بعد أن بقيت خمس وزارات شاغرة من وزرائها لمدة تقارب السنة بسبب خطط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الإصلاحية، صادق البرلمان العراقي يوم الإثنين 30/1/2017، على تعيين وزيرين اثنين من أصل أربعة وزراء رشحتهم الهيئة السياسية للائتلاف الوطني (تكتل سياسي شيعي)، حيث تمت المصادقة على “قاسم الأعرجي” ليشغل منصب وزير الداخلية، وعلى “عرفان الحيالي” لشغل منصب وزير الدفاع.
بينما رفض مجلس النواب المصادقة على المرشحين الاثنين الآخرين لشغل منصب وزير التجارة ووزير الصناعة، أما وزارة المالية فلم يتم الترشيح لها لحد الآن، ويشار إلى الحيالي سيخلف وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الذي أقاله البرلمان في 25 من أغسطس/ آب 2016، بينما يحل الأعرجي محل محمد الغبان الذي استقال بعد انفجار شاحنة ملغومة في حي الكرادة وسط بغداد في 3 من يوليو/ تموز2016.
خلافات سياسية بشأن آلية الترشيح
انسحب أعضاء كتلة الوطنية البرلمانية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، من جلسة التصويت على الوزراء المرشحين، احتجاجًا على تعيين الحيالي وزيرًا للدفاع كون حقيبة وزارة الدفاع كانت من حصتها، وقال رئيس الكتلة النيابية لائتلاف الوطنية كاظم الشمري: “تقديم مرشح لشغل منصب وزير الدفاع من خارج الأسماء التي تم تقديمها من قبلنا، يعتبر تجاوزًا غير مقبول على استحقاق الوطنية وإمعانًا لمنهج الإقصاء والتهميش”.
يذكر أن الهيئة السياسية للتحالف الوطني كانت قد عقدت اجتماعًا في مكتب رئيسه عمار الحكيم بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي، وتم الاتفاق خلالها على تلك الأسماء المرشحة لشغل الوزارات الشاغرة، الأمر الذي يفسره كثير من المراقبين على أنه استئثار من قبل الكتل الشيعية الحاكمة في تعيين المناصب الهامة بالدولة دون الرجوع إلى باقي الكتل السياسية المشاركة بالعملية السياسية في العراق.
تاريخ الوزارتين
مرت الوزارتان السياديتان، الدفاع والداخلية، بمراحل مختلفة منذ تاريخ الاحتلال عام 2003 إلى الآن، فقد جرت العادة أن تسند تلك الوزارتان، وفق المحاصصة الطائفية بتوزيع المناصب الحكومية والتي أقرَّها الحاكم المدني للاحتلال الأمريكي بول برايمر، فكانت وزارة الدفاع من حصة المكون السني، بينما تكون وزارة الداخلية من حصة المكون الشيعي.
تاريخ وزارة الدفاع بعد الاحتلال
تبوأ منصب وزير الدفاع في أول حكومة بعد الاحتلال برئاسة أياد علاوي، حازم الشعلان الذي شغل هذا المنصب لمدة قصيرة نظرًا لعمر حكومة علاوي القصير، وقد أثيرت ضد هذا الوزير الكثير من قضايا الفساد والتي كانت في أغلبها تثار من الأطراف السياسية الشيعية الموالية لإيران، بسبب أن حازم الشعلان كان من الشخصيات غير المرضي عنها من قبل الإيرانيين، بسبب تصديه في مواطن عديدة للنفوذ الإيراني الذي أخذ بالتصاعد شيئًا فشيء، وشهدت فترته تصدي الحكومة الجديدة لمليشيا جيش المهدي بالإضافة إلى معركتي الفلوجة التي شنت على الفصائل المقاومة فيها.
تسلم بعده وزارة الدفاع سعدون الدليمي وهو شخصية سنية كان يشوبها الكثير من الضعف، مما جعله شخصية مرغوب بها من قبل إيران والأطراف الشيعية الحاكمة في بغداد، للدرجة التي جعلت المالكي يسند له وزارة الدفاع بالوكالة لمدة طويلة عندما كانت شاغرة في عهده، ففي الولاية الأولى لنوري المالكي استلم وزارة الدفاع الشاغرة سلام الزوبعي وكالةً وهو شخصية مقربة من المالكي على الرغم من أنه من المكون السني وينتمي إلى جبهة التوافق السنية المنافس الأقوى للمالكي، بعدها تبوأ منصب وزير الداخلية عبد القادر العبيدي للفترة من 2006 إلى 2010، أما في الولاية الثانية للمالكي فقد بقيت هذه الوزارة شاغرة طيلة فترة ولايته ونصَّبَ المالكي سعدون الدليمي ليدير وزارة الدفاع بالوكالة بالإضافة لكونه وزيرًا للثقافة، واستمر بذلك لحين انتهاء ولاية المالكي الثانية سنة 2014.
أما في وزارة العبادي التي شكلها عام 2014، فقد تبوأ منصب وزير الدفاع خالد العبيدي وهو شخصية عسكرية وسياسية كان لها حضور قوي على عكس سابقيه، إلا أن الخلافات السياسية بين الكتل السياسية في البرلمان العراقي، جعلته يخسر منصبه من خلال التصويت على إقالته سنة 2016 بعد أن قضى في منصبه مدة أقل من سنتين.
شهدت وزارة الدفاع العراقية حالات فساد إداري ومالي كبيرة، حيث شهدت هذه الوزارة صفقات مشبوهة لأسلحة سيئة وفاسدة ومن دول عديدة، بالإضافة إلى زيادة أعداد الجنود الوهميين والذي أطلق عليهم رئيس الوزراء حيدر العبادي تسمية “الفضائيين” حيث لا وجود لهم على أرض الواقع، وكان يتقاسم رواتبهم الضباط في مشهد من الفساد قلَّ نظيره في بلدان أخرى.
تاريخ وزارة الداخلية بعد الاحتلال
أما ما يخص وزارة الداخلية بعد الاحتلال الأمريكي للبلد، فحالها كان مختلفًا بشدة عن حال وزارة الدفاع، فقد حرصت إيران والأطراف السياسية الموالية لها، على السيطرة على هذه الوزارة ودعمها وتقوية صلاحيات من يتولاها من الوزراء، على عكس الحال في وزارة الدفاع، التي كانت صلاحيات وزيرها محدودة وتنحسر بالأمور الإدارية فقط.
استلم وزير الداخلية في حكومة أياد علاوي التي تلت مجلس الحكم، فلاح النقيب وهو شخصية سياسية منتمٍ لحزب المؤتمر الوطني العراقي بقيادة أحمد الجلبي، يُذكر
أن قائمة العراقية رشحت النقيب مرة أخرى سنة 2011 لمنصب وزير الداخلية، إلا أن نوري المالكي لم يوافق عليه اعتمادًا على مبدأ الطائفية السياسية لأنه كان سنيًَّا، تلى النقيب في وزارة الداخلية باقر جبر صولاخ في حكومة الجعفري سيئة الصيت التي تلت حكومة علاوي، حيث شهدت فترة ولاية إبراهيم الجعفري اندلاع حرب طائفية ضد سنَّة العراق، كان لوزارة الداخلية دورًا فاعلًا فيها، ومارست تلك الوزارة انتهاكات جسيمة بحق المكون السنَّي.
ظلّ منصب وزير الداخلية في حكومة المالكي الأولى شاغرًا، وكان يديرها نوري المالكي وكالةً، بعدها استلم المنصب جواد البولاني من سنة 2006 إلى 2010، ثمَّ عاد نوري المالكي ليدير الوزارة وكالة طيلة فترة ولايته التي استمرت من 2010 إلى 2014، وفي عهد وزارة حيدر العبادي، تبوأ منصب وزير الداخلية محمد الغبان المنتمي لمنظمة بدر، والذي استقال من منصبه بعد سنتين من شغله لهذا المنصب، بعد حادثة تفجير الكرادة سنة 2016، وبقي المنصب شاغرًا يديره رئيس الوزراء العبادي بالوكالة، لحين إسناد هذا المنصب إلى قاسم الأعرجي.
أهمية المنصبين أمنيًا وسياسيًا
يعتبر المنصبان لكلتا الوزارتين لا يشكلان ثقلًا أمنيًا حقيقيًا في البلاد، على الرغم من أهميتهما، ذلك لأن الإدارات الفاعلة للمنظومة الأمنية في البلاد ترتبط بشكل مباشر برئيس الوزراء، فهو المسيطر الوحيد على تلك الفعاليات الأمنية، وهذا ما عززه المالكي خلال فترتي ولايته لرئاسة الوزراء.
أهمية منصب وزير الدفاع
وفق الدستور العامل في الدولة العراقية، يعتبر رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة، وترتبط قيادة العمليات عمليًا بالقائد العام وليس بوزارة الدفاع كما تنص القوانين الإدارية لوزارة الدفاع، وترتبط بشخص رئيس الوزراء (القائد العام للقوات المسلحة) كل قيادات العمليات في المناطق المختلفة المنتشرة بالعراق، ورئيس الوزراء هو الذي يعين قادة تلك القوات دون الرجوع إلى وزير الدفاع.
لقد قام المالكي حينما كان رئيسًا للوزراء، بإنشاء قيادات للعمليات للمناطق المختلفة والتي ترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة مباشرةً (أي به شخصيًا كون رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة) ودون الرجوع لوزير الدفاع كما نصَّ القانون، وبالتالي فإن المالكي عزز سلطته على حساب سلطة وزير الدفاع، كما أن لرئيس أركان الجيش سلطة على تحركات قطاعات الجيش، ويشغل المنصب حاليًا الفريق أول ركن عثمان الغانمي والذي عُيّن في 2014 نائب لرئيس أركان الجيش العراقي ثمَّ بعد فترة وجيزة عيَّن رئيس لأركان الجيش العراقي، من مواليد قضاء عفك التابع لمحافظة الديوانية، شيعي المذهب، وذو ولاء طائفي بحت، وجاء تعين الغانمي خروجًا من الأطراف الشيعية على الاتفاقات، حيث إن هذا المنصب كان عادة من نصيب الأكراد.
منصب وزر الدفاع غالبًا ما يكون منصبًا ضعيفًا لأنه عادة يكون من حصة العرب السنَّة وليس من الطائفة الشيعية
وعادة ما تقوم الأطراف الشيعية بتقوية صلاحيات المناصب إذا كان الشخص مواليًا لهم، والتقليل من أهمية تلك المناصب إذا كان الشخص غير موالٍ لهم، ويقومون بالعمل على إقالته، في الوقت الذي كان يشغل منصب رئيس أركان الجيش شخص كردي بابكر زيباري غير موالٍ لهم، فإن صلاحيته كانت محدودة جدًا، وكذا الحال بالنسبة لمنصب وزير الدفاع، فغالبًا ما يكون منصبًا ضعيفًا لأنه عادة يكون من حصة العرب السنَّة وليس من الطائفة الشيعية.
وبشكل عام فإن صلاحيات وزير الدفاع تقتصر على تصريف الأمور الإدارية للجيش العراقي بالإضافة إلى توقيع عقود التسليح، وهذا ما يغري الوزراء لتسلم هذا المنصب، بسبب المنافع المادية من ورائه، فقد وصلت عمليات الفساد في هذه الوزارة حدًا فاق التصور، واستمر تهميش منصب وزير الدفاع للحد الذي عندما عيَّن العبادي اللواء الركن جبار جليل بقيادة عمليات بغداد، عقد اجتماعًا مغلقًا مع الأمين العام لمنظمة بدر ورئيس الحشد الشعبي هادي العامري، بعد بضع ساعات من تعينه، في خطوة تشير إلى الارتباط العسكري الميداني بين القيادتين الأمنية والعسكرية وهيئة الحشد الموالي لإيران، وكان من المفترض أن يلتقي بوزير الدفاع خالد العبيدي وليس برئيس هيئة الحشد الشعبي، الأمر الذي يؤكد منح العبادي لقيادة عمليات بغداد صلاحيات تتجاوز صلاحيات وزير الدفاع.
أهمية منصب وزير الداخلية
أما فيما يتعلق بوزارة الداخلية فالأمر مختلف جدًا، حيث إن وزير الداخلية في الغالب يكون محسوبًا على إحدى المليشيات الموالية لإيران، وقد كان لمليشيا بدر حصة الأسد في هذه الوزارة، وتعتبر هذه من الوزارات القوية، نتيجة للدعم الإيراني لها وتحالفها مع المليشيات العاملة على الأرض، لذلك فإن هذه الوزارة طائفية بامتياز، وإذا كان الجيش يتعامل بمهنية بما نسبته 30%، فإن بوزارة الداخلية لا ترتقي نسبة التعامل بمهنية إلى 1%، ويعتبر الكادر المتقدم من المناصب في هذه الوزارة، مشغولًا بالكامل من الأطراف الشيعية الموالية لإيران، ويتم غض النظر عن الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات الشيعية ضد المكون السنَّي في البلاد، بل إنها في كثير من الأحيان تنسق معها عملياتها الأمنية.
هل لتبوء الوزيرين مناصبهما تأثير على الوضع الأمني في البلد؟
من المستبعد أن يكون لتعين وزيري الداخلية والدفاع أي تأثير على الوضع الأمني في البلد، فطيلة سنة كان المنصبان شاغرين ولم يؤثر ذلك على سير العمليات الأمنية التي تقوم بها الوزارتان، وفي فترات سابقة بقي المصبان شاغرين لفترات طويلة ولم يؤثر ذلك على المشهد الأمني في البلاد، ذلك لأن المشهد الأمني يتم السيطرة عليه من خلال القادة الأمنيين الموجودين في كلتا الوزارتين، والذين يتم تعينهم بشكل مباشر من رئيس الوزراء الذي يكون من المكون الشيعي حصرًا بعد 2003، وبالتالي فإن مناصبهما فخرية أكثر مما هي مناصب حقيقية، ويتم بها إكمال الديكور الحكومي الذي لا بد منه.
السير الذاتية للوزيرين
قسام الأعرجي في قتاله ضد العراق مع القوات الإيرانية
قاسم الأعرجي
وزير الداخلية الجديد، نشر سيرته الذاتية على شبكة الإنترنت، وعلى ما يبدو أنه بذل جهدًا لتجميل صورته وسيرته التي تشوبها الكثير من المحطات الدموية والخيانة للوطن، أبرز ما ورد فيها أنه هرب إلى إيران والتحق بصفوف المعارضة (منظمة بدر) في إيران عام 1986 وتلقى عدة دورات عسكرية هناك، ودخل إلى العراق سنة 2003 بعد الاحتلال الأمريكي، دخل البرلمان وأصبح زعيم الكتلة النيابية لمنظمة بدر، ويقول إن لديه بكالوريوس علوم عسكرية وبكالوريوس تجارة من جامعة مطهري، وبكالوريوس علوم إسلامية، إضافة لكونه ما زال طالبًا في العلوم السياسية.
الأعرجي لا يملك أي مؤهل أكاديمي يسمح له بشغل منصب وزير
أما ما يتردد عن هذا الرجل في المواقع الإخبارية المختلفة، غير هذا، فهو من بين الأسماء المعروفة بولائها لإيران، وقد تدرب فيها منذ 1984، وذلك من خلال انضمامه إلى مليشيات بدر المسلحة والتي كانت تقاتل العراق مع الحرس الثوري الإيراني، إبان الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980)، وتشير تقارير إلى أن الأعرجي لا يملك أي مؤهل أكاديمي يسمح له بشغل منصب وزير.
شارك الأعرجي في القتال بالحرب مع إيران، وكان بعمر الـ16، لكونه تطوع للقتال بحرب الثمانينيات بين العراق وإيران، ووقع في الأسر عام 1984 وحينها أعلن تأييده وولاءه الكامل لإيران وحكومتها، وكانت الحكومة الإيرانية تُطبق تعاملًا خاصًا مع الأسرى العراقيين الذين يوافقون على العمل معها، وهو بذلك يتمتع بامتيازات خاصة، وتم ضمه إلى مليشيات خاصة تقاتل القوات العراقية وتشارك في عمليات استخبارية ضد العراق، ارتبط الأعرجي بعلاقات قوية مع الباسيج الإيرانية، والتي هي من الكيانات الأكثر تأثيرًا في الحياة السياسية والأمنية والمجتمعية بإيران.
من حارس لقاسم سليماني إلى وزير لداخلية العراق
شارك في الانتفاضة التي وقعت أحداثها في عام 1991 جنوب العراق، بعد أن تسلل مع مجموعة كبيرة من مليشيا بدر، وقادوا أعمال تخريب ضد مؤسسات الدولة، كما وشارك الأعرجي في تعذيب الأسرى العراقيين خلال الحرب العراقية الإيرانية، يمتاز الأعرجي بنفس طائفي قوي، تجسد في كثير من تصريحاته بعد غزو العراق في 2003، إذ طالب في وقت سابق بتدمير مدينة الفلوجة، وسبق أن كتب على حسابه الشخصي في “فيسبوك” قائلًا: “الفلوجة رأس الأفعى! فمن أراد الحل عليه بالفلوجة، اجعلوا عاليها سافلها قربةً لله”، بالإضافة إلى أمره لأتباعه بالقيام بحملات اعتقال وتعذيب وقتل لعدد كبير من السنة، في مناطق عدة من العراق، لا سيما في أطراف العاصمة بغداد.
ويعتبر قاسم الأعرجي من قيادة الصف الأول في منظمة بدر، ولديه علاقات وطيدة مع قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، وسبق أن طالب الحكومة العراقية بنصب تمثال لسليماني.
وزير الدفاع الجديد اللواء عرفان الحيالي
عرفان الحيالي
أما وزير الدفاع الجديد عرفان الحيالي ويبلغ من العمر نحو 61 عامًا، هو مرشح (كتلة متحدون للإصلاح بزعامة أسامة النجيفي) فقد عرف نفسه كما فعل صاحبه وزير الداخلية، ونشر سيرته الذاتية على شبكة الإنترنت، فيقول عن نفسه، إنه من مواليد الأنبار قضاء حديثة سنة 1956، متخرج من الكلية العسكرية، كان منصب آمر سرية هو أعلى منصب تقلده كما ذكر ذلك بسيرته الذاتية، وأن المناصب التي خدم بها كلها مناصب إدارية.
ومما يلفت الانتباه أنه لم يذكر مشاركته بالحرب العراقية الإيرانية، ربما لكيلا يغضب الإيرانيون، يقول إنه صدر بحقه حكم الإعدام إبان النظام السابق، بسبب اشتراكه بتنظيم عسكري كان ينوي الإطاحة بنظام صدام عن طريق انقلاب عسكري، إلا أن نتيجة تدخل عشيرته استطاع الحصول على العفو من هذا الحكم.
في سنة 2006 رجع إلى الخدمة بوزارة الدفاع بوظيفة مدنية، وفي 2007 تم تحويلها إلى وظيفة عسكرية وبرتبة عميد، ثم ترقى إلى رتبة لواء وكان يعمل في جهاز مكافحة الإرهاب لحين ترشيحه لمنصب وزير الدفاع.
وزير الدفاع الجديد عرفان الحيالي من النوع المرغوب إيرانيًا نظرًا لانعدام الخبرة العسكرية القتالية، وافتقاره للكاريزما التي ربما تكون خطرًا على نفوذها بالجيش العراقي
وعلى ما يبدو أن وزير الدفاع الجديد عرفان الحيالي من النوع المرغوب إيرانيًا نظرًا لانعدام الخبرة العسكرية القتالية، وافتقاره للكاريزما التي ربما تكون خطرًا على نفوذها بالجيش العراقي، كما أن معارضته لصدام حينها وفصله من الجيش يجعل منه شخصًا موالٍ بشدة للنظام السياسي الجديد الذي منَّ عليه بإرجاعه للعمل بصفوف الجيش مرة أخرى.
العبادي وحكومة التكنوقراط
في بواكير استلامه لمنصب رئيس الوزراء، ذكر العبادي أنه جاء لإصلاح ما أفسده من قبله وينوي تشكيل حكومة مهنية مؤلفة من التكنوقراط لإدارة وزارات الدولة، فيا ترى هل حقق العبادي ما كان يدعو له؟ وهل هذان الوزيران هما المثال الذي كان ينتظرهما الشعب العراقي، كوزراء مهنيين وتكنوقراط؟
إن بترشيح العبادي لقاسم الأعرجي لمنصب وزير الداخلية وموافقة البرلمان على ذلك، يكون قد سلم أخطر الوزارات الأمنية العراقية للحرس الثوري الإيراني، نظرًا لارتباط هذا الرجل الوثيق بهم، أما وزير الدفاع فرحان الحيالي فإن إسناد حقيبة الدفاع إليه ففيه مغامرة كبيرة تتمثل بإسناد منصب مهم مثل هذا المنصب لشخص قد خان شرفه العسكري حينما كان ينوي الانقلاب على قيادته العسكرية، ومهما كان رأينا برمز النظام السابق، إلا أنه ليس من الشرف العسكري أن ينقلب ضابط على قيادته العسكرية، ثم يجعل من نفسه بعد ذلك ألعوبة بيد من حارب بلده لثماني سنوات، وهم الآن يسيطرون على كل مفاصل البلد، ومع ذلك يمد يده ليتعاون معهم.