعتداءات المتكررة على وادي بردى فإن النظام وحلفاءه يواصلون محاولات التقدم باتجاه بلدة عين الفيجة في منطقة وادي بردى بريف دمشق الغربي وسط قصف متواصل وحصار على المنطقة.
إذ أعلنت الهيئات والفعاليات المدنية في وادي بردى أن الوادي أصبح منطقة منكوبة بالكامل ووجهت نداء استغاثة لجميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان لإنقاذ المدنيين المحاصرين هناك والذي يبلغ عددهم 80 ألفًا، كما يحاول النظام السوري اقتحام منطقة الغوطة الشرقية من ناحية حرستا وقد اندلعت اشتباكات مع فصائل المعارضة هناك وسط قصف للنظام بقذائف الهاون على المنطقة.