ترجمة وتحرير نون بوست
اُعتقل مؤخرًا مسؤولان في جهاز خدمة الأمن الاتحادي التابع للمخابرات الروسية، بعد اتهامهما بتمرير معلومات لصالح أجهزة استخبارات أمريكية.
وفي الواقع، لا تعدّ هذه الحادثة الأولى من نوعها التي تهز الشارع الروسي، فقد تمّ خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2016، إيقاف الرجل الثاني في قسم الأمن المعلوماتي التابع لجهاز خدمة الأمن الاتحادي سيرجي ميخائيلوف، إذ خرج من مبنى الاستخبارات الروسية مكبّل اليدين ومغطّى الوجه.
وفي السياق ذاته، أكد موقع “تسارغراد” الروسي، المقرب من قصر الكرملين، يوم 25 من كانون الثاني/ يناير الماضي أن حادثة اعتقال كل من العميلين ديمتري دوكتشاييف وروسلان ستويانوف، هي امتداد لعملية اعتقال سيرجي ميخائيلوف، وعلى الرغم من حساسية منصبهم في جهاز الأمن المعلوماتي، سيواجه هؤلاء الثلاثة تهمة “الخيانة العظمى”، بعد تورطهم في التخابر مع أجهزة استعلامات أمريكية.
وفي هذا الصدد، أشار المترافع عن أحد المتهمين الثلاثة المحامي إفان بافلوف أن “عدد المتورطين يتجاوز الثلاثة”، علاوة على ذلك، سيواجه المتهمون، في حالة إدانتهم رسميًا، عقوبة السجن لمدة عشرين سنة، وتجدر الإشارة إلى أن المحامي إفان بافلوف يتمتع بخبرة طويلة في مجال المرافعة عن المتهمين بالخيانة العظمى، من بينهم شخصيات روسية وأوكرانية.
وفي الحقيقة، أشار المدعي العام إلى ثبوت التهمة، حيث أكد أن هناك دلائل تشير إلى تسريب معلومات لصالح أجهزة مخابرات أمريكية دون أن يحدد هويتها، وأضاف المدعي العام أن هذه التهمة ليست سوى الجزء الظاهر من عدة تهم أخرى لم يقع كشفها بعد.
اعترفت رسميًا الشركة المختصة في أمن الحواسيب “كاسبرسكي لاب” أن مديرها في قسم التحقيق في معالجة المعلومات روسلان ستويانوف، قد اعتقل من قبل الأمن الروسي
من جهة أخرى، اعترفت رسميًا الشركة المختصة في أمن الحواسيب “كاسبرسكي لاب” أن مديرها في قسم التحقيق في معالجة المعلومات روسلان ستويانوف، قد اعتقل من قبل الأمن الروسي، والجدير بالذكر أن بداية التحقيق رسميًا في قضية تسريب المعلومات، تزامنت مع إيقاف سيرجي ميخائيلوف الذي أدرج اسمه سابقًا في القائمة الأوروبية للمطلوبين للعدالة وذلك إثر ثبوت دعمه للانفصاليين الموالين لروسيا في أوكرانيا.
“نفي ممنهج”
لا زالت فضيحة القرصنة الإلكترونية الروسية لمواقع أمريكية تلاحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فهناك مؤشرات تدل على إشرافه بنفسه على سير هذه الهجمات خلال الانتخابات الأمريكية، وعلى ضوء هذه الفضيحة، لا بد من طرح التساؤل التالي: هل يعمل بوتين على “غربلة” أجهزة استعلاماته، ليبعث برسالة طمأنة ضمنية للأمريكيين خاصة قبيل إصدار تقرير الوكالات الاستخباراتية الأمريكية (مكتب التحقيقات الفدرالي، ووكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي) الذي أمر به سابقًا باراك أوباما؟
وفي السياق نفسه، نفى المتحدث الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، خلال غرة كانون الثاني/ يناير، أي علاقة للرئيس الروسي بعمليات القرصنة التي طالت مواقع أمريكية خلال الانتخابات الرئاسية.
ووفقًا للصحيفة اليومية الروسية المستقلة “نوفايا غازيتا”، فإن إيقاف الرجل الثاني في قسم التجسس السيبراني التابع لجهاز خدمة الأمن الاتحادي ونائبه، يعود لتاريخهما “العريق” في مجال القرصنة الإلكترونية ولكشفهما عن حقائق داخلية، مستبعدة لفرضية تسريب معلومات لجهات أجنبية.
وفي الحقيقة، ما أكدته شركة “كاسبرسكي لاب” مبينة أن قضية روسلان ستويانوف، هي في الأصل قضية داخلية ولا علاقة لها بقضية تسريب المعلومات.
“معلومات محرجة”
وفقًا لموقع التواصل الاجتماعي الروسي “لانكدين”، فإن روسلان ستويانوف أشار إلى أنه بدأ العمل مع شركة “كاسبرسكي لاب”، خلال شهر تموز/ يوليو سنة 2012، على الرغم من تأكيد الشركة سابقًا أنه يعمل ضمن فريقها منذ سنة 2011، علاوة على ذلك، قضى ستويانوف سنوات طويلة مع مؤسسة “أندريك” المختصة في التحقيقات الإلكترونية، قبل أن يشغل نفس المنصب في وزارة الداخلية الروسية.
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة “نوفايا غازيتا” تقريرًا تحدثت فيه عن علاقة كل من سيرجي ميخائيلوف وديمتري دوكتشاييف بفلاديمير أنيكاييف، وقد كان أنيكاييف يُعرف بأنه مؤسس مجموعة “شولتاي بولتاي”، التي استغلها في قرصنة حسابات إلكترونية لشخصيات ومسؤولين سامين روس.
كان أول ضحايا هذه القرصنة، الوزير الأول ديمتري ميدفيديف، بعد اختراق حسابه على موقع “تويتر”، وفي هذا الصدد، نشر القراصنة تعليقًا محرفًا لمدفيديف يعلن فيه تنحيه عن منصبه
وقد كان أول ضحايا هذه القرصنة، الوزير الأول ديمتري ميدفيديف، بعد اختراق حسابه على موقع “تويتر”، وفي هذا الصدد، نشر القراصنة تعليقًا محرفًا لمدفيديف يعلن فيه تنحيه عن منصبه، في المقابل، ليست هذه المرة الأولى التي تم فيها اختراق حساب السياسيين، فقد وقعت أيضًا نفس الحادثة مع السياسي المحنك فلاديسلاف سوركوف.
“وصول غير مشروع للمعلومات على أجهزة الحاسوب”
من جهة أخرى، يعرف سيرجي ميخائيلوف جيدًا فلاديمير أنيكاييف الذي يشغل عدة مجموعات “هاكر” في كل من تايلاند وأوكرانيا، كما تربط الرجلان علاقة مع بافيل فروبلوفسكي الذي هو بدوره على علاقة بفلاديمير فومنكو الذي اتهمته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالإشراف على سير ستة هجمات إلكترونية من أصل ثمانية على مواقع أمريكية.
وفي الواقع، ألقي القبض على فلاديمير أنيكاييف مع نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2016، إذ وقع التمديد في فترة اعتقاله إلى حدود شهر آذار/ مارس القادم، في المقابل، ليس هناك ما يثبت رسميًا تواصل كل هؤلاء المعتقلين مع بعضهم البعض، وإذا كانت قضية “خيانة عظمى” تعدّ أمرًا نادرًا في روسيا، فإن تواطؤ أجهزة خاصة مع “مرتزقة في المعلوماتية”، يُعتبر أمرًا غير مستغرب.
المصدر: لوموند