خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير ومنذ انطلاقتها في 2011 إلى حين سيطرة المجلس العسكري على الحكم في 11 فبراير، قتل في مصر حوالي 1075 شخص في مختلف محافظات الجمهورية أكثر من ثلثهم قتلوا في القاهرة وحوالي الثلثين قتلوا في يوم 28 يناير ثم الحادثة المشهورة التي عُرفت باسم موقعة الجمل والتي حشد خلالها نظام مبارك أعداد كبيرة من البلطجية المجهزين بالأسلحة البيضاء والهراوات والسيوف وسحمت لهم قوات الداخلية وكذلك قوات الجيش بالوصول إلى ميدان التحرير حيث حدثت اشتباكات أودت بحياة العشرات.
وخلال فترة حكم المجلس العسكري وبعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، من 11 فبراير 2011 حتي 30 يونيو 2012, سقط 438 قتيل في كامل محافظات مصر حيث عاشت البلاد سلسلة من الأحداث كان أبرزها مجزرة ماسبيرو والتي قتل خلالها الشرطة العسكرية أكثر من 30 شخص معظمهم من الأقباط الذين ذهبوا للتظاهر أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري “ماسبيرو”.
كذلك وقعت خلال فترة حكم المجلس العسكري مجزرة محمد محمود والتي راح ضحيتها أكثر من 60 شخص برصاص الداخلية في أحداث وصفها مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب بانها كانت حرب إبادة جماعية للمتظاهرين باستخدام القوة المفرطة وتصويبالشرطة الأسلحة على الوجه مباشرة من قبل الشرطة بنية إحداث عاهات مستديمه بالمتظاهرين، كما سجل استهداف لللمستشفيات الميدانية.
ومن أكثر المجازر سفكا للدماء في أيام حكم المجلس العسكري مجزرة ستاد بورسعيد والتي راح ضحيتها حوالي ثمانين من المدنيين معظمهم من أنصار نادي الأهلي المصري. ويؤمن النشطاء السياسيون ومنتمون لمجموعة أولتراس أهلاوي أن “الدولة” تعمدت إغلاق بوابات الملعب للانتقام من مشجعي الأهلي المصري عامة ومجموعة أولتراس أهلاوي التي كان لها تأثير كبير في “كسر شوكة الداخلية في أيام ثورة يناير”.
وأما بعد الانتخابات الرئاسية ووصول الرئيس محمد مرسي إلى قصر الرئاسة، وطيلة سنة حكمه، قتل في مصر حوالي 172 شخصا في أحداث سياسية و 39 في أحداث طائفية و17 خلال احتجاجات اجتماعية و قتيل واحد في تظاهرات عمالية و48 حالة وفاة داخل أماكن الاحتجاز و 48 قتيل نتيجة استخدام مفرط للقوة من قبل وزارة الداخلية، وعاشت البلاد في تلك الفترة أحداث عنف كثيرة كان أهمها احتجاجات أهالي بورسعيد على الأحكام الصادرة في حق المتورطين في أحداث ستاد بورسعيد بالإضافة إلى عمليات الهجوم على مقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة بالإضافة إلى المواجهات التي نشبت حول قصر الاتحادية.
وأما في الفترة التي تلت الانقلاب العسكري الذي عاشته مصر في الثالث من شهر يوليو الماضي، وإن اختلفت الأرقام بسبب التضييقات التي تفرضها السلطات على وزارة الصحة، فإن أقل إحصاء لعدد القتلى خلال الأشهر الأربع الأولى من عهد الجنرال عبد الفتاح السيسي تقدر ب2665 ويقدر عدد الذين قتلوا في يوم 14 أغسطس بمفرده بما لا يقل عن 1385 شخص وثقت أسماءهم وبياناتهم الشخصية في تقارير خاصة بمجزرتي فض الاعتصامات في ميدان رابعة العدوية وميدان نهضة مصر في القاهرة.
حقوق الإنسان:
أصدرت منظمة العفو الدولية آمنستي أول أمس الخميس تقريرا خاص بالذكرى الثالثة لثورة 25 يناير تحت عنوان: “مصر بعد ثلاث سنوات على ثورة يناير: استمرار القمع على نطاق واسع بلا هوادة” رسمت من خلاله صورة قاتمة عن وضع حقوق الإنسان في مصر بعد ثلاث سنوات من الثورة وخاصة بعد الانقلاب العسكري.
وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “لقد شهدت مصر سلسلة من الضربات الموجعة التي سُددت إلى حقوق الإنسان، وارتكاب الدولة لأعمال العنف على نطاق غير مسبوق خلال الأشهر السبعة الأخيرة. وبعد مرور ثلاث سنوات، لا زالت مطالب “ثورة 25 يناير” بالكرامة وحقوق الإنسان تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى. وثمة عدد من مهندسي الثورة وراء القضبان الآن، وأصبح العرف السائد الآن هو القمع والإفلات من العقاب”.
وفي تقرير لهيومن رايتس ووتش حول حقوق الإنسان في مصر خلال سنة 2012، قالت المنظمة: “استمرت الشرطة في استخدام التعذيب بأقسام الشرطة وعند القبض على الأفراد، وأغلب أعمال التعذيب تحدث أثناء التحقيقات في الجرائم الجنائية العادية، وأيضاً في بعض القضايا السياسية”، وقالت أيضا: “استمرت الشرطة في استخدام القوة المفرطة – والمميتة في بعض الأحيان – أثناء محاولة السيطرة على المظاهرات وفي أثناء العمل الشرطي العادي. كما شهد العام أعمال تعذيب على يد الجيش أيضا”.
كما اتقدت المنظمة عدم محاسبة جهازي الشرطة والجيش على التجاوزات التي حصلت في أيام الثورة فقالت: “لم تشهد مصر عملية عدالة انتقالية للمحاسبة على جرائم عهد بمارك، ولم تحدث محاسبة حقيقية على أي انتهاكات أثناء انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011″، كما “لم تحدث محاسبة على تورط الجيش في أعمال التعذيب والضرب لمئات المتظاهرين في 25 فبراير/شباط و9 مارس/آذار و4 مايو/أيار و17 ديسمبر/كانون الأول 2011”.
وفي بيان منفصل، قالت هيومن رايتس ووتش إثر مجازر فض الاعتصامات في رابعة والنهضة: “استخدام قوات الأمن المصرية للقوة المميتة على نطاق واسع ومباغت لتفريق اعتصامات يوم 14 أغسطس/آب 2013 قد أدى إلى أخطر حوادث القتل الجماعي غير المشروع في التاريخ المصري الحديث”، مشيرة إلى أن “قرار استخدام الذخيرة الحية على نطاق واسع منذ بداية فض الاعتصام يعكس فشلاً في مراعاة المعايير الشرطية الدولية الأساسية المتعلقة باستخدام القوة المميتة، ولا يمكن تبريره بالاضطرابات الناجمة عن المظاهرات، ولا حيازة عدد محدود من المعتصمين للسلاح”.