أطلق نجاح أول عملية لزراعة الخلايا الجذعية منذ سبعينيات القرن الماضي سباقا محموما بين علماء البيولوجيا الجزيئية والهندسة الوراثية لتطوير هذا الإنجاز المهم، ومواصلة التقدم في هذا المجال الذي ساهم في إنقاذ حياة العديد من البشر.
الخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة لها القدرة على الإنقسام والتمايز إلى جميع أنواع الخلايا الموجودة فى أجهزة الجسم البشري بسبب إفرازها لإنزيم التيلوميريز المحفز على الإنقسام
تعتبر الخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة لها القدرة على الإنقسام والتمايز إلى جميع أنواع الخلايا الموجودة فى أجهزة الجسم البشري بسبب إفرازها لإنزيم التيلوميريز المحفز على الإنقسام،والذي لا تفرزه الخلايا العادية إلا بكميات ضئيلة،لذلك لا تمتلك الخلايا العادية هذه القدرة على التمايز، على أن الخلايا الجذعية لا تتطابق في قدرتها على التمايز والإنقسام، فالخلية الجذعية كاملة القدرة هى أكثر أنواع الخلايا الجذعية قدرة على التمايز وهي موجودة في البويضة المخصبة وتستطيع أن تنقسم مكونة جسم جنين كامل، تليها الخلية وافرة القدرة والتي تتميز بقدرة عالية على الإنقسام إلى خلايا الجهاز الهضمي و التنفسي و العصبي وغيره من أجهزة الجسم وهي موجودة في جسد الجنين، تليها الخلية متعددة القدرة وهي موجودة في أجساد البالغين.
و تأتي أهمية الخلايا الجذعية لمرضى السرطان في حالة التدخل الجراحي أو العلاج الإشعاعي ( خاصة في المراحل المتقدمة من المرض)، والذي يؤدي إلى إستئصال أو عطب الجزء المصاب مما قد يهدد حياة المريض إذا لم يتم زرع عضو بديل أو عودة النسيج القديم للعمل بشكل طبيعي، فيتم إستخدام الخلايا الجذعية المتميزة بقدرتها العالية على التمايز إلى النسيج المطلوب وزرعه داخل الجسم ليعمل بشكل طبيعي رافعا من نسب النجاة عند المريض المصاب بالسرطان ومساعدا له على إطالة عمره قدر الإمكان.
لكن بعض الأبحاث العلمية تنكر ضرورة حدوث هذا السيناريو المثالي، معتقدة بدور مهم للخلايا الجذعية في عودة نشاط الخلايا السرطانية للظهور بفضل العلاج التجديدي، على أن أحد الأبحاث المقتبس منها المقال يعترف بأن كلا من التأثير الممهد والمضاد للسرطان قد تم ملاحظته عند إستخدام الخلايا الجذعية الوسيطة كعلاج تجديدي، كما لاحظ البحث أن الخلايا السرطانية الكامنة لم تتأثر بالخلايا الجذعية.
على العكس من الخلايا السرطانية النشطة التي إستفادت من الخلايا الجذعية الوسيطة بل وساعدت على ما يعرف بالنمو الثانوي للورم ( وهو قدرته على إرسال الخلايا السرطانية عبر الدورة الدموية إلى أنسجة الجسم لتكَوين قواعد سرطانية فرعية مزودة بالتالي من الأعضاء المصابة ومؤدية إلى تعقيد عملية العلاج).
لوحظ تبادل ما يسمى بالإشارات الخلوية بين الخلايا الجذعية الوسيطة و الخلايا السرطانية النشطة التي نجت من العلاج الإشعاعي أو الكيماوي أوالتدخل الجراحي
كما لوحظ تبادل ما يسمى بالإشارات الخلوية بين الخلايا الجذعية الوسيطة و الخلايا السرطانية النشطة التي نجت من العلاج الإشعاعي أو الكيماوي أوالتدخل الجراحي، وهذه الإشارات البين خلوية تشبه الحديث أو الديالوج بين شخصين وهى موجودة بشكل عام بين الخلايا للتفاهم فيما بينها على أداء مهامها، هذا التبادل الخلوي جعل العلماء يشكون في دور مبهم للخلايا الجذعية الوسيطة يحفز النشاط السرطاني على معاودة الظهور بعد الشفاء منه، وزاد من شكهم ما لاحظوه من قدرة الورم الخبيث على جذب الخلايا الجذعية التي يتم زرعها بغرض العلاج التجديدي.
كذلك لاحظ الباحثون أن المواد الكيميائية المفرزة من الخلايا الجذعية الوسيطة مثل السيتوكينات ساعدت على نمو الورم ونموه الثانوي، كذلك فإن ما يعرف بالأنشطة الشبه أو نظير صماوية للخلايا الجذعية ساعدت على الإمداد الدموي للورم، كما منعت الموت الطبيعي أو المبرمج للخلايا السرطانية،وثبطت المناعة المحلية أو الموضعية والتي كانت بدورها تقوم بقتل الخلايا السرطانية بمجرد إعلانها العصيان و التمرد على النظام المناعي، هذا العصيان الذي يأخذ صورة الطفرة الجينية للخلية الطبيعية والتي ما إن تحدث حتى تنقسم الخلية الجديدة ( المحورة) وتتكاثر مكونة الورم السرطاني.
هذه الملاحظات كلها دعت الباحثين إلى التحذير من إستخدام الخلايا الجذعية الوسيطة في الطب التجديدي لدى المرضى المتعافين حديثا من السرطان، على الرغم من صعوبة أن يحدث رفض من الجسم لهذه الخلايا، لأنها مأخوذة في الأغلب منه، وربما تكون هذه الميزة هي ما ستدفع العلماء لعدم اليأس ومحاولة التغلب على هذا العائق في المستقبل القريب، وهو ما سيجعل آلام المرضى رهينة بهذه المحاولة التي ستسهم كثيرا في رقي البشرية و سعادتها.