ترجمة حفصة جودة
هناك وعود ومخاطر في لهجة الرئيس ترامب الجديدة تجاه إيران، ففي يوم الأربعاء؛ ظهر مستشار الأمن القومي مايكل فلين في المؤتمر الصحفي اليومي بالبيت الأبيض، وسلم رسالة خفية نوعًا ما قائلا: “اعتبارًا من اليوم، لقد أصبحت إيران رسميًا تحت نظرنا”، بعد ذلك؛ عندما أطّلع 3 مسؤولون في الإدراة على تقارير حول تحذيرات فلين، امتنعوا عن توضيح ما يعنيه هذا التحذير، في يوم الخميس؛ أعلن البيت الأبيض عن عقوبات جديدة على 8 كيانات إيرانية ذات أنشطة متعلقة بالإرهاب، و17 كيانًا لهم أنشطة متعلقة بالصورايخ، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
تحذيرات فلين جاءت قبل تنصيب وزير الخارجية الجديد؛ فهو لا يملك تفويضًأ حتى الآن، أما موظفي وزارة الدفاع الجدد فما زالوا يحاولون تحديد موقع دورات المياه في مبنى البنتاجون، وقد علمت أن مكتب الشرق الأوسط التابع لفلين بالبيت الأبيض قد بدأ في اختيار طاقمه الجديد بالكامل.
ولذلك؛ فالخطر يكمن في أن الإدارة غير المستعدة تجعل التحذيرات لا طائل منها، فقد ارتكب الرئيس السابق أوباما مثل هذه الحماقة عندما قال جملته الشهيرة “خط أحمر” والتي لم تتحقق أبدًا، وأدى ذلك إلى تصعيد الحرب السورية القاتلة.
لكن على عكس أوباما؛ يبدو أن ترامب غير متمسك بالاتفاق النووي، ولذا سيكون أقل استعدادًا للنظر في الاتجاه الآخر للانتهاكات الإيرانية، منذ التوصل إلى الاتفاق عام 2015؛ قامت إيران بتجاوز تلك الأحكام، فقد قامت إيران بتسليح وتمويل وتدريب حلفائها مثل الرئيس السوري بشار الأسد وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، كما أنها أطلقت ما لا يقل عن 12 صاروخ باليستي؛ رغم قرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى الامتناع عن اختبار صواريخ ذات قدرات نووية.
لم توقع إيران على هذا الاتفاق أبدًا، ولم يكلف أوباما نفسه العناء ليقوم مجلس الشيوخ بتحويلها إلى معاهدة، حتى أن قرار مجلس الأمن رقم 2331 والذي صدر بالإجماع بعد فترة وجيزة من انتهاء الاتفاق؛ يعتبر فقط الوثيقة الوحيدة الملزمة قانونيًا.
ومع ذلك فإن حكام إيران يسخرون من القرار بما في ذلك الطلب المهذب بوقف التجارب الصاروخية، فقد قال وزير الخارجية جواد ظريف الأسبوع الماضي؛ أن طهران لها كامل الحق في اختبار صورايخ “دفاعية”، وقال مسؤولون آخرون على مضض أنه ينبغي الالتزام بالاتفاقية، لكنهم لم يعبأوا كثيرًا بقرار الأمم المتحدة.
كانت الصورايخ التي اختبرتها إيران يوم الأحد ليس مجرد صوراريخ دفاعية، فهي على غرار “KH55” الروسية، مصممة لحمل رؤوس نووية صغيرة، ومن المفترض أن تمنع الصفقة الإيرانية تسليح إيران بالقنابل الذرية، لكنها تغاضت عن أساليب التقديم، وبدلا من ذلك عالجتهم في قرار الأمم المتحدة.
وهكذا؛ فإن إطلاق الصواريخ يتم التعامل مع من خلال لجنة العقوبات في مجلس الأمن، وهناك تمنع روسيا تمرير أي قرارات خطيرة، ومن خلال أسلوب ترامب المفضل في الإدراة “عدم القدرة على التنبؤ”؛ تم وضع إيران “تحت الملاحظة”، وعند سؤال ترامب عن الخيار العسكري ضد إيران، أجاب قائلا: “لاشيء على الطاولة حتى الآن”.
عدم القدرة على التنبؤ قد يكون أمرًا خطيرًا لكنه يقدم العديد من المزايا، فمنذ نوفمبر؛ توقف المسلحون الإيرانيون عن مضايقة السفن الأمريكية في الخليج الفارسي –حيث تقوم زوارق الحرس الثوري بمضايقة السفن التابعة للبحرية الأمريكية في بعض الأحيان، متجنبين إندلاع مواجهة عسكرية على نطاق واسع.
تعزيز الوجود الأمريكي في الخليج الفارسي؛ يتخلله عرض للأسلحة الأمريكية التي تستطيع ضرب المنشآت النووية ومصانع الصورايخ؛ يعزز من “تحذيرات” فلين.
لذا هل تؤدي العقوبات الجديدة إلى التراجع عن الاتفاق النووي؟ يقول السيناتور ماركو روبيو: “بعد سنوات من التنازلات أحادية الجانب ومرونة الإدارة السابقة، حان الوقت لتقوم الولايات المتحدة بالهجوم مرة أخرى”.
قام روبيو مع اثنين من النواب بتقديم تشريع جديد يستهدف سلاح مشاة الحرس الثوري الإيراني، حيث يقوم بفرض العقوبات عليهم وملاحقة الشركات التابعة لهم والتي تعمل على إخفاء انتمائهم للحرس الثوري، فهل تقود هذه التدابير إلى انهيار اتفاق إيران ومن ثم تؤدي إلى اندلاع الحرب كما يحذر البعض؟
يقول ميناشي أمير من الإذاعة الإسرائيلية باللغة الفارسية: “إذا كان أوباما حازمًا وجادًا فسوف ينحني الإيرانيون”، وأضاف: “فبمجرد أن يدركوا أن العقوبات الأمريكية والتهديدات العسكرية تهدد بقاء النظام –الذي يعتبر شغلهم الشاغل- فسوف تنتهي اتفاقية أوباما”
لذا يستطيع ترامب أن يظهر قدرته على تصميم سياسة فعالة ومختلفة بعض الشيء، كما أن أسلوبه الفوضوي قد يجني بعض الفوائد وربما إنتاج ما هو أكثر من ذلك، وإذا تم اتباع ذلك بذكاء فمن يدري؛ ربما يصبح اتفاق إيران الذي صنعه أوباما عظيمًا مرة أخرى.
المصدر: نيويورك بوست