يهمين ملفّ انضمام المغرب إلى الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام أكثر من ثلاثين سنة، إلى جانب انتخاب رئيس لمفوضية الاتحاد وقضايا النزاعات التي تشهدها القارة، على جدول أعمال القمة الـ 28 للاتحاد القاري التي انطلقت أعمالها اليوم بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
ملف المغرب يهيمن على أعمال القمة
يطغى ملفّ انضمام المملكة المغربية إلى الاتحاد الإفريقي على جلسات القمة الإفريقية ال 28 التي انطلقت فعالياتها، صباح اليوم الإثنين، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا تحت شعار “تسخير العائد الديموغرافي من خلال الاستثمار في الشباب”.
وتستمر هذه القمّة التي تشهد مشاركة 37 رئيسًا وثلاثة نواب رؤساء، وثلاثة نواب رؤساء وزراء و49 وزير خارجية، إلى جانب مشاركة أكثر من أربعة آلاف شخص آخرين، على مدار يومين، حسب ما أكّدته وزارة الخارجية الإثيوبية. وبدأت فعاليات القمة باجتماعات الممثلين الدائمين في مقر الاتحاد الإفريقي خلال الفترة من 22 إلى 24 يناير الجاري، تلتها اجتماعات المجلس الوزاري للاتحاد من 25 إلى 27 من الشهر الجاري.
تسعى المملكة المغربية للانضمام للاتحاد القاري الذي يضم حاليًا 54 دولة، بعد أن خرجت من منظمة الوحدة الأفريقية قبل 33 عامًا
ومن المنتظر أن تدرس الدول الأعضاء في الاتحاد خلال الجلسة الصباحية مساعي المغرب للانضمام إلى الاتحاد، وكانت الرباط قد أعلنت في وقت سابق حصولها على “التأييد غير المشروط” من قبل 42 من دول الاتحاد الـ 54 للعودة إليه.
وتسعى المملكة المغربية للانضمام للاتحاد القاري الذي يضم حاليًا 54 دولة، بعد أن خرجت من منظمة الوحدة الأفريقية قبل 33 عامًا احتجاجًا على قرار قبول عضوية “الجمهورية الصحراوية” التي أعلنتها ا جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة بجبهة البوليساريو من جانب واحد.
مساع حثيثة للمغرب للانضمام للاتحاد الإفريقي
المغرب أبدى في يوليو الماضي رغبته في الانضمام إلى الاتحاد الإفريقي وشغل المنصب الذي تركه شاغرًا منذ أكثر من ثلاثة عقود. وفي سبتمبر الماضي، طلب المغرب رسميًا الانضمام إلى الاتحاد، ومنذ ذلك الوقت تبذل الديبلوماسية الخارجية للمملكة جهودًا كبيرة من أجل أن تصبح الرباط عضوًا في الاتحاد، حيث زار الملك محمد السادس عديد الدول الإفريقية في شرق القارة وغربها، وختم مساعيه بالتوجه، الجمعة الماضية، إلى إثيوبيا للمشاركة في أعمال قمة أديس بابا، إن تم قبول طلب الانضمام.
وسبق للبرلمان المغربي أن صادق، على مشروع قانون يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الذي من خلاله استكملت المملكة الإجراءات القانونية المطلوبة للانضمام للاتحاد خلال انعقاد القمة.
انتخاب رئيس المفوضية الاتحاد الإفريقي
إلى جانب انضمام المغرب للاتحاد القاري، تشهد أعمال القمة، أيضًا، انتخاب رئيس المفوضية للاتحاد الإفريقي خلفًا للدبلوماسية الجنوب إفريقية نكوسازانا دلاميني زوما، التي تم تمديد ولايتها لمدة 6 أشهر أَثْنَاء القمة الإفريقية الـ 27، التي انعقدت في حزيران السابق بكيغالي، عاصمة رواندا، ويتنافس على المنصب خمسة مرشحين من كينيا وتشاد وبتسوانا والسنغال وغينيا الاستوائية.
ومن أبرز المترشحين لشغل منصب المفوّض الأفريقي، وزيرة الشؤون الخارجية والتجارة الدولية الكينية أمينة محمد جبريل، والتي شغلت أيضًا منصب سفيرة لبلادها في جنيف، وممثلة لدى البعثة الدائمة لكينيا في الأمم المتحدة في جنيف من 2000 إلى 2006، كما تبوأت منصب الرئيسة المساعدة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في نيروبي. وأيضا، عبد الله باتيلي، وزير خارجية السنغال، الممثل السابق للأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي-مون لمنطقة إفريقيا الوسطى من 2014 إلى 2016، ورئيس الوزراء التشادي السابق موسى فكي محمد.
تعتبر مفوضية الاتحاد الإفريقي التي يبلغ عدد أعضائها 10 أشخاص، بمثابة الأمانة العامة فيه والجهاز التنفيذي للاتحاد
وكان من المقرر أن تتم هذه الانتخابات في حزيران السابق في كيغالي، وتم تأجيلها بعد فشل 3 مرشحين، هم وزراء خارجية بوتسوانا، وغينيا الاستوائية، فضلا عن النائبة السابقة لرئيس أوغندا سبيسيوسا، في الحصول على ثلثي الأصوات، وينبغي على المرشح الحصول على الأصوات الإيجابية لثلثي الدول الأعضاء حتّى يتم انتخابه.
وتتنافس 4 شخصيات على منصب نائب رئيس المفوضية وهم: ياسين علمى بوح من جيبوتي، عبد الحكيم ألوير رجب، من ليبيا، زوماس كموريتي كوسي من غانا؛ وتيكر تيكر كلاوري من الكونغو. وتعتبر مفوضية الاتحاد الإفريقي التي يبلغ عدد أعضائها 10 أشخاص، بمثابة الأمانة العامة فيه والجهاز التنفيذي للاتحاد. وتنص لوائح الاتحاد على تولي فترة رئاسة مفوضيته لفترتين لكل فترة 4 سنوات.
النزاعات والصراعات على جدول الأعمال
تهيمن قضايا الصراع والنزاعات التي تهدد أمن واستقرار بلدان القارة على أعمال هذه القمة، ومن المقرر أن تناقش القمة تقرير رئيس الآلية الإفريقية المكلفة بمراقبة الوضع في السودان وجنوب السودان ونشر قوة الحماية الإقليمية جنوب السودان، والصراع بين حكومة الخرطوم والحركات المسلحة، علاوة على تقاريرها عن الأوضاع في ليبيا وبوروندي التي تعيش منذ أبريل 2015، على وقع أزمة سياسية على خلفية إعلان نكورونزيزا حينها ترشحه لولاية رئاسية ثالثة يحظرها الدستور ورفضتها قوى المعارضة.
النزاعات المسلحة تهيمن على جدول أعمال القمة
بالإضافة إلى هذا ستناقش القمة خلال اجتماعاتها الأزمة الغامبية وجهود إعادة الإعمار في جمهورية إفريقيا الوسطى وموضوع نشر قوة الحماية الإقليمية جنوب السودان، وأيضاً الإرهاب الذي تعاني منه منطقة بحيرة تشاد، جراء نشاط جماعة “بوكوحرام”، والتهديد الذي تمثّله حركة “الشباب المجاهدين” في الصومال على أمن واستقرار هذا البلد والتوترات السياسية في جمهورية الكونغو الديموقراطية.
تمويل الاتحاد على الطاولة
تبحث القمة الأفريقية الحالية أيضًا سبل إيجاد ألية لتمويل نشاطه بعد أن سحب الاتحاد الأوروبي دعمه لقوات حفظ السلام الأفريقية المقدَّرَ بـ 20% من ذلك التمويل، وسبق للقمة الأفريقية السابقة المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي أن أجازت مقترح لتمويل الاتحاد الأفريقي يقضي بخصم 0.02% من ضريبة الوارد من أي دولة افريقية للمساهمة في تمويل مؤسسات الاتحاد.
تبلغ الميزانية المقترحة للاتحاد الإفريقي لعام 2017، ما يقارب 781.6 مليار دولار
ويجمع القادة الأفارقة، الذين أقروا هذا المقترح لتمويل مؤسسات الاتحاد بشكل مستدام في إطار خطة جديدة تستهدف اعتماد الاتحاد على الموارد الذاتية لدول القارة، على أهمية اعتماد الاتحاد الأفريقي على نفسه لتحقيق استقلال القرار الإفريقي، وتجنب أجندات الدول الكبرى. ويسعى الاتحاد إلى إقناع الدول الأعضاء برفع مستوى إسهاماتها المالية لرفع نسبة تمويل البرامج من 6.8 في المائة إلى نحو 15 في المائة في 2017.
وتأتي 60% من ميزانية البرامج للاتحاد الإفريقي تأتي من المانحين، وتبلغ الميزانية المقترحة للاتحاد الإفريقي لعام 2017، بعد موافقة البرلمان الإفريقي 781.6 مليار دولار، وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 2.5% مقارنة بميزانية العام 2016.
الانسحاب من محكمة الجنايات
إلى جانب كل هذه القضايا، من المنتظر أن يبحث القادة الأفارقة مسألة الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، التي بموجب “ميثاق روما” في 11ابريل 2002، كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب. وسبق للمجتمعين خلال قمة الاتحاد الإفريقي السابقة، أن أكّدوا رفضهم لاستهداف المحكمة الجنائية الدولية للقادة الأفارقة.
وفي 21 أكتوبر الماضي قرّرت جنوب أفريقيا الانسحاب من المحكمة، وفي نفس الفترة أقرّت بوروندي قانوناً ينصّ على الانسحاب أيضا وتلا موقف البلدين إعلان وزير الإعلام الغامبي، شريف بوجانغ، الانسحاب من المحكمة، متهماً إياها بتجاهل “جرائم الحرب”، التي ترتكبها دول غربية، وتلجأ فقط لملاحقة الأفارقة.
تتهم الدول الإفريقية محكمة الجنايات بانحيازها للدول الغريبة
ومنذ تأسيسها فتحت محكمة الجنايات الدولية التي تشكل الدول الإفريقية حوالي ثلث أعضائها، تحقيقات في أربع دول إفريقية هي: أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان، ويعطي النظام الموقع عليه، المحكمة الحق لتنفيذ إجراءاتها في أي مكان بالعالم، كما أنها تسعى حسب ذلك التفويض، إلى وضع حد للثقافة المتمددة في العالم، والمتمثلة في الإفلات من العقوبة.
وكان قد صدر عن القمة الأفريقية ال 26، مقترح بانسحاب جماعي أفريقي من” المحكمة الجنائية”؛ حيث وصفت القمة هذه المحكمة بأنها “محكمة انتقائية تستهدف الرؤساء الأفارقة على سدة الحكم”، وأنها “تتعامل بمكيالين في تعاطيها مع الانتهاكات والخروقات التي تحدث في العالم، وجعلت من أفريقيا هدفا للتركيز عليها وملاحقة القادة الأفارقة”.