قال الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر المحتل، إن المخابرات الإسرائيلية قامت بالضغط عليه وحاولت إقناعه بالدخول إلى الكنيست الإسرائيلي أكثر من مرة خلال فترة سجنه الأخيرة، لكنه رفض ذلك بشكل قاطع.
وأكد صلاح في حوار خاص مع “نون بوست” أن المؤسسة الإسرائيلية وإن حظرت الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة فلن تستطيع أن تحظر القيم والثوابت الإسلامية في مسيرة الفرد والمجتمع والأمة”، مؤكدًا على مواصلته لعمله ونشاطاته من خلال المؤسسات الشعبية والإصلاحية في الأراضي المحتلة.
رائد صلاح يلتقي بوالدته بعد إطلاق سراحه من السجون الإسرائيلية في مسجد حسن بك بمدينة يافا
الشيخ صلاح والذي أفرجت السلطات الإسرائيلية عنه قبل نحو أسبوعين، بعد اعتقال دام نحو 9 أشهر، بسبب إدانته من قبل محكمة إسرائيلية بـ”التحريض” في خطاب دعا فيه إلى حماية المسجد الأقصى قبل عدة سنوات، قال إن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة هو إضفاء شرعية على وجود الاحتلال الإسرائيلي الباطل أصلاً في القدس المباركة، والمصادم للثوابت الإسلامية والشرعية الدولية.
السلطات الإسرائيلية، أصدرت بعد خروج الشيخ من السجن مباشرة، أوامر تمنعه من مغادرة البلاد، أو من دخول المسجد الأقصى والقدس المحتلة؛، كما أوصت بتقديم لائحة اتهام ضده بزعم التحريض على “الإرهاب” وترأسه منظمة محظورة.
فيما يلي النص الكامل للحوار الذي أعده خير الدين الجابري مع الشيخ رائد صلاح:
– شيخ رائد، ما مستقبل نشاطاتك في ظل تهديد المخابرات الإسرائيلية بحظرها جميعًا؟
– أصبح واضحًا لديّ أن المؤسسة الإسرائيلية وفي مقدمتها المخابرات الإسرائيلية، باتت تعتبر الحركة الإسلامية ليست منظمة محظورة فقط، بل منظمة إرهابية، وقد قال لي ذلك بعض عناصر المخابرات خلال التحقيق معي قبل خروجي من سجن رامون بخمسة أيام، ثم قالوا لي: “أي حركة تقوم بها بغض النظر عن اسمها، أو أي جمعية أو مؤسسة سوف تقوم من خلالها بأنشطة، فكلها غير قانونية وسنتخذ ضدك الإجراءات المناسبة”.
وعندما قلت لهم: كيف من الممكن لي أن أخدم مجتمعي؟! قالوا لي: “عليك بدخول الكنيست، فهناك التغيير فقط”، ثم راحوا يقنعونني بدخول الكنيست، فقلت لهم: لن أدخل الكنيست ما دمت حيًا وهذا يعني لي الآن وبعد خروجي من السجن أن سُبُل خدمة مجتمعي باتت محصورة بالنسبة لي بلجنة المتابعة العليا، ومن خلال لجانها العشر، أو من خلال النشاط الاجتماعي والديني الشعبي، مثل لجان الإصلاح الاجتماعي، حيث تعزيز القيم الدينية، أو من خلال رسالة المسجد.
– سمعنا عن محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللقاء بك خلال فترة السجن، هل حصل ذلك؟
– نعم، المخابرات الإسرائيلية عرضت عليّ مقابلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو وزير الداخلية أرئيل أدرعي، لكنني رفضت لذلك بشدة، لأنني لا أثق بهما.
– ما آفاق العمل الإسلامي بعد حظر حركتكم في الداخل الأخضر؟
– أرى أنه من الضروري أن أؤكد هناك، أن المؤسسة الإسرائيلية وإن حظرت الحركة الإسلامية فلن تستطيع أن تحظر القيم والثوابت الإسلامية في مسيرة الفرد والمجتمع والأمة، ولن تستطيع أن تحظر رسالة المسجد والبيت والدعوة إلى الله تعالى، وكل هذه الأصوال التي ذكرتها تشكل آفاقًا واسعة وعميقة وممتدة للعمل الإسلامي في كل مسيرة حياتنا وفي مقدمتها نصرة القدس والمسجد الأقصى المباركين.
وعليه فلن تستطيع المؤسسة الإسرائيلية وقف أنشطتنا الدعوية في نصرة المسجد الأقصى والقدس مهما فعلت، ومرة أخرى أقول نصرتنا للمسجد الأقصى والقدس هذا واجب علينا، وأمانة في أعناقنا، حتى قيام الساعة، وليكن الثمن ما يكون.
– كيف يمكن تطوير آلية وأدوات النضال للمجتمع الفلسطيني في الداخل؟
– لا شك أن المجتمع الفلسطيني في الداخل بحاجة ماسة إلى تطوير أدوات نضاله للخروج من حالة رد الفعل إلى حالة صناعة الحدث، ومن حالة رد الفعل الاحتجاجي إلى حالة رد الفعل الضاغط المؤثر، ومن حالة الفعل الموسمي المؤقت إلى حالة رد الفعل المدروس والدائم.
وباعتقادي أن مفتاح كل ذلك، هو انتخاب لجنة المتابعة مباشرة من كل جمهورنا في الداخل الفلسطيني، وكذلك إقامة صندوق مالي دائم لتغطية كل مسيرة ونشاطات لجنة المتابعة وتوسيع آفاق العمل الخارجي العالمي إلى جانب العمل الداخلي المحلي، وتنشيط عمل كل لجان المتابعة.
– لماذا تخشى “إسرائيل” رائد صلاح، ولماذا فاوضته الآن؟
– المؤسسة الإسرائيلية تطمع باستدراج رائد صلاح للانخراط في لعبة الكنيست التي بات من الواضح لدي أنها مجرد منبر احتجاجي لا يحق لنا حقًا، ولا يرفع عنا ظلمًا، وبات المستفيد الوحيد من وجودنا فيه هو المؤسسة الإسرائيلية، التي تروج عالميًا لنفسها بالديمقراطية، على خلفية وجود أعضاء عرب في الكنيست، وأنها واحة الحرية ودولة القانون الوحيدة في الشرق الأوسط، علمًا أن واقع الحال يكذب كل ذلك.
بمعنى آخر تطمع المؤسسة الإسرائيلية أن يخدم جهد رائد صلاح مصالحها، وليس مصالح شعبنا في الداخل الفلسطيني، وما دام رائد صلاح يرفض الانخراط في هذه اللعبة التي اسمها الكنيست أو لعبة السيد، فستظل المؤسسة الإسرائيلية تنظر إليه كشخصية متمردة مقلقة تثير القلق والشبهات، ولا بد من التضييق عليها ومتابعتها بالمرصاد على الدوام.
– لكن أليس أعضاء الكنيست العرب قادرين على إيصال الصوت والتأثير أيضًا؟
– أريد أن أقول هنا شيئًا مهمًا، هناك الكثير من أعضاء الكنيست العرب الذين عاشوا تجربة الكنيست خرجوا بنفس النتيجة التي تحدثت عنها في جوابي السابق، لدرجة أن بعضهم قال لي: “نشعر بأننا شهود زور في الكنيست”، وأؤكد لك، بعضهم قال لي: “نشعر بأننا غرباء في هذا الكنيست”.
– شيخ رائد برأيك، ما المقصد من نقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة؟ وكيف ستواجهون ذلك؟
– باختصار شديد، ترامب يعلن حرب على الله والقرآن الكريم، وحتى على الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، القدس المحتلة لا يمكن أن تقبل في يوم من الأيام، أن تكون مستقبلًا لمشروع احتلال إسرائيلي.
وأقول لترامب، هذا القرار الخطير باطل ومرفوض، ومحاولة نقله إلى الأرض الواقع، ستقود إلى نتائج كارثية، وخلط أوراق في المنطقة كلها لا يعلم نتائجها إلا الله.
– أخيرًا، كيف ترى مستقبل المنطقة بعد تولي ترامب لرئاسة الولايات المتحدة؟
– برأيي، ترامب اليوم بات يؤسس لصدام عالمي بين موقف غربي يقوم على موروث تاريخي صليبي حاقد، والمشروع الإسلامي الراشد القادم الذي بات ضرورة بشرية لإخراج أهل الأرض مما هم فيه من ظلم وجور إلى عدل الإسلام وقسطه ورحمته وإنسانيته.
وأخيرًا، الجميع يعلم أن المال الأوروبي والأمريكي على وجه التحديد، ظل يدعم طول الوقت بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المباركة، بمعنى آخر ظل يدعم طول الوقت تهويد الضفة الغربية والقدس المحتلة، وما أراده ترامب من نقل السفارة الأمريكية للقدس هو إضفاء شرعية على وجود الاحتلال الإسرائيلي الباطل أصلًا في القدس، والمصادم للثوابت الإسلامية والشرعية الدولية.