ترجمة وتحرير نون بوست
فتحت السلطات البريطانية تحقيقا حول السياسة التي تحكم عمليات السلام، بهدف الكشف عن التأثير الإسرائيلي الذي طال هذه السياسات عقب فضيحة أحد المسؤولين في السفارة الإسرائيلية، بعد أن أثبتت تقارير سريّة سعيه للإطاحة بأحد الوزراء البريطانيين.
أشارت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، يوم الأحد، إلى أنها ستنظر في المزاعم المتعلقة بتورط أحد المسؤولين في السفارة الإسرائيلية، في التأثير على السياسة البريطانية والإطاحة بكبار المسؤولين، ضمن مساعي اللوبي الإسرائيلي لبسط نفوذه على القرار السياسي البريطاني، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط.
فتحت السلطات البريطانية تحقيقا بعد بضعة أسابيع فقط من ثبوت تورط أحد المسؤولين المرموقين في السفارة الإسرائيلية في فضيحة دبلوماسية، على إثر إجراء مقابلة مع أحد الصحفيين المتخفين حول عملية “الإطاحة” بوزير الخارجية البريطاني، آلان دانكن. واستدرجه الصحفي لمناقشة “قائمة الاغتيالات” التي ستطال عدة أعضاء في البرلمان البريطاني، والتي شملت النائب ورئيس لجنة الشؤون الخارجية، كريسبن بلانت.
أعلنت الحكومة البريطانية عن حسم هذه المسألة بعد الاعتذار الذي تلقته من السفارة الإسرائيلية، بعد أن ادعت هذه الأخيرة أن ماسوت ليس سوى موظف عادي أساء التصرف
وبعد القيام بالتحقيقات الضرورية، أعلنت الحكومة البريطانية عن حسم هذه المسألة بعد الاعتذار الذي تلقته من السفارة الإسرائيلية، بعد أن ادعت هذه الأخيرة أن ماسوت ليس سوى موظف عادي أساء التصرف. وتبعا لهذه المعطيات، فإن السلطات البريطانية أغلقت ملف هذه القضية المثيرة للجدل على الرغم من دعوة حزب العمال المعارض إلى إجراء تحقيق حول “تدخل السفارة الإسرائيلية غير اللائق” في الشؤون البريطانية.
وعلى ضوء هذه الفضيحة، صرّح بلانت بأن المنحى الجديد الذي اتخذه هذا الموضوع المثير للجدل يستدعي فتح تحقيق جديد يشمل دراسة “تأثير الدول الأجنبية” على السياسة الخارجية للمملكة المتحدة. وفي هذا السياق، أفاد بلانت بأن “الحكومة قد أغلقت رسميا قضية شاي ماسوت. لكن اختصاصنا يستدعي الدعوة إلى إعادة النظر في السبل التي تنتهجها الدول والأطراف الأجنبية التي تسعى إلى التأثير على السياسة البريطانية”.
وأضاف بلانت أن “هذا النوع من النقاشات، يستدعي الأخذ بعين الاعتبار الحق الشرعي للأفراد والمنظمات على حد سواء في اللجوء لجماعات الضغط لممارسة الضغط في حدود ما يسمح به القانون. كذلك، من المهم فهم السياق الذي صيغت ضمنه سياسات المملكة المتحدة”.
وفي بيان رسمي، دعت لجنة الشؤون الخارجية إلى توفير أدلة مكتوبة حول القضية، متوجهة بذلك إلى كل المسؤولين عن “علاقة المملكة المتحدة بإسرائيل” و”علاقة المملكة المتحدة بالسلطات الفلسطينية والمشرفين على فلسطينيي الشتات في العالم، الذين ليسوا تحت إدارة أو إمرة السلطات الفلسطينية”.
ودعت اللجنة إلى تمكينها من البراهين الضرورية حول “الصلاحيات التي تمتلكها المملكة المتحدة لدعم الصلح بين الدولتين” و”الفرص المحتملة لتحقيق ذلك”، وفي هذا الصدد، أشارت اللجنة في بيان لها إلى أهمية الاحتفالات السنوية الثلاثة لذكرى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي تنتظم في سنة 2017، بما في ذلك الذكرى المئوية لوعد بلفور، وهي الوثيقة التي أعلنت فيها المملكة المتحدة عن تأييدها لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
بالإضافة إلى ذلك، يصادف هذا العام الذكرى السنوية السبعين لالتزام الأمم المتحدة بالتوصل إلى حل لإنهاء الصراع بين الدولتين، ومرور خمسين عاما على نكسة 1967، التي أدت إلى احتلال إسرائيل غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفي هذا الإطار، قال بلانت في إحدى تصريحاته، “يبقى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي جرحا مفتوحا على خريطة الشرق الأوسط، تاركا الأجيال المتعاقبة لتعيش في ظل عنف مدمر”.
ومن غير المرجح أن يظهر حلّ عادل ومنصف للمشكلة بنهاية سنة 2017، لكن بعد مرور قرن على وعد بلفور، لا زالت لجنة الشؤون الخارجية تريد دراسة دور المملكة المتحدة وجهودها في سبيل إنهاء الصراع.
وأضاف بلانت أن “اللجنة سوف تنظر في القضايا التاريخية والمنهجية التي تقف عقبة في طريق عمليات السلام. ويشمل هذا البحث القضايا المتعلقة بالتحريض على العنف، والانقسامات الداخلية، والتوسع الاستيطاني-وسيكون ذلك في إطار دراسة معمقة لعلاقة بريطانيا بمختلف الأطراف المتدخلة في النزاع، والجهود المبذولة لمساعدة الدولتين في التغلب على هذه العقبات”.
بالإضافة إلى ذلك، قال بلانت أنه تم تشكيل لجنة للنظر في الموقف الذي ستتخذه المملكة المتحدة في الرد على السياسات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الجديدة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي حول محادثات السلام.
تطرق ماسوت، في التسجيلات السرية التي وُثقت بصفة سرّية من قِبل مراسل قناة الجزيرة طيلة أشهر، إلى مسألة إنشاء ودعم منظمات شبابية تنتسب إلى بعض الأحزاب السياسية البريطانية، والعمل مع المسؤولين والنشطاء في الحركات الطلابية لتقويض الدعم الذي تتلقاه الحركات الداعية إلى معاداة ومقاطعة إسرائيل
ومن جهة أخرى، تطرق ماسوت، في التسجيلات السرية التي وُثقت بصفة سرّية من قِبل مراسل قناة الجزيرة طيلة أشهر، إلى مسألة إنشاء ودعم منظمات شبابية تنتسب إلى بعض الأحزاب السياسية البريطانية، والعمل مع المسؤولين والنشطاء في الحركات الطلابية لتقويض الدعم الذي تتلقاه الحركات الداعية إلى معاداة ومقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، من خلال تنظيم حملة واسعة في الجامعات البريطانية.
وبعد هذه الفضيحة الدبلوماسية، غادر شاي ماسوت السفارة الإسرائيلية في لندن، وقدم استقالته لوزارة الخارجية الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن أصواتا عديدة دعت الحكومة البريطانية لإجراء تحقيق شامل، ومن بينها حزب العمال، وحزب المحافظين. وتبعا لما كشفته التسجيلات، وصف بلانت فضيحة ماسوت “بالتدخل الأكثر بشاعة في السياسة البريطانية “.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في إحدى تصريحاته لـ”ميدل إيست آي” إن السفير الإسرائيلي، مارك ريجيف، اعتذر عما صدر عن الموظف الحكومي، شاي ماسوت، ووضح أن هذه التعليقات لا تعكس وجهة نظر السفارة أو الحكومة الإسرائيلية. وأكد السفير أن “المملكة المتحدة تجمعها علاقة وطيدة بإسرائيل، ونحن نعتبر هذه المسألة أمرا منتهيا”.
المصدر: ميدل إيست آي