مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في الجزائر، المقررة في الرابع من مايو المقبل، بدأت أحزاب المعارضة المنضوية تحت “هيئة التشاور والمتابعة”، في التلاسن وتبادل الاتهامات ما ينذر بقرب انتهاء الهيئة التي شَكّلت منذ سنوات، والتي تعد أهمّ وأبرز هيئة سياسية معارضة لنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
تأزّم الوضع داخل هيئة “التشاور والمتابعة”
في إشارة إلى تأزّم الوضع داخل هيئة “التشاور والمتابعة” المعارضة في الجزائر، طالب رئيس حزب “جيل جديد”، جيلالي سفيان الذي قرّر عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، الأحد من “حركة مجتمع السلم”، بمغادرة هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة بدعوى وجود صفقة تكون قد عقدتها مع السلطة.
ونشر جيلالي سفيان تدوينة على موقع تويتر جاء فيها: “أطلب، رسميًا، من حركة مجتمع السلم، مغادرة هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة!”. ويأتي طلب سفيان نتيجة عقد حركة مجتمع السلم صفقة مع النظام على حساب المعارضة، حسب قوله. وسبق لـ”مجتمع السلم” أن أعلنت نيتها المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وتحالفت مع “جبهة التغيير” (حزب اسلامي) لإنجاز مشروع دمج من بين أهدافه دخول الانتخابات بقوائم موحدة.
أطلب رسميا من حركة مجتمع السلم مغادرة هيئة التشاور و المتابعة للمعارضة !
سفيان جيلالي
—
تابعوا تغريدات… https://t.co/bAizBtPPLy
— Soufiane Djilali (@SoufianeDjilali) January 29, 2017
و”هيئة التشاور والمتابعة” هي هيئة تنسيق سياسي تجمع عدة أحزاب وشخصيات مستقلة معارضة للرئيس بوتفليقة وسياسات الحكومة، وتعمل هذه الهيئة على تقريب وجهات النظر بين فعاليات المعارضة إزاء مختلف القضايا والأحداث والمسارات السياسية المحلية، وتمّ الاعلان عن تأسيسها عقب انتهاء أشغال مؤتمر المعارضة الجزائرية، الذي عقدته “تنسيقية الانتقال الديمقراطي”، في يونيو 2014، وشارك فيه 400 شخصية تمثل أحزاباً وتنظيمات مدنية وشخصيات مستقلة.
وتضم “هيئة التشاور والمتابعة”، حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة، وجبهة العدالة والتنمية، وهي أحزاب أعلنت كلها مشاركتها في الانتخابات، كذلك على الجانب الأخر تضم أحزابا أخرى قرّرت مقاطعة الانتخابات، وهي “جيل جديد” و”طلائع الحريات”، الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق علي بن فليس.
دور هذه الهيئة ينحصر في التنسيق فقط لأنها ليست حزبًا سياسيًا، ولا يمكن أن تتحول إلى حزب أو تفرض رأيها
وأحدث الموقف من الانتخابات انقسامًا بين الأحزاب المكوّنة للهيئة، حيث يتّهم حزب “جيل جديد”، حركة مجتمع السلم الإسلامية، بعقد صفقة سياسية مع النظام القائم على حساب المعارضة بهدف المشاركة في الحكومة القادمة، وضمان تمثيل لها في البرلمان، الأمر الذي تنفيه الحركة ويؤكّد رئيسها، عبد الرزاق مقري، في تصريحات صحفية، أن حركته يمكن أن تكون في الحكومة إذا كانت الانتخابات غير مزورة، وإذا نجحت في الانتخابات، وإذا تمّ الاتفاق على برنامج يضمن الانتقال الديمقراطي ويضمن الانتقال الاقتصادي من ريعي إلى اقتصاد منتج.
“مقري” ينفي الاتهامات الموجهة إليه بالتقرب إلى السلطة
من جهته اتهم حليف حركة مجتمع السلم، رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة بعض الأطراف من “هيئة التشاور والمتابعة” -في إشارة إلى “جيل جديد”- بمحاولتها فرض آرائها في كل المسائل، مشيرُا إلى أنه ليس من حق أي طرف فرض رأيه على الآخرين، وكل شخص حر في تصوراته وقناعاته، مؤكّدا أن دور هذه الهيئة ينحصر في التنسيق فقط لأنها ليست حزبُا سياسيُا، ولا يمكن أن تتحول إلى حزب أو تفرض رأيها، فكل حزب من حقه أن يأخذ الرأي الذي يقتنع به.
هل انتهت “الهيئة”؟
الانقسام الذي تمرّ به “هيئة التشاور والمتابعة”، يعدّ بحسب خبراء، أول انقسام حاد في المواقف بين قوى المعارضة التي أنجزت تنسيقاً سياسياً ناجحاً، منذ يونيو 2014.
وفي ذات السياق يؤكّد متابعون، امكانية انقسام “هيئة التشاور والمتابعة”، نتيجة التناقضات التي أصبحت تميّز الهيئة -التي تأسّست لتوحيد قوى المعارضة وجهودها لضمان انتقال ديمقراطي في الجزائر- بعد قرار بعض الأحزاب المنضوية صلبها مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة وقرار أحزاب أخرى داخل نفس الهيئة المشاركة. فبات من المستحيل بقاء هذه الأطراف في هيئة واحدة في ظل إختلاف الرؤى والتوجهات.
يعدّ قرار الوحدة بين الحزبين عودة إلى وضع قديم، حيث إن جبهة التغيير تأسست مطلع 2012 من رحم حركة مجتمع السلم بعد انشقاق قيادات من هذا الحزب إثر أزمة داخلية
ونتيجة لهذا الانقسام الحاصل، قرّرت أحزاب سياسية وشخصيّات وطنية معارضة مقاطعتها اجتماع الهيئة الأخير الذي أقيم في مقر حركة السلم والمجتمع لبحث سبل التنسيق في الانتخابات المرتقبة.
وكان كلاّ من “حركة مجتمع السلم” -أكبر حزب إسلامي في البلاد- و”جبهة التغيير” -حزب اسلامي- قد قرّرا، في وقت سابق، الاندماج في حزب واحد وخوض الانتخابات القادمة بقائمات موحّدة في إطار حركة مجتمع السلم، ويعدّ قرار الوحدة بين الحزبين عودة إلى وضع قديم، حيث إن جبهة التغيير تأسست مطلع 2012 من رحم حركة مجتمع السلم بعد انشقاق قيادات من هذا الحزب إثر أزمة داخلية.
الأحزاب الاسلامية تسعى لحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان
إلى جانب ذلك وقّعت كل من حركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني -أحزاب إسلامية منضوية في الهيئة-، في ديسمبر الماضي، على وثيقة أسمتها التحالف الإستراتيجي بين الحركات الثلاث تحت مسمى “الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء”. وأعلن قادة الحركات الثلاث المشكلة لهذا التحالف عن دخولهم الانتخابات التشريعية القادمة بقوائم موحدة عبر كل ولايات الجزائر.
ويعتبر، متابعون، أن هذه التحالفات الجديدة اعلان لنهاية “هيئة التشاور والمتابعة” التي أعلن عن تأسيسها منذ أكثر من سنتين لتوحيد جهود قوى المعارضة في وجه النظام الحاكم. وينص قانون الانتخابات في مادته 84، على أن الانتخابات البرلمانية يجب أن تكون خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من انقضاء العهدة البرلمانية.
في سياق متصل، أعلن رئيس الجمهورية الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة في بيان، اليوم، الرابع من مايو المقبل موعدُا للانتخابات البرلمانية المنتظرة.