رغم الوعود الدولية لها خلال مؤتمر الاستثمار الأخير الذي احتضنته، نوفمبر الماضي، بتقديم مساعدات وقروض وهبات مالية، تستعد تونس مجددًا للخروج للأسواق العالمية لطرح سندات مالية لتغطية عجز ميزانيتها العامة لهذه السنة، إضافة إلى عملها على صياغة مشروع قانون لتسريح الآلاف من العاملين بالقطاع العام بداية من العام الحالي وحتى عام 2020 في إطار إصلاحات رئيسية لخفض كتلة الأجور المرتفعة.
متطلبات تونس من القروض الخارجية سترتفع إلى 3.71 مليار دولار
من المنتظر أن تبدأ تونس في السادس من الشهر القادم جولة ترويجية لسندات دولية قيمتها مليار يورو (نحـو 1.07 مليـار دولار) لسد جزء من العجز في ميزانيتها العامة للسنة الحالية، بعد أن أعلنت عن خطتها هذه أواخر نوفمبر الماضي، على أن تخرج مرتين إضافيتين هذا العام للأسواق العالمية لطرح سندات بملياري يورو على الأقل (نحو 2.14 مليار دولار).
وفي وقت سابق قالت وزيرة المالية التونسية لمياء الزريبي، إن متطلبات تونس من القروض الخارجية سترتفع إلى 3.71 مليار دولار في 2017 أي نحو مليار دولار إضافية عن التقديرات السابقة بسبب تراجع الموارد وتزايد الإنفاق وارتفاع كتلة الأجور لموظفي القطاع العام.
وفق موازنة العام الحاليّ البالغة نحو 13 مليار دولار، فإنه من المتوقع تسجيل عجز بنحو %5.4
وأظهرت دراسة أعدها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، أن تونس قادرة على تحمل ديونها رغم الهشاشة الناجمة عن تنامي حجم الدين الخارجي، فهي تمثل مستوى معتدلًا من المخاطر، فيما يظل دينها الخارجي ممكن السداد على المدى المتوسط.
ووفق موازنة العام الحاليّ البالغة نحو 13 مليار دولار حسب قانون المالية التونسي، فإنه من المتوقع تسجيل عجز بنحو %5.4 ونسبة تضخم تصل إلى نحو %3.6، على أن تبلغ نسبة الديون %63.8 من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 63% لسنة 2016 و45.9% مسجلة في 2015، ويتكون الدين العمومي من دين داخلي بنسبة %33 ومن دين خارجي تصل نسبته إلى %67 وكان رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد قد توقع في كلمة له أمام أعضاء البرلمان أن تكون سنة 2017 سنة الانطلاق الاقتصادي في تونس.
حصدت تونس أكثر من 15 مليار دولار خلال مؤتمر الاستثمار
ويحذر خبراء اقتصاد من تداعيات موجة الاقتراض التي اتبعتها تونس منذ ثورة يناير 2011 على مستقبل اقتصاد البلاد، وتوقعت لمياء الزريبي وزيرة المالية، أن تكون نسبة النمو الاقتصادي في حدود %2.5 خلال سنة 2017، بعد أن تلقت بلادها خلال المنتدى الدولي للاستثمار “تونس 2020″، نوفمبر الماضي، وعود باستثمارات بنحو 15.4 مليارات دولار.
توجه لتسريح اختياري آلاف الموظفين
عجز الموازنة العامة في تونس، يأتي في جزء منه من ارتفاع كتلة أجور موظفي القطاع العام، حسب عديد من المسؤولين في الدولة، لذلك تعمل الحكومة التونسية على إيجاد حل لهذه المسألة، وفي هذا الإطار تتنزل مساعي حكومة يوسف الشاهد، إصدار مشروع قانون لتسريح الآلاف من العاملين بالقطاع العام بداية من العام الحالي وحتى عام 2020.
وزير الوظيفة العمومية في تونس عبيد البريكي، قال في تصريحات إعلامية الخميس، إن بلاده تستهدف التسريح الاختياري لأكثر من 50 ألف موظف بالقطاع العام في إطار إصلاحات رئيسية لخفض كتلة الأجور المرتفعة بدءًا من هذا العام، وتسعى تونس إلى إقناع أكثر من خمسين ألف موظف في الوظيفة العمومية، من خلال عرض حوافز لهم من بينها حصولهم على رواتب لمدة سنتين ومساعدتهم في الحصول على قروض لدى البنوك لفتح مشاريع خاصة بهم، بمغادرة الوظيفة بشكل طوعي بدءًا من 2017 بهدف خفض كتلة الأجور المرتفعة، ويعتبر معدل كتلة الأجور في تونس من أعلى المعدلات في العالم.
تقضي الخطة الحكومية بتسريح ما لا يقل عن 120 ألف موظف عمومي بحلول سنة 2020
وأكد الوزير التونسي أن هذه الخطة التي تندرج في إطار تخفيف العبء على القطاع العام وإنقاذ موازنة الدولة، سيبدأ تنفيذها خلال الربع الأول من العام الحالي، على أمل أن يتراجع عدد الموظفين بحلول عام 2020 إلى نحو 450 ألفًا نزولاً من نحو 650 ألفًا الآن.
ويشغل القطاع العام في تونس قرابة 650 ألف موظف، وفق إحصائيات رسمية، وبين عامي 2010 و2016، زاد عدد الموظفين بنسبة %50 وتضاعفت كتلة الأجور بنسبة %100 وفق نفس الإحصائيات.
وكان صندوق النقد الدولي قد اشترط على تونس للحصول على أقساط من قروض مالية، تخفيض عدد العاملين بالقطاع العام، بحيث لا يتجاوز عدد الموظفين حدود 500 ألف موظف وتخفيض كتلة الأجور إلى نسبة 12%من ميزانية الدولة بحلول سنة 2020، عوض 13.5% حاليًا.
أكثر من 650 ألف موظف حكومي في تونس
وتقضي الخطة الحكومية بتسريح ما لا يقل عن 120 ألف موظف عمومي بحلول سنة 2020، وتعتمد في تنفيذ هذا المشروع على اتباع خطوات تدرجية، كما تنتظر دخول نحو 15 ألف موظف خلال سنة 2018 مرحلة التقاعد، وعدم تعويض نحو 50 ألف موظف سيحالون إلى التقاعد في الوظيفة العمومية من خلال عدم الانتداب بدءًا من السنة الحالية، وإلى حدود سنة 2019.