اختلفت ملامح المحتفلين والمتظاهرين على حدّ سواء في الذكرى الثالثة لثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر البارحة، ميدان التحرير الذي انطلقت منه شرارة الهتاف للثورة باسقاط النظام و “عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية” هُتف به البارحة للسلطة دون أي مواجهات مع الأمن، في الوقت الذي كان الرصاص الحيّ يطلق على مناهضي حكم الانقلاب العسكري الذين كانوا يحاولون الوصول إلى الميدان.
فوارق كثيرة اتّسم بها المشهد المصري في فرق جوهريّ بين الخامس والعشرين من يناير لعام 2013 و عام 2014 ، كانت أبرزها :
1. صورة السيسي في كل مكان دون منافس له، فالاحتفالات التي كانت تشهدها الشوارع بمؤيدي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي قاد الانقلاب العسكري كانت ترفع فيه صوره بمشهد واضح، في الوقت الذي يستعد فيه لخوض الانتخابات الرئاسية.
2. غياب صورة محمد مرسي، وقلة ظهور شعار رابعة، وجاء ذلك للاتفاق الذي حصل بين القوى الثورية باختلاف أطيافها بعدم رفع أي رموز حزبية أو سياسية وتعميم المشهد الثوري، الأمر الذي دفع بالشعار القديم الجديد إلى الواجهة من جديد “عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية”.
3. ميدان الثورة يهتف للسلطة، حيث اجتمع مؤيدو السلطات الحاكمة ورفعوا صور عبد الفتاح السيسي وهتفوا له وللبلاوي وللشرطة والجيش معاً وقالوا: ” انزل يا سيسي.. يا رب تكون رئيسي، “شرطة وشعب وجيش ايد واحدة”، “يا أبو دبورة ونسر وكاب -قوات الجيش والشرطة- فوضناك ضد الإرهاب “،” شرطة و “شعب و جيش إيد واحدة “، و” الببلاوى قالها قوية.. مصر مش إرهابية”.
في الوقت الذي ضجّ فيه هذا الميدان لثلاث سنوات ماضية بهتافات الاسقاط، حيث هتف الثوار بـ “الشعب يريد إسقاط النظام” في 2011، وفي “يسقط يسقط حكم العسكر” في 2012 في إشارة إلى المجلس العسكري الذي تولى إدارة شؤون البلاد بعد تنحي مبارك، “يسقط حكم المرشد” في 2013.
4. الحضور الرسمي الحكومي في احتفالات الميادين وغياب وجوه الثورة، ففي الوقت الذي كانت وجوه و رموز الثورة تعتلي منصات التحرير وغيره من الميادين، غابت هذه الوجوه إمّا المعتقلة أو الهاربة خارج البلاد خوفاً من الاعتقال أو المتوارية عن الأنظار أو منها ما اكتفى بالصمت إزاء الأحداث الجارية، في الوقت الذي ظهر رئيس الوزراء حازم الببلاوي، في ميدان التحرير، كما حضر وزراء الشباب والاستثمار والإسكان والعديد من المحافظين ومديري الأمن في الميادين المختلفة المحتفلة والمؤيدة للسلطات الحاكمة.م.
5. الاحتفال لكبار السن والنساء والاحتجاج للشباب، حيث كان أغلب المتواجدين في ميدان التحرير وميادين الاحتفال من كبار السن والسيدات بينما غلب سنّ الشباب على المظاهرات المناوئة للحكم.
6. سلسلة انفجارات ودموية تفريق المظاهرات، حيث شهدت أحداث البارحة السبت 50 شهيداً على الأقل في حصيلة غير نهائية لتفريق قوات الأمن المتظاهرين قتلوا بالرصاص الحيّ، بالإضافة إلى 6 تفجيرات متعددة في أكثر من مكان أودت بحياة 7 أشخاص وإصابة العشرات.
في المقابل لم تشهد ذكرى الثورة في 2012 سقوط أي قتلى بينما شهد عام 2013 سقوط 10 قتلى حسب مصادر طبية وبيان لوزارة الصحة دون أي تفجيرات.
7. لا وجود لأغاني الثورة و”تسلم الأيادي” الحاضر الوحيد، حيث كان هذا الأوبريت الذي يحتفي بالجيش المصري على خلفية إطاحته بحكم الرئيس محمد مرسي قد تصدر المشهد في كل الميادين التي احتفل فيها مؤيدو السلطات الحالية، كما ظهرت بعض الأغاني من حقبة مبارك في الوقت الذي انزوت الأغاني التي ظهرت في ميدان التحرير للثورة مثل: “إزاي” للمطرب محمد منير، و”ارحل” للمطرب رامي عصام، وغيرها التي تؤبن الشهداء.