ترجمة: حفصة جودة
قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن دبلوماسييها في المملكة العربية السعودية سمعوا لأول مرة عن التقارير المأساوية بشأن تزايد العنف المميت ضد المهاجرين وطالبي اللجوء من قوات الحدود السعودية في صيف العام الماضي، وطالبوا مسؤولين رفيعي الشأن في الحكومة السعودية بالتحقيق في ذلك.
أعلنت وزارة الخارجية عن ذلك في بيان لها مساء الخميس ردًا على التساؤلات بشأن معرفة حكومة الولايات المتحدة بتقارير العنف وعلاقتها بقوات حرس الحدود السعودية، هذه القوات اتُهمت في الأسابيع الأخيرة بقتل مئات أو آلاف المهاجرين الأفارقة في أثناء محاولتهم العبور من اليمن إلى المملكة.
في هذا البيان اعترفت الخارجية الأمريكية لأول مرة علانية بأنها تعرف بالأمر منذ الصيف الماضي، بما يتعارض مع بيان الأسبوع الماضي الذي قالت فيه إنها سمعت أول مرة عن تلك الانتهاكات عندما أعلنت عنها الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
قالت وزارة الخارجية أيضًا إن حكومة الولايات المتحدة ساعدت في تدريب قوات الحدود السعودية من 2015 حتى 2023، لكنها أصرت على أنها دربت خفر السواحل فقط وليس القوات البرية.
أثار الأمر انتباه المشرعين الأمريكيين الذين تحدثوا عن ضرورة توقف الحكومة الأمريكية عن بيع الأسلحة للسعودية – تلك الشريكة التي تُتهم دائمًا بانتهاك حقوق الإنسان – والتراجع عن مظاهر التعاون الأمني والدفاعي الأخرى بين المملكة والولايات المتحدة.
يأتي هذا الفحص الدقيق من الكونغرس في الوقت الذي يفكر فيه الرئيس الأمريكي بايدن ومساعديه في عقد اتفاق دفاعي قوي واتفاق نووي مدني مع السعودية وبيعها المزيد من الأسلحة المتطورة كجزء من جهودها لدفع السعودية نحو التطبيع مع “إسرائيل”.
هذه الانتهاكات جذبت الانتباه دوليًا في الأسابيع الأخيرة بسبب تقرير هيومن رايتس ووتش الذي صدر يوم 21 أغسطس/آب وتضمن توثيقًا شاملًا لانتهاكات القوات السعودية المميتة ضد المهاجرين الإثيوبيين
كان تقرير التايمز يوم السبت الماضي قد ذكر أن دبلوماسيي الولايات المتحدة كانوا على علم بمقتل المهاجرين منذ الخريف الماضي على الأقل، لكن الخارجية أصدرت بيانًا تؤكد فيه أن الحكومة الأمريكية سمعت عن هذه الاتهامات في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
والآن تقول الخارجية إن المسؤولين في السفارة الأمريكية بالرياض سمعوا عن الأمر من منظمات بحثية غير حكومية هذا الصيف ومن ثم تحدثوا مع نظرائهم السعوديين.
قدمت الأمم المتحدة المزيد من التفاصيل بشأن مقتل المهاجرين لمسؤولي الخارجية الأمريكية بواشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر الذي اشترط عدم كشف هويته، وفي ديسمبر/كانون الأول قدمت الأمم المتحدة بيانًا شفهيًا لسفير أمريكا في اليمن ستيفن فيجين.
في ذلك الوقت شاركت الأمم المتحدة تلك المعلومات أيضًا مع موظفين آخرين في الخارجية ومع دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وهولندا والسويد والاتحاد الأوروبي.
لكن هذه الانتهاكات جذبت الانتباه دوليًا في الأسابيع الأخيرة بسبب تقرير هيومن رايتس ووتش الذي صدر يوم 21 أغسطس/آب وتضمن توثيقًا شاملًا لانتهاكات القوات السعودية المميتة ضد المهاجرين الإثيوبيين.
اتهم الباحثون والمهاجرون الذين التقوا بهم، قوات الحدود السعودية بإطلاق النار والمقذوفات المتفجرة على المهاجرين وقتل المئات وربما الآلاف منهم خلال فترة 15 شهرًا انتهت في يونيو/حزيران، لكن الحكومة السعودية أنكرت تلك الاتهامات وقالت إنه لا أساس لها من الصحة وتستند إلى مصادر غير موثوقة.
بعد صدور التقرير قال مسؤولي الخارجية الأمريكية إنهم طلبوا من السعودية التحقيق في تلك الحوادث، لكن المسؤولين السعوديين لم يستجيبوا لطلبهم.
لا يمكن لمسؤولي الولايات المتحدة أن يؤكدوا بلا أدنى شك أن التدريبات الأمريكية أو الأسلحة أمريكية الصنع التي قُدمت للقوات السعودية لم تشارك في عمليات القتل تلك، تتشارك القوات العسكرية الأمريكية والسعودية علاقة واسعة النطاق وتعد السعودية أكبر مشتر عالميًا للأسلحة والمعدات الأمريكية.
كما أن المسؤولين الأمريكيين لا يضغطون على السعودية لتحديد الوحدات التي تورطت في تلك الجرائم.
قُدمت التدريبات لخفر السواحل السعودية كصفقة عسكرية أجنبية وافق عليها مكتب الشؤون العسكرية السياسية بالخارجية الأمريكية، وعلى الأقل، فإن بعض التدريبات التي انتهت هذا العام قدمتها قيادة المساعدة الأمنية بالجيش الأمريكي.
في يوم الأحد وبعد تقرير التايمز، قال النائب جريجوري ميكس عن ولاية نيويورك وكبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية في بيان له: “على القوات السعودية التوقف فورًا عن تلك الأفعال الوحشية غير المبررة واحترام القانون الدولي والحقوق الإنسانية الأساسية للمهاجرين”.
وأضاف ميكس “طلبت من الخارجية تقديم تفاصيل بشأن مدى إحاطة الولايات المتحدة بهذا النمط، وما الذي فعلته ردًا على ذلك، وتفاصيل بشأن التمويل والتدريب أو دعم القوات السعودية المتورطة في تلك الجرائم، سأواصل العمل لضمان عدم دعم أهداف السياسة الأمريكية والتمويل لتلك الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان وقتل المهاجرين وطالبي اللجوء”.
قال التقرير إن حرس الحدود أطلقوا النار على مهاجرين وقتلوا منهم نحو 430 شخصًا في أول 4 أشهر من العام، واغتصبوا النساء والفتيات وأعادوهن إلى اليمن عراة
وصف ميكس وأعضاء آخرون بالكونغرس – معظمهم ديمقراطيون – السعودية بالشريك غير الجدير بالثقة، وأشاروا إلى سجلها في حقوق الإنسان بما في ذلك حربها الطويلة في اليمن، هؤلاء المشرعون غالبًا ما سيتشككون بشأن مبيعات الأسلحة للسعودية واحتمالية التعاون معها في البرنامج النووي المدني، الذي يخشى بعض المسؤولين الأمريكيين أن يكون واجهة لإخفاء برنامج أسلحة نووية، كان المسؤولون السعوديون قد طلبوا هذا التعاون من بايدن كشرط للتطبيع مع “إسرائيل”.
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أرسلت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة رسالة للحكومة السعودية تحكي فيه تفاصيل مشابهة لما ذكره تقرير هيومن رايتس ووتش، وقد قالوا إن حرس الحدود أطلقوا النار على مهاجرين وقتلوا منهم نحو 430 شخصًا في أول 4 أشهر من العام، واغتصبوا النساء والفتيات وأعادوهن إلى اليمن عراة، نشرت الأمم المتحدة هذا الخطاب علانية في ديسمبر/كانون الأول.
وفي يناير/كانون الثاني، أشار ريتشارد ميلز – نائب ممثل أمريكا في الأمم المتحدة – إلى تلك القضية بشكل خفي، حيث قال في جلسة مغلقة بمجلس الأمن عن اليمن: “إننا ما زلنا قلقون بشأن مزاعم الانتهاكات ضد المهاجرين على حدود السعودية”.
قال بيان الخارجية الأمريكية يوم الخميس، إن إحدى المنظمات التي أخبرت دبلوماسيي أمريكا في الرياض الصيف الماضي بشأن عمليات القتل كانت “مواطنة” وهي منظمة يمنية لحقوق الإنسان.
في سبتمبر/أيلول الماضي، كتبت المنظمة تقريرًا عن العثور على نحو 30 مهاجرًا يمنيًا وإثيوبيًا يوم 12 مايو/أيار 2022 على الجانب السعودي من الحدود، بعضهم يعاني من طلقات نارية أو جروح أو آثار تعذيب، وفي وقت لاحق، أشار تقرير حقوق الإنسان بوزارة الخارجية الأمريكية عن انتهاكات السعودية العام الماضي إلى بحث منظمة “مواطنة”.
المصدر: نيويورك تايمز