ترجمة وتحرير نون بوست
في الواقع، يأمل كبار الدبلوماسيين في الولايات المتحدة أن يتمكن ريكس تيلرسون من إعادة النظام إلى الإدارة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، بعد حالة الفوضى العارمة، التي اكتسحت البلاد إثر القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي الجديد. وفي الأثناء، يتساءل، الكثيرون عما إذا كان تيلرسون قادرا على الوقوف في وجه قرارات إدارة البيت الأبيض.
في الواقع، وبعد مضي 11 يوما من رئاسة دونالد ترامب للبيت الأبيض، اضطر جميع دبلوماسيي الولايات المتحدة للرد والتدخل، بغية حلّ الأزمات المتتالية، التي تسبب بها ترامب في أيامه الأولى، دون الحصول على إذن أو مشورة منه.
بما أن ريكس تيلرسون على وشك أن يصبح وزيرا للخارجية الأمريكية، يأمل موظفو وزارة الخارجية بأن يتمكن هذا الأخير من فرض بعض النظام على هذه الإدارة، وإزالة الفوضى التي خلّفتها الإدارات السابقة
وفي الوقت الراهن، وبما أن ريكس تيلرسون على وشك أن يصبح وزيرا للخارجية الأمريكية، يأمل موظفو وزارة الخارجية بأن يتمكن هذا الأخير من فرض بعض النظام على هذه الإدارة، وإزالة الفوضى التي خلّفتها الإدارات السابقة.
وحتى الآن، انبهر دبلوماسيو الولايات المتحدة برغبة تيلرسون، الذي كان يشغل سابقا منصب رئيس شركة “إكسون موبيل”، في الاصغاء إليهم. وفي هذا السياق، أكّد مصدر من وزارة الخارجية مواقف “تيلرسون” الإيجابية تجاه الموظفين في الوزارة، حيث طرح العديد من الأسئلة عليهم، بهدف معرفة رغباتهم وآرائهم في العديد من القرارات والقضايا.
وفي أعقاب إقالة ترامب للقائمة بأعمال وزير العدل في عهد باراك أوباما، سالي ييتس، ليلة الإثنين، تساءل العديد من هؤلاء الدبلوماسيين، عما إذا كان تيلرسون يتمتع بالسلطة الكافية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية، وهل يتحلى بالقدرة اللازمة للوقوف في وجه ترامب؟
وفي هذا الصدد، صرح أحد الموظفين القدامى في هذه الإدارة “أن تكون وزيرا للخارجية، هو أن تعمل على ربط علاقات جيدة مع الدول، مع المحافظة عليها، والعمل على تحسينها، فضلا عن ضرورة السعي إلى بناء علاقات جديدة أخرى”. وأضاف الموظف نفسه “ما سيواجهه الوزير الجديد سيكون فريدا من نوعه؛ إذ أنه سيحاول الحفاظ على العلاقات الدولية أو تحسينها، التي من المتوقع أن يتم تقويضها من قبل البيت الأبيض”.
وخلال بيان موجز للوزارة، أشار تيلرسون إلى أنه يريد أن يضم خبراء في هذا المجال لاستثمار قدراتهم في الإحاطة بجل المعلومات اللازمة، بدلا عن الاعتماد على المزيد من كبار المسؤولين. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن ترفع من معنويات الموظفين العاديين، على حد تعبير العديد من الأشخاص العاملين في هذه الإدارة. وعادة، يتبادل الخبراء الآراء والتحاليل مع المسؤولين الأعلى منهم مستوى، ومن ثم يقوم هؤلاء بنقل تقييمهم النهائي إلى الوزير.
في الحقيقة، يبدو أسلوب تيلرسون مختلفا بشكل كلي عن تصرفات رئيسه المستقبلي. فمن جهة، خاض ترامب خلال الأسبوع الأول من توليه الرئاسة، معركة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” مع الرئيس المكسيكي، فضلا عن أنه أعلن أمرا تنفيذيا بشأن الهجرة واللاجئين، الذي أثار حفيظة الكثير من بلدان العالم. كل هذه الأحداث دفعت مسؤولي وزارة الخارجية لاستخدام كلمات بذيئة لوصف المشهد الضبابي الذي تعيشه البلاد الأمريكية.
منذ فوزه في الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر، تجاهل ترامب إلى حد كبير خبرة السلك الدبلوماسي، حيث أنه رفض عروضهم المتعلقة بكتابة بيانات موجزة قبل اللقاءات والاجتماعات، التي يعقدها مع القادة الدوليين
ومنذ فوزه في الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر، تجاهل ترامب إلى حد كبير خبرة السلك الدبلوماسي، حيث أنه رفض عروضهم المتعلقة بكتابة بيانات موجزة قبل اللقاءات والاجتماعات، التي يعقدها مع القادة الدوليين، علاوة على أنه أبى الامتثال لكل التدابير والبروتوكولات السياسة الخارجية الأمريكية.
وفي يوم الاثنين، انتشرت أخبار مفادها أن بعض دبلوماسيي الولايات المتحدة قاموا بتعميم مذكرة داخلية سرية، أعلنوا من خلاها اعتراضهم على أمر ترامب التنفيذي، المتعلق بوقف قبول اللاجئين، ومنع دخول المواطنين غير الأمريكيين من سبع دول ذات غالبية مسلمة. في المقابل، انتقد البيت الأبيض هذه الأخبار بشدة، مما أثار مخاوف وزارة الخارجية من أن ينتقم ترامب على خلفية هذه الأنباء.
وفي هذا الإطار، تساءل المتحدث باسم البيت الأبيض، سين سبايسر عما إن كان لهذه الإطارات البيروقراطية مشكلة مع قرارات ترامب، ثم أورد “أعتقد أن عليهم أن يوافقوا على البرنامج الحالي للإدارة، أو يمكنهم مغادرتها”.
وعلاوة على كل ذلك، قدمت مذكرة رسمية لمسؤولي وزارة الخارجية، يوم الثلاثاء الفائت، من قبل قناة معارضة، أنشئت في عهد فيتنام؛ لتوفير وسيلة للدبلوماسيين الذين يريدون التعبير عن مخاوفهم بشأن توجّه السياسة الأمريكية. في الواقع، لا تسمح قوانين وزارة الخارجية بمعاقبة الأشخاص الذين يوقعون على مثل هذه المذكرات، فهي عادة ما تصلها قرابة أربع أو خمس من هذه المذكرات سنويا. وحتى الآن، وقّع المئات من الدبلوماسيين على المذكرة التي تعارض الأوامر التنفيذية لترامب.
وفي الوقت الحالي، تشهد الإدارة الأمريكية العديد من الانقسامات، التي تسبب فيها قادة الحكومة المؤقتة، نظرا لأن فريق ترامب لم يُعينوا حتى الآن مسؤولين في وظائف الدولة المهمة، بما في ذلك الوكلاء والأمناء المساعدون.
ومن ناحية أخرى، لا يزال منصب نائب وزير الخارجية شاغرا. وقد تم طرح عدة أسماء لهذا المنصب، بما في ذلك، إليوت أبرامز وبولا دوبريانسكي، وكلاهما عمل في عهد الرئيس السابق، جورج دبليو بوش. والجدير بالذكر أن مارغريت بيترلين، التي كانت تشغل في السابق منصبا هاما في مكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكي، تعتبر من أكثر الأشخاص الذين تفاعلوا بإيجابية مع اقتراح تعيين تيلرسون في منصب وزير الخارجية. ومن المحتمل أن ينتهي بها المطاف في منصب رئيسة الموظفين في مكتب تيلرسون.
ومن جهة أخرى، منذ تولي ترامب لمنصبه، لم يعقد المكتب الصحفي لوزارة الخارجية مؤتمره اليومي التقليدي. في المقابل، عندما أدى كل من بوش وأوباما اليمين الدستورية، أقام هذا المكتب مؤتمره الصحفي في غضون ثلاثة أيام.
وعلى خلفية القرارات الأخيرة التي اتخذها ترامب، بدا المكتب الصحفي مصدوما من أوامره التنفيذية، وعاجزا عن الرد على الأسئلة الأساسية، المتعلقة بتداعيات وتبعات هذه الإجراءات.
أورد بعض الدبلوماسيين الأمريكيين، أنه لا يوجد تواصل حقيقي، أو نقاش فعال، حول الأولويات والسياسات بين أعضاء الفريق الانتقالي لترامب، وهو ما حث الرئيس على تحويل اهتمام وزارة الخارجية أكثر نحو مكافحة الإرهاب، وتأجيل النظر في قضايا تغير المناخ وتعزيز الديمقراطية
وفي هذا الإطار، أورد بعض الدبلوماسيين الأمريكيين، أنه لا يوجد تواصل حقيقي، أو نقاش فعال، حول الأولويات والسياسات بين أعضاء الفريق الانتقالي لترامب، وهو ما حث الرئيس على تحويل اهتمام وزارة الخارجية أكثر نحو مكافحة الإرهاب، وتأجيل النظر في قضايا تغير المناخ وتعزيز الديمقراطية.
وفي شأن ذا صلة، أشار تيلرسون، في جلسة تحدث فيها عن تأكيد ترشيحه لهذا المنصب، إلى أنه من الأفضل تأجيل النظر في طبيعة سياسة ترامب. وفي الوقت نفسه، أعرب وزير الخارجية المرتقب عن عدم اتخاذه لأي موقف معاد لروسيا، على غرار الكثير من المشرعين، وأعضاء السلك الدبلوماسي.
وفي الحقيقة، عندما حاول أعضاء مجلس الشيوخ الضغط على تيلرسون، لمعرفة ردة فعله، في حال قام ترامب بإحداث ضجة دولية عبر “تويتر”، خلال إجراء بعض المفاوضات الحساسة، أجابهم بقوله “أملك رقم هاتفه المحمول، وقد وعدني أنه سوف يجيب إذا اتصلت به”.
وفي المقابل، قال مسؤولو الوزارة السابقين إن تيلرسون، الذي قضى حياته المهنية في شركة “إكسون”، قد يتفاجأ بما قد يجده في منطقة “فوغي بوتوم”.
ومن ناحية أخرى، أفاد مسؤول سابق في إدارة أوباما، يدعى ديريك شوليت، بأن “إدارة شركة “إكسون” تختلف تماما عن إدارة وزارة الخارجية، إذ أن الأولى تقوم على ثقافة القواعد، والمساءلة، والهندسة، ولا تحتاج فيها لثقافة المفكرين الأحرار، وروح المعارضة. أما الثانية، فهي تقوم بالأساس على ما يدور في ذهن هؤلاء المفكرين الأحرار، الذين يجب أن يتمتعوا بحس الإبداع، وروح الحوار”.
وبالتالي، إذا كان تيلرسون يريد إجراء تغييرات جذرية على الطريقة التي يعمل بها حوالي 75 ألفا، موظف في إدارة وزارة الخارجية، فعليه أن يكسب رضى وتأييد موظفيه.
علاوة على ذلك، صرّح ديفيد ويد، الذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان لوزير الخارجية السابق، جون كيري، أن “وزارة الخارجية تشبه جبل الجليد، الذي يخدعك بمظهره عندما تراه من بعيد. كما أنها تمثل تحديا إداريا وتنظيميا كبيرا، يختلف عن أي وزارة أخرى”.
وأضاف ويد أن “الروح المعنوية تعتبر عاملا غاية في الأهمية، فضلا عن أن الأسابيع القليلة الأولى ستكون حاسمة داخل وزارة الخارجية. وبالإضافة إلى ذلك، سيعمل تيلرسون على إثبات قدراته داخل الإدارة وتأكيد حجم تأثيره في قرارات البيت الأبيض، وتوجيهها نحو القضايا التي يراها ذات أولوية هامة بالنسبة للوزارة”.
المصدر: بوليتيكو