“أهلًا “سيري”.. هل من الممكن أن تتصلي بوالدي؟”.. “هل يمكنك أن ترشديني إلى هذا الموقع على خرائط جوجل”.. “سيري”..كيف سيكون الطقس غدًا؟، “سيري” ليست صديقة مشتركة بين المتحدثين السابقين، بل هي المساعد الرقمي الشخصي لك إن بدأت في استعمال جهاز الآيفون، ومما سبق من الممكن أن تستنتج أن “سيري” هي الأخرى تطبيقًا من تطبيقات الآيفون الخاصة الذي يساعدك على تنظيم التطبيقات الأخرى على الجهاز، إلا أن “سيري” تستطيع فعل أكثر من ذلك بكثير.
تم وصفها بأنها أفضل ما جاء به الآيفون، ظهرت “سيري” منذ أربع سنوات مع جهاز الآيفون 4S، فكانت معه بداية ظهور حرف الـ “S” بجانب كلمة آيفون، إشارة إلى اختراع شركة آبل الجديد، وهو المساعد الرقمي الشخصي “Siri”، القادر على إجراء حوار كامل مع صاحب الهاتف، والبحث عن كل ما يرغب المستخدم في معرفته باستخدام محركات البحث المختلفة الموجودة على الجهاز، ليس هذا فحسب، بل يمكنك أيضًا سؤال “سيري” أسئلة شخصية عنها، ليدور بينكما حوار كأنكما أصدقاء قدامى، كما يمكنها إطلاق النكات وأن تسخر معها من أي شيء، وفي النهاية يمكن لـ” Siri” أن تعرف عنك أكثر مما ينبغي.
تاريخ Siri
في عام 2010، قامت شركة آبل بشراء الشركة التي قامت بتطوير “Siri” لتقوم فيما بعد بتضمينه داخل نظام (آي أو أس) ( iOS)
الذي تعمل به أجهزة الشركة الذكية، آي فون، وآي باد بالإضافة إلى (آيباد توتش – iPod Touch)، ومؤخرًا في نظام (ماك أو أس – macOS) المُشغّل لحواسب آبل، وأنظمة (ووتش أو أس – watchOS)، و (تي في أو أس- tvOS) المُشغّلة لساعة آبل الذكية وجهاز (آبل تي في – Apple TV) على الترتيب.
تطورت “Siri” عبر السنين، فهي ليست الفريدة من نوعها في ذلك المجال، حيث خرجت شركة ميكروسوفت بنموذج مماثل “كورونا ميكروسوفت” وكذلك “جوجل ناو” لذا فكانت المنافسة قوية، وفرضت علي تطبيق “سيري” التطور عبر الزمن، إلى أن وصلت من مجرد مساعد رقمي، إلى صديق رقمي لمستخدمي آيفون.
ستساعدك “Siri” في حجز طاولة للعشاء في مطعم فاخر، وستساعدك في إرسال رسالة نصية سريعة لصديقك، كما ستساعدك على ترتيب جدول أعمالك للأسبوع القادم، وربما إن طلبت منها، ستذكرك بأهم المواعيد.
“سيري” وليدة وكالة مشاريع الأبحاث الأمريكية DARPA
في عام 2003 قررت الوكالة بدء العمل على مساعد رقمي شخصي يقوم بدراسة بعض الملفات ومن ثم أرشفتها وترتيب المعلومات الموجودة فيها
وذلك لتسهيل الوصول إليها، ذلك بالتعاون مع شركة SRI، وهي مؤسسة غير ربحية مهتمة بأمور الذكاء الاصطناعي، على أن تُساهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في هذا المشروع في تسهيل الوصول إلى جميع البيانات، بالضبط كما تفعل “Siri” الآن، تسألها فتجيب إجابات مفصلة فورًا، مدعمة ببحث على شبكة الإنترنت ومزودة بمصادر للمعلومات كذلك.
تحولت “سيري” فيما بعد لتطبيق خاص بالأجهزة الذكية التي تعمل بنظام “IOS” وقامت الشركة الأم بربطه مع خدمات على الإنترنت في مجالاتها المختلفة، إلى أن اشترته شركة آبل بمبلغ يتراوح ما بين 150 و250 مليون دولار أمريكي.
أعلن مؤسس شركة “SRI”، الشركة الأم للتطبيق” في مؤتمر تكنولوجي مهمة التطبيق بعد تحوله مهمة وكالة مشاريع الأبحاث الأمريكية إلي كونه تطبيقًا للهواتف الذكية بعد أن طلب من “Siri” أن تأتي له باسم أقرب مطعم للمأكولات الإيطالية، وذلك لأنه يرغب في قضاء وقت رومانسي مع زوجته، لتأتي “سيري” بقائمة من المقترحات بعد بحث سريع من خلال “Google Maps” ومحرك البحث ياهو وغيره من المحركات المختلفة.
نموذج من محادثات مستخدمي آيفون مع “Siri
“قومي بتذكيري لشراء الحليب”
“حسنًا، سأفعل ذلك!”
يمكنك سؤال “Siri” أيضًا في العمليات الحسابية
إذا سمعت أغنية في مكان ما وترغب في معرفة عنوانها واسم مغنيها، يمكن سؤال “Siri” أيضًا
Siri”: “ما الذي تود إرساله لوالدتك؟”
ربما تحولت “سيري” تحول جذري من كونها في مهمة بحثية من وكالة مشاريع الأبحاث الأمريكية من أجل أرشفة 500 ملف لأشخاص مختلفين، إلى تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تساعدك في إنجاز مهماتك اليومية بسرعة وبدون مجهود منك، إلا أنها أيضًا لمحة تشير إلى الموجة المتنامية لتحكم الذكاء الاصطناعي بحياتنا، باعتباره مكملًا للقيود التي تفرضها التكنولوجيا علينا، فتحرمنا من آدائها بشكل يديوي كما كنا نفعل في المستقبل.
كما كانت مهمة “سيري” السابقة، أرشفة تفاصيل وقاعدة بيانات عن الكثير من الأشخاص، فتحدثنا مع “سيري” بشكل يومي عن تفاصيل مختلفة من حياتنا، وذلك عن طريق سؤالها عن مواقع لشركات معينة، أو طلب حجز لتذكرة سينما لفيلم ما، أو سؤالها عن أحوال الطقس في مدينة أخرى لأنك ستسافر إليها، بل وأيضًا إطلاعها على موقعك الجغرافي باستخدام “خرائط جوجل” بشكل دائم، يجعل منها تتوقع المكان بمجرد رؤيتها لصورة لك فيه بعد ذلك، لا يجعل كل ما سبق “سيري” مجرد صديق رقمي لك، بل أرشيف يوثق بياناتك من خلال أنشطتك اليومية ومن خلال تحركاتك أيضًا.
هل سيكون الآيفون جزءًا من Siri فيما بعد؟
ربما نتحدث الآن عن “سيري” في كونها جزءًا من الآيفون، وأنها ملحق يتبعه ويتطور معه بشكل يواكب متطلبات العصر الحديث، ولكن شركة آبل رأت المستقبل من قبل، وجعلتنا نتحدث بالفعل إلي هواتفنا الذكية، ونطلب منها أن تؤدي مهام معينة من أجلنا، ونسمح لها بالوصول إلي معلوماتنا الشخصية، وتتبع خطواتنا بإذن منا، فهل سيكون آآيفون فيما بعد مجرد تابع لاختراع “Siri”؟