الباحث المعلوماتي/ محمد حسني
مساعد باحث ومنسق الملف من جانب نون بوست/ أسامة الصياد
من خلال الاستعراض السابق في الحلقات الماضية يتضح لنا مأزق ما يسمى الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري بجميع مراحله كتعويم الجنيه والاقتراض من صندوق النقد وتحرير الأصول المملوكة للدولة والإصلاح المؤسسي.
فخطة تعويم الجنيه بشكل رسمي والذي كان من المفترض أن تحدث في شهري سبتمبر أو أكتوبر من العام الماضي ولكنها حدثت في نوفمبر، نموذجًا لتلك الأزمة، فالخطة التي أعلنتها مجموعة بيلتون أو تحديدًا هاني جنينة مدير البحوث في بيلتون كان من المفترض أن يتم تطبيقها وهي التي يرى داعمو النظام الخليجيين أنه لا يمكن التأخر فيها، ولكن لاعتبارات الاقتصاد السياسي وقاعدة ولاء الجيش المباشرة التي كونها عبر عقود، فإنه لا يمكنه التنفيذ الحاسم، لذلك تراجع عن الخطة بشكلها الذي أصدرته مجموعة بيلتون، وهو بتحليلنا السبب الأساسي لرد السعودية بوقف الدعم النفطي، وليس السياسة الإقليمية تجاه سوريا بشكل كامل، وهي الأزمة التي ستستمر بشكل أو بآخر ويمكن فعلاً أن تهدد نظام السيسي مستقبلاً!
والآن بعد أن طبق النظام السياسي المصري سياسة تعويم الجنيه، تتضح أكثر فكرة السيطرة التي شرحناها في مثال حفر قناة السويس الجديدة وأن هدف النظام الأول هو ضمان سيطرة الجيش على قاعدة من شرائح اجتماعية واقتصادية عديدة، يحل بها الجيش ليكون التنظيم السياسي في مصر دون الاحتياج لحزب جامع على نمط الاتحاد الاشتراكي أو الحزب الوطني، وكيف سيتعامل نظام عبد الفتاح السيسي مع أي ملف يتقاطع فيه الجيش والاقتصاد عمومًا.
فالنظام المصري عندما طبق سياسة التعويم التي يُضغط عليه لتنفيذها من قبل المجتمع الدولي وحلفائه بالخليج وخاصة الإمارات قد طبقها بالشكل الذي يضمن له تلك السيطرة، فأولاً، هناك جدل بشأن ما إذا كان النظام بمصر قد طبق تعويمًا كاملاً أو تعويمًا جزئيًا أو ما يسمى “بتعويم مدار”، والراجح أن ما حدث بدقة هو هذا التعويم المدار، وهو أن يطرح البنك المركزي سعرًا مبدئيًا حسب عطاءات محددة بمبلغ محدد من الدولارات، ومن ثم يضخه في البنوك التجارية بحسب سياسته النقدية والمالية.
وقد بدأ عطاء البنك المركزي في عملية التعويم الحالية بسعر 13 جنيهًا للدولار ثم ارتفع لاحقًا حتى وصل لـ18 جنيهًا وسيكمل الارتفاع على الأغلب حتى نهاية العام الحاليّ إلى 20 جنيهَا والمفترض أن يرجع للانخفاض في الربع الثالث من السنة المالية.
وقد سبق هذا “مناورة” قام بها البنك المركزي بإشاعة أنه سيضخ دفعة من الدولار بالبنوك مع رفع لسعر الجنيه جعل المضاربون يزيدون من عرضهم للدولار ومن ثم يودع الأفراد في البنوك مع شائعات عززت تلك العملية ثم باليوم التالي أتى قرار التعويم.
وبعد قرار التعويم حصل العكس حيث اضطر المضاربون إلى خفض سعر عرضهم للدولار حتى قل الفارق في ثاني يوم عمل بعد قرار التعويم الأحد 6 من نوفمبر إلى نحو خمسين قرشًا بين ما يعرضه البنك وما يعرضه المضارب.
الهدف هنا ببساطة أن هناك شريحة تراها الدولة خارج سيطرتها وهي شريحة المضاربين تريد إما السيطرة عليها أو إزالتها، وقد حاولت الدولة منذ 30 من يونيو أو تحديدًا منذ أن بدأت أزمة نقص الدولار بعد تراجع عائدات السياحة وأعمال العنف وأن ودائع ومنح الخليج الدولارية إما ذهبت إلى احتياطي الجيش من الدولار أو ضخت لمعالجة أزمة الطاقة – وهذا موضوع يحتاج بحثًا بشكل مستقل – وعدة عوامل أخرى، مجابهة تلك الشريحة من المضاربين بعدة إجراءات مثل الرفع الجزئي للعملة عدة قروش بكل مرة أو وضع تقييدات على التحويلات الدولارية للخارج سواء كان للأفراد أو للاستيراد أو حتى الحل الأمني الصرف بإغلاق العديد من الصرافات واتخاذ إجراء بتطبيق الفائدة السلبية، والفائدة السلبية هي أن يكون مستوى الفائدة دون الصفر أي أن الشخص عندما يودع بالبنوك يدفع فائدة على هذا الإيداع وهذا لتسهيل عملية الاقتراض وتسهيل عملية التداول المالي من خلال الجهاز المصرفي كحل أخير تتخذه الدولة بالأزمات مع ما يرافق هذا التدبير من تضخم مضاف التضخم الحاصل بسبب انخفاض قيمة الجنيه.
ولكن كل تلك الإجراءات لم تفلح على كل حال في الحد من ظاهرة المضاربين فكان الإجراء الأخير الذي اضطرت له الدولة وكانت ستفعله حتى لو لم يكن هناك قرضًا من صندوق النقد تسعى له هو أن تفعل هذا التعويم المدار حتى تخفض قيمة الجنيه بشكل يداني أو يقترب من السعر المعروض بالسوق السوداء حتى يتم اللجوء إليها بدلاً من تلك السوق السوداء.
بعبارة أخرى فالنظام السياسي المصري يتصرف بطريقة أنه إذا لم يستطع القضاء على السوق السوداء للعملة فيصبح الجهاز المصرفي للدولة هو نفسه السوق السوداء!
وهذا ليس تعبيرًا مجازيًا بل هو الواقع فعلاً الآن، فالبنوك بعد قرار التعويم وبعد أن أصبح متاحًا لها أن تلبي طلبات شراء الدولار لعملائها ألغت اشتراطات السجل التجاري لعملية الشراء المطلوبة وهو ما فتح الباب لعمليات غسيل أموال على نطاق واسع من خلال البنوك بدلاً من السوق السوداء وترجيحنا أن هذا كان مقصودًا حدوثة من قبل الدولة وليس حادثًا عرضيًا.
وعمومًا هناك تجارب سابقة لمثل هذا في أنظمة اقتصادية مشابهة لمصر من حيث السيطرة العسكرية وأبرزها النظام التركي الذي تعد تجربته من أنجح تجارب الإصلاح الاقتصادي في الشرق الأوسط، فقبل حكومة العدالة والتنمية كانت تركيا هي أحد الملاذات المفضلة لعمليات غسيل الأموال على مستوى العالم، وكان هذا برضى أو تغاضي المكون العسكري بتركيا لا سيما بعد أن أقال حكومة أربكان في انقلاب ناعم وربما من قبل هذا تحديدًا بفترة الثمانينيات عقب انقلاب عام 1980 وقد كون هذا ظاهرة ما يعرف بالأموال الساخنة، أي أن أصحاب المصالح غير القانونية يضخون رؤوس أموال بالبورصة التركية بغرض جعل لها شرعية قانونية ثم يعاد سحبها فجأة من الاقتصاد التركي، مما كان يسبب انهيارات متتالية في الاقتصاد التركي، صاحبه أيضًا انخفاض حاد في قيمة الليرة التركية.
ومن أبرز تلك الانهيارات ما حدث عام 99 بعد عام واحد من الانقلاب على أربكان وقد كانت تلك الأموال الساخنة من مصادر إسرائيلية أكثر من غيرها، ولهذا كانت على أولوية الأجندة السياسية للعدالة والتنمية بعد صعوده للسلطة هو كيفية علاج ظاهرة الأموال الساخنة التي توصف بالقدم الرابعة بالاقتصاد التركي، وكذلك معالجة الانخفاض الحاد بالليرة التركية عبر عدة إجراءات اضطر بأحدها عمل تصحيح للعملة بخصم ثلاثة أصفار منها أي أن تصبح الألف ليرة في النظام القديم مساوية لليرة واحدة بالنظام الجديد.
وهذا يقدم دلالة على المدى الذي انخفضت إليه الليرة التركية بفترات سيطرة المركب العسكري! ويمكن الاطلاع هنا على شرح موجز لظاهرة الأموال الساخنة بتركيا سابقًا والتي يرجح الباحث تجدد تكونها بمصر خاصة بالعلاقة الاستثنائية على المستوى الاقتصادي والسياسي بين النظام المصري الحاليّ وإسرائيل والتي نوهنا لبعضها في أثناء البحث.
على أي حال من غير المتوقع أن تختفي ظاهرة المضاربين قريبًا لأسباب عديدة أهمها أن بالنهاية ما تسميهم الدولة مضاربين هم بالنهاية عموم الناس بمصر وخاصة منهم العاملين بالخارج من خلال تحويلاتهم لداخل مصر والتجار بالسوق السوداء يتعاملون بالأساس على تلك الفئة، ولعل هذا هو صلب الأزمة في الاقتصاد السياسي لمصر حاليًا وهو سعي النظام السياسي من خلال الجيش السيطرة على ما لا يمكن السيطرة عليه وهو حركة عموم الناس خارج دوائره الرسمية و”النظامية”.
والسبب الآخر أن المضاربين يدخلون في متوالية تنافس على زيادة السعر مع النظام البنكي بمعنى أنهم يزيدون بهامش قليل ثم ينتظرون حتى تكون الحصيلة الدولارية المتداولة أكثر من المودع بالبنوك، ثم يمسكون بالعرض حتى يضطر البنك إلى الرفع مجددًا وهكذا في متوالية لا يقابلها إعادة الوصول لنقطة تواصل مثل أي منحنى عرض وطلب طبيعي، وهذا بحث يشرح تلك المسالة بتوسع وتطبيقها على السوق المصري بعد قرار التعويم.
على كلٍ فإن البنوك في التطبيق العملي للقرار اتبعت عدة تدابير أولها أنها، متزامنة مع هذا القرار، رفعت سعر الفائدة بشكل قياسي، وتشتري الدولار ولا تبيعه إلا لكبار عملائها أو ما يمكن وصفهم بالكارتيل cartels وهؤلاء أيضًا يخسرون من هذا القرار، فعندما بدأت عملية للاستيراد مثلاً أو غيرها كان سعر الدولار بـ8.8 جنيه والآن بسعر 18 جنيهًا فصاعدًا فيكونون قد خسروا نصف رأس المال الذي أنفق!
وهذا يتماشى مع ما ذكرناه أعلاه في نموذجنا التفسيري الذي يقترح أنها سياسة متعمدة من الدولة لتقزيم رأس المال الكبير وجعله يتضاءل، وبنفس الوقت بمعدل فائدة عالٍ عكس قرار الفائدة السلبية السابقة سيجعل الاقتراض وعملية التداول والتدوير للدولار بالسوق تحت سيطرته، فهو بهذا تصور النظام السياسي سيعطيه تحكم بجميع عمليات التداول بالسوق المصري وليس فقط ما تم تفسيره بحركة المضاربين أو تجار الضوضاء كما يسميهم الرابط أعلاه، كما أن هذا يرفع تدريجيًا الحصيلة الدولارية لدى البنوك أعلى من المعروض بالسوق غير الرسمية وهي عمومًا أحد المتطلبات الموضوعية لعمليات الأموال الساخنة.
ولمزيد من شرح هذا الأمر فالمتطلبات الموضوعية لظاهرة الأموال الساخنة وهي كما شرحنا أموال تدخل بهدف المضاربة السريعة بالبورصة أو سندات الدين الحكومية والتي كما نوهنا تم طرحها مؤخرًا بالبورصات العالمية وتحديدًا بورصة دبي أو الإيداع السريع بالبنوك بهدف الحصول على فارق الأسعار بين أول مضاربة وآخر مضاربة بحالة البورصة، وقد بدأ مؤشرها الرئيسي بالارتفاع بعد قرار التعويم وإزالة التقييدات على التداول أو الاستفادة من سعر الفائدة العالي بحالة الإيداع بالبنوك ثم التخارج سريعًا بعد الحصول على هذا الفارق، وهي إما أموال شرعية أو أموال قذرة على السواء، ولكن من كان يقوم بهذا الأمر في مصر قبل قرار التعويم كان ما يمكن تسميته بالأموال القذرة أو غير الشرعية ولكن بشكل مصغر حيث إنها كانت تعمل بشكل أساسي قبل قرار التعويم في المضاربة على الأصول العقارية وما نرجحه أنها ستتوسع بالفترة القادمة في آلية الأموال الساخنة أكثر من أي شكل آخر.
وللتفرقة فإن ظاهرة الأموال الساخنة إما أن يقوم بها رأس مال كبير محلي أو أجنبي أو مستهلك عادي، فرأس المال الكبير ما يحتاجه هو توفر احتياطي دولاري يمكنه شراءه أو عدم وجود تقييدات على تحويل الدولار للخارج وهو ما بدأ يتحقق له الآن.
أما المستهلك العادي فهو يبحث عن مستودع للقيمة أمام التضخم الحاد الذي يفرضه قرار مثل تعويم الجنيه وارتفاع سعر الفائدة، فبالتالي مع ندرة حصوله على الدولار كمستودع للقيمة كما تقدم يبدأ بالبحث عن الأصول العقارية وانتشار تداول الأصول العقارية إما يخفض قيمتها أو الأسوأ يحدث حالة فقاعة عقار، فبالتالي يبدأ باللجوء لأي وسيلة للإنفاق المباشر والحصول على هامش الربح وهو ما توفره ظاهرة الأموال الساخنة.
كما أن سبق التنويه أن التجربة التركية وغيرها يغلب عليها أن من يقوم بتلك الآلية من رأس المال عادة إما رأس مال أوروبي أو إسرائيلي، فبالتالي سترى السلطة عمومًا أنها آلية لضخ رأس المال الأجنبي بمصر طالما لا تتوفر بعد الشروط الموضوعية للاستثمار المباشر وخاصة الإسرائيلي لأسباب سياسية أو بمعنى أدق كجزء من اقتصاده السياسي، ولهذا فالرؤية التي تقترح أن الجيش يعمل بالاقتصاد كعمل من أعمال السيادة أو لتطبيق منظوره للأمن القومي لها وجاهة بالتفسير هنا أيضًا.
على أن أهم ما يتبع هذا القرار وقد بدأ بالفعل وهو استغلال النظام السياسي لحالة الشلل المؤقتة التي ينتجها هذا القرار في “الانتشار السريع” بحسب التعبير العسكري بالمساحات والقطاعات التي يتنافس بها مع غيره من رأس المال أو الأهم بقية مكونات قطاع الدفاع والأمن خاصة بالطبع المخابرات العامة.
فحتى الآن، منذ قرار التعويم بدأ الجيش يحقق انتشارات واسعة بقطاعات متنافس عليها، فأولاً بدأ يوفر السلع الأساسية بقطاع التموين والغذاء مباشرة للجمهور بدعوى مواجهة التضخم، وهذا نموذج بعزبة الهجانة مثلاً، فهو بهذا يرى أنه يستطيع أن يكسب مساحات في تنافسه مع شبكة القمح والسكر التي شرحناها التابعة للمخابرات العامة، متزامن مع هذا فإنه اخترق مساحة أخرى مرتبطة بهذا عندما أُسند إليه تكوين قاعدة البيانات الخاصة بالكروت الذكية للتموين، وبنفس الوقت سيكون، أو قد بدأ بالفعل، بتمدد آخر بمساحة متنازع عليها وهي مساحة قطاع الصحة، فقرار التعويم سيضطر شركات الدواء إلى رفع تسعيراتها وهو ما طالبت به وزارة الصحة ولم يستجب الوزير، بالتالي أنتج هذا مباشرة أزمة في توفر أدوية حيوية مطلوبة بالمستشفيات، ولما كان الجيش في إطار تنافسه على السيطرة على قطاع الصحة مع المخابرات العامة قد أوكل إلى نفسه مناقصات مستلزمات المستشفيات الجامعية من الدواء، بالتالي من المتوقع أنه بعد اشتداد الأزمة سيبدأ الجيش بطرح مستلزمات دوائية كما فعل من قبل بأزمة لبن الأطفال وبالتالي لكي يوقف احتكاره أو ضخه للدواء سيجبر مصنعي ومستوردي الدواء بمصر أن يخضعوا لهيمنته بدلاً من ارتباطهم بالمخابرات العامة من خلال لجنة السياسات الدوائية.
والمساحة الثالثة التي تمدد بها الجيش لأول مرة بعد أقل من أسبوع من قرار التعويم هي مساحة الحديد الصلب حيث كما تقدم مع ندرة توفر الدولار ووجود احتياطات دولارية خاصة للجيش خارج إطار البنك المركزي، فالجيش أو تحديدًا جهاز الخدمة الوطنية، استطاع الاستحواذ على شركة صلب مصر وهي ثاني شركة بقطاع الحديد الصلب بعد حديد عز، ولكونها شركة مطروحة بالبورصة، فتكون الآن أول شركة يسيطر عليها الجيش لها تداول بالبورصة وهو ما يعزز ثقة الجيش بارتفاع البورصة بعد قرار التعويم ويمكن الاطلاع على تفاصيل الصفقة هنا، وبهذا يحقق النظام السياسي المتماهي مع القوات المسلحة تحجيمًا بقطاع آخر به رأس مال كبير مثل أحمد عز ورأس مال مرتبط بالمخابرات العامة وليس به مثل أحمد أبو هشيمة لم يكن ليدخله لولا قرار التعويم وما أعقبه من شلل لترقب الآتي.
وبناء عليه، فإن قرار التعويم وتطبيقه وما ترتب عليه يجعل نموذجنا التفسيري المقترح قادرًا بشكل عملي على التفسير المستقبلي للنشاط العسكري بالاقتصاد المدني.
ومن ناحية أخرى يمكننا التكهن أن الجيش يعول على فكرة حافة الهاوية فقرار مثل تعويم الجنيه هو بالفعل حافة هاوية، فأي عمل احتجاجي سيؤدي إلى وضع أكثر سوءًا بشكل كارثي عن أي صعوبات اقتصادية ومعاشية حالية، ومن ناحية أخرى فهناك قرض مرتقب من صندوق النقد لمصر تمت الموافقة عليه، والمؤمل منه أن يؤدي لبدء التحسن بالحالة الاقتصادية خلال العام القادم.
ومن ناحية أخرى ففي ظل الأزمة الاقتصادية التي أحدثتها القيادة السياسية المتماهية مع القوات المسلحة، فالقوات المسلحة هي نفسها التي تجعل نفسها المخرج الوحيد للأزمات المباشرة، مثلما شرحنا في أنها من وفرت لبن الأطفال وهي من وفرت السلع التموينية في ظل تضخم سعرها وغيابها أصلاً كالسكر وما هو مرتقب من توفيرها للدواء الناقص.
فلهذا كله ترى القيادة السياسية أن تعاملها مع الأزمات المشابهة يرسخ ويعزز قاعدتها الصلبة في ولائها وارتباطها الوجودي بالجيش والتي بدأت تكوينها منذ حفر قناة السويس الجديدة وليس العكس، أي أنه يمثل مصدر تهديد لها، ومن ناحية فإن إدارتها للأزمة يوفر لها التقدم بمساحات نفوذ منافسيها من قطاع الدفاع والأمن ورأس المال الكبير.
وإذا لم يفلح كل هذا، فالجيش قبيل يمكن نشره بكل مصر على حد تعبير عبد الفتاح السيسي حيث قال إنه يستطيع ” فرد ” الجيش في ست ساعات بعدما ضمن ولاء الجيش المطلق وأن مصالح الجيش هي ذات مصلحة السيسي وأن نظام السيسي هو نظام الجيش على النحو الذي اتضح لنا في الاستعراض بالحلقات الماضية، وتعامل الجيش مع أي مهدد لنظام السيسي سيكون الحل الأخير!
لقراءة موضوعات ملف جنرالات الذهب كاملة اضغط هنا
شاهد الخرائط التفاعلية للملف مجمعة من هنا