ترجمة وتحرير نون بوست
مؤخرا، حدد الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب الدول الإسلامية واللاجئين، الذين يشكلون خطرا على بلاده، بيد أنه تغافل عن ضم المملكة العربية السعودية لهذه القائمة، على الرغم من أن المسؤولين الذين خططوا لعملية اختطاف الطائرات لمهاجمة نيويورك وواشنطن، في 11 من أيلول/سبتمبر، وأخطر خلية إرهابية عرفت في التاريخ، كانوا سعوديين.
وفي الواقع، عندما أصدر الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، أمرا تنفيذيا للحد من الهجرة، كان من الجلي أنه تغاضى عن ضم بعض الدول للقائمة، علاوة على أنه نسي في خضم نشوة فرحته بهذا القرار أن يكلف دائرة الحدائق الوطنية بوضع غطاء على تمثال الحرية، الرمز الأكثر شهرة للحرية في العالم. والجدير بالذكر أن قرار ترامب دمر صورة الولايات المتحدة، التي نصّبت نفسها دولة تدافع عن الحريات، وتسعى لتكريس قيم الديمقراطية.
ومن هذا المنطلق، السؤال الذي يطرح الآن: هل يرفض ترامب الإساءة للمملكة العربية السعودية بسبب التعاملات التجارية التي تربطه بالأثرياء السعوديين؟ أم لأنه يظن بأنهم سيتكرمون عليه، ويساندونه في تشييد فندقه الجديد في واشنطن؟
الإجابة عن هذا السؤال ما زالت غير واضحة، وقد أثيرت هذه الأسئلة إثر رفض ترامب الإفصاح عن عوائد الضرائب، والتخلي عن إدارة شركاته لصالح تحمل مسؤوليات رئاسة البلاد.
على الرغم من أن العقل المدبر لعملية 11 أيلول /سبتمبر كان المصري، محمد عطا. مما يثير العديد من التساؤلات لعل أبرزها، هل استثناء مصر من القائمة يوعز إلى رغبة ترامب في توطيد العلاقات مع دكتاتور البلاد الوحشي
ومن جانب آخر، لم تتضمن قائمة ترامب دولة ثانية، ألا وهي مصر، على الرغم من أن العقل المدبر لعملية 11 أيلول /سبتمبر كان المصري، محمد عطا. مما يثير العديد من التساؤلات لعل أبرزها، هل استثناء مصر من القائمة يوعز إلى رغبة ترامب في توطيد العلاقات مع دكتاتور البلاد الوحشي، الجنرال عبد الفتاح السيسي؟ ومرة أخرى لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال.
وعموما، مَنع السعوديين والمصريين من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، سيكون أسوأ قرار يقوم ترامب باتخاذه. وفي الأثناء، يعكس تجنُب ترامب ضم هذين البلدين إلى قائمته، تعسفه وتعنته على الأشخاص القادمين من دول، لم يكن لها أي دور في الإرهاب، الذي ضرب الولايات المتحدة، وأضر بمواطنيها.
وخلال حملته الانتخابية، ركز ترامب بالأساس على استبعاد اللاجئين السوريين، واصفا إياهم بأنهم بمثابة “حصان طروادة”.
والجدير بالذكر، أنه على الرغم من المعاناة والمحن التي مرّ بها اللاجئون السوريون، إلا أن الولايات المتحدة لم ترحب بهم، حتى قبل أن يتولى ترامب منصبه.
ومن ناحية أخرى، صرحت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن هناك ما يربو على 5 ملايين لاجئ سوري في العالم، والغالبية العظمى منهم لجأوا؛ إما إلى تركيا أو لبنان أو الأردن. وفي أعقاب ذلك، اقترحت إدارة أوباما أن بإمكان الولايات المتحدة استقبال 25 ألف لاجئ فقط، بداية من مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر، لكن بمجرد تولي ترامب لدفة الحكم، تخلى تماما عن هذا الاقتراح.
وفي المقابل، أعلنت كندا أنها ستوطن ما يقارب 39617 لاجئا سوريا بداية من الثاني من كانون الثاني/ يناير 2017، وقد مضت قدما في هذه الخطة، التي تسير على أحسن ما يرام. وتجدر الإشارة إلى أن الآلاف من الكنديين قد ساعدوا اللاجئين طوعا، كما ساهموا ماليا؛ حتى يتمكن اللاجئون، في أقرب وقت ممكن، من التكيف مع البيئة الجديدة التي سيعيشون فيها.
وقبل أن تستقبل كندا اللاجئين السوريين، قامت بالتأكد من خلفياتهم، وضمان أنهم بمجرد وصولهم سيتلقون الرعاية اللازمة. وإلى الآن، لم تسجل أي مشاكل أمنية في صفوف الوافدين على كندا.
ومن جهة أخرى، قامت الولايات المتحدة بنفس الإجراء، وتثبتت من جميع اللاجئين، واستمرت هذه العملية لسنتين، وتماما مثل كندا، لم تسجل الولايات المتحدة أي حوادث أمنية تتعلق باللاجئين السوريين.
استثن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الجديد اللاجئين السوريين المسيحيين، الذين يحظون باهتمام ومباركة أنصار اليمين المسيحي الموالي لترامب
وفي الوقت الحالي، استثن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الجديد اللاجئين السوريين المسيحيين، الذين يحظون باهتمام ومباركة أنصار اليمين المسيحي الموالي لترامب، مما يسلط الضوء على التمييز الديني الذي يسعى ترامب لفرضه على العالم. (في الواقع، إذا تم تطبيق الإعفاء لأعضاء الأقليات الدينية الذين اضطهدوا أكثر من غيرهم، ينبغي أن يكون المستفيد الرئيسي من ذلك؛ اليزيديون في سوريا، والبهائيون في إيران، وهذا قد لا يكون قصد ترامب ومن المستبعد أن يطبقه).
وفي الفترة التي أعقبت هجوم 11 أيلول /سبتمبر الكارثي، ارتكبت الولايات المتحدة بعض الانتهاكات التي أضرت بمكانتها القيادية في العالم، بما في ذلك غزو العراق، الذي تمّ بحجة أن صدام حسين يملك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل، التي تشكل خطرا على الولايات المتحدة.
وبالإضافة إلى ذلك، استعملت واشنطن تقنيات التحقيق المكثف؛ كالإيهام بالغرق، وتعذيب المساجين بأكثر الطرق وحشية، وغيرها من الانتهاكات التي أرتكبت ضد المعتقلين، من العديد من الدول والذين وضعتهم وكالة المخابرات المركزية ضمن لائحة “القائمة السوداء”. ومن اللافت للنظر أن هؤلاء المعتقلين قد تم إلقاء القبض عليهم دون أن توجه لهم أي اتهامات، ثم محاكمتهم وإلقائهم في معتقل “غوانتنامو”، سيء الصيت.
وبسبب الإدارة الضعيفة في العراق، سُمح للولايات المتحدة أن تعيث فسادا فيه، وهو ما ساهم بدوره في إنشاء أرضية خصبة لظهور جماعات إرهابية جديدة. فضلا عن ذلك، استمرت الولايات المتحدة في اعتماد نفس الأساليب الوحشية مع المعتقلين الذين تم التنكيل بهم، وإذلالهم في سجن “أبو غريب”.
ساهم قرار حضر دخول مواطني بعض الدول ذات الغالبية المسلمة إلى الولايات المتحدة، وإنكار جميع تأشيراتهم، في زعزعة هيبة البلاد كدولة للحريات
وفي الوقت الراهن، ساهم قرار حضر دخول مواطني بعض الدول ذات الغالبية المسلمة إلى الولايات المتحدة، وإنكار جميع تأشيراتهم، في زعزعة هيبة البلاد كدولة للحريات، يتم فيها التعامل مع الأشخاص بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو اصولهم القومية. وإذا كان الرئيس الجديد يظن بأن هذه الإستراتيجية ستعزز سلامة البلاد، فإنه، وللأسف، على خطأ.
وعموما، حتى وإن ضمن ترامب من خلال هذه السياسة إبقاء الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار الولايات المتحدة، خارج أسوارها، فإن هذه الاستراتيجية ستنعكس سلبا على ملايين الأمريكيين الذين يقطنون أو يعملون خارج حدودها، إذ أنهم سيصبحون هدفا للجمعات الإرهابية. وعلى ضوء كل هذه المعطيات، لن تكون الولايات المتحدة دولة آمنة، إلا إذا ارتقت إلى مستوى القيم التي يمثلها تمثال الحرية.
المصدر: الغارديان