أثار وصول الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مخاوف كبيرة داخل معسكر حلفائه الأوروبيين، حتى أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، دعا الدول الأوروبية إلى تقديم “رد حازم” على تصريحات ترامب حول أوروبا.
وقال هولاند في كلمة ألقاها على هامش قمة دول الاتحاد الأوروبي وبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط السبت، “عندما نسمع تصريحات حول أوروبا من رئيس الولايات المتحدة، وعندما يتحدث عن بريكست باعتباره نموذجا لسائر الدول (الأوروبية)، فإني أعتقد أن من واجبنا الرد عليه”.
وكان ترامب قد وصف الجمعة، بريكست بأنه “أمر رائع” وذلك في إشارة إلى خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وأضاف هولاند “حين يتحدث رئيس الولايات المتحدة عن اتفاق المناخ ليقول إنه ليس مقتنعا بعد بفائدة هذا الاتفاق، علينا أن نرد عليه”، وتابع الرئيس الفرنسي “حين يتخذ إجراءات حمائية يمكن أن تزعزع استقرار الاقتصادات، ليس فقط الأوروبية، بل اقتصادات كبرى الدول في العالم، علينا أن نرد عليه، وحين يرفض وصول اللاجئين، في حين قامت أوروبا بواجبها، علينا أن نرد عليه”.
ألمانيا الحليف الكبير للأمريكيين خلال العقود الأخيرة، بدت الأكثر خوفا من تولي ترامب مقاليد الحكم في بلاد العم سام، حيث أصر وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير، على رفض تقديم التهنئة لرئيس الولايات المتحدة الجديد، معلّلا ذلك بأن فوزه في انتخابات الرئاسة ليس على هوى معظم الألمان.
ويرى مراقبون أن أحد أبرز المخاوف التي تواجهها ألمانيا، تتمثل في أن إدارة ترامب ستعمل جاهدة على تعزيز العلاقات مع روسيا ومحاولة إضعاف مكانة منظمة حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى تهديد الإدارة الأمريكية الجديدة بفرض تدابير تجارية حمائية، مما سيوجه ضربة قوية للاقتصاد القائم على الصادرات الألمانية.
رحب هانز ديتمار شفيسغوت سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصين، بتأييد بكين للتجارة الحرة في مواجهة وعد ترامب بتقييد الواردات الصينية
وفي هذا السياق، رحب هانز ديتمار شفيسغوت سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصين، بتأييد بكين للتجارة الحرة في مواجهة وعد ترامب بتقييد الواردات الصينية، مناشدا إياها لتقليل حواجز السوق الخاصة بها.
وقال شفيسغوت، إنه من المبكر للغاية معرفة تأثير رفض ترامب لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ على اتفاقية مقترحة للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة وأوروبا.
وأضاف شفيسغوت، أن أوروبا ترحب بدفاع الرئيس الصيني شي جي بينغ عن التجارة الحرة في خطاب له الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن الصين لا تزال تفتقر إلى “تكافؤ الفرص” فيما يتعلق بالشركات الأجنبية.
وعلى الصعيد العسكري، يخشى الأوروبيون من تصريحات ترامب بخصوص حلف الشمال الأطلسي “الناتو”، حيث عبر في وقت سابق عن موقفه من الحلف ووصفه بالمنظمة التي “عفا عليها الزمن”، متهما دولا أعضاء في “الناتو” بأنها لا تدفع حصتها في إطار عملية الدفاع المشتركة وبالاتكال على الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد أثار في السابق القلق من أن الضمانات الدفاعية التي تقدمها واشنطن لأوروبا منذ نحو 70 عاما، قد لا تستمر، عندما قال خلال حملته الانتخابية إنه سيفكر مرتين قبل مساعدة حلفاء بلاده في الحلف الأطلسي، الذين لا يدفعون كلفة الدفاع عنهم.
وفي هذا السياق يؤكد حسام شاكر الباحث المتخصّص في الشؤون الأوروبية، أن لرئاسة الرئيس الأمريكي الجديد أثمانها التي ستتراكم على أوروبا، ومنها ما قد يترتب على الإجراءات الحمائية التي يُشهر سيفها في وجه شركاء القارة العجوز.
احتل ملف المهاجرين إلى أوروبا حيزا هاما في تصريحات ترامب، فقبل أسبوعين، صرح الرئيس الأمريكي الجديد لصحيفتي “تايمز” البريطانية و”بيلد” الألمانية، بأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل “ارتكبت خطأ كارثيا بالسماح بدخول هذا الكم من المهاجرين غير الشرعيين”
وخلفت تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب بشأن ميركل، انتقادات كبيرة للإدارة الأمريكية الجديدة، حيث قال وزير المالية الفرنسي ميشيل سابين، إن ترامب “كلما أدلى، بمثل هذه التصريحات، كلما قام الأوروبيون بتقريب صفوفهم”، مضيفا أن “الهجوم على المستشارة الألمانية ليس بحجة يمكننا كفرنسيين أو أوروبيين قبولها”.
يشار هنا إلى أن دونالد ترامب كان قد صرح خلال حملته الانتخابية بأن “فرنسا لم تعد فرنسا”، وذلك في سياق تعليقه على جريمة ذبح كاهن في كنيسة سانت أتيان دو روفريه في 26 من جويلية الماضي